محادثات السلام السورية تصبح أكثر فعالية يوماً بعد يوم، بالتزامن مع الهزائم التي يمنى بها الإرهاب والإرهابيون.

المعارضة السورية أيضاً بدأت تتفهم ضرورة وقف إطلاق النار. ولا توجد مشاكل ملموسة وكبيرة بما يخص تطبيق مناطق خفض التصعيد التي تم الإتفاق عليها في أستانا.

نعم توجد بعض العقبات البسيطة في تطبيق وقف إطلاق النار في مناطق وقف التصعيد، لكن هذه المعوقات لا تتطلب إعادة النظر بالإتفاق الذي تم التوصل إليه سابقاً بخصوص المناطق. والاتصالات بهذا الشأن سوف تستمر على مستوى الخبراء.

المبادرة الروسية بتأسيس مناطق خفض التوتر الأربعة، ساهمت في خلط الأوراق في الشرق الأوسط على المستوى الاستراتيجي.

أثناء توقيع الإتفاق في أستانا حضر مساعد وزير الخارجية الأميركي جون ستيوارت، وذلك على الرغم من النظرة الامريكية المشككة منذ البداية تجاه محادثات أستانا.

وجدير بالذكر إنه حتى المعارضة السورية التي رفضت توقيع وثيقة الإتفاق في أستانا أصبحت تلتزم بالإتفاق وذلك باعتراف دمشق.

بالإضافة لذلك فإن رئيس "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن، اعترف أن مستوى الصراع والمعارك قد انخفض وخصوصاً من جانب الحكومة السورية.

ومما لاشك فيه إن وضع التهدئة الحالي يسمح وأخيراً بتركيز الجهود لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، وهذا مايمكن ملاحظته من خلال نجاحات الجيش السوري في عملياته العسكرية في شرق حلب بمحاذاة نهر الفرات.

إن تحرير مطار الجراح من قبل القوات السورية ساهم وبشكل كبير بتركيز الجهود لمحاربة "داعش" في ريف تدمر، وكذلك اطلاق عملية عسكرية سريعة بهدف فك الحصار عن مدينة دير الزور التي يوجد فيها حوالي 4 آلاف مقاتل حالياً، يحاصرهم تنظيم داعش الإرهابي.

في الوقت الراهن يمكن القول بأن مناطق تخفيض التصعيد تحقق المرجو منها، لكن هذا لايمنع إمكانية حدوث مشكلات بما يخص التطبيق العملي على الأرض، أو محاولات افراغ فكرة هذه المناطق من مضمونها.

في الوضع الراهن ثمّة هدف أساسي يجب أن تحققه مناطق تخفيض التصعيد، وهو حماية المدنيين.

وفي إطار الجهود المستمرة للسلام حصلت مباحثات جنيف برئاسة مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا. وبحسب رأي الخبراء فقد أكدت مباحثات جنيف على فعالية ونجاعة ماتم التوصل إليه في مباحثات أستانا، وكذلك على فعالية التطبيق العملي لنتائج تلك المباحثات.

وبالمحصلة فإن آلية جنيف وأستانا لا تعملان اليوم بشكل متواز، بل بشكل مترابط وبتنسيق مشترك، والمهمة الأساسية لجنيف وأستانا اليوم هي بحسب نائب وزير الخارجية الروسي إنجاح عمل مناطق تحفيض التصعيد وتخفيض الأعمال القتالية، وهذه الخطوات هي التي ستضمن وتساعد على دفع العملية السياسية في سورية.

بحسب ديمستورا فإن ممثلي كل من الحكومة السورية والمعارضة، مستعدون للتخلي عن المهاترات الشخصية والتهجمات خلال المحادثات لصالح العمل الجاد والمباحثات الهادفة.

خلال الجولة السادسة من مباحثات جنيف شاركت كل الأطراف المعنية التي تمت دعوتها للمباحثات، وكذلك انخفضت حدة التوتر بين الأعضاء المشاركين بالمقارنة مع جولات جنيف السابقة.

كذلك على هامش مباحثات جنيف حصلت لقاءات سياسية جمعت كل من روسيا، الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، وهذه أيضاً سارت بشكل بنّاء.

كذلك الولايات المتحدة بدأت تتفهم ضرورة تخفيض التوتر والعمل على الحل السياسي، وذلك على الرغم من السلوك والمواقف العدائية أحياناً، والتي تصدر عن القيادات الأمريكية ومن ضمنها الأعمال العسكرية العدائية ضد القوات السورية.

المتحدث بأسم قيادة القوات الأمريكية المشتركة جوزيف دانفورد صرح بأن كل من الولايات المتحدة وروسيا باتا قاب قوسين أو أدنى من توقيع اتفاق ثنائي جديد، هدفه تجنب حدوث أي صدامات بينهما، وخصوصاً مع استمرار الولايات المتحدة بدعم المسلحين المعارضين خلال معاركهم مع تنظيم داعش الإرهابي.

وبالتوازي مع كل ذلك تستمر نجاحات الجيش السوري، فمؤخراً تم تحرير مدينة حمص بالكامل، حيث خرجت من منطقة الوعر آخر الجماعات المسلحة، وكون حمص هي ثالث أكبر مدينة في سورية بعد كل من دمشق وحلب، فإن خلوها من المسلحين وعودة السكان إلى منازلهم في حي الوعر سيلعب دوراً هاماً ومفصلياً في المعارك اللاحقة ضد الإرهاب.

وستقوم قوات الشرطة الروسية بحفظ الأمن في المدينة من أجل ضمان سير عملية المصالحة وتطبيق الإتفاقيات.

في 22 أيار الحالي حررت القوات السورية بالتعاون مع القوات الجوية الفضائية الروسية كامل جنوب مدينة السويداء، واليوم حققت القوات السورية نجاحات كبيرة تهدف الى تحقيق المصالحات على الأراضي السورية. فمثلاً في كل من مدينة الزبداني ومضايا تمت تسوية أوضاع 2640 مسلحاً ممن قبلوا المصالحة مع الجهات الحكومية وعادوا لحياتهم الطبيعية. والحكومة السورية مستعدة لإعطاء هؤلاء المسلحين إمكانية الانضمام للجيش السوري والمساهمة في محاربة الإرهاب.

بموازاة ذلك تستمر الجهات الروسية بتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري، ففي الفترة الممتدة مابين 19 و 22 أيار قامت القوات الروسية ب 20 حملة إغاثية إنسانية في محافظات حلب، اللاذقية والقنيطرة.

وفي الموقف الحالي العام في سورية، فإن المسلحين يفقدون رغبتهم في مواصلة القتال، وكثيراً ما يستسلمون للقوات الحكومية، أو ينضمون إلى التسويات السلمية بضمانات الحفاظ على أمنهم.

 

  • فريق ماسة
  • 2017-05-24
  • 9617
  • من الأرشيف

مناطق خفض التصعيد صامدة ..والجيش السوري يتفرغ لـ"داعش"

محادثات السلام السورية تصبح أكثر فعالية يوماً بعد يوم، بالتزامن مع الهزائم التي يمنى بها الإرهاب والإرهابيون. المعارضة السورية أيضاً بدأت تتفهم ضرورة وقف إطلاق النار. ولا توجد مشاكل ملموسة وكبيرة بما يخص تطبيق مناطق خفض التصعيد التي تم الإتفاق عليها في أستانا. نعم توجد بعض العقبات البسيطة في تطبيق وقف إطلاق النار في مناطق وقف التصعيد، لكن هذه المعوقات لا تتطلب إعادة النظر بالإتفاق الذي تم التوصل إليه سابقاً بخصوص المناطق. والاتصالات بهذا الشأن سوف تستمر على مستوى الخبراء. المبادرة الروسية بتأسيس مناطق خفض التوتر الأربعة، ساهمت في خلط الأوراق في الشرق الأوسط على المستوى الاستراتيجي. أثناء توقيع الإتفاق في أستانا حضر مساعد وزير الخارجية الأميركي جون ستيوارت، وذلك على الرغم من النظرة الامريكية المشككة منذ البداية تجاه محادثات أستانا. وجدير بالذكر إنه حتى المعارضة السورية التي رفضت توقيع وثيقة الإتفاق في أستانا أصبحت تلتزم بالإتفاق وذلك باعتراف دمشق. بالإضافة لذلك فإن رئيس "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن، اعترف أن مستوى الصراع والمعارك قد انخفض وخصوصاً من جانب الحكومة السورية. ومما لاشك فيه إن وضع التهدئة الحالي يسمح وأخيراً بتركيز الجهود لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، وهذا مايمكن ملاحظته من خلال نجاحات الجيش السوري في عملياته العسكرية في شرق حلب بمحاذاة نهر الفرات. إن تحرير مطار الجراح من قبل القوات السورية ساهم وبشكل كبير بتركيز الجهود لمحاربة "داعش" في ريف تدمر، وكذلك اطلاق عملية عسكرية سريعة بهدف فك الحصار عن مدينة دير الزور التي يوجد فيها حوالي 4 آلاف مقاتل حالياً، يحاصرهم تنظيم داعش الإرهابي. في الوقت الراهن يمكن القول بأن مناطق تخفيض التصعيد تحقق المرجو منها، لكن هذا لايمنع إمكانية حدوث مشكلات بما يخص التطبيق العملي على الأرض، أو محاولات افراغ فكرة هذه المناطق من مضمونها. في الوضع الراهن ثمّة هدف أساسي يجب أن تحققه مناطق تخفيض التصعيد، وهو حماية المدنيين. وفي إطار الجهود المستمرة للسلام حصلت مباحثات جنيف برئاسة مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا. وبحسب رأي الخبراء فقد أكدت مباحثات جنيف على فعالية ونجاعة ماتم التوصل إليه في مباحثات أستانا، وكذلك على فعالية التطبيق العملي لنتائج تلك المباحثات. وبالمحصلة فإن آلية جنيف وأستانا لا تعملان اليوم بشكل متواز، بل بشكل مترابط وبتنسيق مشترك، والمهمة الأساسية لجنيف وأستانا اليوم هي بحسب نائب وزير الخارجية الروسي إنجاح عمل مناطق تحفيض التصعيد وتخفيض الأعمال القتالية، وهذه الخطوات هي التي ستضمن وتساعد على دفع العملية السياسية في سورية. بحسب ديمستورا فإن ممثلي كل من الحكومة السورية والمعارضة، مستعدون للتخلي عن المهاترات الشخصية والتهجمات خلال المحادثات لصالح العمل الجاد والمباحثات الهادفة. خلال الجولة السادسة من مباحثات جنيف شاركت كل الأطراف المعنية التي تمت دعوتها للمباحثات، وكذلك انخفضت حدة التوتر بين الأعضاء المشاركين بالمقارنة مع جولات جنيف السابقة. كذلك على هامش مباحثات جنيف حصلت لقاءات سياسية جمعت كل من روسيا، الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، وهذه أيضاً سارت بشكل بنّاء. كذلك الولايات المتحدة بدأت تتفهم ضرورة تخفيض التوتر والعمل على الحل السياسي، وذلك على الرغم من السلوك والمواقف العدائية أحياناً، والتي تصدر عن القيادات الأمريكية ومن ضمنها الأعمال العسكرية العدائية ضد القوات السورية. المتحدث بأسم قيادة القوات الأمريكية المشتركة جوزيف دانفورد صرح بأن كل من الولايات المتحدة وروسيا باتا قاب قوسين أو أدنى من توقيع اتفاق ثنائي جديد، هدفه تجنب حدوث أي صدامات بينهما، وخصوصاً مع استمرار الولايات المتحدة بدعم المسلحين المعارضين خلال معاركهم مع تنظيم داعش الإرهابي. وبالتوازي مع كل ذلك تستمر نجاحات الجيش السوري، فمؤخراً تم تحرير مدينة حمص بالكامل، حيث خرجت من منطقة الوعر آخر الجماعات المسلحة، وكون حمص هي ثالث أكبر مدينة في سورية بعد كل من دمشق وحلب، فإن خلوها من المسلحين وعودة السكان إلى منازلهم في حي الوعر سيلعب دوراً هاماً ومفصلياً في المعارك اللاحقة ضد الإرهاب. وستقوم قوات الشرطة الروسية بحفظ الأمن في المدينة من أجل ضمان سير عملية المصالحة وتطبيق الإتفاقيات. في 22 أيار الحالي حررت القوات السورية بالتعاون مع القوات الجوية الفضائية الروسية كامل جنوب مدينة السويداء، واليوم حققت القوات السورية نجاحات كبيرة تهدف الى تحقيق المصالحات على الأراضي السورية. فمثلاً في كل من مدينة الزبداني ومضايا تمت تسوية أوضاع 2640 مسلحاً ممن قبلوا المصالحة مع الجهات الحكومية وعادوا لحياتهم الطبيعية. والحكومة السورية مستعدة لإعطاء هؤلاء المسلحين إمكانية الانضمام للجيش السوري والمساهمة في محاربة الإرهاب. بموازاة ذلك تستمر الجهات الروسية بتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري، ففي الفترة الممتدة مابين 19 و 22 أيار قامت القوات الروسية ب 20 حملة إغاثية إنسانية في محافظات حلب، اللاذقية والقنيطرة. وفي الموقف الحالي العام في سورية، فإن المسلحين يفقدون رغبتهم في مواصلة القتال، وكثيراً ما يستسلمون للقوات الحكومية، أو ينضمون إلى التسويات السلمية بضمانات الحفاظ على أمنهم.  

المصدر : آسيا _ كريستينا يوسف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة