تقصدت واشنطن استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برسالة تحذير مبطنة من مغبة التحرك بشكل منفرد في شمال سورية، معلنةً عزمها تزويد مسلحي مليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية بأسلحة مضادة للدبابات.
 ووصل أردوغان إلى البيت الأبيض وفي نيته عقد صفقة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب تعطي السياسة التركية الخارجية فرصة كي تلتقط أنفاسها وسط التحديات الكبيرة التي تشهدها، وتوسع من ساحة مناورتها الإقليمية.
هكذا أصر أردوغان على أن يحافظ على الأجواء الحسنة مع ترامب رغماً عن الصفعات التي تلقاها من الأخير، وبالأخص قراره تسليح «حماية الشعب» خلال وجود وفد تركي رفيع المستوى في واشنطن.
ويبدو أن أردوغان المدرك لحقيقة أن إدارة ترامب قد تم الاستيلاء عليها من قبل الجنرالات، المصرين على التحالف مع وحدات حماية الشعب، لا يزال يمني النفس بإمكانية إرساء تفاهمات مع نظيره الأميركي يتجاوز بها وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» وخططها لخلق عازل إقليمي يكون تحت سيطرة واشنطن الكاملة ويحد من الطموحات الإقليمية لكل من الأتراك والإيرانيين.
ولا يغفل أردوغان عن أن إدارة ترامب لا يزال لديها كامل الأربع السنوات وأن مواجهتها في أوج عنفوانها مسألة محفوفة بالمخاطر، وهو بلا شك يتعلم من تجربة نظيره الروسي فلاديمير بوتين والصيني تشي جيبينغ اللذين فضلا الحوار مع واشنطن على المواجهة على الأقل في المرحلة الراهنة.
وعبر مسؤولون أتراك عما يخطط له أردوغان، إذ هددوا الولايات المتحدة بالعمل بشكل منفرد من أجل اجتثاث الإرهاب «في إشارة إلى حماية الشعب» من جذوره ما لم تقدم إدارة ترامب ضمانات «كافية ومراعية للحساسية التركية»، ما يوحي أن الضمانات يجب أن تكون «ملموسة». وبالفعل تعتزم واشنطن تقديم تل رفعت كضمانة لتركيا، لكن الأتراك يطالبون أيضاً بمنبج وتل أبيض وعين العرب.
ومن المفترض أن يكون ترامب قد عقد مع نظيره التركي مؤتمراً صحفياً مشتركاً، عقب لقائهما لتسوية الأزمات في العلاقات الثنائية.
واستبق رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم لقاء ترامب أردوغان بالإشارة إلى أن بلاده لا تميّز بين تنظيم إرهابي وآخر، وقال: «سواء أكان تنظيم «حزب العمال الكردستاني» «بي. كي. كي» أم حزب الاتحاد الديمقراطي أم تنظيم داعش، فلا يهم، فجميعها تنظيمات إرهابية بالنسبة إلينا، ولا يمثلون سوى آلة الموت». وشدد على أن بلاده لن «تقبل بالتعاون المشترك بين أميركا وتنظيم إرهابي بحجّة محاربة تنظيم إرهابي آخر».
وأكّد يلدريم أن ما ستقوم به بلاده واضح وبيّن، في حال لم تقدّم الضمانات الكافية والمراعية للحساسية التركية تجاه هذا الأمر، وأضاف مهدداً: «إننا عازمون على اجتثاث الإرهاب من جذوره».
وفي وقت سابق، أعلن مسؤولون أميركيون أن واشنطن تستعد لتزويد ميليشيا «حماية الشعب» بصواريخ مضادة للدبابات، وهي خطوة سترفع مستوى تسليح الميليشيا في معاركها ضد تنظيم داعش، لكنها ستلقي بظلالها على لقاء ترامب أردوغان.
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «جيف ديفيس» أن بلاده تعتزم «تزويد المقاتلين الأكراد بأسلحة مضادة للدبابات»، لكنه لم يعط تفاصيل إضافية.
وفي الأسبوع الماضي، وقع ترامب على خطط لتسليح ميليشيا «وحدات الحماية»، لمساعدة الميليشيا على تسريع عملية طرد تنظيم «داعش» من الرقة.
وعلق مسؤول تركي على قرار تسليح وحدات حماية الشعب بمضادات دروع، قائلاً: «إنه يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لنا».
وليس ذلك فحسب، بل يستعد ترمب خلال زيارته إلى العاصمة السعودية الرياض للإعلان عن تشكيل ما سماه «ناتو عربي إسلامي »، وهو ما من شأنه أن يكون خطوة إضافية في طريق استقلال واشنطن عن حليفتها تركيا.
في غضون ذلك، تصاعد التوتر الألماني التركي، إذ أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن بلادها تبحث عن بدائل لقاعدة إنجيرليك الجوية التركية، من أجل نقل الجنود الألمان العاملين فيها.
وبذلك تكون ميركل قد كسرت إحدى الأنماط الشائعة عن متانة العلاقات التركية الغربية. ومن شأن هذا الإعلان أن يقلص من خيارات أنقرة الإستراتيجية، ويضعف أردوغان أمام ترامب.
وليس ذلك فحسب بل إن الجنرالات الأميركيين المتحفزين ضد تركيا وحكم أردوغان، والذين تتهمهم أوساط عديدة بالوقوف وراء الانقلاب على الرئيس التركي الصيف الماضي، سينظرون إلى التهديد الألماني بكثير من الرضا. وبالفعل اجتهد الأميركيين في بناء وتأسيس قواعد عسكرية في المنطقة (سورية – العراق) علها تمكنهم من الاستغناء عن الابتزاز التركي.
وأشارت ميركل في كلمة أمام أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلى وجود دراسة حول الاستعانة بالأردن بدلاً عن قاعدة إنجيرليك الموجودة في ولاية أضنة جنوب تركيا. وفي تعليقها على رفض السلطات التركية السماح لعدد من النواب البرلمانيين الألمان، زيارة القاعدة واللقاء مع الجنود الألمان العاملين فيها، قالت ميركل: إن الموقف التركي هذا غير سار.
وأضافت ميركل: إن سلطات بلادها ستتابع التباحث مع الجهات التركية لإنهاء هذه المشكلة والسماح للنواب الألمان بزيارة جنود بلادهم في القاعدة المذكورة.

  • فريق ماسة
  • 2017-05-16
  • 14983
  • من الأرشيف

ترامب يستقبل أردوغان بصفعة جديدة

 تقصدت واشنطن استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برسالة تحذير مبطنة من مغبة التحرك بشكل منفرد في شمال سورية، معلنةً عزمها تزويد مسلحي مليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية بأسلحة مضادة للدبابات.  ووصل أردوغان إلى البيت الأبيض وفي نيته عقد صفقة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب تعطي السياسة التركية الخارجية فرصة كي تلتقط أنفاسها وسط التحديات الكبيرة التي تشهدها، وتوسع من ساحة مناورتها الإقليمية. هكذا أصر أردوغان على أن يحافظ على الأجواء الحسنة مع ترامب رغماً عن الصفعات التي تلقاها من الأخير، وبالأخص قراره تسليح «حماية الشعب» خلال وجود وفد تركي رفيع المستوى في واشنطن. ويبدو أن أردوغان المدرك لحقيقة أن إدارة ترامب قد تم الاستيلاء عليها من قبل الجنرالات، المصرين على التحالف مع وحدات حماية الشعب، لا يزال يمني النفس بإمكانية إرساء تفاهمات مع نظيره الأميركي يتجاوز بها وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» وخططها لخلق عازل إقليمي يكون تحت سيطرة واشنطن الكاملة ويحد من الطموحات الإقليمية لكل من الأتراك والإيرانيين. ولا يغفل أردوغان عن أن إدارة ترامب لا يزال لديها كامل الأربع السنوات وأن مواجهتها في أوج عنفوانها مسألة محفوفة بالمخاطر، وهو بلا شك يتعلم من تجربة نظيره الروسي فلاديمير بوتين والصيني تشي جيبينغ اللذين فضلا الحوار مع واشنطن على المواجهة على الأقل في المرحلة الراهنة. وعبر مسؤولون أتراك عما يخطط له أردوغان، إذ هددوا الولايات المتحدة بالعمل بشكل منفرد من أجل اجتثاث الإرهاب «في إشارة إلى حماية الشعب» من جذوره ما لم تقدم إدارة ترامب ضمانات «كافية ومراعية للحساسية التركية»، ما يوحي أن الضمانات يجب أن تكون «ملموسة». وبالفعل تعتزم واشنطن تقديم تل رفعت كضمانة لتركيا، لكن الأتراك يطالبون أيضاً بمنبج وتل أبيض وعين العرب. ومن المفترض أن يكون ترامب قد عقد مع نظيره التركي مؤتمراً صحفياً مشتركاً، عقب لقائهما لتسوية الأزمات في العلاقات الثنائية. واستبق رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم لقاء ترامب أردوغان بالإشارة إلى أن بلاده لا تميّز بين تنظيم إرهابي وآخر، وقال: «سواء أكان تنظيم «حزب العمال الكردستاني» «بي. كي. كي» أم حزب الاتحاد الديمقراطي أم تنظيم داعش، فلا يهم، فجميعها تنظيمات إرهابية بالنسبة إلينا، ولا يمثلون سوى آلة الموت». وشدد على أن بلاده لن «تقبل بالتعاون المشترك بين أميركا وتنظيم إرهابي بحجّة محاربة تنظيم إرهابي آخر». وأكّد يلدريم أن ما ستقوم به بلاده واضح وبيّن، في حال لم تقدّم الضمانات الكافية والمراعية للحساسية التركية تجاه هذا الأمر، وأضاف مهدداً: «إننا عازمون على اجتثاث الإرهاب من جذوره». وفي وقت سابق، أعلن مسؤولون أميركيون أن واشنطن تستعد لتزويد ميليشيا «حماية الشعب» بصواريخ مضادة للدبابات، وهي خطوة سترفع مستوى تسليح الميليشيا في معاركها ضد تنظيم داعش، لكنها ستلقي بظلالها على لقاء ترامب أردوغان. وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «جيف ديفيس» أن بلاده تعتزم «تزويد المقاتلين الأكراد بأسلحة مضادة للدبابات»، لكنه لم يعط تفاصيل إضافية. وفي الأسبوع الماضي، وقع ترامب على خطط لتسليح ميليشيا «وحدات الحماية»، لمساعدة الميليشيا على تسريع عملية طرد تنظيم «داعش» من الرقة. وعلق مسؤول تركي على قرار تسليح وحدات حماية الشعب بمضادات دروع، قائلاً: «إنه يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لنا». وليس ذلك فحسب، بل يستعد ترمب خلال زيارته إلى العاصمة السعودية الرياض للإعلان عن تشكيل ما سماه «ناتو عربي إسلامي »، وهو ما من شأنه أن يكون خطوة إضافية في طريق استقلال واشنطن عن حليفتها تركيا. في غضون ذلك، تصاعد التوتر الألماني التركي، إذ أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن بلادها تبحث عن بدائل لقاعدة إنجيرليك الجوية التركية، من أجل نقل الجنود الألمان العاملين فيها. وبذلك تكون ميركل قد كسرت إحدى الأنماط الشائعة عن متانة العلاقات التركية الغربية. ومن شأن هذا الإعلان أن يقلص من خيارات أنقرة الإستراتيجية، ويضعف أردوغان أمام ترامب. وليس ذلك فحسب بل إن الجنرالات الأميركيين المتحفزين ضد تركيا وحكم أردوغان، والذين تتهمهم أوساط عديدة بالوقوف وراء الانقلاب على الرئيس التركي الصيف الماضي، سينظرون إلى التهديد الألماني بكثير من الرضا. وبالفعل اجتهد الأميركيين في بناء وتأسيس قواعد عسكرية في المنطقة (سورية – العراق) علها تمكنهم من الاستغناء عن الابتزاز التركي. وأشارت ميركل في كلمة أمام أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلى وجود دراسة حول الاستعانة بالأردن بدلاً عن قاعدة إنجيرليك الموجودة في ولاية أضنة جنوب تركيا. وفي تعليقها على رفض السلطات التركية السماح لعدد من النواب البرلمانيين الألمان، زيارة القاعدة واللقاء مع الجنود الألمان العاملين فيها، قالت ميركل: إن الموقف التركي هذا غير سار. وأضافت ميركل: إن سلطات بلادها ستتابع التباحث مع الجهات التركية لإنهاء هذه المشكلة والسماح للنواب الألمان بزيارة جنود بلادهم في القاعدة المذكورة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة