دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
إثر عملية التفاوض الأخيرة في أواخر أذار/ مارس 2017 بشأن بلدات “الفوعة، كفريا، مضايا والزبداني” اتجهت الأنظار إلى هذا الحدث الهام للوقوف على مجرياته.
ساد الترقب الحذر جميع الاطراف، عملية نقل سلسة تارةً، وعرقلة من قبل المسلحين تارة اخرى، تكشف مدى تمسكهم بالمنطقة وعِلمهم المسبق بأن الآتي أعظم، فالمعادلة الجديدة التي دفعت المسلحين للانسحاب من مناطقهم وأدخلتهم في حكم “شريعة الغاب” الذي يحكم الشمال السوري حيث وجهتهم، عزز حدة الخلافات الكبيرة بين المسلحين ومسؤوليهم في ظل عملية التفاوض والذي ترجم عبر بث تسجيلات صوتية من قبل مسلحين مجهولين يتوعدون باستهداف قوافل الحافلات التي تقل أهالي الفوعة وكفريا لافشال عملية التفاوض.
التهديد الذي نُشر صوتياً ترجم في منطقة الراشدين غرب حلب عبر تفجير سيارة مفخخة في تجمع لحافلات تقل أهالي الفوعة وكفريا كان من المقرر دخولها حلب، الا ان الضبط النفسي الكبير الذي مارسته الحكومة السورية والحلفاء حيال هذا التصرف حال دون فشل المفاوضات ليتم استكماله لاحقاً وهنا يأتي السؤال:
ما هي أهمية المنطقة التي خرج منها المسلحون من شمال غرب دمشق؟
تتصدر الخاصرة الشمالية الغربية للعاصمة دمشق قائمة المناطق السياحية في سوريا وموقعها الجغرافي وتشمل مناطق “الزبداني، مضايا، بقين، سرغايا وقرى وادي بردى” وتمثل هذه المنطقة المرتفعة الخزان المائي للعاصمة السورية، ومنفذها السياحي.
بدأ الظهور المسلح فيها بداية شهر فبراير شباط من العام 2012 ومع مرور الأيام تضاعف أعداد المسلحين المنتمين أغلبهم لما يسمى “الجيش الحر” الذي بدأ بدوره بنشر الفوضى ومهاجمة نقاط الجيش السوري القريبة من المنطقة، وسط دخول مسلحين أجانب عبر الحدود اللبنانية بحجة دعم مسلحي الحر، ليتم لاحقاً تشكيل مجلس عسكري موحد يضم فصائل عدة أبرزها، حركة أحرار الشام، جبهة النصرة، لواء أبدال الشام، صقور بردى وعدة فصائل أخرى من الجيش الحر في ذلك الحين وكل ذلك حصل بتخطيط ودعم من الدول الراعية المعروفة التي اقنعت تلك الفصائل بحسم المعركة الكبرى لصالحهم في تلك البقعة وتأثيرها على قلب العاصمة والطريق الدولي والحدود اللبنانية وخلط الاوراق من خلالها حتى بالداخل اللبناني وبعد نقض عشرات الاتفاقات والهدن والتسويات التي حرص الجانب السوري الشرعي على المضي بها كانت العمليات العسكرية للجيش السوري وحلفاؤه من المقاومة لوقف تمدد هذه المجموعات الارهابية الى مناطق اخرى وكف اجرامها بحق القرى المحيطة للمنطقة وبحق مدينة دمشق بالدرجة الاولى بعد قطع المسلحين المياه عن 6 مليون مواطن في العاصمة وارتكابها هجمات يومية قتل وذبح بحق الجنود السوريين وبحق عشرات المواطنين وقد احرز الجيش السوري والمقاومة انتصارات وتقدم ميداني على عدة مراحل وتم الاطباق على تلك المجموعات مؤخرا حتى جاءت معادلة الفوعة كفريا مضايا الزبداني .
وبعد ابرام الاتفاق الشامل الاول الذي يقضي بخروج 80000 مواطن من الفوعة وكفريا مقابل خروج كل المجموعات الارهابية من منطقة الزبداني مضايا الى ادلب والذي تراوح عددهم 3800 مقاتل مع عائلاتهم تم خروج الدفعة الاولى منهم مضايا وبقين 2350 مقابل 5000 من الفوعة وكفريا الذين تعرضوا لهجوم انتحاري غادر سقط فية اكثر من 100 شهيد و200 جريح، ضمنهم 73 طفل شهيد لم يرف لهم جفن المنظمات والمحافل الدولية وروساء الدول الكبرى والجامعة العربية.
ومع صباح يوم الاربعاء عاد اتفاق البلدات الاربع من جديد الى وجهته وواجهة الحدث بعد خروج 45 حافلة تقل 3000 من أهالي بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ريف ادلب الشمالي مقابل خروج 11 حافلة من الزبداني وسرغايا والجبل الشرقي تقل جميع المسلحين وعائلاتهم والذي تراوح عدد ال 500 شخص وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الفوعة كفريا-والزبداني مضايا بين السلطات السورية والمجموعات المسلحة حيث قام مسلحو الزبداني بإحراق مقراتهم وتفجير بعض الذخائر واحراق آليات عسكرية ومدنية ليتم بعدها إعلان منطقة مضايا، الزبداني، بقين، سرغايا، بلودان والجبل الشرقي آمنة بشكل كامل وخالية من المسلحين بمساحة تقدر بحدود الـ 50 كلم مربع.
وبهذا الخروج للمسلحين الذين اغلبهم من جنسيات أجنبية يتكشف أهم اسرار الهجمات الاعلامية المفبركة واهمها “حملة تجويع مضايا” والتي وصلت إلى المحافل الدولية وقتها، وهنا يكفي الوقوف عند استصراحات المدنيين من ابناء مضايا الذين قالوا ان المسلحين هم من كان يحتجز قوافل التموين في عشرات المخازن ويتم بيعها بأسعار باهظة للمواطنين، عدا عن الصور المفبركة التي قالوا عنها انهم لم يشاهدوها الا في حملات الجهات الاعلامية المغرضة، والموضوع الاخر الذي بانت حقيقته أيضاً هو اللعب على التغيير الديموغرافي للبلدات التي خرج منها المسلحون في ريف دمشق وهذا ما كشفته كاميرا الاعلام الحربي أيضاً عندما جالت في شوارع مضايا واظهرت مئات السكان الاصليين للبلدة وكذلك في كل قرى بردى وبقين وغيرها، واما كذبة حصار الاف المواطنين من نساء واطفال في الزبداني وتعرضهم للقصف والقتل اليومي وبث القنوات والحملات الاعلامية كشفته اعداد الخارجين من المربع الضيق فيه وهم 156 مقاتلاً ارهابياً من “حركة احرار الشام” و”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة) صعدوا بأربع حافلات ولم يكن هناك اي طفل او شيخ معهم.
ولطالما شكلت هذه المنطقة مدخلا للسلاح والمسلحين من لبنان إلى مناطق القلمون وغيرها بسبب قربها من لبنان بمسافة متفاوتة بين الـ 11 كم إلى 1 كم عند سرغايا. وتعتبر المنطقة الفاصلة بين لبنان ودمشق، وبالتالي منفذ دمشق إلى العالم في ظل الحرب الدائرة في الأراضي السورية، إضافةً إلى أن المنطقة تمتاز بتضاريس مميزة، وهي عبارة عن سلاسل جبلية مرتفعة تكشف كافة الطرقات المحيطة بها، فضلاً عن تأمين الحدود اللبنانية بالكامل من هذه المنطقة وإقفال معابر الامداد والتهريب مع لبنان إضافة الى تأمين ريف دمشق الغربي.
دخول الجيش السوري على المنطقة يلغي ايضا أية مخاطر مستقبلية للمجموعات الارهابية على خط بيروت دمشق وتسمح للجيش السوري بالقيام بعمليات عسكرية ناجحة في مناطق وجود المجموعات الارهابية في ريف دمشق، لإبعادها او محاصرتها او الحد من امكانية تحركها.
ان عودة هذه البقعة الجغرافية الاستراتيجية الى كنف الدولة السوري يعد تحولا نوعيا في الصراع القائم وفشلا لمشاريع الدول الراعية للمجموعات الارهابية وانتصارا كبيرا لتضحيات الجيش السوري وحلفاؤه .
المصدر :
الماسة السرية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة