أعطى اكتمال تنفيذ ملف التسوية في مدينة حلب، زخماً دبلوماسياً لموسكو في التحضيرات التي تجريها بالتعاون مع أنقرة وطهران ودمشق، لعقد جولة محادثات سورية في العاصمة الكازخية، أستانة.

 

لكن المباحثات التي أُقرَّت رسمياً في "إعلان موسكو" الصادر عن الاجتماع الثلاثي قبل أيام، ستواجه قبيل انعقادها عديداً من العقبات الغربية والإقليمية، وسيقع على عاتق أنقرة تذليل القسم الأكبر منها، خاصة المرتبط بالقدرة على توسيع نطاق وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية من جهة، ومحاولة ضم حلفائها الخليجيين للاصطفاف خلفها من جهة أخرى.

 

وقد تكون أولى المحاولات التركية في هذا السياق، متضمنة في ما أعلنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ليل أول من أمس، عقب مشاركته في الاجتماع الاستثنائي على مستوى الوزراء لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مدينة جدة السعودية. إذ أوضح أن الاجتماع تطرّق إلى قضية حلب وسوريا، ووافق المجتمعون على إعلان يتضمن ضرورة وقف إطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، والبدء بعملية سياسية، موضحاً أن "مضمون البيان ينسجم مع البيان الذي أُعلن في العاصمة الروسية موسكو قبل يومين".

 

من جهتها تعزز موسكو حراكها في هذا المجال، إذ أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سلسلة اتصالات أمس، بعدد من زعماء البلدان ذات الشأن في القضية السورية، وفق ما أوضح المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف. وفي السياق نفسه، تلقى الرئيس الأسد اتصالاً هاتفياً من نظيره الروسي "هنأه فيه بتحرير حلب"، وبحث معه "العملية السياسية المقبلة في سوريا". وشدد بوتين على أن المهمة الرئيسية الآن هي "التركيز على تعزيز عملية السلام، ولا سيما من خلال توقيع اتفاق بشأن حل شامل للأزمة السورية"، وفق ما نشر موقع الكرملين.

 

كذلك، وصف الرئيس الروسي، في خلال اجتماع مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، استعادة السيطرة على مدينة حلب بأنها "خطوة كبيرة" نحو التسوية في سوريا وفي المنطقة، منوّهاً بـ "الدور الحاسم" الذي لعبه الجيش الروسي في عملية في حلب. ورأى أن إجلاء بقية المقاتلين في حلب ما كان ليتم "من دون المشاركة النشطة من جانب القيادة التركية، والرئيس التركي والرئيس الإيراني والقيادة الإيرانية بأكملها ومشاركتنا. وبطبيعة الحال، لا يمكن أن يتم دون حسن النية والجهود التي يبذلها الرئيس الأسد، وفريقه". وأشار إلى أن الخطوة المقبلة بعد تسوية حلب يجب أن تكون "توقيع وقف لإطلاق النار على كامل الأراضي السورية، يليه انطلاق مفاوضات عملية حول تسوية سياسية"، مضيفاً: "لقد اقترحنا عاصمة كازاخستان، أستانة، بوصفها مكاناً محايداً. الرئيس التركي وافق على هذا الطرح، وكذلك نظيره الإيراني، والرئيس الأسد وافق أيضاً".

 

ولفت إلى أن بلاده ترحّب بإشراك دول أخرى في هذه الجهود التي نجحت مع أنقرة وطهران، مشدداً على "عدم تجاهل مصالح ومشاركة دول أخرى في المنطقة مثل الأردن والسعودية ومصر، وبطبيعة الحال، فإنه سيكون من الخطأ معالجة هذه المسألة من دون لاعب عالمي مثل الولايات المتحدة".

 

وعلى صعيد متصل، نفى نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، وجود اتصالات بين بلاده والإدارة الأميركية المقبلة، بشأن سوريا، غير أنه أشار إلى أن موسكو تعتبر الرئيس المنتخب دونالد ترامب، شريكاً "أفضل" في التفاوض مقارنة بالرئيس الحالي باراك أوباما. ونقلت وكالة "إنترفاكس" للأنباء عن غاتيلوف قوله إن "ترامب لم يربط قط بين حل الأزمة السورية ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعمه موسكو، وهذا يعني أن لديه مساحة أكبر للمناورة مقارنة بإدارة أوباما".

 

ولفت إلى أن مباحثات أستانة ستعقد في منتصف كانون الثاني المقبل، مشيراً إلى أن وفد المعارضة سيمثّل على الأرجح "القوى الموجودة على الأرض" في سوريا، أما "الهيئة العليا للمفاوضات" فستوجَّه إليها الدعوة بوصفها معارضة خارجية.

 

وأوضح غاتيلوف أن وفد المعارضة يجب أن يشمل كذلك "وحدات المعارضة المسلحة باستثناء إرهابيي (جبهة النصرة) و(داعش)، إضافة إلى المعارضة المعتدلة والأكراد"، مشيراً إلى أن الحضور الروسي في المفاوضات سيفترض على الأرجح تقديم دعم استشاري على مستوى الخبراء.

 

وفي مقابل الحماسة الروسية لمباحثات أستانة المفترضة، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أن القرارات حول موعد ومكان الجولة المقبلة من المحادثات السورية، يجب أن يحددها المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا.

 

وأشار المتحدث باسم الوزارة، جون كيربي، تعليقاً على إمكانية إجراء جولة محادثات في أستانة، بموجب مقترح من قبل حكومة كازاخستان، أن بلاده "لا تأخذ موقفاً من ذلك، والأمر يجب أن يترك إلى الأمم المتحدة".

 

وحول التسوية في حلب، رأى كيربي أنه "لا توجد أي إشارة تدل على انتهاء الحرب في سوريا، إذ إن المعارضة ستستمر في الحرب، كذلك إن اهتمام المجموعات الإرهابية بسوريا سيستمر، ولم يجرِ التوصل إلى أي حل دبلوماسي".

 

ويأتي الحديث عن المباحثات وتوسيع وقف إطلاق النار، في وقت تعزز فيه روسيا حضورها على الأراضي السورية، إذ أوعز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتوقيع على بروتوكول إضافي على اتفاقية نشر المجموعة الجوية الروسية في أراضي سوريا الموقعة في 26 آب عام 2015.

 

وجاء في الوثيقة التي نشرت على موقع الكرملين أنها "تنظم أحكام بروتوكول مسائل نشر المجموعة الجوية للقوات المسلحة الروسية وممتلكاتها المنقولة وغير المنقولة في أراضي الجمهورية العربية السورية، وكذلك المسائل المتعلقة بتأمين عملها". ويدقق البروتوكول في وضع أفراد المجموعة الجوية وأعضاء أسرهم، فضلاً عن وضع الأجهزة الأمنية المختصة للجانب الروسي. كذلك كُلِّفَت وزارة الدفاع إجراء محادثات بمشاركة وزارة الخارجية الروسية مع الجانب السوري، وبالتوقيع نيابة عن الاتحاد الروسي على البروتوكول المذكور بعد التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن والسماح بإدراج التغييرات التي لا تحمل طابعاً مبدئياً في مسودته والتي وافقت عليها الحكومة الروسية.

 

وأمر بوتين بتوقيع اتفاقية مع سوريا لتوسيع مساحة نقطة التأمين التابعة للأسطول البحري الحربي الروسي في طرطوس، وتنظيم مسائل تطوير وتحديث بنيتها التحتية ونظام دخول السفن الحربية الروسية إلى المياه الإقليمية والموانئ السورية. وتدقق الاتفاقية وضع أفراد النقطة وأعضاء أسرهم، فضلاً عن وضع الأجهزة الأمنية المختصة للجانب الروسي.

  • فريق ماسة
  • 2016-12-23
  • 9825
  • من الأرشيف

خريطة بوتين لما بعد حلب: وقف إطلاق النار وانطلاق المفاوضات

أعطى اكتمال تنفيذ ملف التسوية في مدينة حلب، زخماً دبلوماسياً لموسكو في التحضيرات التي تجريها بالتعاون مع أنقرة وطهران ودمشق، لعقد جولة محادثات سورية في العاصمة الكازخية، أستانة.   لكن المباحثات التي أُقرَّت رسمياً في "إعلان موسكو" الصادر عن الاجتماع الثلاثي قبل أيام، ستواجه قبيل انعقادها عديداً من العقبات الغربية والإقليمية، وسيقع على عاتق أنقرة تذليل القسم الأكبر منها، خاصة المرتبط بالقدرة على توسيع نطاق وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية من جهة، ومحاولة ضم حلفائها الخليجيين للاصطفاف خلفها من جهة أخرى.   وقد تكون أولى المحاولات التركية في هذا السياق، متضمنة في ما أعلنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ليل أول من أمس، عقب مشاركته في الاجتماع الاستثنائي على مستوى الوزراء لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مدينة جدة السعودية. إذ أوضح أن الاجتماع تطرّق إلى قضية حلب وسوريا، ووافق المجتمعون على إعلان يتضمن ضرورة وقف إطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، والبدء بعملية سياسية، موضحاً أن "مضمون البيان ينسجم مع البيان الذي أُعلن في العاصمة الروسية موسكو قبل يومين".   من جهتها تعزز موسكو حراكها في هذا المجال، إذ أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سلسلة اتصالات أمس، بعدد من زعماء البلدان ذات الشأن في القضية السورية، وفق ما أوضح المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف. وفي السياق نفسه، تلقى الرئيس الأسد اتصالاً هاتفياً من نظيره الروسي "هنأه فيه بتحرير حلب"، وبحث معه "العملية السياسية المقبلة في سوريا". وشدد بوتين على أن المهمة الرئيسية الآن هي "التركيز على تعزيز عملية السلام، ولا سيما من خلال توقيع اتفاق بشأن حل شامل للأزمة السورية"، وفق ما نشر موقع الكرملين.   كذلك، وصف الرئيس الروسي، في خلال اجتماع مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، استعادة السيطرة على مدينة حلب بأنها "خطوة كبيرة" نحو التسوية في سوريا وفي المنطقة، منوّهاً بـ "الدور الحاسم" الذي لعبه الجيش الروسي في عملية في حلب. ورأى أن إجلاء بقية المقاتلين في حلب ما كان ليتم "من دون المشاركة النشطة من جانب القيادة التركية، والرئيس التركي والرئيس الإيراني والقيادة الإيرانية بأكملها ومشاركتنا. وبطبيعة الحال، لا يمكن أن يتم دون حسن النية والجهود التي يبذلها الرئيس الأسد، وفريقه". وأشار إلى أن الخطوة المقبلة بعد تسوية حلب يجب أن تكون "توقيع وقف لإطلاق النار على كامل الأراضي السورية، يليه انطلاق مفاوضات عملية حول تسوية سياسية"، مضيفاً: "لقد اقترحنا عاصمة كازاخستان، أستانة، بوصفها مكاناً محايداً. الرئيس التركي وافق على هذا الطرح، وكذلك نظيره الإيراني، والرئيس الأسد وافق أيضاً".   ولفت إلى أن بلاده ترحّب بإشراك دول أخرى في هذه الجهود التي نجحت مع أنقرة وطهران، مشدداً على "عدم تجاهل مصالح ومشاركة دول أخرى في المنطقة مثل الأردن والسعودية ومصر، وبطبيعة الحال، فإنه سيكون من الخطأ معالجة هذه المسألة من دون لاعب عالمي مثل الولايات المتحدة".   وعلى صعيد متصل، نفى نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، وجود اتصالات بين بلاده والإدارة الأميركية المقبلة، بشأن سوريا، غير أنه أشار إلى أن موسكو تعتبر الرئيس المنتخب دونالد ترامب، شريكاً "أفضل" في التفاوض مقارنة بالرئيس الحالي باراك أوباما. ونقلت وكالة "إنترفاكس" للأنباء عن غاتيلوف قوله إن "ترامب لم يربط قط بين حل الأزمة السورية ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعمه موسكو، وهذا يعني أن لديه مساحة أكبر للمناورة مقارنة بإدارة أوباما".   ولفت إلى أن مباحثات أستانة ستعقد في منتصف كانون الثاني المقبل، مشيراً إلى أن وفد المعارضة سيمثّل على الأرجح "القوى الموجودة على الأرض" في سوريا، أما "الهيئة العليا للمفاوضات" فستوجَّه إليها الدعوة بوصفها معارضة خارجية.   وأوضح غاتيلوف أن وفد المعارضة يجب أن يشمل كذلك "وحدات المعارضة المسلحة باستثناء إرهابيي (جبهة النصرة) و(داعش)، إضافة إلى المعارضة المعتدلة والأكراد"، مشيراً إلى أن الحضور الروسي في المفاوضات سيفترض على الأرجح تقديم دعم استشاري على مستوى الخبراء.   وفي مقابل الحماسة الروسية لمباحثات أستانة المفترضة، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أن القرارات حول موعد ومكان الجولة المقبلة من المحادثات السورية، يجب أن يحددها المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا.   وأشار المتحدث باسم الوزارة، جون كيربي، تعليقاً على إمكانية إجراء جولة محادثات في أستانة، بموجب مقترح من قبل حكومة كازاخستان، أن بلاده "لا تأخذ موقفاً من ذلك، والأمر يجب أن يترك إلى الأمم المتحدة".   وحول التسوية في حلب، رأى كيربي أنه "لا توجد أي إشارة تدل على انتهاء الحرب في سوريا، إذ إن المعارضة ستستمر في الحرب، كذلك إن اهتمام المجموعات الإرهابية بسوريا سيستمر، ولم يجرِ التوصل إلى أي حل دبلوماسي".   ويأتي الحديث عن المباحثات وتوسيع وقف إطلاق النار، في وقت تعزز فيه روسيا حضورها على الأراضي السورية، إذ أوعز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتوقيع على بروتوكول إضافي على اتفاقية نشر المجموعة الجوية الروسية في أراضي سوريا الموقعة في 26 آب عام 2015.   وجاء في الوثيقة التي نشرت على موقع الكرملين أنها "تنظم أحكام بروتوكول مسائل نشر المجموعة الجوية للقوات المسلحة الروسية وممتلكاتها المنقولة وغير المنقولة في أراضي الجمهورية العربية السورية، وكذلك المسائل المتعلقة بتأمين عملها". ويدقق البروتوكول في وضع أفراد المجموعة الجوية وأعضاء أسرهم، فضلاً عن وضع الأجهزة الأمنية المختصة للجانب الروسي. كذلك كُلِّفَت وزارة الدفاع إجراء محادثات بمشاركة وزارة الخارجية الروسية مع الجانب السوري، وبالتوقيع نيابة عن الاتحاد الروسي على البروتوكول المذكور بعد التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن والسماح بإدراج التغييرات التي لا تحمل طابعاً مبدئياً في مسودته والتي وافقت عليها الحكومة الروسية.   وأمر بوتين بتوقيع اتفاقية مع سوريا لتوسيع مساحة نقطة التأمين التابعة للأسطول البحري الحربي الروسي في طرطوس، وتنظيم مسائل تطوير وتحديث بنيتها التحتية ونظام دخول السفن الحربية الروسية إلى المياه الإقليمية والموانئ السورية. وتدقق الاتفاقية وضع أفراد النقطة وأعضاء أسرهم، فضلاً عن وضع الأجهزة الأمنية المختصة للجانب الروسي.

المصدر : الماسة السورية/الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة