قبل وصوله الى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية و خلال معركته الانتخابية اطلق دونالد ترامب مواقف و وعودا تحت عنوان «الامن لأميركا» و «الامن القومي الأميركي اولاً» ،

 

و منذ الاسبوع الأول من ولايته بدأ بتنفيذ بعض من وعوده متخذا قرارات اثارت الجدل و الاعتراض في الداخل، و الرفض و الإدانة في الخارج، من فئات و مواقع و دول ليست بالحجم البسيط ، و لعل من اخطر ما جاء في قرارات ترامب هو ما يتصل بإيران و سورية و اليمن من مواقف و اعلان نوايا او أوامر تنفيذية تنذر كلها، و في حال المضي قدما في مساراتها التصاعدية، تنذر باحتمال الصدام العسكري المباشر فهل ان ترامب جاد فعلا في الذهاب الى الحرب ؟ وهل ان ترامب سيطوي استراتيجية القوة الناعمة التي اعتمدها سلفه خلال السنوات الثماني الماضية من ولايته ليعود الى استراتيجية القوة الصلبة التي احترفها الجمهوريون في العقدين السابقين وخاضوا بها أربعة حروب في الشرق الأوسط؟‏

 

في ظل ما يتخذ ترامب من مواقف، وعلى ضوء ما يختار من صقور في ادارته ذوي نزوع الى القوة والاستعلاء مع ارتباط بإسرائيل، قد يكون القول بالحرب مبررا و احتمال وقوعها عالي المستوى، خاصة وان كبير مستشاري ترامب للشؤون الاستراتيجية والشخص المؤثر في مجلس الامن القومي الأميركي الجديد ستيف بانون يعلن صراحة وبعد عشرة أيام من توليه مهامه مع ترامب: يقول بان «اميركا ستواجه حربين لا بد منهما الأولى في الشرق الأوسط والثانية في بحر الصين»، ويبرر بانون ذلك بالقول ان الحرب الأولى من اجل الامن القومي ضد الإرهاب والثانية من اجل الامن القومي الذي تهدده الصين. ومن جهة أخرى يلاحظ ان ترامب اختار ثلاثة من كبار العسكريين الخبراء بشؤون الخليج والشرق الأوسط ليكونوا أعضاء في مجلس الامن القومي الجديد الذي يحضر لترامب التوصية والقرار بما يحقق أهدافه ووعوده بالأمن لأميركا وبعضهم اشتهر بتعاليه ورفضه الواقعية والعقلانية في السلوك والمغامرة في التصرفات ما يجعل القول باحتمال الحرب امرا محل نظر وقبول منطقي.‏

 

وفي التفصيل نبدأ من ايران حيث نجد ان ترامب يعيب على أوباما تهاونه و تساهله لا بل ملاطفته لإيران التي حسب رايه «لم تستفد من الفرصة التي منحت لها بتزويدها بـ 150مليار انعشت اقتصادها المتهاوي على حد قوله» ( الأموال التي يتحدث عنها هي أموال إيرانية كانت اميركا و على سبيل القرصنة جمدتها و حرمتها منها) ثم يختم ترامب مهددا ايران انه لن يقتدي بأوباما و لن يكون لطيفا معها مثله متوعدا بإلغاء الاتفاق النووي معها و ملوحا بان كل الخيارات موضوعة على الطاولة لديه بما فيها الخيار العسكري لمواجهتها، موقف ارفقه بنبرة عالية في ادانة ايران على تجربتها الصاروخية البالستية الناجحة متهما إياها بخرق قرار الأمم المتحدة الذي تبنى الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، و ألحق ذلك بأمر فرض عقوبات على اشخاص و كيانات إيرانية يتهمها بدعم الإرهاب و تهديد الامن الأميركي .‏

 

و على الصعيد اليمني و بعد احجام أميركا خلال السنتين من العدوان السعودي الخليجي الأميركي على اليمن، احجامها عن العمل العسكري العلني او حتى التدخل العلني المباشر في الميدان، فان ترامب و في الأسبوع الثاني من ولايته اقدم على توقيع امر تنفيذي باجراء عمل عسكري مباشر في اليمن ( انزال ادعى انه نفذ ضد القاعدة الإرهابية و كان الإخفاق فيه مدويا ) ثم و هنا الأخطر ادعى ان الصواريخ اليمنية التي أخرجت الفرقاطة السعودية «المدينة» من الميدان كانت في الحقيقة تستهدف القطع البحرية الأميركية و ان اميركا لن تتهاون مع الامر و ستعالجه بما يقتضي من حزم لمنع «المتمردين اليمنيين « على حد قوله و يقصد بهم الجيش اليمني و انصار الله بقيادة عبد الملك الحوثي ، لمنعهم من تهديد البحرية الأميركية و إبقاء باب المندب مفتوحا .‏

 

وتبقى مواقف ترامب من الازمة السورية التي أراد ان يتسلل اليها تحت عنوان انساني أطلقه اسماه المناطق الامنة للمدنيين، وبرره بنيته حماية اميركا من الإرهاب الذي يمكن ان يشكله النازحون معطوفا على اعلان صريح بنيته قتال داعش والإرهاب الذي يمثله، (متجاهلا ما كان أعلنه هو بان اميركا والديمقراطيون فيها هم من اخترع واحتضن داعش) ما يعني انه سيقتحم الميدان السوري عسكريا وعلى وجهين ضد الإرهاب الداعشي ولاقامة المناطق الامنة.‏

 

و اذا اضفنا الى ما تقدم التحريض الإسرائيلي السعودي و سعيهما الى دفع اميركا لخوض حرب في الشرق الأوسط ضد محور المقاومة لمنعه من استثمار انتصاراته أولا و لمنعه من متابعة التنامي في الفضاء الاستراتيجي ثانيا و منعه من تشكيل خطر او تهديد للمصالح الذاتية لكل من الكيانين، ومع التذكير بان السعودية التزمت امام ترامب بدفع نفقات أي حرب يخوضها ضد «عدوتها» ايران و محور المقاومة، و ان نتنياهو يجد في ترامب الفرصة التي لا تعوض من اجل تحقيق اهداف إسرائيل في المنطقة عن طريق العمل العسكري ضد ايران و حزب الله و محور المقاومة بشكل عام، اذا اضفنا كل هذا الى ما تقدم من اعلان و تصريح و مواقف أميركية نكاد نقول بان ترامب يتجه الى الحرب و انها واقعة لا محالة لان كل المقدمات تقود الى هذه النتيجة فهل هذا صحيحا ؟‏

 

وللإجابة نبدأ بالمبادئ ونرى ان الحرب ليست قرارا مزاجيا يتخذ، فهي وخاصة على صعيد الدول العميقة ذات المؤسسات الفاعلة، قرار يتخذ نتيجة تحليل ودراسة وتحديد مسبق لاحتمالات النجاح واحتمالات احتواء ردة فعل الخصم وأخيرا القدرة على استثمار النتائج الميدانية سياسية. و اذا كانت المناطق المستهدفة بحرب أميركية تشكل مثلثا يستوعب قلب منطقة الشرق الأوسط (ايران –سورية – اليمن) و تستجيب لمفهوم حرب الشرق الأوسط المرتقبة على حد قول بانون ، فإننا نرى صعوبات عدة تواجه اميركا بشكل موضوعي في تحقيق الإنجاز العسكري المطلوب خاصة و ان الطبيعة الزئبقية للخصم و قدراته الدفاعية او قدراته في التملص من مفاعيل الالة العسكرية الأميركية تجعل تلك الالة عاجزة عن تحقيق الأهداف رغم قوتها ، كما و نجد صعوبات تواجه اميركا و حلفائها ( السعودية و إسرائيل) في تحمل تداعيات الحرب لان الرد على عدوان أميركي لن يتجنب في أي حال حلفاء اميركا و شركائها في الحرب .‏

 

اضافة الى ذلك نجد ان الخصوم وكل على طريقته بدأ بتوجيه الرسائل المتنوعة لأميركا والتي من شانها تحذيرها من مغبة قرار مجنون يقودها الى حرب ومواجهة في الشرق الأوسط كله، مواجهة لن تتوقف قبل تدمير مصالح اميركا وحلفائها وفي طليعتهم إسرائيل وعندها سيذكر هؤلاء ما توعدهم به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بان الحرب المقبلة ستغير وجه المنطقة ضد مصلحة الغرب الاستعماري وإسرائيل. وفي هذا السياق يجب التوقف عند الرد السوري الرسمي على التلويح بالمناطق الامنة، ثم الرد الإيراني المركب سياسيا وعسكريا وإعلاميا ضد تهديدات ترامب وكانت المناورات الصاروخية التي ابتدأتها إيران قبل يومين رسالة واضحة بان إيران لن تؤخذ بالتهديد، أما في اليمن فان تهديد ترامب قد رد عليه بمزيد من العمل الصاروخي ضد اهداف العدوان. أي ببساطة هدد ترامب بالقوة فكان الرد من الجميع من طبيعة التهديد استعدادا لكل احتمال، ولا نسقط أخيرا العامل الروسي وتجنب ترامب حتى اللحظة الاصطدام به.‏

 

ان الحرب التي يتحدث عنها من هم في صف ترامب ، ليست نزهة في حديقة ، فهي ان وقعت فأنها ستكون مدخلا لانقلاب استراتيجي في المنطقة فقد تبدأ بقرار أميركي لكنها لن تتوقف وفقا لما تريد اميركا ، و مستشارو ترامب الأساسيين و هم عسكريون محترفون يعرفون هذا و يذكرون جيدا مصير الحروب الأربعة الماضية و لا اعتقد انهم سيمضون قدما في حثه للدخول في حرب ضد ايران او في اليمن او في سورية ، و جل ما نراه اليوم و حتى الساعة من مواقف نارية ترامبية هو عرض عضلات و تهويل يبتغى منه رسم صورة رعب ترهب الآخر فيبدأ ترامب عهده بها فيطمئن الحليف و يتبعه و يخاف الخصم وينصاع ، ويأخذه بالإرهاب المعنوي و النفسي حتى يتنازل طوعا عما عجز عن انتزاعه منه كرها ....‏

 

ولكن أرى ان الظن الأميركي في غير محله هذه المرة أيضا، وسياسة التهويل وعرض العضلات لن تجدي مع أناس خبروا الميدان وتمرسوا فيه، وباتوا يعلمون العالم أصول المواجهة في الحرب النفسية كما الميدانية. وقد يكون وزير الدفاع الأميركي اضطر لكبح الموجة التصعيدية التي تنذر بشيء ما فسارع للقول «رغم تحركات إيران لزعزعة استقرار المنطقة إلا أن زيادة الوجود العسكري الأميركي ليس من ضمن الخيارات بعد» ليقول للسعودية وإسرائيل لا تتعجلوا الحرب فلسنا مستعدين لها.‏

  • فريق ماسة
  • 2017-02-06
  • 12622
  • من الأرشيف

هل يتجه ترامب الى حرب على إيران والمنطقة؟

قبل وصوله الى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية و خلال معركته الانتخابية اطلق دونالد ترامب مواقف و وعودا تحت عنوان «الامن لأميركا» و «الامن القومي الأميركي اولاً» ،   و منذ الاسبوع الأول من ولايته بدأ بتنفيذ بعض من وعوده متخذا قرارات اثارت الجدل و الاعتراض في الداخل، و الرفض و الإدانة في الخارج، من فئات و مواقع و دول ليست بالحجم البسيط ، و لعل من اخطر ما جاء في قرارات ترامب هو ما يتصل بإيران و سورية و اليمن من مواقف و اعلان نوايا او أوامر تنفيذية تنذر كلها، و في حال المضي قدما في مساراتها التصاعدية، تنذر باحتمال الصدام العسكري المباشر فهل ان ترامب جاد فعلا في الذهاب الى الحرب ؟ وهل ان ترامب سيطوي استراتيجية القوة الناعمة التي اعتمدها سلفه خلال السنوات الثماني الماضية من ولايته ليعود الى استراتيجية القوة الصلبة التي احترفها الجمهوريون في العقدين السابقين وخاضوا بها أربعة حروب في الشرق الأوسط؟‏   في ظل ما يتخذ ترامب من مواقف، وعلى ضوء ما يختار من صقور في ادارته ذوي نزوع الى القوة والاستعلاء مع ارتباط بإسرائيل، قد يكون القول بالحرب مبررا و احتمال وقوعها عالي المستوى، خاصة وان كبير مستشاري ترامب للشؤون الاستراتيجية والشخص المؤثر في مجلس الامن القومي الأميركي الجديد ستيف بانون يعلن صراحة وبعد عشرة أيام من توليه مهامه مع ترامب: يقول بان «اميركا ستواجه حربين لا بد منهما الأولى في الشرق الأوسط والثانية في بحر الصين»، ويبرر بانون ذلك بالقول ان الحرب الأولى من اجل الامن القومي ضد الإرهاب والثانية من اجل الامن القومي الذي تهدده الصين. ومن جهة أخرى يلاحظ ان ترامب اختار ثلاثة من كبار العسكريين الخبراء بشؤون الخليج والشرق الأوسط ليكونوا أعضاء في مجلس الامن القومي الجديد الذي يحضر لترامب التوصية والقرار بما يحقق أهدافه ووعوده بالأمن لأميركا وبعضهم اشتهر بتعاليه ورفضه الواقعية والعقلانية في السلوك والمغامرة في التصرفات ما يجعل القول باحتمال الحرب امرا محل نظر وقبول منطقي.‏   وفي التفصيل نبدأ من ايران حيث نجد ان ترامب يعيب على أوباما تهاونه و تساهله لا بل ملاطفته لإيران التي حسب رايه «لم تستفد من الفرصة التي منحت لها بتزويدها بـ 150مليار انعشت اقتصادها المتهاوي على حد قوله» ( الأموال التي يتحدث عنها هي أموال إيرانية كانت اميركا و على سبيل القرصنة جمدتها و حرمتها منها) ثم يختم ترامب مهددا ايران انه لن يقتدي بأوباما و لن يكون لطيفا معها مثله متوعدا بإلغاء الاتفاق النووي معها و ملوحا بان كل الخيارات موضوعة على الطاولة لديه بما فيها الخيار العسكري لمواجهتها، موقف ارفقه بنبرة عالية في ادانة ايران على تجربتها الصاروخية البالستية الناجحة متهما إياها بخرق قرار الأمم المتحدة الذي تبنى الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، و ألحق ذلك بأمر فرض عقوبات على اشخاص و كيانات إيرانية يتهمها بدعم الإرهاب و تهديد الامن الأميركي .‏   و على الصعيد اليمني و بعد احجام أميركا خلال السنتين من العدوان السعودي الخليجي الأميركي على اليمن، احجامها عن العمل العسكري العلني او حتى التدخل العلني المباشر في الميدان، فان ترامب و في الأسبوع الثاني من ولايته اقدم على توقيع امر تنفيذي باجراء عمل عسكري مباشر في اليمن ( انزال ادعى انه نفذ ضد القاعدة الإرهابية و كان الإخفاق فيه مدويا ) ثم و هنا الأخطر ادعى ان الصواريخ اليمنية التي أخرجت الفرقاطة السعودية «المدينة» من الميدان كانت في الحقيقة تستهدف القطع البحرية الأميركية و ان اميركا لن تتهاون مع الامر و ستعالجه بما يقتضي من حزم لمنع «المتمردين اليمنيين « على حد قوله و يقصد بهم الجيش اليمني و انصار الله بقيادة عبد الملك الحوثي ، لمنعهم من تهديد البحرية الأميركية و إبقاء باب المندب مفتوحا .‏   وتبقى مواقف ترامب من الازمة السورية التي أراد ان يتسلل اليها تحت عنوان انساني أطلقه اسماه المناطق الامنة للمدنيين، وبرره بنيته حماية اميركا من الإرهاب الذي يمكن ان يشكله النازحون معطوفا على اعلان صريح بنيته قتال داعش والإرهاب الذي يمثله، (متجاهلا ما كان أعلنه هو بان اميركا والديمقراطيون فيها هم من اخترع واحتضن داعش) ما يعني انه سيقتحم الميدان السوري عسكريا وعلى وجهين ضد الإرهاب الداعشي ولاقامة المناطق الامنة.‏   و اذا اضفنا الى ما تقدم التحريض الإسرائيلي السعودي و سعيهما الى دفع اميركا لخوض حرب في الشرق الأوسط ضد محور المقاومة لمنعه من استثمار انتصاراته أولا و لمنعه من متابعة التنامي في الفضاء الاستراتيجي ثانيا و منعه من تشكيل خطر او تهديد للمصالح الذاتية لكل من الكيانين، ومع التذكير بان السعودية التزمت امام ترامب بدفع نفقات أي حرب يخوضها ضد «عدوتها» ايران و محور المقاومة، و ان نتنياهو يجد في ترامب الفرصة التي لا تعوض من اجل تحقيق اهداف إسرائيل في المنطقة عن طريق العمل العسكري ضد ايران و حزب الله و محور المقاومة بشكل عام، اذا اضفنا كل هذا الى ما تقدم من اعلان و تصريح و مواقف أميركية نكاد نقول بان ترامب يتجه الى الحرب و انها واقعة لا محالة لان كل المقدمات تقود الى هذه النتيجة فهل هذا صحيحا ؟‏   وللإجابة نبدأ بالمبادئ ونرى ان الحرب ليست قرارا مزاجيا يتخذ، فهي وخاصة على صعيد الدول العميقة ذات المؤسسات الفاعلة، قرار يتخذ نتيجة تحليل ودراسة وتحديد مسبق لاحتمالات النجاح واحتمالات احتواء ردة فعل الخصم وأخيرا القدرة على استثمار النتائج الميدانية سياسية. و اذا كانت المناطق المستهدفة بحرب أميركية تشكل مثلثا يستوعب قلب منطقة الشرق الأوسط (ايران –سورية – اليمن) و تستجيب لمفهوم حرب الشرق الأوسط المرتقبة على حد قول بانون ، فإننا نرى صعوبات عدة تواجه اميركا بشكل موضوعي في تحقيق الإنجاز العسكري المطلوب خاصة و ان الطبيعة الزئبقية للخصم و قدراته الدفاعية او قدراته في التملص من مفاعيل الالة العسكرية الأميركية تجعل تلك الالة عاجزة عن تحقيق الأهداف رغم قوتها ، كما و نجد صعوبات تواجه اميركا و حلفائها ( السعودية و إسرائيل) في تحمل تداعيات الحرب لان الرد على عدوان أميركي لن يتجنب في أي حال حلفاء اميركا و شركائها في الحرب .‏   اضافة الى ذلك نجد ان الخصوم وكل على طريقته بدأ بتوجيه الرسائل المتنوعة لأميركا والتي من شانها تحذيرها من مغبة قرار مجنون يقودها الى حرب ومواجهة في الشرق الأوسط كله، مواجهة لن تتوقف قبل تدمير مصالح اميركا وحلفائها وفي طليعتهم إسرائيل وعندها سيذكر هؤلاء ما توعدهم به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بان الحرب المقبلة ستغير وجه المنطقة ضد مصلحة الغرب الاستعماري وإسرائيل. وفي هذا السياق يجب التوقف عند الرد السوري الرسمي على التلويح بالمناطق الامنة، ثم الرد الإيراني المركب سياسيا وعسكريا وإعلاميا ضد تهديدات ترامب وكانت المناورات الصاروخية التي ابتدأتها إيران قبل يومين رسالة واضحة بان إيران لن تؤخذ بالتهديد، أما في اليمن فان تهديد ترامب قد رد عليه بمزيد من العمل الصاروخي ضد اهداف العدوان. أي ببساطة هدد ترامب بالقوة فكان الرد من الجميع من طبيعة التهديد استعدادا لكل احتمال، ولا نسقط أخيرا العامل الروسي وتجنب ترامب حتى اللحظة الاصطدام به.‏   ان الحرب التي يتحدث عنها من هم في صف ترامب ، ليست نزهة في حديقة ، فهي ان وقعت فأنها ستكون مدخلا لانقلاب استراتيجي في المنطقة فقد تبدأ بقرار أميركي لكنها لن تتوقف وفقا لما تريد اميركا ، و مستشارو ترامب الأساسيين و هم عسكريون محترفون يعرفون هذا و يذكرون جيدا مصير الحروب الأربعة الماضية و لا اعتقد انهم سيمضون قدما في حثه للدخول في حرب ضد ايران او في اليمن او في سورية ، و جل ما نراه اليوم و حتى الساعة من مواقف نارية ترامبية هو عرض عضلات و تهويل يبتغى منه رسم صورة رعب ترهب الآخر فيبدأ ترامب عهده بها فيطمئن الحليف و يتبعه و يخاف الخصم وينصاع ، ويأخذه بالإرهاب المعنوي و النفسي حتى يتنازل طوعا عما عجز عن انتزاعه منه كرها ....‏   ولكن أرى ان الظن الأميركي في غير محله هذه المرة أيضا، وسياسة التهويل وعرض العضلات لن تجدي مع أناس خبروا الميدان وتمرسوا فيه، وباتوا يعلمون العالم أصول المواجهة في الحرب النفسية كما الميدانية. وقد يكون وزير الدفاع الأميركي اضطر لكبح الموجة التصعيدية التي تنذر بشيء ما فسارع للقول «رغم تحركات إيران لزعزعة استقرار المنطقة إلا أن زيادة الوجود العسكري الأميركي ليس من ضمن الخيارات بعد» ليقول للسعودية وإسرائيل لا تتعجلوا الحرب فلسنا مستعدين لها.‏

المصدر : محمد حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة