تزامناً ،مع استهدفت القوة الجوفضائية للحرس الثوري الإيراني، مواقع لتنظيم "داعش"، في منطقة دير الزور السورية بعدة صواريخ باليستية متوسطة المدى، وأطلاق 6 صواريخ باليستية متوسطة المدى من قواعد صاروخية للقوة الجوفضائية للحرس الثوري الإيراني في محافظتي كردستان وكرمانشاه غرب إيران، وأصابت أهدافها بدقة بعد أن عبرت سماء العراق،رداً على عمليات التنظيم الإرهابية في العاصمة طهران ،هذا الاستهدف يأتي  ايضاً بالتزامن مع مسار ضغط سياسي وامني كبير يخص علاقة إيران  بالادارة الأمريكية الجديدة وببعض جيرانها الخليجيين بالتحديد، بالاضافة إلى مجموعة ظروف أخرى تعيشها المنطقة،وتهديدات ادارة ترامب بنسف كل التفاهمات مع إيران  بخصوص ملفها النووي ،وتهديدات الكيان الصهيوني العسكرية المتكررة للدولة الايرانية ومحاولة عرقلة تنفيذ بنود اتفاقها النووي مع قوى 5+1، وفي ظل علاقة الدولة الايرانية المتوترة مع بعض دول الخليج  بهذه الفترة تحديداً، وتكرار حديث بعض دول الخليج عن ضرورة تشكيل حلف اقليمي – دولي موحد جزء من أهدافه كما تؤكد بعض الانظمة الخليجية التصدي للتمدد الايراني بالمنطقة .

من هنا يمكن قراءة أن هذا  الاستهدف العسكري  المباشر للتنظيم الإرهابي  ،ومجموعة الرسائل المرسلة بمختلف الاتجاهات التي حملها اطلاق هذه الصواريخ ، جاءت بهذه الفترة تحديداً لتحمل عدة رسائل خارجية وداخلية ، فهذا الاستهداف وفق ما يصدر عن  الإيرانيين ابرز حجم التطور الصناعي العسكري الايراني ،وقدرة الجيش والحرس الايراني الواسعة والمحكمة بالقيام بعمليات هجومية واسعة ، ولتظهر  تطور عمل وتقنيات السلاح العسكري للجيش وللحرس الايراني ، فكل هذه العوامل تدفع لقراءة أن مضامين الرسائل الايرانية من وراء هذا الاستهداف  تحمل عدة ابعاد والمقصود بها عدة أطراف داخلية وخارجية اقليمية ودولية ، وتحمل عدة رسائل رئيسية:

أولى :هذه الرسائل التي يحملها اطلاق هذه الصواريخ ، هي موجهة إلى بعض دول الاقليم وتحديدآ بعض دول الخليج بالاضافة الى الكيان الصهيوني “اسرائيل” ، فهذه الدول التي تحيط بالدولة الإيرانية ، والتي حاولت وما زالت تحاول بالفترة الاخيرة، أن تضغط على الدولة الإيرانية أقتصادياً وسياسياً وحتى أمنياً ،من خلال تلويح هذه الدول بأنشاء حلف مشترك ، وتهديد بعض الساسة الصهاينة بتنفيذ ضربات عسكرية صهيونية تستهدف قواعد المفاعلات النووية الايرانية، ومن هنا جاء هذا الاستهداف العسكري المباشر لتنظيم داعش الإرهابي لتثبت إيران لهذه الدول أن إيران حاضرة وحاضرة بقوة في الاقليم ككل كقوة اقليمية، فقيامها بعمليات عسكرية كبيرة ، واستخدام صنوف أسلحة متطورة، يعني أن الدولة الإيرانية ما زالت حاضرة وبقوة بالمشهد الاقليمي،وأنها قادرة على الرد على أي عمل عدواني من أي جهة كانت ، فالواضح هنا ان اطلاق هذه الصواريخ من خلال طريقة عملها ستثبت أن هذه العملية ذات طابع هجومي وليست ذات طابع دفاعي.

ثانية: هذه الرسائل ،موجهة إلى كل دولة ونظام وهيئة دولية تحاول الضغط على الدولة الإيرانية من خلال الاتفاق النووي،سواء أكان اقتصادياً وسياسياً وامنياً ، وبالخصوص هي موجهة إلى محور واشنطن ، ومضمون هذه الرسالة أن الدولة الإيرانية لن ترضخ لأي املاءات تسعى الدول الغربية لفرضها على إيران كثمن للاتفاق النووي، لا بل على العكس فالدولة الإيرانية ستستمر بمسار بناء وتطوير قدرات الدولة الايرانية بمختلف المجالات ، ومن خلال قراءة مسار عملية ضربة دير الزور العسكرية الاخيرة ،يمكن القول أن الدولة الإيرانية قد أوصلت رسالتها للغرب ومضمونها أنه لايمكن لايران أن تقدم أي تنازلات تخرج عن مصلحتها الوطنية العليا ، وهي جاهزة لكل الخيارات ، ومنها الخيار العسكري، فهي هنا إبرزت  وستبرز حجم قدراتها القتالية والعسكرية ، كدليل على أنها لن تقبل أن تقدم أي تنازلات عن مرتكزات سيادية وامنيه كثمن للاتفاق النووي .

ثالثة: هذه الرسائل وأهمها ،هي موجهة إلى الداخل الايراني ، فقد برز واضحاً أن الدولة الإيرانية قد تعرضت بالفترة الاخيرة لمجموعة تهديدات واستهدافات كان اخرها العمليات الإرهابية في طهران ، وجاءت عملية دير الزور  لتؤكد للداخل الإيراني متانة وقوة إيران العسكرية  ، ومن جهة أخرى ابرز  حجم الرد  على عملية طهران الإرهابية  مدى تطور القوة العسكرية الإيرانية ، ومن هنا وصلت الرسالة للشعب الايراني وجزء منه بعض الجماعات المعارضة بالداخل الايراني، ولبعض ألاطراف التي راهنت على الشعب الايراني ، ومضمونها أن الدولة الإيرانية ما زالت تتمتع بقوة كبيرة ، وهي بحالة تتطور مستمر ، وأن التهديد  باستهداف إيران مجدداً  سيكون ثمن الرد عليه قاسي جداً على المعتدين ومن يقف خلفهم.

رابعة: هذه الرسائل ، موجهة إلى حلفاء الدولة الإيرانية، إقليمياً ودولياً، دمشق – موسكو -بكين “تحديدآ” وإلى بعض فصائل وقوى المقاومة بلبنان وفلسطين، وإلى بعض القوى بالداخل اليمني ، ومضمون هذه الرسالة هو أن إيران ما زالت تمتلك الكثير من أوراق القوة ولديها الكثير من الامكانيات والمقومات التي ستوفر لها ولحلفائها بالاقليم تحديداً نوعاً من التوازن العسكري والامني ، مع حلف اخر يسعى لا سقاط تحالف إيران الاقليمي والدولي .

ختاماً ، أن مسار عملية دير الزور ، سيأخذ  بالتأكيد مسار  تحليلي  عسكري كبير ، وخصوصاً  من المحور المعادي لطهران  ،فالعملية بحجمها  وطريقة عملها تؤكد أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانت طوال الفترة الماضية وإلى الان قادرة على ردع أي خطر أقليمي أو دولي يتهدد اراضيها وشعبها، فهي اثبتت بهذه "العملية " بأنها مازالت قوة اقليمية كبرى، وأنها مازالت قادرة على الحفاظ على مصالح الشعب الايراني داخلياً وتطوير وبناء مؤسسات الدولة الايرانية دون الارتهان لمسار الضغوط وبجهود وقدرات ذاتية، وأنها بذات الاطار قادرة وباستمرار على المحافظة على مكانتها الإقليمية والتصدي لكل من يحاول التعدي على هذه المكانة الاقليمية .

  • فريق ماسة
  • 2017-06-20
  • 5791
  • من الأرشيف

صواريخ دير الزور ... ورسائل الردع والنار الإيرانية

تزامناً ،مع استهدفت القوة الجوفضائية للحرس الثوري الإيراني، مواقع لتنظيم "داعش"، في منطقة دير الزور السورية بعدة صواريخ باليستية متوسطة المدى، وأطلاق 6 صواريخ باليستية متوسطة المدى من قواعد صاروخية للقوة الجوفضائية للحرس الثوري الإيراني في محافظتي كردستان وكرمانشاه غرب إيران، وأصابت أهدافها بدقة بعد أن عبرت سماء العراق،رداً على عمليات التنظيم الإرهابية في العاصمة طهران ،هذا الاستهدف يأتي  ايضاً بالتزامن مع مسار ضغط سياسي وامني كبير يخص علاقة إيران  بالادارة الأمريكية الجديدة وببعض جيرانها الخليجيين بالتحديد، بالاضافة إلى مجموعة ظروف أخرى تعيشها المنطقة،وتهديدات ادارة ترامب بنسف كل التفاهمات مع إيران  بخصوص ملفها النووي ،وتهديدات الكيان الصهيوني العسكرية المتكررة للدولة الايرانية ومحاولة عرقلة تنفيذ بنود اتفاقها النووي مع قوى 5+1، وفي ظل علاقة الدولة الايرانية المتوترة مع بعض دول الخليج  بهذه الفترة تحديداً، وتكرار حديث بعض دول الخليج عن ضرورة تشكيل حلف اقليمي – دولي موحد جزء من أهدافه كما تؤكد بعض الانظمة الخليجية التصدي للتمدد الايراني بالمنطقة . من هنا يمكن قراءة أن هذا  الاستهدف العسكري  المباشر للتنظيم الإرهابي  ،ومجموعة الرسائل المرسلة بمختلف الاتجاهات التي حملها اطلاق هذه الصواريخ ، جاءت بهذه الفترة تحديداً لتحمل عدة رسائل خارجية وداخلية ، فهذا الاستهداف وفق ما يصدر عن  الإيرانيين ابرز حجم التطور الصناعي العسكري الايراني ،وقدرة الجيش والحرس الايراني الواسعة والمحكمة بالقيام بعمليات هجومية واسعة ، ولتظهر  تطور عمل وتقنيات السلاح العسكري للجيش وللحرس الايراني ، فكل هذه العوامل تدفع لقراءة أن مضامين الرسائل الايرانية من وراء هذا الاستهداف  تحمل عدة ابعاد والمقصود بها عدة أطراف داخلية وخارجية اقليمية ودولية ، وتحمل عدة رسائل رئيسية: أولى :هذه الرسائل التي يحملها اطلاق هذه الصواريخ ، هي موجهة إلى بعض دول الاقليم وتحديدآ بعض دول الخليج بالاضافة الى الكيان الصهيوني “اسرائيل” ، فهذه الدول التي تحيط بالدولة الإيرانية ، والتي حاولت وما زالت تحاول بالفترة الاخيرة، أن تضغط على الدولة الإيرانية أقتصادياً وسياسياً وحتى أمنياً ،من خلال تلويح هذه الدول بأنشاء حلف مشترك ، وتهديد بعض الساسة الصهاينة بتنفيذ ضربات عسكرية صهيونية تستهدف قواعد المفاعلات النووية الايرانية، ومن هنا جاء هذا الاستهداف العسكري المباشر لتنظيم داعش الإرهابي لتثبت إيران لهذه الدول أن إيران حاضرة وحاضرة بقوة في الاقليم ككل كقوة اقليمية، فقيامها بعمليات عسكرية كبيرة ، واستخدام صنوف أسلحة متطورة، يعني أن الدولة الإيرانية ما زالت حاضرة وبقوة بالمشهد الاقليمي،وأنها قادرة على الرد على أي عمل عدواني من أي جهة كانت ، فالواضح هنا ان اطلاق هذه الصواريخ من خلال طريقة عملها ستثبت أن هذه العملية ذات طابع هجومي وليست ذات طابع دفاعي. ثانية: هذه الرسائل ،موجهة إلى كل دولة ونظام وهيئة دولية تحاول الضغط على الدولة الإيرانية من خلال الاتفاق النووي،سواء أكان اقتصادياً وسياسياً وامنياً ، وبالخصوص هي موجهة إلى محور واشنطن ، ومضمون هذه الرسالة أن الدولة الإيرانية لن ترضخ لأي املاءات تسعى الدول الغربية لفرضها على إيران كثمن للاتفاق النووي، لا بل على العكس فالدولة الإيرانية ستستمر بمسار بناء وتطوير قدرات الدولة الايرانية بمختلف المجالات ، ومن خلال قراءة مسار عملية ضربة دير الزور العسكرية الاخيرة ،يمكن القول أن الدولة الإيرانية قد أوصلت رسالتها للغرب ومضمونها أنه لايمكن لايران أن تقدم أي تنازلات تخرج عن مصلحتها الوطنية العليا ، وهي جاهزة لكل الخيارات ، ومنها الخيار العسكري، فهي هنا إبرزت  وستبرز حجم قدراتها القتالية والعسكرية ، كدليل على أنها لن تقبل أن تقدم أي تنازلات عن مرتكزات سيادية وامنيه كثمن للاتفاق النووي . ثالثة: هذه الرسائل وأهمها ،هي موجهة إلى الداخل الايراني ، فقد برز واضحاً أن الدولة الإيرانية قد تعرضت بالفترة الاخيرة لمجموعة تهديدات واستهدافات كان اخرها العمليات الإرهابية في طهران ، وجاءت عملية دير الزور  لتؤكد للداخل الإيراني متانة وقوة إيران العسكرية  ، ومن جهة أخرى ابرز  حجم الرد  على عملية طهران الإرهابية  مدى تطور القوة العسكرية الإيرانية ، ومن هنا وصلت الرسالة للشعب الايراني وجزء منه بعض الجماعات المعارضة بالداخل الايراني، ولبعض ألاطراف التي راهنت على الشعب الايراني ، ومضمونها أن الدولة الإيرانية ما زالت تتمتع بقوة كبيرة ، وهي بحالة تتطور مستمر ، وأن التهديد  باستهداف إيران مجدداً  سيكون ثمن الرد عليه قاسي جداً على المعتدين ومن يقف خلفهم. رابعة: هذه الرسائل ، موجهة إلى حلفاء الدولة الإيرانية، إقليمياً ودولياً، دمشق – موسكو -بكين “تحديدآ” وإلى بعض فصائل وقوى المقاومة بلبنان وفلسطين، وإلى بعض القوى بالداخل اليمني ، ومضمون هذه الرسالة هو أن إيران ما زالت تمتلك الكثير من أوراق القوة ولديها الكثير من الامكانيات والمقومات التي ستوفر لها ولحلفائها بالاقليم تحديداً نوعاً من التوازن العسكري والامني ، مع حلف اخر يسعى لا سقاط تحالف إيران الاقليمي والدولي . ختاماً ، أن مسار عملية دير الزور ، سيأخذ  بالتأكيد مسار  تحليلي  عسكري كبير ، وخصوصاً  من المحور المعادي لطهران  ،فالعملية بحجمها  وطريقة عملها تؤكد أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانت طوال الفترة الماضية وإلى الان قادرة على ردع أي خطر أقليمي أو دولي يتهدد اراضيها وشعبها، فهي اثبتت بهذه "العملية " بأنها مازالت قوة اقليمية كبرى، وأنها مازالت قادرة على الحفاظ على مصالح الشعب الايراني داخلياً وتطوير وبناء مؤسسات الدولة الايرانية دون الارتهان لمسار الضغوط وبجهود وقدرات ذاتية، وأنها بذات الاطار قادرة وباستمرار على المحافظة على مكانتها الإقليمية والتصدي لكل من يحاول التعدي على هذه المكانة الاقليمية .

المصدر : الماسة السورية / هشام الهبيشان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة