رغم ادّعاء الدول الأوروبية عموماً، وألمانيا خصوصاً، أن سياستها تجاه اللاجئين عموماً، والسوريين خصوصاً، تستند إلى اعتبارات "إنسانية" لحماية هؤلاء من ويلات حروب الدول الأوروبية، وأمريكا هي أصلا من تحضّرها وتنشئها وتدعمها قدر ما تستطيع لتحقيق أهدافها الخاصة باستبدال كل الأنظمة التي لا تخضع لاستغلالها،

رغم هذا الادّعاء، تجدها تضطرّ أحياناً إلى كشف حقيقة أهدافها، أو بعض هذه الأهداف.

استخدام اللاجئين السوريين ورقة ضغط ضدّ الدولة السورية بدأ منذ أول لاجئ وصل أوروبا! وتحوّل مع الأيام إلى ورقة سياسية بامتياز، جرى استخدامها في كل المحافل الدولية لتصوير الجيش السوري على أنه "السبب" في فرار هؤلاء من ويلات الحرب.

وإذا كانت تركيا قد تميزت في محاولة استغلال هذا الأمر باتجاهين: إقامة منطقة عازلة في سورية شبيهة بالمنطقة التي أقامها الصهاينة في جنوب لبنان، وأزالها اللبنانيون جميعاً، وعلى رأسهم المقاومة الوطنية اللبنانية، وابتزاز أوروبا بورقة اللاجئين لتأمين بعض المطالب، مثل فتح مجال أمام المواطنين الأتراك،

فإن الدول الأوروبية لم تتوان عن تقديم الدلائل، بدءاً من بلجيكا التي بدت طائفيتها صارخة، بتقديم كل التسهيلات لإغراء السوريين المسيحيين (خاصة من حلب) كي يغادروا وطنهم إلى بلجيكا! وليس انتهاء بتصريحات "موغريني" عن أن اللاجئين يشكلون "فرصة نجاة" للأوروبيين من الغرق، نتيجة السياسة السكانية التي أدّت إلى تضخّم نسبة المسنّين، نسبة إلى الشباب.

ألمانيا اليوم تقدّم دليلاً جديداً في السياق ذاته.

ففي سياق موقع "صوت ألمانيا" لتفاصيل برنامج جديد أطلق مؤخراً يعنى باستقابل نحو 500 لاجئ سوري من تركيا شهرياً، عدّد الموقع بعض المعايير التي وصفها بأنها "هامة" لقبول اللاجئين.

وقال الموقع أن قابلية الاندماج والحاجة إلى الحماية هي من أهم المعايير.

وتابع:

"والدين والشهادات الجامعية والمعارف اللغوية"!

واضح القول بأفضلية أصحاب الشهادات الجامعية، فهؤلاء بالنسبة للغرب، وألمانيا ضمناً: سرقة صريحة لكفاءات بلد قدّم لهم التعليم المجاني، وشبه المجاني، على مدى أكثر من 15 عاماً! أي بتكاليف باهظة فيما لو كان "صاحب الشهادة" هذا قد تعلّم في ألمانيا نفسها!

لكن ما علاقة "الدين" بالمعايير؟!

لا يقدّم الموقع، ولا وكالة الأنباء الألمانية، ولا أية جهة شرحاً أو تفصيلاً بهذا الشأن! لكن الأمر لا يحتاج إلى شرح صادق أو كاذب.

فألمانيا كغيرها دأبت منذ بداية الأزمة على الحديث عن "اضطهاد الأقليات" الدينية في سورية. وهي تقصد المسيحيين حصراً. فغير المسيحيين من الفئات المصنّفة ضمن مصطلح "الأقليات" في سورية "آخرين" تعتبرهم الأنظمة الأوروبية "لا يستحقون الحماية" لأنهم رفضوا الانضمام إلى "الثورة"، كالعلويين والدروز والإسماعيليين.

قد لا يكون هذ الأمر جديداً بالنسبة للكثيرين. لكن حسناً أن يتفكّر اللاجئون أنفسهم في هذا الحال الذي تضعهم فيه تلك الدول "الإنسانية" التي لا تعدو إنسانيتها ستاراً لمحاولتها تقويض وطنهم ودولتهم.

 

  • فريق ماسة
  • 2017-02-12
  • 10826
  • من الأرشيف

"الدّين" أحد معايير قبول استقبال اللاجئين في ألمانيا!

رغم ادّعاء الدول الأوروبية عموماً، وألمانيا خصوصاً، أن سياستها تجاه اللاجئين عموماً، والسوريين خصوصاً، تستند إلى اعتبارات "إنسانية" لحماية هؤلاء من ويلات حروب الدول الأوروبية، وأمريكا هي أصلا من تحضّرها وتنشئها وتدعمها قدر ما تستطيع لتحقيق أهدافها الخاصة باستبدال كل الأنظمة التي لا تخضع لاستغلالها، رغم هذا الادّعاء، تجدها تضطرّ أحياناً إلى كشف حقيقة أهدافها، أو بعض هذه الأهداف. استخدام اللاجئين السوريين ورقة ضغط ضدّ الدولة السورية بدأ منذ أول لاجئ وصل أوروبا! وتحوّل مع الأيام إلى ورقة سياسية بامتياز، جرى استخدامها في كل المحافل الدولية لتصوير الجيش السوري على أنه "السبب" في فرار هؤلاء من ويلات الحرب. وإذا كانت تركيا قد تميزت في محاولة استغلال هذا الأمر باتجاهين: إقامة منطقة عازلة في سورية شبيهة بالمنطقة التي أقامها الصهاينة في جنوب لبنان، وأزالها اللبنانيون جميعاً، وعلى رأسهم المقاومة الوطنية اللبنانية، وابتزاز أوروبا بورقة اللاجئين لتأمين بعض المطالب، مثل فتح مجال أمام المواطنين الأتراك، فإن الدول الأوروبية لم تتوان عن تقديم الدلائل، بدءاً من بلجيكا التي بدت طائفيتها صارخة، بتقديم كل التسهيلات لإغراء السوريين المسيحيين (خاصة من حلب) كي يغادروا وطنهم إلى بلجيكا! وليس انتهاء بتصريحات "موغريني" عن أن اللاجئين يشكلون "فرصة نجاة" للأوروبيين من الغرق، نتيجة السياسة السكانية التي أدّت إلى تضخّم نسبة المسنّين، نسبة إلى الشباب. ألمانيا اليوم تقدّم دليلاً جديداً في السياق ذاته. ففي سياق موقع "صوت ألمانيا" لتفاصيل برنامج جديد أطلق مؤخراً يعنى باستقابل نحو 500 لاجئ سوري من تركيا شهرياً، عدّد الموقع بعض المعايير التي وصفها بأنها "هامة" لقبول اللاجئين. وقال الموقع أن قابلية الاندماج والحاجة إلى الحماية هي من أهم المعايير. وتابع: "والدين والشهادات الجامعية والمعارف اللغوية"! واضح القول بأفضلية أصحاب الشهادات الجامعية، فهؤلاء بالنسبة للغرب، وألمانيا ضمناً: سرقة صريحة لكفاءات بلد قدّم لهم التعليم المجاني، وشبه المجاني، على مدى أكثر من 15 عاماً! أي بتكاليف باهظة فيما لو كان "صاحب الشهادة" هذا قد تعلّم في ألمانيا نفسها! لكن ما علاقة "الدين" بالمعايير؟! لا يقدّم الموقع، ولا وكالة الأنباء الألمانية، ولا أية جهة شرحاً أو تفصيلاً بهذا الشأن! لكن الأمر لا يحتاج إلى شرح صادق أو كاذب. فألمانيا كغيرها دأبت منذ بداية الأزمة على الحديث عن "اضطهاد الأقليات" الدينية في سورية. وهي تقصد المسيحيين حصراً. فغير المسيحيين من الفئات المصنّفة ضمن مصطلح "الأقليات" في سورية "آخرين" تعتبرهم الأنظمة الأوروبية "لا يستحقون الحماية" لأنهم رفضوا الانضمام إلى "الثورة"، كالعلويين والدروز والإسماعيليين. قد لا يكون هذ الأمر جديداً بالنسبة للكثيرين. لكن حسناً أن يتفكّر اللاجئون أنفسهم في هذا الحال الذي تضعهم فيه تلك الدول "الإنسانية" التي لا تعدو إنسانيتها ستاراً لمحاولتها تقويض وطنهم ودولتهم.  

المصدر : الماسة السورية/ وكالة أنباء آسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة