أعلن «حزب العمال الكردستاني»، أمس، تشكيل «إقليم ذاتي» يضم خمس مناطق في جبال قنديل بإقليم كردستان العراق، عند الحدود مع تركيا. وتاريخياً، تزعّم الحزب الناشط في العراق وسورية عبدالله أوجلان المسجون في تركيا منذ 1999. ونقلت «شبكة أخبار العراق» عن بيان للحزب قوله إنه «وفي حضور أكثر من 300 شخصية سياسية، تم الإعلان عن إقليم قنديل، ويضم مناطق بالييان وناودشت وسوردى وقلاتوكا وماردوو». يذكر أن «حزب العمال الكردستاني» مصنف منظمة إرهابية من قبل كل من تركيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.

إلى ذلك، وطبقاً للحياة، يتعرض رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى ضغوط داخلية وخارجية بهدف تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة مبدئياً منتصف أيار المقبل. وأكدت مصادر عراقية أن قوى سياسية كبيرة، مثل ائتلاف دولة القانون واتحاد القوى السنية، إضافة إلى الحزبيْن الكردييْن الرئيسيْن، تدعم تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر على الأقل، كلٌ لأسبابه. وأوضحت المصادر أن «الحزبيْن الكردييْن لا يريدان خوض الانتخابات وحصد آثار فشل الاستفتاء على الانفصال، والانسحاب من المناطق المتنازع عليها، بالإضافة إلى عجز الحكومة الكردية، التي تتكوّن أساساً من الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، عن توفير رواتب الموظفين». ووفق المعطيات الحالية، فإن أطرافاً كردية ظهرت أخيراً في الساحة السياسية بدأت تكتسب شعبية كبيرة قد تنعكس على نتائج الانتخابات، ومنها حزب الجيل الجديد بزعامة شاسوار عبد الواحد، المعتقل حالياً بتهمة دعم التظاهرات الاحتجاجية. في موازاة ذلك، يعتقد طيف واسع من الأحزاب السنية أن الوقت غير مناسب لإجراء الانتخابات في الموعد الذي أعلنه العبادي قبل أسبوعين، وتؤكد أن المدن السنية ما زالت تعاني التدمير والنزوح، وأنها تتطلب المزيد من الوقت قبل خوض الانتخابات.

وعلى رغم أن طروحات القوى السنية تبدو مبررة، إلا أن أطرافاً سنية، مثل رجل الأعمال خميس الخنجر، يدعم الانتخابات في وقتها. ويرى مناصروه أن «القوى السنية التقليدية تشكو فقدان شعبيتها، وأنها تخشى خسارة الانتخابات في حال لم يتغير واقع الأهالي». الخيار ذاته ينطبق على قوى شيعية تعتقد أن العبادي المدعوم من تياري مقتدى الصدر وعمار الحكيم، متمسك بموعد الانتخابات لأنه يرغب في استثمار النصر العسكري على تنظيم «داعش» انتخابياً، وهذا ما تأمل به قوى في الحشد الشعبي تنوي دخول الانتخابات، فيما تحتاج قوى أخرى، مثل ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى، إلى مزيد من الوقت. وكان العبادي أكد قبل يومين أن الانتخابات ستجرى في موعدها ولو لم يُقر البرلمان العراقي قانون انتخابات جديداً، وستتم وفق القانون الساري الذي أُجريت على أساسه انتخابات عام 2014.

وكتب جورج سمعان في الحياة، تحت عنوان: كردستان تدفع «فواتير» الاستفتاء وصراعات أحزابها: الحراك في كردستان سيستمر إلى حين موعد الانتخابات البرلمانية في الإقليم. وليس في الأفق ما يشير إلى أن الحزبين الكبيرين سيكرران تجربة الاقتتال التي خاضاها في عقد التسعينات من القرن الماضي. بل إن تعاظم الفوضى في السليمانية، استدعت طلب حزب الاتحاد الوطني من شريكه الغريم الحزب الديموقراطي دعماً أمنياً لضبط الأوضاع والسيطرة على التظاهرات. كما أن تدخل الحكومة الاتحادية يبقى خياراً مستبعداً. واضح أن الاستفتاء حرك خلافات كامنة ومتراكمة. وهذا واضح في التشتّت الذي أصاب ويصيب صفوف حزب الاتحاد، خصوصاً بعد غياب زعيمه جلال طالباني وتنافس ورثته على الزعامة بين ولديه وأرملته وقيادات حزبية أخرى؛ مستحيل أن تعود عجلة الحوادث إلى الوراء. هناك فواتير كثيرة على القوى السياسية أن تدفعها. فواتير اقتصادية أولاً. فالشعب الكردي ينتظر الرواتب، ولا شك في أن حكومة بغداد تتمهل في تنفيذ وعودها بتوفير الأجور لأهل الإقليم. إنها ترغب في مفاقمة خسائر الكرد التي تتيح لها حصد مزيد من الدعم في بقية المحافظات العراقية، ومن جانب الجيران أيضاً. وهناك فاتورة سياسية على القوى السياسية الكردية كلها المساهمة في دفع ثمنها من شعبيتها. فالحوادث الأخيرة أثبتت أن هذه القوى فشلت في بناء «الدولة» أو في تقديم نموذج جاذب، سواء كان حكماً ذاتياً أو دولة. فالفساد المستشري عم العراق بأكمله. وكذلك المحاصصة التي تحولت في الإقليم تفرداً في توزيع الثروة، وباعدت بين الحزبين الكبيرين؛ من هنا، لا يمكن التفاؤل بقدرة حكومة الإقليم على استجابة مطالب ناسها العاديين، بصرف النظر عمن يحرك هؤلاء، سواء كانت «حركة التغيير» أو «الجماعة الإسلامية... عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء. وموازين القوى، السياسية والعسكرية والاقتصادية، بين بغداد وأربيل اختلت تماماً لمصلحة عاصمة البلاد. وسيبقى الإقليم إلى أمد بعيد في حضن العراق حتى سداد جميع فواتير الأخطاء التي ارتكبها قادته.

  • فريق ماسة
  • 2017-12-24
  • 7696
  • من الأرشيف

ضغوط من الداخل والخارج لتأجيل الانتخابات العراقية

أعلن «حزب العمال الكردستاني»، أمس، تشكيل «إقليم ذاتي» يضم خمس مناطق في جبال قنديل بإقليم كردستان العراق، عند الحدود مع تركيا. وتاريخياً، تزعّم الحزب الناشط في العراق وسورية عبدالله أوجلان المسجون في تركيا منذ 1999. ونقلت «شبكة أخبار العراق» عن بيان للحزب قوله إنه «وفي حضور أكثر من 300 شخصية سياسية، تم الإعلان عن إقليم قنديل، ويضم مناطق بالييان وناودشت وسوردى وقلاتوكا وماردوو». يذكر أن «حزب العمال الكردستاني» مصنف منظمة إرهابية من قبل كل من تركيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. إلى ذلك، وطبقاً للحياة، يتعرض رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى ضغوط داخلية وخارجية بهدف تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة مبدئياً منتصف أيار المقبل. وأكدت مصادر عراقية أن قوى سياسية كبيرة، مثل ائتلاف دولة القانون واتحاد القوى السنية، إضافة إلى الحزبيْن الكردييْن الرئيسيْن، تدعم تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر على الأقل، كلٌ لأسبابه. وأوضحت المصادر أن «الحزبيْن الكردييْن لا يريدان خوض الانتخابات وحصد آثار فشل الاستفتاء على الانفصال، والانسحاب من المناطق المتنازع عليها، بالإضافة إلى عجز الحكومة الكردية، التي تتكوّن أساساً من الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، عن توفير رواتب الموظفين». ووفق المعطيات الحالية، فإن أطرافاً كردية ظهرت أخيراً في الساحة السياسية بدأت تكتسب شعبية كبيرة قد تنعكس على نتائج الانتخابات، ومنها حزب الجيل الجديد بزعامة شاسوار عبد الواحد، المعتقل حالياً بتهمة دعم التظاهرات الاحتجاجية. في موازاة ذلك، يعتقد طيف واسع من الأحزاب السنية أن الوقت غير مناسب لإجراء الانتخابات في الموعد الذي أعلنه العبادي قبل أسبوعين، وتؤكد أن المدن السنية ما زالت تعاني التدمير والنزوح، وأنها تتطلب المزيد من الوقت قبل خوض الانتخابات. وعلى رغم أن طروحات القوى السنية تبدو مبررة، إلا أن أطرافاً سنية، مثل رجل الأعمال خميس الخنجر، يدعم الانتخابات في وقتها. ويرى مناصروه أن «القوى السنية التقليدية تشكو فقدان شعبيتها، وأنها تخشى خسارة الانتخابات في حال لم يتغير واقع الأهالي». الخيار ذاته ينطبق على قوى شيعية تعتقد أن العبادي المدعوم من تياري مقتدى الصدر وعمار الحكيم، متمسك بموعد الانتخابات لأنه يرغب في استثمار النصر العسكري على تنظيم «داعش» انتخابياً، وهذا ما تأمل به قوى في الحشد الشعبي تنوي دخول الانتخابات، فيما تحتاج قوى أخرى، مثل ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى، إلى مزيد من الوقت. وكان العبادي أكد قبل يومين أن الانتخابات ستجرى في موعدها ولو لم يُقر البرلمان العراقي قانون انتخابات جديداً، وستتم وفق القانون الساري الذي أُجريت على أساسه انتخابات عام 2014. وكتب جورج سمعان في الحياة، تحت عنوان: كردستان تدفع «فواتير» الاستفتاء وصراعات أحزابها: الحراك في كردستان سيستمر إلى حين موعد الانتخابات البرلمانية في الإقليم. وليس في الأفق ما يشير إلى أن الحزبين الكبيرين سيكرران تجربة الاقتتال التي خاضاها في عقد التسعينات من القرن الماضي. بل إن تعاظم الفوضى في السليمانية، استدعت طلب حزب الاتحاد الوطني من شريكه الغريم الحزب الديموقراطي دعماً أمنياً لضبط الأوضاع والسيطرة على التظاهرات. كما أن تدخل الحكومة الاتحادية يبقى خياراً مستبعداً. واضح أن الاستفتاء حرك خلافات كامنة ومتراكمة. وهذا واضح في التشتّت الذي أصاب ويصيب صفوف حزب الاتحاد، خصوصاً بعد غياب زعيمه جلال طالباني وتنافس ورثته على الزعامة بين ولديه وأرملته وقيادات حزبية أخرى؛ مستحيل أن تعود عجلة الحوادث إلى الوراء. هناك فواتير كثيرة على القوى السياسية أن تدفعها. فواتير اقتصادية أولاً. فالشعب الكردي ينتظر الرواتب، ولا شك في أن حكومة بغداد تتمهل في تنفيذ وعودها بتوفير الأجور لأهل الإقليم. إنها ترغب في مفاقمة خسائر الكرد التي تتيح لها حصد مزيد من الدعم في بقية المحافظات العراقية، ومن جانب الجيران أيضاً. وهناك فاتورة سياسية على القوى السياسية الكردية كلها المساهمة في دفع ثمنها من شعبيتها. فالحوادث الأخيرة أثبتت أن هذه القوى فشلت في بناء «الدولة» أو في تقديم نموذج جاذب، سواء كان حكماً ذاتياً أو دولة. فالفساد المستشري عم العراق بأكمله. وكذلك المحاصصة التي تحولت في الإقليم تفرداً في توزيع الثروة، وباعدت بين الحزبين الكبيرين؛ من هنا، لا يمكن التفاؤل بقدرة حكومة الإقليم على استجابة مطالب ناسها العاديين، بصرف النظر عمن يحرك هؤلاء، سواء كانت «حركة التغيير» أو «الجماعة الإسلامية... عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء. وموازين القوى، السياسية والعسكرية والاقتصادية، بين بغداد وأربيل اختلت تماماً لمصلحة عاصمة البلاد. وسيبقى الإقليم إلى أمد بعيد في حضن العراق حتى سداد جميع فواتير الأخطاء التي ارتكبها قادته.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة