تحية عربية :

أيها الرفاق

لا أعلم هل ستصل رسالتي إليكم أولاً ؟ و لكني تعلمت أن أقوم بواجبي برغم كل شيء فأنا رفيق عامل منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً ، و لقد عودت نفسي على مبدأ "قل كلمتك و امضي" فليس هناك أهم من الكلمة في زمن ظن فيه كثيرون أن قيادة المسيرة تعفيهم من إبداء المشورة و الرأي فظلموا أنفسهم و ظلمهم الحزب بعدم تنبيههم لهذا الخطأ الجسيم الذي نعاني منه الكثير .

بما أنكم قررتم "الانعقاد" أخيراً و بعد كل هذا الموج العاصف التآمري على القومية العربية و قلبها "سورية" و بعد كل أخطائنا الحزبية التي تمثلت أولاً في جعل الاجتماع الحزبي فاقدا لقيمته عبر تدريب الرفاق على الاستماع فقط ، و بعد أن سمحت القيادة القومية عبر أربعة عقود بتسمين الحزب كماً ! و كأننا في مباراة عددية ظهر كم أنها مضرة للدولة و الحزب .

و بما أن اجتماعكم هو الكفيل التنظيمي بتغيير النظام الداخلي للحزب فإن الرأي بداية هو أن يقوم المؤتمر بتعديل النظام الداخلي أولاً فيما يتعلق بالاجتماع الحزبي .. و لنتساءل ماذا لو قرر المؤتمر رفع السرية عن الاجتماع الحزبي ؟ أين المشكلة في أن يعرف كل الناس كيف يفكر البعثيون ؟ و كيف يناقشون أمورهم ؟ فلقد بات من الماضي بعد كل هذا التطور الإبقاء على النقاش السياسي طي الكتمان فهذا حزب سياسي و ليس شيئاً آخر ! إذن لنجعل الاجتماع مفتوحا لمن يود حضوره ضيفاً ومراقبا من غير البعثيين ، و ليبقى النقاش التقريري فيه للبعثيين فقط و يمكن للحزبيين عند الضرورة طلب مغادرة الحضور من غير الحزبيين .. وهنا يجب أن يستثنى من هذا الأمر اجتماعات القيادات و الاجتماعات ذات الطبيعة الانتخابية و الاجتماعات الخاصة طبعاً التي ترى القيادة القطرية ضرورة سريتها ، فالاجتماع الحزبي المفتوح و حتى الذي يمكن أن ينعقد عبر الشبكة العنكبوتية و في المراكز الثقافية و المنتديات هو الدرب و الطريق الذي يمكن من خلاله زيادة أنصار البعث أو مؤيديه في الوطن العربي و العالم .

و لقد كان لرفاقنا المؤسسين ظروفهم المختلفة عن ظروفنا في القرن الماضي عندما أصروا على سرية الاجتماع و لكن هذا كان أحد أسباب ضعف التنظيم .

و بالنسبة للسبب الموجع في التنظيم السوري و هو "القبول الكمي" للحزبيين هو الأمر الواجب حسمه و الانتهاء منه قبل أي أمر آخر فلابد من الانتهاء منه و جعل الانتساب حصرياً بأؤلئك القادرين على تحمل أعباء العمل الحزبي و التمتع بالمناقبية الحزبية و الوطنية .

كما أنه من الممكن تقليد تجربة الحزب الشيوعي الصيني في فكرة المنابر الحزبية لإعادة الحياة الحقيقية إلى داخل الحزب و ذلك عبر خلق منبر اشتراكي و منبر مناصري السوق الاجتماعية و حصر هذا الأمر بالقضية الاقتصادية ، و مع أنني أعرف أن "أنور السادات" قد جرب الفكرة في حزبه يوما و هذا جعلني أتردد في طرحها إلا أنني لا أجد طريقة أفضل للشفافية مع القواعد الحزبية في الإقرار بأننا لم نعد نعرف في حزبنا اقتصاديا هل الحزب في اليسار أو اليمين أو الوسط و صرنا نشبه طفلا يتدرب على معرفة الجهات عبر رفع يده اليمنى عندما يقال له "أين يدك اليسار؟ " و اليسرى عندما يقال له "أين يدك اليمين؟ " .. و هذا مرده لانتقال الكثيرين في الحزب من شرائح اجتماعية اقتصادية إلى شرائح أخرى و لهذا الأمر انعكاسات جدية على الحال الحزبي الداخلي فيما يتعلق بالانسجام الحزبي و قرن الأقوال بالأفعال.

نحن نمر بمرحلة إنعطافية في تاريخنا و كلنا يعرف ذلك و لكن الأمل يبقى معقودا على الأحزاب التقدمية لكي تأخذ دورها في حياة الناس و تحل في الضمائر و الأذهان محل الموجة الرجعية التي هبت على منطقتنا و أرادت منها قوى الاستعمار أن تكون حصانها في تدمير المنطقة ، و كانت سورية هي السد المنيع الذي أفشل هذا المخطط العالمي و لابد أن يترافق هذا الأمر مع نظرة مستقبلية لدور الأحزاب التقدمية في قبول التحدي على أساس مبدأ المناصرة الجماهيرية و هذا يتطلب جهدا عظيما نؤسس فيه لمنابرية حزبية حقيقية ضمن حزبنا تنتج للمجتمعات العربية كوادر قادرة و حقيقية تتميز بالقدرة على استقطاب الجماهير و بدون صحوة حزبية داخلية تشبه التدريب الرياضي قبل خوض السباقات الرياضية لن نستطيع الوصول إلى هذا الهدف ، أي أن الرفاق الذين يعمدهم حزبهم في داخله بالقدرة على الإقناع و التنافس الحزبي المفتوح و قبول الآراء بالتكامل و ليس بضرورة التماثل ، هؤلاء الرفاق سوف يستطيعون في المستقبل التصدي لاستحقاقات المرحلة القادمة ، و إلا سوف نبقي المنابر لرجال الدين الذين أثبتوا مقدرات منابرية ذات كفاءة (مدمرة) للمجتمعات العربية في ظل غيابنا المنابري ، فالمساجد وحدها في مجتمعاتنا كانت تدرب قادة الرأي بينما كنا نمارس دور الإرسال و التلقي .

أرجو لمؤتمر الحزب النجاح و لوطننا السلام .

و الخلود لرسالتنا

  • فريق ماسة
  • 2017-05-10
  • 10605
  • من الأرشيف

رسالة إلى المؤتمر القومي لحزب البعث العربي الاشتراكي.. عودة المنابر الحزبية والانتهاء من القبول الكمي

تحية عربية : أيها الرفاق لا أعلم هل ستصل رسالتي إليكم أولاً ؟ و لكني تعلمت أن أقوم بواجبي برغم كل شيء فأنا رفيق عامل منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً ، و لقد عودت نفسي على مبدأ "قل كلمتك و امضي" فليس هناك أهم من الكلمة في زمن ظن فيه كثيرون أن قيادة المسيرة تعفيهم من إبداء المشورة و الرأي فظلموا أنفسهم و ظلمهم الحزب بعدم تنبيههم لهذا الخطأ الجسيم الذي نعاني منه الكثير . بما أنكم قررتم "الانعقاد" أخيراً و بعد كل هذا الموج العاصف التآمري على القومية العربية و قلبها "سورية" و بعد كل أخطائنا الحزبية التي تمثلت أولاً في جعل الاجتماع الحزبي فاقدا لقيمته عبر تدريب الرفاق على الاستماع فقط ، و بعد أن سمحت القيادة القومية عبر أربعة عقود بتسمين الحزب كماً ! و كأننا في مباراة عددية ظهر كم أنها مضرة للدولة و الحزب . و بما أن اجتماعكم هو الكفيل التنظيمي بتغيير النظام الداخلي للحزب فإن الرأي بداية هو أن يقوم المؤتمر بتعديل النظام الداخلي أولاً فيما يتعلق بالاجتماع الحزبي .. و لنتساءل ماذا لو قرر المؤتمر رفع السرية عن الاجتماع الحزبي ؟ أين المشكلة في أن يعرف كل الناس كيف يفكر البعثيون ؟ و كيف يناقشون أمورهم ؟ فلقد بات من الماضي بعد كل هذا التطور الإبقاء على النقاش السياسي طي الكتمان فهذا حزب سياسي و ليس شيئاً آخر ! إذن لنجعل الاجتماع مفتوحا لمن يود حضوره ضيفاً ومراقبا من غير البعثيين ، و ليبقى النقاش التقريري فيه للبعثيين فقط و يمكن للحزبيين عند الضرورة طلب مغادرة الحضور من غير الحزبيين .. وهنا يجب أن يستثنى من هذا الأمر اجتماعات القيادات و الاجتماعات ذات الطبيعة الانتخابية و الاجتماعات الخاصة طبعاً التي ترى القيادة القطرية ضرورة سريتها ، فالاجتماع الحزبي المفتوح و حتى الذي يمكن أن ينعقد عبر الشبكة العنكبوتية و في المراكز الثقافية و المنتديات هو الدرب و الطريق الذي يمكن من خلاله زيادة أنصار البعث أو مؤيديه في الوطن العربي و العالم . و لقد كان لرفاقنا المؤسسين ظروفهم المختلفة عن ظروفنا في القرن الماضي عندما أصروا على سرية الاجتماع و لكن هذا كان أحد أسباب ضعف التنظيم . و بالنسبة للسبب الموجع في التنظيم السوري و هو "القبول الكمي" للحزبيين هو الأمر الواجب حسمه و الانتهاء منه قبل أي أمر آخر فلابد من الانتهاء منه و جعل الانتساب حصرياً بأؤلئك القادرين على تحمل أعباء العمل الحزبي و التمتع بالمناقبية الحزبية و الوطنية . كما أنه من الممكن تقليد تجربة الحزب الشيوعي الصيني في فكرة المنابر الحزبية لإعادة الحياة الحقيقية إلى داخل الحزب و ذلك عبر خلق منبر اشتراكي و منبر مناصري السوق الاجتماعية و حصر هذا الأمر بالقضية الاقتصادية ، و مع أنني أعرف أن "أنور السادات" قد جرب الفكرة في حزبه يوما و هذا جعلني أتردد في طرحها إلا أنني لا أجد طريقة أفضل للشفافية مع القواعد الحزبية في الإقرار بأننا لم نعد نعرف في حزبنا اقتصاديا هل الحزب في اليسار أو اليمين أو الوسط و صرنا نشبه طفلا يتدرب على معرفة الجهات عبر رفع يده اليمنى عندما يقال له "أين يدك اليسار؟ " و اليسرى عندما يقال له "أين يدك اليمين؟ " .. و هذا مرده لانتقال الكثيرين في الحزب من شرائح اجتماعية اقتصادية إلى شرائح أخرى و لهذا الأمر انعكاسات جدية على الحال الحزبي الداخلي فيما يتعلق بالانسجام الحزبي و قرن الأقوال بالأفعال. نحن نمر بمرحلة إنعطافية في تاريخنا و كلنا يعرف ذلك و لكن الأمل يبقى معقودا على الأحزاب التقدمية لكي تأخذ دورها في حياة الناس و تحل في الضمائر و الأذهان محل الموجة الرجعية التي هبت على منطقتنا و أرادت منها قوى الاستعمار أن تكون حصانها في تدمير المنطقة ، و كانت سورية هي السد المنيع الذي أفشل هذا المخطط العالمي و لابد أن يترافق هذا الأمر مع نظرة مستقبلية لدور الأحزاب التقدمية في قبول التحدي على أساس مبدأ المناصرة الجماهيرية و هذا يتطلب جهدا عظيما نؤسس فيه لمنابرية حزبية حقيقية ضمن حزبنا تنتج للمجتمعات العربية كوادر قادرة و حقيقية تتميز بالقدرة على استقطاب الجماهير و بدون صحوة حزبية داخلية تشبه التدريب الرياضي قبل خوض السباقات الرياضية لن نستطيع الوصول إلى هذا الهدف ، أي أن الرفاق الذين يعمدهم حزبهم في داخله بالقدرة على الإقناع و التنافس الحزبي المفتوح و قبول الآراء بالتكامل و ليس بضرورة التماثل ، هؤلاء الرفاق سوف يستطيعون في المستقبل التصدي لاستحقاقات المرحلة القادمة ، و إلا سوف نبقي المنابر لرجال الدين الذين أثبتوا مقدرات منابرية ذات كفاءة (مدمرة) للمجتمعات العربية في ظل غيابنا المنابري ، فالمساجد وحدها في مجتمعاتنا كانت تدرب قادة الرأي بينما كنا نمارس دور الإرسال و التلقي . أرجو لمؤتمر الحزب النجاح و لوطننا السلام . و الخلود لرسالتنا

المصدر : الماسة السورية/محمد عبدالله الأحمد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة