حصلت مؤخراً على نسخة من كتاب «تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر» الصادر عن وزارة التربية السورية، والمقرر في منهاج البكالوريا الأدبي لهذا العام.

بعيداً عن رأيي الخاص بالتعليم المؤدلج والموجه سياسياً من أنه لا يصلح لهذا الزمان والمكان وتحديداً في هذا الظرف الاستثنائي الذي نعيشه كسوريين، فإنني ذُهلت لكثرة الأخطاء الموجودة في هذا الكتاب والناجمة إما عن عدم معرفة من المؤلفين وإما عن عدم اهتمام بعض المراجعين لهذه المناهج. إذ إن تشويه التاريخ في المناهج جريمة لا تقل وضاعة وفظاعة عن تدمير واجهة مسرح تدمر الأثري مثلاً، أو أسواق حلب القديمة، لأن أخطاء التاريخ ترسخ في أذهان أجيالنا القادمة، وتصبح حقيقة.

واحتراماً لتاريخ بلدي ورجاله، قررت أن أحاول تصويب بعض تلك الأخطاء فيما يتعلق باختصاصي عن تاريخ سورية الحديث من نهاية الحرب العالمية الأولى وصولاً لقيام جمهورية الوحدة مع مصر.

المشكلة الأولى بالفصول المتعلقة بسورية هي المراجع العلمية، فهي تارة تستشهد بالكاتب الفرنسي الشيوعي روجيه غارودي، وتارة بالصحفي البريطاني باتريك سيل، أو مؤرخ فلسطيني واحد وعدد من المصريين. ولا ذكر أو إشارة إلى أي مؤرخ سوري، مثل قسطنتين زريق أو نور الدين حاطوم أو ليلى الصباغ أو ساطع الحصري أو محمد كرد علي أو قتيبة الشهابي. هؤلاء الكبار جميعاً هم حكماً أعلم وأقدر على كتابة تاريخ سورية الحديث من الأسماء المشار إليها في الكتاب، ولا ذكر لعلماء عرب وأجانب كتبوا الكثير عن سورية مثل نقولا زيادة، أو فيليب حتي، أو ألبير حوراني، أو فيليب خوري.

ثانياً، في استعراض الكتاب للشخصيات السياسية والوطنية السورية لا نجد شرحاً أو سيرة ذاتية لأحد إلا للمرحوم سلطان باشا الأطرش والعقيد عدنان المالكي. وأما بقية الأسماء فهي إما تمر مرور الكرام من دون أي شرح، مثل عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري وجميل مردم بك ويوسف العظمة، وإما لا ترد نهائياً في النص، مثل خالد العظم وفخري البارودي ولطفي الحفار. على الرغم من دورهم البارز فجميع هؤلاء قد أسقطوا من المناهج الحكومية. لا شرح مثلاً ولو بكلمتين أو ثلاث، لزعماء مثل شكري القوتلي وهاشم الأتاسي، أو حتى أديب الشيشكلي وسامي الحناوي. هؤلاء لم يكونوا أسماء عابرة في تاريخ هذا البلد، ولا يجب التعامل معهم بهذه الخفة والتجاهل.

أما عن بعض الأخطاء

أولاً، مارك سايكس، ذلك السياسي البريطاني الشهير، شريك اتفاقية «سايكس- بيكو»، لم يكن مندوباً سامياً لبلاده في مصر، كما ورد في الكتاب (الصفحة 18) بل كان مستشاراً فقط لوزارة الحربية.

ثانياً، مؤتمر سان ريمو الذي عقد في ربيع عام 1920 وأقر فيه نظام الانتداب على سورية، اسمه San Remo باللغة الإنكليزية وليس Saintrimo (الصفحة 20).

ثالثاً، اتفاقية وارسو تكتب Warsaw Pact باللغة الإنكليزية وليس Warso (الصفحة 23).

رابعاً، رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الأولى اسمه لويد جورج، أو Loyd George بالإنكليزي وليس Lioyd George (الصفحة 28).

خامساً، إن عيد الاستقلال الأول، الذي أعلن من المؤتمر السوري العام ورفضت مقرراته الانتداب ووعد بلفور، وتمت خلاله مبايعة الأمير فيصل ملكاً على البلاد، عقد بتاريخ 8 آذار 1920 وليس 7 آذار (الصفحة 29).

سادساً، عن زيارة الجنرال هنري غورو لضريح صلاح الدين الأيوبي بعد احتلال دمشق عام 1920 وقوله: «ها قد عدنا يا صلاح الدين…» (الصفحة 34). هذه القصة لا تتجاوز كونها راوية شعبية متداولة بكثرة بين الناس، لكنها حتماً غير موثقة، ولا يجوز إدخالها في منهاج حكومي رسمي.

سابعاً، في عرضه لمشاركة النساء في الحقل الوطني (الصفحة 38) يتحدث الكتاب فقط عن زوجة الشيخ صالح العلي، من دون ذكر اسمها وشقيقة الزعيم ابراهيم هنانو. ويغفل آلاف المناضلات السوريات، من طبيبات وشاعرات وكاتبات، ولا يذكر أسماء مشرفة كان لهن دور كبير في نهضة الأمة السورية، مثل سارة مؤيد العظم زوجة عبد الرحمن الشهبندر مثلاً، وعادلة بيهم الجزائري رئيسة الاتحاد النسائي، وماري عجمي صاحبة مجلة العروس، وبطلة ميسلون نازك العابد، والمدرسة الناصرية ثريا الحافظ، التي كانت أولى سيدة تترشح للمجلس النيابي، وغيرهن من الرائدات مثل وداد سكاكيني، وسلمى الحفار، وغادة السمان.

ثامناً، المرحوم علاء الدين دروبي كان رئيساً لوزراء سورية في آخر عهد الملك فيصل وليس حاكماً لمدينة دمشق كما يرد في الكتاب (الصفحة 39) وعبد الرحمن باشا اليوسف كان أميراً للحج الدمشقي ورئيساً لمجلس الشورى، ولم يكن مجرد «وزير» في الحكومة السورية يومها عندما تم اغتياله مع الرئيس دروبي في سهل حوران عام 1920.

تاسعاً، في الصفحة 39 يرد أنه في العام 1922 شُكلت «دولة سورية»، لكن في الحقيقة فإن الاتحاد السوري الفيدرالي هو الذي شُكل عام 1922 وليس «دولة سورية»، والفارق كبير بينهما لأن الاتحاد اعتمد سياسة الدويلات بين دولة دمشق ودولة حلب ودولة الساحل السوري، وأما «دولة سورية» فقد جاءت على أنقاضه وكان ذلك في 1 كانون الثاني عام 1925، وهي التي وحدت بين دولتي دمشق وحلب وأبقت دولتي الساحل وجبل العرب وسنجق اسكندرون تحت الحكم الفرنسي.

عاشراً، في الصفحة 41 يرد أنه في عام 1925 تعرض الجنرال الفرنسي موريس ساراي لهجوم من ثوار الغوطة وهو في قصر العظم «فهرب إلى بيروت» وأمر من هناك بقصف مدينة دمشق. الجنرال ساراي لم يكن في قصر العظم، ولم يكن في دمشق أساساً في ذلك اليوم الأسود من تاريخ دمشق، بل كان في بيروت واستخدم خدعة وجوده بقصر العظم لجلب الثوار إلى داخل أسوار المدينة وتحديداً إلى سوق البزورية لحصرهم بين نيران قوات السنغال وقنابل المدفعية الفرنسية.

النقطة الحادية عشرة، في الصفحة 43، يقول الكتاب إن الشيخ صالح العلي وسلطان باشا الأطرش كانا من أعضاء الكتلة الوطنية. هذا كلام غير صحيح تاريخياً، فالكتلة أسست في بيروت عام 1927 وعقدت أول اجتماع لهيئتها العامة في مدينة حمص عام 1932، وكان الأطرش يومها منفياً في الأردن ومحكوماً عليه بالإعدام داخل سورية، ولدى عودته إلى دمشق بعد وصول الكتلة إلى الحكم عام 1936، كان من أشد المعارضين لحكمها، ولم ينتسب إليها قط طوال حياته، نظراً لتحالف قديم جمع بينه وبين الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، عدو الكتلة الأول يومها، وكذلك لم ينتسب الشيخ صالح العلي إلى الكتلة في يوم من الأيام، ومحاضر الكتلة الوطنية موجودة وكذلك صور أعضائها لمن يريد التأكد من هذا الكلام.

النقطة الثانية عشرة: المندوب السامي الفرنسي غابريل بونسو اسمه بالإنكليزي Gabrielle Ponsot وليس Boncu (الصفحة 43).

النقطة الثالثة عشرة، لا علاقة للرئيس الراحل هاشم الأتاسي بالحزب الوطني، وهو لم يكن من قادته كما ورد في الصفحة 43 من الكتاب. الرئيس الأتاسي كان عضواً مؤسساً ورئيساً مدى الحياة في الكتلة الوطنية وليس في الحزب الوطني الذي تأسس على أنقاص الكتلة في مطلع عهد الاستقلال وكان برئاسة الرئيس صبري العسلي.

النقطة الرابعة عشرة، الرئيس الراحل تاج الدين الحسني توفي يوم 17 كانون الثاني عام 1943 وليس عام 1942 (الصفحة 47).

النقطة الخامسة عشرة، لدى شرحه لحادثة قصف المجلس النيابي الشهيرة يوم 29 أيار عام 1945 يقول الكتاب في الصفحة 47 إن «جميع أعضاء المجلس» استشهدوا في العدوان الفرنسي، وفي الحقيقة لم يقُتل نائب واحد يومها وجميع الشهداء كانوا من الدرك والشرطة أو من المدنيين العُزل.

النقطة السادسة عشرة، لا ذكر لـ«جيش الإنقاذ» أو لفوزي القاوقجي أو لحرب فلسطين الأولى ولا لدور الجيش العربي السوري في تلك المعارك الذي استطاع خلالها على الرغم من قصر عمره وسوء عتاده وقلة خبرة ضباطه وجنوده، أن يستعيد قرى ومدناً فلسطينية كانت من حصة الصهاينة في قرار التقسيم، ورفض توقيع أي هدنة مع إسرائيل على الرغم من توقيعها من قبل مصر والأردن والعراق ولبنان، وكان هذا الإصرار طبعاً من أسباب انقلاب حسني الزعيم عام 1949.

النقطة السابعة عشرة، في الحديث عن انقلاب الزعيم، لا يتعرض الكتاب بالمطلق لعلاقة الرجل السرية بالمخابرات الأميركية، ولا لتسليمه لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة إلى لبنان، ولا اتفاقية الهدنة مع إسرائيل، ولا لمباحثات السلام بينه وبين بن غوريون. بل إن الكتاب يمطر حسني الزعيم بمديح غير مبرر بالقول: «حاول كسب ثقة الشعب بعد قيامه ببعض الإصلاحات، بإقامة المشروعات المائية واستثمار مياه الفرات في إقليم الجزيرة والبدء في إقامة ميناء اللاذقية». (الصفحة 50).

النقطة الثامنة عشرة: في الصفحة 49 ترد صورة للرئيس الراحل شكري القوتلي ومعه وزير دفاعه خالد العظم في احتفالات العيد العاشر للجلاء عام 1956، وأمامهما دبابة كتب عليها «الشهيد عدنان المالكي»، الذي استشهد كما هو معروف في الملعب البلدي بدمشق في نيسان عام 1955. شرح الصورة يقول إنها للرئيس القوتلي في عيد الجلاء الأول عام 1946 وكيف لها أن تكون والدبابة تحمل عبارة عن «الشهيد» المالكي وهو كان ما زال على قيد الحياة في ذلك العام؟ طبعاً الصورة لا تذكر اسم الرئيس العظم، وكيف له أن يقف إلى جانب رئيس البلاد وهو لم يكن وزير دفاع ولا رئيس وزارة عام 1946؟

النقطة العشرون: في الصفحة 70 إشارة للثورة العربية الكبرى أنها كانت ما بين 1916- 1917 والصحيح أنها انتهت بدخول دمشق عام 1918 وليس عام 1917.

النقطة الحادية والعشرون: وزير خارجية أميركا في الخمسينيات هو جون فوستر دالس John Foster Dulles وليس Dallas (الصفحة 87).

النقطة الثانية والعشرون: قائد الجيش الأردني عام 1948 كان ضابطاً بريطانياً معروفاً اسمه John Bagot Glubb وليس Globe (الصفحة 95).

  • فريق ماسة
  • 2017-02-01
  • 15154
  • من الأرشيف

لم يستشهد بأي مؤرخ سوري...إثنان وعشرون خطأ تاريخي في منهاج البكالوريا الأدبي الجديد

حصلت مؤخراً على نسخة من كتاب «تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر» الصادر عن وزارة التربية السورية، والمقرر في منهاج البكالوريا الأدبي لهذا العام. بعيداً عن رأيي الخاص بالتعليم المؤدلج والموجه سياسياً من أنه لا يصلح لهذا الزمان والمكان وتحديداً في هذا الظرف الاستثنائي الذي نعيشه كسوريين، فإنني ذُهلت لكثرة الأخطاء الموجودة في هذا الكتاب والناجمة إما عن عدم معرفة من المؤلفين وإما عن عدم اهتمام بعض المراجعين لهذه المناهج. إذ إن تشويه التاريخ في المناهج جريمة لا تقل وضاعة وفظاعة عن تدمير واجهة مسرح تدمر الأثري مثلاً، أو أسواق حلب القديمة، لأن أخطاء التاريخ ترسخ في أذهان أجيالنا القادمة، وتصبح حقيقة. واحتراماً لتاريخ بلدي ورجاله، قررت أن أحاول تصويب بعض تلك الأخطاء فيما يتعلق باختصاصي عن تاريخ سورية الحديث من نهاية الحرب العالمية الأولى وصولاً لقيام جمهورية الوحدة مع مصر. المشكلة الأولى بالفصول المتعلقة بسورية هي المراجع العلمية، فهي تارة تستشهد بالكاتب الفرنسي الشيوعي روجيه غارودي، وتارة بالصحفي البريطاني باتريك سيل، أو مؤرخ فلسطيني واحد وعدد من المصريين. ولا ذكر أو إشارة إلى أي مؤرخ سوري، مثل قسطنتين زريق أو نور الدين حاطوم أو ليلى الصباغ أو ساطع الحصري أو محمد كرد علي أو قتيبة الشهابي. هؤلاء الكبار جميعاً هم حكماً أعلم وأقدر على كتابة تاريخ سورية الحديث من الأسماء المشار إليها في الكتاب، ولا ذكر لعلماء عرب وأجانب كتبوا الكثير عن سورية مثل نقولا زيادة، أو فيليب حتي، أو ألبير حوراني، أو فيليب خوري. ثانياً، في استعراض الكتاب للشخصيات السياسية والوطنية السورية لا نجد شرحاً أو سيرة ذاتية لأحد إلا للمرحوم سلطان باشا الأطرش والعقيد عدنان المالكي. وأما بقية الأسماء فهي إما تمر مرور الكرام من دون أي شرح، مثل عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري وجميل مردم بك ويوسف العظمة، وإما لا ترد نهائياً في النص، مثل خالد العظم وفخري البارودي ولطفي الحفار. على الرغم من دورهم البارز فجميع هؤلاء قد أسقطوا من المناهج الحكومية. لا شرح مثلاً ولو بكلمتين أو ثلاث، لزعماء مثل شكري القوتلي وهاشم الأتاسي، أو حتى أديب الشيشكلي وسامي الحناوي. هؤلاء لم يكونوا أسماء عابرة في تاريخ هذا البلد، ولا يجب التعامل معهم بهذه الخفة والتجاهل. أما عن بعض الأخطاء أولاً، مارك سايكس، ذلك السياسي البريطاني الشهير، شريك اتفاقية «سايكس- بيكو»، لم يكن مندوباً سامياً لبلاده في مصر، كما ورد في الكتاب (الصفحة 18) بل كان مستشاراً فقط لوزارة الحربية. ثانياً، مؤتمر سان ريمو الذي عقد في ربيع عام 1920 وأقر فيه نظام الانتداب على سورية، اسمه San Remo باللغة الإنكليزية وليس Saintrimo (الصفحة 20). ثالثاً، اتفاقية وارسو تكتب Warsaw Pact باللغة الإنكليزية وليس Warso (الصفحة 23). رابعاً، رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الأولى اسمه لويد جورج، أو Loyd George بالإنكليزي وليس Lioyd George (الصفحة 28). خامساً، إن عيد الاستقلال الأول، الذي أعلن من المؤتمر السوري العام ورفضت مقرراته الانتداب ووعد بلفور، وتمت خلاله مبايعة الأمير فيصل ملكاً على البلاد، عقد بتاريخ 8 آذار 1920 وليس 7 آذار (الصفحة 29). سادساً، عن زيارة الجنرال هنري غورو لضريح صلاح الدين الأيوبي بعد احتلال دمشق عام 1920 وقوله: «ها قد عدنا يا صلاح الدين…» (الصفحة 34). هذه القصة لا تتجاوز كونها راوية شعبية متداولة بكثرة بين الناس، لكنها حتماً غير موثقة، ولا يجوز إدخالها في منهاج حكومي رسمي. سابعاً، في عرضه لمشاركة النساء في الحقل الوطني (الصفحة 38) يتحدث الكتاب فقط عن زوجة الشيخ صالح العلي، من دون ذكر اسمها وشقيقة الزعيم ابراهيم هنانو. ويغفل آلاف المناضلات السوريات، من طبيبات وشاعرات وكاتبات، ولا يذكر أسماء مشرفة كان لهن دور كبير في نهضة الأمة السورية، مثل سارة مؤيد العظم زوجة عبد الرحمن الشهبندر مثلاً، وعادلة بيهم الجزائري رئيسة الاتحاد النسائي، وماري عجمي صاحبة مجلة العروس، وبطلة ميسلون نازك العابد، والمدرسة الناصرية ثريا الحافظ، التي كانت أولى سيدة تترشح للمجلس النيابي، وغيرهن من الرائدات مثل وداد سكاكيني، وسلمى الحفار، وغادة السمان. ثامناً، المرحوم علاء الدين دروبي كان رئيساً لوزراء سورية في آخر عهد الملك فيصل وليس حاكماً لمدينة دمشق كما يرد في الكتاب (الصفحة 39) وعبد الرحمن باشا اليوسف كان أميراً للحج الدمشقي ورئيساً لمجلس الشورى، ولم يكن مجرد «وزير» في الحكومة السورية يومها عندما تم اغتياله مع الرئيس دروبي في سهل حوران عام 1920. تاسعاً، في الصفحة 39 يرد أنه في العام 1922 شُكلت «دولة سورية»، لكن في الحقيقة فإن الاتحاد السوري الفيدرالي هو الذي شُكل عام 1922 وليس «دولة سورية»، والفارق كبير بينهما لأن الاتحاد اعتمد سياسة الدويلات بين دولة دمشق ودولة حلب ودولة الساحل السوري، وأما «دولة سورية» فقد جاءت على أنقاضه وكان ذلك في 1 كانون الثاني عام 1925، وهي التي وحدت بين دولتي دمشق وحلب وأبقت دولتي الساحل وجبل العرب وسنجق اسكندرون تحت الحكم الفرنسي. عاشراً، في الصفحة 41 يرد أنه في عام 1925 تعرض الجنرال الفرنسي موريس ساراي لهجوم من ثوار الغوطة وهو في قصر العظم «فهرب إلى بيروت» وأمر من هناك بقصف مدينة دمشق. الجنرال ساراي لم يكن في قصر العظم، ولم يكن في دمشق أساساً في ذلك اليوم الأسود من تاريخ دمشق، بل كان في بيروت واستخدم خدعة وجوده بقصر العظم لجلب الثوار إلى داخل أسوار المدينة وتحديداً إلى سوق البزورية لحصرهم بين نيران قوات السنغال وقنابل المدفعية الفرنسية. النقطة الحادية عشرة، في الصفحة 43، يقول الكتاب إن الشيخ صالح العلي وسلطان باشا الأطرش كانا من أعضاء الكتلة الوطنية. هذا كلام غير صحيح تاريخياً، فالكتلة أسست في بيروت عام 1927 وعقدت أول اجتماع لهيئتها العامة في مدينة حمص عام 1932، وكان الأطرش يومها منفياً في الأردن ومحكوماً عليه بالإعدام داخل سورية، ولدى عودته إلى دمشق بعد وصول الكتلة إلى الحكم عام 1936، كان من أشد المعارضين لحكمها، ولم ينتسب إليها قط طوال حياته، نظراً لتحالف قديم جمع بينه وبين الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، عدو الكتلة الأول يومها، وكذلك لم ينتسب الشيخ صالح العلي إلى الكتلة في يوم من الأيام، ومحاضر الكتلة الوطنية موجودة وكذلك صور أعضائها لمن يريد التأكد من هذا الكلام. النقطة الثانية عشرة: المندوب السامي الفرنسي غابريل بونسو اسمه بالإنكليزي Gabrielle Ponsot وليس Boncu (الصفحة 43). النقطة الثالثة عشرة، لا علاقة للرئيس الراحل هاشم الأتاسي بالحزب الوطني، وهو لم يكن من قادته كما ورد في الصفحة 43 من الكتاب. الرئيس الأتاسي كان عضواً مؤسساً ورئيساً مدى الحياة في الكتلة الوطنية وليس في الحزب الوطني الذي تأسس على أنقاص الكتلة في مطلع عهد الاستقلال وكان برئاسة الرئيس صبري العسلي. النقطة الرابعة عشرة، الرئيس الراحل تاج الدين الحسني توفي يوم 17 كانون الثاني عام 1943 وليس عام 1942 (الصفحة 47). النقطة الخامسة عشرة، لدى شرحه لحادثة قصف المجلس النيابي الشهيرة يوم 29 أيار عام 1945 يقول الكتاب في الصفحة 47 إن «جميع أعضاء المجلس» استشهدوا في العدوان الفرنسي، وفي الحقيقة لم يقُتل نائب واحد يومها وجميع الشهداء كانوا من الدرك والشرطة أو من المدنيين العُزل. النقطة السادسة عشرة، لا ذكر لـ«جيش الإنقاذ» أو لفوزي القاوقجي أو لحرب فلسطين الأولى ولا لدور الجيش العربي السوري في تلك المعارك الذي استطاع خلالها على الرغم من قصر عمره وسوء عتاده وقلة خبرة ضباطه وجنوده، أن يستعيد قرى ومدناً فلسطينية كانت من حصة الصهاينة في قرار التقسيم، ورفض توقيع أي هدنة مع إسرائيل على الرغم من توقيعها من قبل مصر والأردن والعراق ولبنان، وكان هذا الإصرار طبعاً من أسباب انقلاب حسني الزعيم عام 1949. النقطة السابعة عشرة، في الحديث عن انقلاب الزعيم، لا يتعرض الكتاب بالمطلق لعلاقة الرجل السرية بالمخابرات الأميركية، ولا لتسليمه لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة إلى لبنان، ولا اتفاقية الهدنة مع إسرائيل، ولا لمباحثات السلام بينه وبين بن غوريون. بل إن الكتاب يمطر حسني الزعيم بمديح غير مبرر بالقول: «حاول كسب ثقة الشعب بعد قيامه ببعض الإصلاحات، بإقامة المشروعات المائية واستثمار مياه الفرات في إقليم الجزيرة والبدء في إقامة ميناء اللاذقية». (الصفحة 50). النقطة الثامنة عشرة: في الصفحة 49 ترد صورة للرئيس الراحل شكري القوتلي ومعه وزير دفاعه خالد العظم في احتفالات العيد العاشر للجلاء عام 1956، وأمامهما دبابة كتب عليها «الشهيد عدنان المالكي»، الذي استشهد كما هو معروف في الملعب البلدي بدمشق في نيسان عام 1955. شرح الصورة يقول إنها للرئيس القوتلي في عيد الجلاء الأول عام 1946 وكيف لها أن تكون والدبابة تحمل عبارة عن «الشهيد» المالكي وهو كان ما زال على قيد الحياة في ذلك العام؟ طبعاً الصورة لا تذكر اسم الرئيس العظم، وكيف له أن يقف إلى جانب رئيس البلاد وهو لم يكن وزير دفاع ولا رئيس وزارة عام 1946؟ النقطة العشرون: في الصفحة 70 إشارة للثورة العربية الكبرى أنها كانت ما بين 1916- 1917 والصحيح أنها انتهت بدخول دمشق عام 1918 وليس عام 1917. النقطة الحادية والعشرون: وزير خارجية أميركا في الخمسينيات هو جون فوستر دالس John Foster Dulles وليس Dallas (الصفحة 87). النقطة الثانية والعشرون: قائد الجيش الأردني عام 1948 كان ضابطاً بريطانياً معروفاً اسمه John Bagot Glubb وليس Globe (الصفحة 95).

المصدر : الوطن / د. سامي مبيض


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة