هل توقف تركيا عملية غزو عفرين؟ هذا هو السؤال الذي طرحه كثيرون في ضوء المصاعب التي تواجه الغزو على أكثر من صعيد. لا شك أنّ هذا السؤال مشروع في ضوء معطيات عديدة…

أولاً، ضعف التأييد الدولي والإقليمي للعملية العسكرية. فمن المعروف أنّ فرنسا جاهرت بمعارضتها للعملية العسكرية، والولايات المتحدة التي أعلنت أنّ منطقة عفرين ليست من المناطق التي تحظى بحمايتها، وطالبت تركيا بضبط النفس والإسراع في إنهاء العملية، في حين من المعروف أنّ الرئيس التركي هدّد بانتقال عملية الغزو إلى المناطق التي تنتشر فيها قوات أميركية، وتحظى بحماية هذه القوات مثل منبج وعين العرب والرقة ومناطق في محافظة الحسكة. والموقف الأميركي أبعد ما يكون من كونه تأييداً أميركياً للعملية، بل إنّ العلاقات الأميركية التركية مرشحة إلى مزيد من التوتر مع استمرار عملية غزو عفرين، لا سيما أنّ الأكراد سيطلبون من واشنطن تحديد موقف واضح. وروسيا هي الأخرى لا تؤيد هذه العملية، وإذا كانت روسيا صمتت على الغزو، فذلك من أجل جعل القيادة التركية تختبر أوهامها، وليكون الأكراد أكثر واقعية ويدركوا أنّ الولايات المتحدة تستغلهم ولا تحميهم وهذا كله لا يعني إطلاقاً التأييد لعملية الغزو التركي لعفرين.

كما أنّ السؤال عن احتمال وقف عملية الغزو مشروع في ضوء المقاومة الضاربة التي يبديها سكان المنطقة في مواجهة الغزو التركي. ومن المعروف أنّ تركيا فشلت منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي في السيطرة على جبال قنديل في شمال العراق التي تشكل مقراً وقاعدة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني، رغم أنّ هؤلاء المقاتلين لا يحظون بدعم سكان شمال العراق، حيث تعاونت القيادات الكردية العراقية مع تركيا ضدّ حزب العمال الكردستاني ومقاتليه ولم تواجه تركيا في جبال قنديل اعتراض دولي بمستوى الاعتراض الذي تواجهه في غزوها لعفرين، ومع ذلك فشلت في السيطرة على جبال قنديل، والأرجح أنها سوف تفشل في السيطرة على عفرين، وستتكبد خسائر فادحة، وستكون حربها حرب طويلة الأمد، لا سيما أنّ الوضع في عفرين هو من مصلحة المدافعين عنها أكثر من وضع المدافعين عن جبال قنديل. كما أنّ هذا السؤال مشروع إذا ما أخذ بعين الاعتبار احتمال الصدام بين الجيش السوري والجيش التركي وهو احتمال قائم طالما أنّ تركيا لم تراجع مواقفها وسياستها إزاء سورية، ومن شأن مساندة مباشرة، أو غير مباشرة، يقدّمها الجيش السوري للمدافعين عن عفرين أن يحوّل هذه المنطقة إلى فيتنام جديدة لتركيا يشبه فيتنام بالنسبة للولايات المتحدة.

لكلّ ما تقدّم فإنّ السؤال مشروع عن جدوى استمرار تركيا بعملية غزو عفرين.

  • فريق ماسة
  • 2018-01-24
  • 12678
  • من الأرشيف

هل توقف تركيا غزو عفرين؟

هل توقف تركيا عملية غزو عفرين؟ هذا هو السؤال الذي طرحه كثيرون في ضوء المصاعب التي تواجه الغزو على أكثر من صعيد. لا شك أنّ هذا السؤال مشروع في ضوء معطيات عديدة… أولاً، ضعف التأييد الدولي والإقليمي للعملية العسكرية. فمن المعروف أنّ فرنسا جاهرت بمعارضتها للعملية العسكرية، والولايات المتحدة التي أعلنت أنّ منطقة عفرين ليست من المناطق التي تحظى بحمايتها، وطالبت تركيا بضبط النفس والإسراع في إنهاء العملية، في حين من المعروف أنّ الرئيس التركي هدّد بانتقال عملية الغزو إلى المناطق التي تنتشر فيها قوات أميركية، وتحظى بحماية هذه القوات مثل منبج وعين العرب والرقة ومناطق في محافظة الحسكة. والموقف الأميركي أبعد ما يكون من كونه تأييداً أميركياً للعملية، بل إنّ العلاقات الأميركية التركية مرشحة إلى مزيد من التوتر مع استمرار عملية غزو عفرين، لا سيما أنّ الأكراد سيطلبون من واشنطن تحديد موقف واضح. وروسيا هي الأخرى لا تؤيد هذه العملية، وإذا كانت روسيا صمتت على الغزو، فذلك من أجل جعل القيادة التركية تختبر أوهامها، وليكون الأكراد أكثر واقعية ويدركوا أنّ الولايات المتحدة تستغلهم ولا تحميهم وهذا كله لا يعني إطلاقاً التأييد لعملية الغزو التركي لعفرين. كما أنّ السؤال عن احتمال وقف عملية الغزو مشروع في ضوء المقاومة الضاربة التي يبديها سكان المنطقة في مواجهة الغزو التركي. ومن المعروف أنّ تركيا فشلت منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي في السيطرة على جبال قنديل في شمال العراق التي تشكل مقراً وقاعدة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني، رغم أنّ هؤلاء المقاتلين لا يحظون بدعم سكان شمال العراق، حيث تعاونت القيادات الكردية العراقية مع تركيا ضدّ حزب العمال الكردستاني ومقاتليه ولم تواجه تركيا في جبال قنديل اعتراض دولي بمستوى الاعتراض الذي تواجهه في غزوها لعفرين، ومع ذلك فشلت في السيطرة على جبال قنديل، والأرجح أنها سوف تفشل في السيطرة على عفرين، وستتكبد خسائر فادحة، وستكون حربها حرب طويلة الأمد، لا سيما أنّ الوضع في عفرين هو من مصلحة المدافعين عنها أكثر من وضع المدافعين عن جبال قنديل. كما أنّ هذا السؤال مشروع إذا ما أخذ بعين الاعتبار احتمال الصدام بين الجيش السوري والجيش التركي وهو احتمال قائم طالما أنّ تركيا لم تراجع مواقفها وسياستها إزاء سورية، ومن شأن مساندة مباشرة، أو غير مباشرة، يقدّمها الجيش السوري للمدافعين عن عفرين أن يحوّل هذه المنطقة إلى فيتنام جديدة لتركيا يشبه فيتنام بالنسبة للولايات المتحدة. لكلّ ما تقدّم فإنّ السؤال مشروع عن جدوى استمرار تركيا بعملية غزو عفرين.

المصدر : البناء / حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة