يصعّد الجيش هجومه على عدد من الجبهات ضد تنظيم «داعش»، محققاً تقدماً جنوب مطار الجراح في ريف حلب الشرقي، ومبادراً شرق مدينةتدمر على طريق السخنة. وبالتوازي، تكمل محادثات «جنيف» انعقادها وسط جهود أممية لتحييد المواضيع الخلافية عن هذه الجولة

تتكثّف اجتماعات الجولة الجارية من محادثات جنيف، مدفوعة بزخم هدوء الجبهات الذي فرضه اتفاق «مناطق تخفيف التوتر» المقرّ في أستانا. وبدا لافتاً بعد ختام اليوم الثاني للمحادثات إبعاد الأمم المتحدة لتفاصيل النقاشات وآليات النقاش عن وسائل الإعلام قدر الإمكان، لتصبح المعلومات المتوافرة محصورة في جدول لقاءات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا مع الوفود السورية المشاركة.
وبعد الحديث عن طرح دي ميستورا وثيقة تقترح تشكيل فريق من الناشطين في المجتمع المدني والتكنوقراط، يتمّ تكليفهم بتمهيد الطريق أمام إعداد دستور جديد للبلاد، أظهرت المعلومات الواردة من الجانب المعارض تحفظاً واضحاً على بعض مضامين تلك الوثيقة. وتنص الأخيرة على «آلية تشاورية» تعمل على صياغة «رؤى قانونية محددة، تضمن عدم وجود فراغ دستوري أو قانوني في أي وقت خلال عملية الانتقال السياسي الذي يتم التفاوض عليه». وتضم الآلية، وفق معلومات أوّلية، 4 إلى 6 أعضاء من «الهيئة» المعارضة، وعضواً من «منصة القاهرة» وآخر من «منصة موسكو»، في مقابل تشكيل الجانب الحكومي لمجموعة عمل مماثلة. وبينما لم تتحدث مصادر الوفد الحكومي عن ورقة مماثلة من الجانب الأممي، وفق ما يجري عادة، اقتصر رد فعل المعارضة الذي جاء على لسان المتحدث باسم «الهيئة» منذر ماخوس، على إبداء «تحفّظات كثيرة» حول الوثيقة، ليوضح الأخير أنها «لا تزال قيد النقاش»، وأنها «كانت مفاجئة، ولم تكن مبرمجة أصلاً».


طلبت المعارضة تعديلات على «آلية» دي ميستورا الخاصة بالدستور

النزوع الأممي إلى التركيز على «سلة الدستور» في موازاة بحث ملف المعتقلين والمختطفين، يعتبر مؤشراً واضحاً على أن دي ميستورا يراهن على تراكم مفاعيل اتفاق أستانا الأخير، من دون المخاطرة بـ«إنجازات» الجولة الماضية في جنيف، في حال أعيد طرح مواضيع خلافية كسلّتي «الإرهاب» و«الحوكمة». وهو ما يتماشى مع نهج المبعوث الأممي الذي يريد الحفاظ على استمرارية مسار المحادثات في جنيف، ومنع تهميشها على حساب أستانا، إلى حين وجود «توافق» دولي حول حلّ سوريّ يُخرج تحت عباءة الأمم المتحدة.
ونقلت أوساط معارضة في وقت مبكر من أمس، أن مكتب دي ميستورا سيقوم بإيفاد لجنة خبراء «لنقاش وشرح» الوثيقة للجانب المعارض، لحلحلة التحفظات التي وردت من جانبه. ورغم أن مضمون عمل اللجنة المقترحة ينصبّ ضمن إطار القرارات الأممية، فإن تحفظ المعارضة يعكس توجّساً من تهميش مطالبها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، من جهة، ولكون البحث في دستور جديد للبلاد كان مقترحاً روسياً على مدى الأشهر الماضية، من جهة ثانية. غير أن مصادر معارضة قالت أمس إنها ستقترح تعديلات على تلك الورقة، كشرط لاعتمادها.
وبالتوازي مع الاجتماعات التي عقدها أمس المبعوث الأممي مع الوفود السورية، التقى أيضاً نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، الموجود في جنيف. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن «الجانبين تبادلا وجهات النظر حول عملية وآفاق التسوية السياسية»، مضيفة أنه «تم التشديد على ضرورة بذل مزيد من الجهود من جانب جميع اللاعبين الرئيسيين، لوقف التصعيد على الأرض وتعزيز وصول المساعدات الإنسانية». وإلى جانب الجهود الروسية المبذولة في جنيف، قالت وزارة الخارجية إنها ستعمل بشكل مكثف مع الدول الإقليمية المعنية بالملف السوري لتعزيز وقف إطلاق النار. ونقلت وكالة «تاس» عن نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، قوله إن «هناك حاجة لجهود شركائنا الأتراك والشركاء من دول الخليج... وقريباً سنجري اتصالات مهمة على مختلف المستويات» في هذا الشأن. وشدد على أن بلاده تبحث تبنّي مذكرة أستانا في قرار دولي صادر عن مجلس الأمن.
ورغم انخفاض سقف التوقعات لنتائج هذه الجولة من جنيف، يستمرّ الهدوء على معظم الجبهات في الميدان، باستثناء ما شهدته أحياء مدينة درعا من اشتباكات متقطعة أمس، ترافقت مع قصف متبادل طال حي المنشية وعدداً من أحياء درعا البلد. وفي المقابل، يستمر التصعيد على الجبهات المشتركة مع تنظيم «داعش»، مع مبادرة الجيش إلى الهجوم على عدد من المحاور، من ريف حلب حتى البادية. حيث شهدت مناطق ريف حلب الشرقي اشتباكات عنيفة بين الجيش والتنظيم، خلال محاولة الجيش التقدم في سهل مسكنة، جنوب مطار الجراح العسكري. وتمكن الجيش خلالها من تحقيق تقدم لافت، فارضاً سيطرته على قرى جب علي والنافعية وتل حسن إلى جانب تقدمه في بلدات دروبية كبيرة ومزيونة الحمر. كذلك شهد شرق مدينة تدمر تجدداً للمعارك في محيط حقل آراك للغاز، الواقع على طريق السخنة، التي تعدّ الطريق الأقرب للجيش إلى ريف دير الزور انطلاقاً من مناطق البادية في سوريا. وكان هذا المحور قد شهد تصعيداً حين تمدد الجيش لتوسيع أمان مدينة تدمر، قبل أن يعود ليهدأ على وقع العمليات في محيط الحقول النفطية والغازية جنوب غرب تدمر.
إلى ذلك، نفى مصدر عسكري أردني الأنباء التي تحدثت عن وقوع انفجار في مخيم الرقبان على الحدود السورية ــ الأردنية. وكانت مصادر معارضة قد أفادت بانفجار قنبلة في سيارة داخل المخيم بعد يومين على تفجيرين هزّا منطقة السوق، وتسبّبا في وقوع عدد من الضحايا.
  • فريق ماسة
  • 2017-05-17
  • 15272
  • من الأرشيف

دي ميستورا يبحث عن تقاطعات في جنيف الجيش يبادر مجدداً في ريف حلب والبادية

يصعّد الجيش هجومه على عدد من الجبهات ضد تنظيم «داعش»، محققاً تقدماً جنوب مطار الجراح في ريف حلب الشرقي، ومبادراً شرق مدينةتدمر على طريق السخنة. وبالتوازي، تكمل محادثات «جنيف» انعقادها وسط جهود أممية لتحييد المواضيع الخلافية عن هذه الجولة تتكثّف اجتماعات الجولة الجارية من محادثات جنيف، مدفوعة بزخم هدوء الجبهات الذي فرضه اتفاق «مناطق تخفيف التوتر» المقرّ في أستانا. وبدا لافتاً بعد ختام اليوم الثاني للمحادثات إبعاد الأمم المتحدة لتفاصيل النقاشات وآليات النقاش عن وسائل الإعلام قدر الإمكان، لتصبح المعلومات المتوافرة محصورة في جدول لقاءات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا مع الوفود السورية المشاركة. وبعد الحديث عن طرح دي ميستورا وثيقة تقترح تشكيل فريق من الناشطين في المجتمع المدني والتكنوقراط، يتمّ تكليفهم بتمهيد الطريق أمام إعداد دستور جديد للبلاد، أظهرت المعلومات الواردة من الجانب المعارض تحفظاً واضحاً على بعض مضامين تلك الوثيقة. وتنص الأخيرة على «آلية تشاورية» تعمل على صياغة «رؤى قانونية محددة، تضمن عدم وجود فراغ دستوري أو قانوني في أي وقت خلال عملية الانتقال السياسي الذي يتم التفاوض عليه». وتضم الآلية، وفق معلومات أوّلية، 4 إلى 6 أعضاء من «الهيئة» المعارضة، وعضواً من «منصة القاهرة» وآخر من «منصة موسكو»، في مقابل تشكيل الجانب الحكومي لمجموعة عمل مماثلة. وبينما لم تتحدث مصادر الوفد الحكومي عن ورقة مماثلة من الجانب الأممي، وفق ما يجري عادة، اقتصر رد فعل المعارضة الذي جاء على لسان المتحدث باسم «الهيئة» منذر ماخوس، على إبداء «تحفّظات كثيرة» حول الوثيقة، ليوضح الأخير أنها «لا تزال قيد النقاش»، وأنها «كانت مفاجئة، ولم تكن مبرمجة أصلاً». طلبت المعارضة تعديلات على «آلية» دي ميستورا الخاصة بالدستور النزوع الأممي إلى التركيز على «سلة الدستور» في موازاة بحث ملف المعتقلين والمختطفين، يعتبر مؤشراً واضحاً على أن دي ميستورا يراهن على تراكم مفاعيل اتفاق أستانا الأخير، من دون المخاطرة بـ«إنجازات» الجولة الماضية في جنيف، في حال أعيد طرح مواضيع خلافية كسلّتي «الإرهاب» و«الحوكمة». وهو ما يتماشى مع نهج المبعوث الأممي الذي يريد الحفاظ على استمرارية مسار المحادثات في جنيف، ومنع تهميشها على حساب أستانا، إلى حين وجود «توافق» دولي حول حلّ سوريّ يُخرج تحت عباءة الأمم المتحدة. ونقلت أوساط معارضة في وقت مبكر من أمس، أن مكتب دي ميستورا سيقوم بإيفاد لجنة خبراء «لنقاش وشرح» الوثيقة للجانب المعارض، لحلحلة التحفظات التي وردت من جانبه. ورغم أن مضمون عمل اللجنة المقترحة ينصبّ ضمن إطار القرارات الأممية، فإن تحفظ المعارضة يعكس توجّساً من تهميش مطالبها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، من جهة، ولكون البحث في دستور جديد للبلاد كان مقترحاً روسياً على مدى الأشهر الماضية، من جهة ثانية. غير أن مصادر معارضة قالت أمس إنها ستقترح تعديلات على تلك الورقة، كشرط لاعتمادها. وبالتوازي مع الاجتماعات التي عقدها أمس المبعوث الأممي مع الوفود السورية، التقى أيضاً نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، الموجود في جنيف. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن «الجانبين تبادلا وجهات النظر حول عملية وآفاق التسوية السياسية»، مضيفة أنه «تم التشديد على ضرورة بذل مزيد من الجهود من جانب جميع اللاعبين الرئيسيين، لوقف التصعيد على الأرض وتعزيز وصول المساعدات الإنسانية». وإلى جانب الجهود الروسية المبذولة في جنيف، قالت وزارة الخارجية إنها ستعمل بشكل مكثف مع الدول الإقليمية المعنية بالملف السوري لتعزيز وقف إطلاق النار. ونقلت وكالة «تاس» عن نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، قوله إن «هناك حاجة لجهود شركائنا الأتراك والشركاء من دول الخليج... وقريباً سنجري اتصالات مهمة على مختلف المستويات» في هذا الشأن. وشدد على أن بلاده تبحث تبنّي مذكرة أستانا في قرار دولي صادر عن مجلس الأمن. ورغم انخفاض سقف التوقعات لنتائج هذه الجولة من جنيف، يستمرّ الهدوء على معظم الجبهات في الميدان، باستثناء ما شهدته أحياء مدينة درعا من اشتباكات متقطعة أمس، ترافقت مع قصف متبادل طال حي المنشية وعدداً من أحياء درعا البلد. وفي المقابل، يستمر التصعيد على الجبهات المشتركة مع تنظيم «داعش»، مع مبادرة الجيش إلى الهجوم على عدد من المحاور، من ريف حلب حتى البادية. حيث شهدت مناطق ريف حلب الشرقي اشتباكات عنيفة بين الجيش والتنظيم، خلال محاولة الجيش التقدم في سهل مسكنة، جنوب مطار الجراح العسكري. وتمكن الجيش خلالها من تحقيق تقدم لافت، فارضاً سيطرته على قرى جب علي والنافعية وتل حسن إلى جانب تقدمه في بلدات دروبية كبيرة ومزيونة الحمر. كذلك شهد شرق مدينة تدمر تجدداً للمعارك في محيط حقل آراك للغاز، الواقع على طريق السخنة، التي تعدّ الطريق الأقرب للجيش إلى ريف دير الزور انطلاقاً من مناطق البادية في سوريا. وكان هذا المحور قد شهد تصعيداً حين تمدد الجيش لتوسيع أمان مدينة تدمر، قبل أن يعود ليهدأ على وقع العمليات في محيط الحقول النفطية والغازية جنوب غرب تدمر. إلى ذلك، نفى مصدر عسكري أردني الأنباء التي تحدثت عن وقوع انفجار في مخيم الرقبان على الحدود السورية ــ الأردنية. وكانت مصادر معارضة قد أفادت بانفجار قنبلة في سيارة داخل المخيم بعد يومين على تفجيرين هزّا منطقة السوق، وتسبّبا في وقوع عدد من الضحايا.

المصدر : الماسة السورية/ الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة