مشكلةُ الاحتلال الإسرائيلي أن عشرات الأعوام من وجوده القسري على أراضينا من النقب إلى الجولان المحتل، لم تكفه لفهم طبيعة هذه الأرض ومجتمعاتها وخطوطها الحمراء جيداً.

 

ها هو الاحتلال يثبت غباؤه مرة جديدة بمحاولته استغبائنا والادعاء بأن جيشه حريص على سلامة قرية حضر في الجنوب السوري التي هاجمتها جبهة النصرة انطلاقاً من مراصده أو من محاذاتها على أقل تقدير.

 

الهجوم على حضر لم يكن مفاجئاً، التوقعات كانت تشير إلى احتمالية شن الجماعات الإرهابية لهجوم بإمرة إسرائيل في محاولة لخلط الأوراق في الجنوب، وجس النبض فيما إذا كانت الخاصرة الجنوبية الرخوة قابلة للخرق، بشكل يعيد له أوهام الماضي بإمكانية توسيع نطاق حزامه الآمن في الجنوب السوري.

في السادس من ديسمبر 2014 أطلق الجيش السوري والدفاع الوطني (فوج الجولان) معركة “نسر الحرمون” والتي انتهت برسم حدود للنار في ريف دمشق الجنوبي الغربي، وثبتت خطوط النار الحمراء في جبهة تمتد من أعلى قمم جبل الشيخ وصولاً إلى محيط مدينة البعث في القنيطرة، وطوقت من خلالها مناطق بيت جن وما يحاذيها، وعُزلت القرية القابعة على سفح جبل الشيخ عن الاتصال المباشر بريف القنيطرة وقطعت اليد الإسرائيلية التي كانت تحرك الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة لشن هجمات إرهابية في سلسلة جبال الحرمون وباتجاه عرنة.

خطوط النار تلك لم تتغير منذ ذلك الحين، حاولت الجماعات المسلحة بغطاء ناري إسرائيلي مراراً لخرق الجبهة والسيطرة على حضر والنفاذ منها باتجاه بيت جن، لكن محاولاتها باءت بالفشل، إلا أن العدو لا ينفك يحاول رغم هزائمه المتكررة.

عدة عوامل تقف مانعاً في وجه الاحتلال وأدواته، أهمها أن القوة الرئيسية التي تدافع عن الجبهة الجنوبية هي أهل المنطقة وأبنائها، من قوات الدفاع المحلية في حضر والدفاع الوطني وفوج الجولان إضافة إلى وحدات الجيش السوري.

عوّل الاحتلال مراراً على إمكانية اختراق تلك الصفوف المتراصة، وبددت آمله وكرر العملية في اعتداء جديد مستغلاً خلو المنطقة من قوات الأمم المتحدة التي انسحبت منذ عام 2013 من مواقع انتشارها على طول الخط الفاصل مع أراضي الجولان المحتلة باعتراف الأمم المتحدة.

ما لم يحسب الاحتلال حسابه هو الغضب الشعبي في الأراضي المحتلة، غضبٌ آن الأوان لتفجره لوضع حد لتماديات الاحتلال واعتداءاته المتكررة على قرى القنيطرة ذات الغالبية الدرزية، اعتقاداً منه بقدرته على ضبط الأوضاع في الجولان المحتل.

أول البوادر تفجرت بشكل فاجئ الاحتلال وأحبط مخططه الجديد الهادف للسيطرة على حضر من خلال أدواته أي الجماعات الإرهابية، انتفاضة أهالي مجدل شمس والقرى المحيطة بها أوصلت رسالة إلى الإسرائيلي مفادها أن أهالي الجولان لديهم القدرة على تخطي خطوط الاحتلال الحمراء، وفي مشهد غاب لسنوات، تمكنت جموع الأهالي من تخطي السياج الشائك الأول احتجاجاً على دعمه وتنسيقه لهجوم الإرهابيين على حضر والذي ارتكبت على إثره مجزرة راح ضحيتها عدد من الضحايا.

ولا شك في أن الغضب الشعبي الذي تفجر غير المعادلة مباشرة على الأرض بشكل لم يتوقعه الاحتلال الذي يخشى أن تنتقل المعركة إلى داخل كيانه، وأن تسود الجبهة الشمالية حالة متزايدة من التوتر، فسارع لنفي دعمه للهجوم وادعى حرصه على سلامة حضر في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، وسرعان ما هُزمت الجماعات المهاجمة وانسحبت من المواقع التي سيطرت عليها لساعات أمام تصدي القوات المدافعة عن حضر.

وتبين مجدداً أن الاحتلال لم يفهم حتى اللحظة ثقافة المقاومة المتجذرة في صلب مجتمعات هذه المنطقة على اختلاف مكوناتها، والتي لن تتنازل عن حقها مهما كان الثمن، وكان المشهد واضحاً في حضر التي انتفض شيبها وشبانها للدفاع عنها، وقابلهم أهل الأراضي المحتلة بكبارهم وصغارهم بموجة غضب ذُعر لها الكيان وأرسل على إثرها التعزيزات العسكرية لاحتوائها.

يعتقد كثيرون أن الهجوم الجديد على حضر مقدمة لسلسلة هجمات أخرى تُحضر لاطلاق معركة جديدة في الجنوب، لكن الهزيمة الجديدة المحققة للعدو وأدواته لا بد أن توصل له الرسالة بشكل أوضح، “الفرصة معدومة لتحقيق أي إنجازات وتخطي الخطوط الحمراء لن يمر بدون رد”.

  • فريق ماسة
  • 2017-11-04
  • 14264
  • من الأرشيف

غضبُ أهل الجولان تفجرت بوادرهُ .. آن للإسرائيلي أن يحذر!

 مشكلةُ الاحتلال الإسرائيلي أن عشرات الأعوام من وجوده القسري على أراضينا من النقب إلى الجولان المحتل، لم تكفه لفهم طبيعة هذه الأرض ومجتمعاتها وخطوطها الحمراء جيداً.   ها هو الاحتلال يثبت غباؤه مرة جديدة بمحاولته استغبائنا والادعاء بأن جيشه حريص على سلامة قرية حضر في الجنوب السوري التي هاجمتها جبهة النصرة انطلاقاً من مراصده أو من محاذاتها على أقل تقدير.   الهجوم على حضر لم يكن مفاجئاً، التوقعات كانت تشير إلى احتمالية شن الجماعات الإرهابية لهجوم بإمرة إسرائيل في محاولة لخلط الأوراق في الجنوب، وجس النبض فيما إذا كانت الخاصرة الجنوبية الرخوة قابلة للخرق، بشكل يعيد له أوهام الماضي بإمكانية توسيع نطاق حزامه الآمن في الجنوب السوري. في السادس من ديسمبر 2014 أطلق الجيش السوري والدفاع الوطني (فوج الجولان) معركة “نسر الحرمون” والتي انتهت برسم حدود للنار في ريف دمشق الجنوبي الغربي، وثبتت خطوط النار الحمراء في جبهة تمتد من أعلى قمم جبل الشيخ وصولاً إلى محيط مدينة البعث في القنيطرة، وطوقت من خلالها مناطق بيت جن وما يحاذيها، وعُزلت القرية القابعة على سفح جبل الشيخ عن الاتصال المباشر بريف القنيطرة وقطعت اليد الإسرائيلية التي كانت تحرك الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة لشن هجمات إرهابية في سلسلة جبال الحرمون وباتجاه عرنة. خطوط النار تلك لم تتغير منذ ذلك الحين، حاولت الجماعات المسلحة بغطاء ناري إسرائيلي مراراً لخرق الجبهة والسيطرة على حضر والنفاذ منها باتجاه بيت جن، لكن محاولاتها باءت بالفشل، إلا أن العدو لا ينفك يحاول رغم هزائمه المتكررة. عدة عوامل تقف مانعاً في وجه الاحتلال وأدواته، أهمها أن القوة الرئيسية التي تدافع عن الجبهة الجنوبية هي أهل المنطقة وأبنائها، من قوات الدفاع المحلية في حضر والدفاع الوطني وفوج الجولان إضافة إلى وحدات الجيش السوري. عوّل الاحتلال مراراً على إمكانية اختراق تلك الصفوف المتراصة، وبددت آمله وكرر العملية في اعتداء جديد مستغلاً خلو المنطقة من قوات الأمم المتحدة التي انسحبت منذ عام 2013 من مواقع انتشارها على طول الخط الفاصل مع أراضي الجولان المحتلة باعتراف الأمم المتحدة. ما لم يحسب الاحتلال حسابه هو الغضب الشعبي في الأراضي المحتلة، غضبٌ آن الأوان لتفجره لوضع حد لتماديات الاحتلال واعتداءاته المتكررة على قرى القنيطرة ذات الغالبية الدرزية، اعتقاداً منه بقدرته على ضبط الأوضاع في الجولان المحتل. أول البوادر تفجرت بشكل فاجئ الاحتلال وأحبط مخططه الجديد الهادف للسيطرة على حضر من خلال أدواته أي الجماعات الإرهابية، انتفاضة أهالي مجدل شمس والقرى المحيطة بها أوصلت رسالة إلى الإسرائيلي مفادها أن أهالي الجولان لديهم القدرة على تخطي خطوط الاحتلال الحمراء، وفي مشهد غاب لسنوات، تمكنت جموع الأهالي من تخطي السياج الشائك الأول احتجاجاً على دعمه وتنسيقه لهجوم الإرهابيين على حضر والذي ارتكبت على إثره مجزرة راح ضحيتها عدد من الضحايا. ولا شك في أن الغضب الشعبي الذي تفجر غير المعادلة مباشرة على الأرض بشكل لم يتوقعه الاحتلال الذي يخشى أن تنتقل المعركة إلى داخل كيانه، وأن تسود الجبهة الشمالية حالة متزايدة من التوتر، فسارع لنفي دعمه للهجوم وادعى حرصه على سلامة حضر في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، وسرعان ما هُزمت الجماعات المهاجمة وانسحبت من المواقع التي سيطرت عليها لساعات أمام تصدي القوات المدافعة عن حضر. وتبين مجدداً أن الاحتلال لم يفهم حتى اللحظة ثقافة المقاومة المتجذرة في صلب مجتمعات هذه المنطقة على اختلاف مكوناتها، والتي لن تتنازل عن حقها مهما كان الثمن، وكان المشهد واضحاً في حضر التي انتفض شيبها وشبانها للدفاع عنها، وقابلهم أهل الأراضي المحتلة بكبارهم وصغارهم بموجة غضب ذُعر لها الكيان وأرسل على إثرها التعزيزات العسكرية لاحتوائها. يعتقد كثيرون أن الهجوم الجديد على حضر مقدمة لسلسلة هجمات أخرى تُحضر لاطلاق معركة جديدة في الجنوب، لكن الهزيمة الجديدة المحققة للعدو وأدواته لا بد أن توصل له الرسالة بشكل أوضح، “الفرصة معدومة لتحقيق أي إنجازات وتخطي الخطوط الحمراء لن يمر بدون رد”.

المصدر : حيدر مصطفى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة