دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
متوقعا كان أن يصدر رد فعل أمريكي على حملة الأدانات العالمية لقرار ساكن البيت الأبيض المتهور نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة ، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل .
ولكن ما لم يكن في الحسبان اختيار الولايات المتحدة مسار التصعيد ضد ايران عبر الصاروخ الذي أطلقه أنصار الله على مطار الرياض وبطريقة مسرحية هزلية قدمتها مندوبة الولايات المتحدة ” نيكي هيلي ” على خشبة البنتاغون .
وسنقول لماذا ذهبنا لوصفها بالهزلية.
أولا – ظهور” نيكي هيلي” في البنتاغون تشرح أدلة عسكرية تدفع للتساؤل عن القادة العسكريين الأمريكيين ، لماذا لم يتحدث الجنرال” جميس ماتيس ” أو قائد هيئة الأركان ، لماذا لم توكل المهمة لوزير الخارجية” ريكس تليرسون ” . وأين هي الادلة التي تتحدث عنها “هيلي” وكيف تم نقل الصاروخ من طهران إلى اليمن .
ثانيا – صدمة الأمم المتحدة من الإعلان الأمريكي بهذا الشكل كانت واضحة من خلال ردة الفعل. إذ أعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة “فرحان حق” ، في مؤتمر صحافي عقده في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، أن لا أدلة تثبت أن الصاروخ الذي أطلقته حركة أنصار الله من اليمن على المطار المدني في الرياض ايراني المنشأ . إعلان المنظمة الدولية استند على وجود فريق تحقيق أممي في هذه القضية لم يجد دليلا قاطعا حتى الآن يثبت المزاعم الأمريكية . إذا تجاهلت الولايات المتحدة عمل الفريق الدولي وأسرعت إلى إعلانها الخاص لأسباب سياسية تتعلق بالرد على الجدية الايرانية في تفعيل حركات المقاومة في المنطقة لمواجهة قرار الرئيس ترامب المتعلق بالقدس ، وهذا ما عبر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باسم محور المقاومة في المنطقة ، وما ظهر من خلال تحركات الجنرال قاسم سليماني تجاه الأجنحة العسكرية في غزة وخارج فلسطين المحتلة .
ثالثا – تعلن السيدة “هيلي” ان بلادها ستعمل على حشد دولي ضد إيران ، وهذا الإعلان غير ممكن التطبيق في وضع الإدارة الأمريكية الراهن . فادارة السيدة “هيلي” ليست كالادارة الأمريكية التي حشدت الدول ضد العراق في حرب الخليج الأولى والثانية والزمن مختلف و المستهدف اليوم مختلف تماما .
الإدارة الحالية تبدو معزولة بفضل قرارات الرئيس ترامب . لم تستطع حتى الآن إقناع شركائها بالتخلي عن اتفاقية العمل المشتركة مع إيران فيما يعرف بالاتفاق النووي الإيراني ، وتعمل منفردة على التملص منه . كما خرج ترامب وحيدا من اتفاقية المناخ ، ولقي أدانات واسعة من معظم الدول الأوربية و حتى من أقرب شركاء الولايات المتحدة التقليديين مثل بريطانيا تجاه قراره نقل سفارة بلاده إلى القدس . لذلك نعتقد جازمين أن واشنطن غير قادرة على تحقيق حشد دولي ضد إيران . إلا من أنصار ترامب في الرياض وأبو ظبي .
رابعا – تتحدث السيدة هيلي عن خطورة إطلاق الصاروخ ، وتقول انه كان يمكن أن يصيب المدنيين بالمطار السعودي ، المفارقة أن الصواريخ والأسلحة التي تقدمها حكومة “هيلي” للسعودية ، أحرقت أجساد آلاف الأطفال والنساء في اليمن وسببت كارثة العصر ، مجاعة وأمراض وفقر وتدمير . من يستحق الإدانة من المجتمع الدولي اليوم هي الولايات المتحدة التي شكلت غطاء سياسيا لمرتكبي المجازر في اليمن ، وأعطتهم شتى أنواع لأسلحة الفتاكة . فالأجدى أن يكون الحشد الدولي اليوم لوقف هذه الحرب المسعورة على شعب فقير ، وغني بالكرامة .
الإيرانيون فهموا الرسالة جيدا ، ومفادها ” إذا اردتم تسليح الشعب الفلسطيني فعليكم أن تدفعوا الثمن من الآن ، بفتح ملف يمكننا التصعيد ضدكم من خلاله ،قبل أن نضطر للتصعيد ضدكم في ملف القدس ، الذي سيخلق لكم رأيا عاما مساندا “
السيدة “نيكي هيلي ” تحاول تكرار كذبة “كولن بول” حول أدلة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل ، ولكن بحرفية أقل ، وزمن مختلف ، وبأسلوب هزلي وعجول. لكن من يصدق ؟!!
المصدر :
كمال خلف / رأي اليوم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة