يعد المخرج باسل الخطيب من أبرز المخرجين في سوريا والوطن العربي، قدم للدراما السورية ما يقارب الخمسين عملاً، لعل أهمها "أيام الغضب" و"الطويبي" و"حنين" و"ذي قار" و"هولاكو" و"عائد إلى حيفا" و"نزار قباني" و"أنا القدس" و"رسائل الحب والحرب".

مع اندلاع الأزمة في سوريا، تحول من الدراما إلى السينما، وقدم أفلاما حققت نجاحاً وجوائز داخل سوريا وخارجها مثل فيلم "مريم" و"سوريون" و"الأب" ومؤخراً "الاعتراف".

المخرج باسل الخطيب حل ضيفاً على "الفن" حيث جرى الحوار التالي:

 شائعات عديدة تطال حياتك الشخصية..كيف ترد عليها؟

لا أتوقف عندها ولا تعنيني مطلقاً، والأمر ليس بجديد عليّ، وقد واجهته منذ سنوات.

أشخاص أرادوا الإساءة إليّ بالنيل من أعمالي فأخفقوا، حاولوا الإساءة على المستوى الشخصي لكنهم أخفقوا أيضاً. هم ينشغلون بي وأنا أنشغل بما يتوجب علي القيام به. ما يعنيني هو عملي ولا أضيع وقتي بالتفكير بالشائعات أو الرد عليها.

أتشعر بأن المهنة سرقتك من حياتك ومن عائلتك؟

لم أكن أنظر إليها كمهنة قط، هذا العمل أعطى لحياتي معنى آخر وقيمة مختلفة، بالتأكيد ظروف العمل القاسية التي تتطلب ولاءً والتزاماً مطلقاً، حرمتني من لحظات حياتية مهمة، ولكن في نهاية الأمر كل شيء له ثمنه، وكي ينجز الإنسان ويحقق جزءاً من أحلامه وطموحاته لا بد من أن يكون هذا على حساب شيء آخر سواء حياته العائلية أو الاجتماعية.

 

هل أنت من شجع ابنك على دراسة الإخراج السينمائي؟

الخيار كان صعباً بالنسبة لي ولمجيد كوني أعلم تعقيدات هذا العمل وتحدياته المستقبلية.

الزمن الذي يعيشه مجيد أصعب من الزمن الذي درست فيه انا وعملت فيه، والتحديات أكبر بالنسبة له، تحاورنا كثيراً قبل أن يتخذ قراره وصارحته بأن كل ما وصلت إليه اليوم لم يأت إلا بعد الكثير من الجهد والتعب والصبر.

هذا العمل يحتاج أن يتعامل معه الإنسان بولاء مطلق وأن يُسخر له كل الوقت والجهد والمشاعر والأفكار، فتركت لمجيد حرية الاختيار.. هذه حياته وهذا مستقبله، فاختار أن يمضي على هذا الطريق، كانت مهمتي وستبقى أن أقف معه وأشجعه حتى النهاية.

 

قلت خلال مؤتمر صحفي عقدته مؤخراً إن لمجيد أفكارا خاصة فوجئت بها؟

الفيلم بدأ بحوار بيني وبين مجيد.. وتطورت الأفكار لاحقاً.

عموماً بعد أن يُمضي المخرج فترة طويلة بهذا العمل، ربما، بشكل مفاجئ وغير واع، يرى نفسه حبيس إطار بطريقة التفكير والرؤية والتعبير.

من المهم أن يسعى للخروج من هذا الإطار كي يبقى قادراً على التجديد وتقديم ما هو مختلف، مجيد قدّم لي جانباً أساسياً من هذه المُحرّضات، فهو شاب يمتلك خيالاً واسعاً جداً ولديه معلومات على المستوى المعرفي والتقني وهو يقرأ ويتابع ويبحث دائماً، رأيت بأنه يمتلك رؤية أصيلة ولماحة مما ساعد على أن نذهب في مفاصل السيناريو باتجاه أحداث جديدة وأصيلة وغير متوقعة.

 

 

كيف ترى المسلسلات العربية المشتركة؟ وهل خطفت الأضواء من المسلسلات السورية؟

الدراما المشتركة ليست ظاهرة جديدة فهي موجودة منذ أكثر من 40 عاماً، وتم إنتاج أعمال تلفزيونية وسينمائية بمشاركة ممثلين من سوريا ولبنان ومصر والخليج. لكن اللافت أن الدراما المشتركة حالياً يتم تسليط الضوء عليها أكثر وتُرصد لها إمكانيات كبيرة كي تبرز أكثر بوقت انحسرت فيه الدراما السورية، وخفت الضوء عنها، وبالتالي نشعر أن الدراما المشتركة أتت كي تحل مكان الدراما السورية علماً أن 70 بالمئة من القائمين عليها سوريون.

الموضوع بالمُحصّلة مرتبط بالظرف الذي نعيشه وتداعيات الحرب، وأتمنى مع انتهاء الحرب وما إن تستعيد البلاد عافيتها أن يكون هناك إعادة إعمار للفن السوري، خصوصاً السينما والتلفزيون.

 

إذا عُرض عليك إخراج عمل مشترك فهل تمانع؟

لا أمانع في حال توفرت للعمل الظروف المناسبة.. السيناريو والإنتاج وغير ذلك. في العام الماضي قدمت في الجزائر فيلم "بن باديس" وكان تجربة سورية جزائرية مشتركة.

 

هل تعتمد المباشرة بالطرح أم الرمزية؟

لم يعد الرمز في السينما أسلوباً فعالاً لأنه بالأساس غير متجانس مع طبيعة الفن السينمائي، الذي هو بالدرجة الأولى فن واقعي وشاعري، شاعري بمعنى أنه يقوم على التفاصيل والدلالات والمجاز كالقصيدة الشعرية تماماً.

من ناحية أخرى لا أميل للمباشرة، هذا أسلوب أتجنبه قدر الإمكان، فالفن ضد المباشرة، أحياناً هناك مقولات تحتاج لإيصالها بطريقة موجهة لا تُفقدها قيمتها الفنية ولا تحولها لخطاب مباشر.

 

هل أنت مع فكرة أن يكون مخرج العمل هو كاتبه؟

ليس كل مخرج قادر على الكتابة، الكتابة في حالات كثيرة تُعطي المخرج مجالاً لأن يرى الفيلم قبل أن يصوره، أن يضبط إيقاعه ويحدد مناخاته البصرية.

 

لماذا لا تكتب نصوصاً درامية أسوة بأعمالك السينمائية؟

كتبت بعضها فيما مضى وشاركت بكتابة وتعديل بعضها الآخر، الكتابة تحتاج لوقت وجهد كبيرين، أحياناً تستغرق كتابة سيناريو فيلم سينمائي مدته ساعتين حوالي أربعة أشهر أو أكثر، وسيناريو المسلسل الجيد ربما يتطلب سنة أو أكثر، واليوم لا يوجد لدي متسع من الوقت لهكذا تفرغ.

 

​​​​​​​يقال إننا نعاني من أزمة كتاب، هل تؤيد هذه الفكرة؟

قسم كبير من كُتّابنا، مع الأسف، لازالوا يكتبون بعقلية تنتمي لفترة انقضى عليها 30 أو 40 سنة، وهذا غير مقبول اليوم. أعمال تلفزيونية قليلة قدمت اقتراحات ملفتة على مستوى الكتابة التلفزيونية، ولكننا رغم ذلك لم نتمكن من مواكبة التطور الذي حصل على مستوى الصورة والإخراج. لا تزال الكتابة عالقة بمكان ما ولم تتطور كما ينبغي.

 

بشكل عام باسل الخطيب يستقطب المواهب الجديدة، هل تعتبر الأمر مخاطرة؟

أبداً ليس مخاطرة ودائماً في كل عمل أبحث عن مواهب جديدة ولا أعتبرها "منية"، وإنما جزءاً من مسؤولية، فلطالما نحن قادرون على العمل وتوزيع أدوار فإنه من مسؤوليتنا الاهتمام بالمواهب الشابة التي تستحق التشجيع، وإتاحة الفرص أمامها.

 

جميع الأفلام السورية تنحو باتجاه المواضيع الجادة، لماذا لا تتطرق إلى الجانب الترفيهي؟

لنفصل بين الأفلام التي أُنتجت قبل الحرب وتلك التي أُنتجت خلالها، أفلام ما بعد الحرب من وجهة نظري تكتسب مشروعيتها من درجة مقاربتها لآلام الناس وأوجاعهم، وليس بالضرورة أن نتكلم عن الحرب بطريقة مباشرة، فهناك العديد من الطرق لمقاربة هذا الموضوع وهو ما عملت عليه في فيلم "الاعتراف" حيث أرصد مصائر شخصيات تعيش نتائج الحرب من دون أن تكون شريكاً مباشراً فيها.

من ناحية أخرى، هذه الأفلام وعلى الرغم من أنها موجعة، إلا أنها من المفترض أن تحمل عنصر التشويق، ليس التشويق بالمعنى التجاري المتعارف عليه، لكن عند جلوس المشاهد في صالة السينما عليه أن يشعر بوجود حكاية تجذبه ومصائر شخصيات يتعاطف معها وهذه المعادلة صعبة جداً.السينما بأساسها كفن قامت على العناصر الترفيهية لكن قسماً كبيراً منها يتضمن هدفاً ورسالة محددة.

 

​​​​​​​يقتصر عرض الأفلام السورية على صالات السينما، لماذا لا نشاهدها على الشاشة الصغيرة؟

تكلمنا بهذا الموضوع مراراً وطالبنا بعرض الأفلام على التلفزيون كي يشاهدها الجمهور خصوصا من فاته حضورها بصالات السينما، والموضوع برسم وزارتي الثقافة والإعلام.

 

ألا تعتقد أن السينما السورية تجارة خاسرة كونها لا تجني أي إيرادات؟

السينما السورية لها وضعية خاصة، ليس لدينا إلا جهة منتجة واحدة وهي المؤسسة العامة للسينما وهي جهة حكومية لها إستراتيجية معينة تتبع لوزارة الثقافة التي أيضاً لها إستراتيجية تعمل عليها.

في الوقت الحاضر ربما لا تكون مهمة عائدات الأفلام بقدر التأثير الذي تصنعه هذه الأفلام داخل سوريا وخارجها. اليوم مجرد صناعة أفلام في سوريا يعتبر إنجازاً بحد ذاته.

 

بعيداً عن الحرب، متى نستطيع تحويل المؤسسة العامة للسينما إلى مؤسسة ربحية؟

المؤسسة ستكون بحاجة لإعادة صياغة لكل منظومة العمل التي تحكمها. هذا أمر طبيعي ومنطقي كي تستطيع هذه المؤسسة مواكبة التغييرات وتبقى قادرة على الاستمرار واستقطاب الكفاءات المطلوبة لصناعة سينمائية متطورة.

 

أي أنك تراها لا تسير بالطريق الصحيح؟

تسير في طريق يتناسب مع الأهداف الموضوعة لها، لكن بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية أخرى، من الضروري التطلع إلى شيء مختلف تماماً.

 

  • فريق ماسة
  • 2017-10-07
  • 11141
  • من الأرشيف

باسل الخطيب ....لا أضيع وقتي بالشائعات

يعد المخرج باسل الخطيب من أبرز المخرجين في سوريا والوطن العربي، قدم للدراما السورية ما يقارب الخمسين عملاً، لعل أهمها "أيام الغضب" و"الطويبي" و"حنين" و"ذي قار" و"هولاكو" و"عائد إلى حيفا" و"نزار قباني" و"أنا القدس" و"رسائل الحب والحرب". مع اندلاع الأزمة في سوريا، تحول من الدراما إلى السينما، وقدم أفلاما حققت نجاحاً وجوائز داخل سوريا وخارجها مثل فيلم "مريم" و"سوريون" و"الأب" ومؤخراً "الاعتراف". المخرج باسل الخطيب حل ضيفاً على "الفن" حيث جرى الحوار التالي:  شائعات عديدة تطال حياتك الشخصية..كيف ترد عليها؟ لا أتوقف عندها ولا تعنيني مطلقاً، والأمر ليس بجديد عليّ، وقد واجهته منذ سنوات. أشخاص أرادوا الإساءة إليّ بالنيل من أعمالي فأخفقوا، حاولوا الإساءة على المستوى الشخصي لكنهم أخفقوا أيضاً. هم ينشغلون بي وأنا أنشغل بما يتوجب علي القيام به. ما يعنيني هو عملي ولا أضيع وقتي بالتفكير بالشائعات أو الرد عليها. أتشعر بأن المهنة سرقتك من حياتك ومن عائلتك؟ لم أكن أنظر إليها كمهنة قط، هذا العمل أعطى لحياتي معنى آخر وقيمة مختلفة، بالتأكيد ظروف العمل القاسية التي تتطلب ولاءً والتزاماً مطلقاً، حرمتني من لحظات حياتية مهمة، ولكن في نهاية الأمر كل شيء له ثمنه، وكي ينجز الإنسان ويحقق جزءاً من أحلامه وطموحاته لا بد من أن يكون هذا على حساب شيء آخر سواء حياته العائلية أو الاجتماعية.   هل أنت من شجع ابنك على دراسة الإخراج السينمائي؟ الخيار كان صعباً بالنسبة لي ولمجيد كوني أعلم تعقيدات هذا العمل وتحدياته المستقبلية. الزمن الذي يعيشه مجيد أصعب من الزمن الذي درست فيه انا وعملت فيه، والتحديات أكبر بالنسبة له، تحاورنا كثيراً قبل أن يتخذ قراره وصارحته بأن كل ما وصلت إليه اليوم لم يأت إلا بعد الكثير من الجهد والتعب والصبر. هذا العمل يحتاج أن يتعامل معه الإنسان بولاء مطلق وأن يُسخر له كل الوقت والجهد والمشاعر والأفكار، فتركت لمجيد حرية الاختيار.. هذه حياته وهذا مستقبله، فاختار أن يمضي على هذا الطريق، كانت مهمتي وستبقى أن أقف معه وأشجعه حتى النهاية.   قلت خلال مؤتمر صحفي عقدته مؤخراً إن لمجيد أفكارا خاصة فوجئت بها؟ الفيلم بدأ بحوار بيني وبين مجيد.. وتطورت الأفكار لاحقاً. عموماً بعد أن يُمضي المخرج فترة طويلة بهذا العمل، ربما، بشكل مفاجئ وغير واع، يرى نفسه حبيس إطار بطريقة التفكير والرؤية والتعبير. من المهم أن يسعى للخروج من هذا الإطار كي يبقى قادراً على التجديد وتقديم ما هو مختلف، مجيد قدّم لي جانباً أساسياً من هذه المُحرّضات، فهو شاب يمتلك خيالاً واسعاً جداً ولديه معلومات على المستوى المعرفي والتقني وهو يقرأ ويتابع ويبحث دائماً، رأيت بأنه يمتلك رؤية أصيلة ولماحة مما ساعد على أن نذهب في مفاصل السيناريو باتجاه أحداث جديدة وأصيلة وغير متوقعة.     كيف ترى المسلسلات العربية المشتركة؟ وهل خطفت الأضواء من المسلسلات السورية؟ الدراما المشتركة ليست ظاهرة جديدة فهي موجودة منذ أكثر من 40 عاماً، وتم إنتاج أعمال تلفزيونية وسينمائية بمشاركة ممثلين من سوريا ولبنان ومصر والخليج. لكن اللافت أن الدراما المشتركة حالياً يتم تسليط الضوء عليها أكثر وتُرصد لها إمكانيات كبيرة كي تبرز أكثر بوقت انحسرت فيه الدراما السورية، وخفت الضوء عنها، وبالتالي نشعر أن الدراما المشتركة أتت كي تحل مكان الدراما السورية علماً أن 70 بالمئة من القائمين عليها سوريون. الموضوع بالمُحصّلة مرتبط بالظرف الذي نعيشه وتداعيات الحرب، وأتمنى مع انتهاء الحرب وما إن تستعيد البلاد عافيتها أن يكون هناك إعادة إعمار للفن السوري، خصوصاً السينما والتلفزيون.   إذا عُرض عليك إخراج عمل مشترك فهل تمانع؟ لا أمانع في حال توفرت للعمل الظروف المناسبة.. السيناريو والإنتاج وغير ذلك. في العام الماضي قدمت في الجزائر فيلم "بن باديس" وكان تجربة سورية جزائرية مشتركة.   هل تعتمد المباشرة بالطرح أم الرمزية؟ لم يعد الرمز في السينما أسلوباً فعالاً لأنه بالأساس غير متجانس مع طبيعة الفن السينمائي، الذي هو بالدرجة الأولى فن واقعي وشاعري، شاعري بمعنى أنه يقوم على التفاصيل والدلالات والمجاز كالقصيدة الشعرية تماماً. من ناحية أخرى لا أميل للمباشرة، هذا أسلوب أتجنبه قدر الإمكان، فالفن ضد المباشرة، أحياناً هناك مقولات تحتاج لإيصالها بطريقة موجهة لا تُفقدها قيمتها الفنية ولا تحولها لخطاب مباشر.   هل أنت مع فكرة أن يكون مخرج العمل هو كاتبه؟ ليس كل مخرج قادر على الكتابة، الكتابة في حالات كثيرة تُعطي المخرج مجالاً لأن يرى الفيلم قبل أن يصوره، أن يضبط إيقاعه ويحدد مناخاته البصرية.   لماذا لا تكتب نصوصاً درامية أسوة بأعمالك السينمائية؟ كتبت بعضها فيما مضى وشاركت بكتابة وتعديل بعضها الآخر، الكتابة تحتاج لوقت وجهد كبيرين، أحياناً تستغرق كتابة سيناريو فيلم سينمائي مدته ساعتين حوالي أربعة أشهر أو أكثر، وسيناريو المسلسل الجيد ربما يتطلب سنة أو أكثر، واليوم لا يوجد لدي متسع من الوقت لهكذا تفرغ.   ​​​​​​​يقال إننا نعاني من أزمة كتاب، هل تؤيد هذه الفكرة؟ قسم كبير من كُتّابنا، مع الأسف، لازالوا يكتبون بعقلية تنتمي لفترة انقضى عليها 30 أو 40 سنة، وهذا غير مقبول اليوم. أعمال تلفزيونية قليلة قدمت اقتراحات ملفتة على مستوى الكتابة التلفزيونية، ولكننا رغم ذلك لم نتمكن من مواكبة التطور الذي حصل على مستوى الصورة والإخراج. لا تزال الكتابة عالقة بمكان ما ولم تتطور كما ينبغي.   بشكل عام باسل الخطيب يستقطب المواهب الجديدة، هل تعتبر الأمر مخاطرة؟ أبداً ليس مخاطرة ودائماً في كل عمل أبحث عن مواهب جديدة ولا أعتبرها "منية"، وإنما جزءاً من مسؤولية، فلطالما نحن قادرون على العمل وتوزيع أدوار فإنه من مسؤوليتنا الاهتمام بالمواهب الشابة التي تستحق التشجيع، وإتاحة الفرص أمامها.   جميع الأفلام السورية تنحو باتجاه المواضيع الجادة، لماذا لا تتطرق إلى الجانب الترفيهي؟ لنفصل بين الأفلام التي أُنتجت قبل الحرب وتلك التي أُنتجت خلالها، أفلام ما بعد الحرب من وجهة نظري تكتسب مشروعيتها من درجة مقاربتها لآلام الناس وأوجاعهم، وليس بالضرورة أن نتكلم عن الحرب بطريقة مباشرة، فهناك العديد من الطرق لمقاربة هذا الموضوع وهو ما عملت عليه في فيلم "الاعتراف" حيث أرصد مصائر شخصيات تعيش نتائج الحرب من دون أن تكون شريكاً مباشراً فيها. من ناحية أخرى، هذه الأفلام وعلى الرغم من أنها موجعة، إلا أنها من المفترض أن تحمل عنصر التشويق، ليس التشويق بالمعنى التجاري المتعارف عليه، لكن عند جلوس المشاهد في صالة السينما عليه أن يشعر بوجود حكاية تجذبه ومصائر شخصيات يتعاطف معها وهذه المعادلة صعبة جداً.السينما بأساسها كفن قامت على العناصر الترفيهية لكن قسماً كبيراً منها يتضمن هدفاً ورسالة محددة.   ​​​​​​​يقتصر عرض الأفلام السورية على صالات السينما، لماذا لا نشاهدها على الشاشة الصغيرة؟ تكلمنا بهذا الموضوع مراراً وطالبنا بعرض الأفلام على التلفزيون كي يشاهدها الجمهور خصوصا من فاته حضورها بصالات السينما، والموضوع برسم وزارتي الثقافة والإعلام.   ألا تعتقد أن السينما السورية تجارة خاسرة كونها لا تجني أي إيرادات؟ السينما السورية لها وضعية خاصة، ليس لدينا إلا جهة منتجة واحدة وهي المؤسسة العامة للسينما وهي جهة حكومية لها إستراتيجية معينة تتبع لوزارة الثقافة التي أيضاً لها إستراتيجية تعمل عليها. في الوقت الحاضر ربما لا تكون مهمة عائدات الأفلام بقدر التأثير الذي تصنعه هذه الأفلام داخل سوريا وخارجها. اليوم مجرد صناعة أفلام في سوريا يعتبر إنجازاً بحد ذاته.   بعيداً عن الحرب، متى نستطيع تحويل المؤسسة العامة للسينما إلى مؤسسة ربحية؟ المؤسسة ستكون بحاجة لإعادة صياغة لكل منظومة العمل التي تحكمها. هذا أمر طبيعي ومنطقي كي تستطيع هذه المؤسسة مواكبة التغييرات وتبقى قادرة على الاستمرار واستقطاب الكفاءات المطلوبة لصناعة سينمائية متطورة.   أي أنك تراها لا تسير بالطريق الصحيح؟ تسير في طريق يتناسب مع الأهداف الموضوعة لها، لكن بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية أخرى، من الضروري التطلع إلى شيء مختلف تماماً.  

المصدر : الماسة السورية/ الفن


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة