دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
السيناريو الرديء الذي وضعته السعودية لتطويع لبنان والنيل من مقاومته أتى بنتائج عكسية وبدا واضحاً أنّ مَن يدير دفة الحكم في المملكة ارتكب خطيئة عدم تقدير الموقف اللبناني.
اليوم هو الموعد المقرّر لأن يصل رئيس حكومة لبنان سعد الحريري إلى فرنسا. وهذا الموعد لم يكن ليحصل لولا تعاطي الدولة المسؤول مع إعلان الحريري استقالته من الرياض، ولولا الاتصالات والمشاورات السياسية والدبلوماسية التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والمواقف اللبنانية المسؤولة التي أكدت غالبيتها بأنّ الاستقالة جبرية، وأنّ الرئيس الحريري محاط بالضغوط التي قد تكون وصلت إلى حدّ احتجاز الإرادة والحرية.
الخطوات الجادّة التي اتّبعها لبنان في التعامل مع الاستقالة الجبرية هي التي مهّدت لمسعى فرنسي قاده الرئيس إيمانويل ماكرون أفضى إلى الإعلان عن انتقال الحريري من الرياض إلى باريس، وإنْ كان هذا الانتقال محكوماً بحبكة تضمن عدم تعرية السعودية بالمطلق، خصوصاً انّ السعودية لم تغرّد يوماً خارج السرب الأميركي الأوروبي الذي لا يحيد قيد أنملة عن التزاماته تجاه العدو «الإسرائيلي». فكيف إذا كانت السعودية تجمعها بـ«إسرائيل» علاقات تطبيع وصلت إلى حدّ حلول الصحافيين السعوديين ضيوفاً في مكاتب الجنرالات الصهاينة، وإجراء مقابلات معهم يتحدّثون فيها عن أهداف مشتركة «إسرائيلية» سعودية؟
واضح أنّ احتمال أن يكشف الرئيس سعد الحريري عن ظروف إقامته في السعودية وما أحاط بها احتمال ضئيل جداً لأسباب عديدة منها المحلي والإقليمي، ومنها الأوروبي والأميركي، لكن السؤال هل ما فعلته السعودية مع الحريري هو ضرب جنون لتبرير جنون أفظع بالذهاب علانية الى الحضن «الإسرائيلي»؟!
ما هو مؤكد أنّ علاقات التطبيع بين السعودية و«إسرائيل» تتعزّز وتتطوّر على قاعدة وجود هدف مشترك هو النيل من المقاومة في لبنان ونزع سلاحها. وهذا الهدف تحدّث عنه وزير خارجية السعودية عادل الجبير أمس حين هدّد قائلاً: «إنّ لبنان لن ينعم بالسلام إلا بنزع سلاح حزب الله». وهو الهدف الذي لأجل تحقيقه شنّت «إسرائيل» حرب تموز 2006 على لبنان بدعم من أميركا والغرب وبتواطؤ وتمويل من السعودية التي وصفت المقاومين بالمغامرين. وعلى نيّة تحقيق هذا الهدف، تذهب السعودية غداً الى جامعة الدول العربية للتجييش والتحريض على إيران، لأنّ مقتضيات التطبيع مع العدو الصهيوني تتطلّب إشهار العداء لإيران لأنها تدعم المقاومة في لبنان وفلسطين.
عود على بدء، صحيح أنّ السيناريو السعودي الذي طبّق على الحريري رديء، لكنه يعبّر بأمانة عن رداءة النهج الذي تتبعه المملكة السعودية والذي أسقط المحرّمات كافة…
المصدر :
معن حمية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة