أرخى انتصار الجيش السوري وحلفاؤه في حلب بظلاله على الحرب الطاحنة في البلاد منذ أكثر من 6 سنوات، الأمر الذي كانت له ارتداداته السياسية والدبلوماسية قبل العسكرية، ومن منظور آخر فإن الدولة السورية أثبتت قدرتها على تغيير موازين القوى على الأرض من خلال إعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها وأحياء حلب الشرقية أكبر مثال على ذلك.

 

في المقابل، كان لانتصار حلب وقعه الكبير على الدولة الأوروبية قبل العربية، الأمر الذي دفع العديد منها إلى تقديم طلبات إلى وزارة الخارجية السورية بهدف زيارة العاصمة الاقتصادية لسوريا والإطلاع على واقع الحياة فيها بعد عودتها إلى كنف الدولة السورية، في غزل دبلوماسي لدمشق تمهيداً لعودة العلاقات بينها على الرغم من عدم إنقطاعها إلى عبر وسائل الإعلام.

 

مصدر دبلوماسي رفيع في وزارة الخارجية السورية كشف لـ “الحدث نيوز” عن نية وفد أوروبي رفيع زيارة حلب خلال الأسابيع المقبلة دون تحديد موعد محدد، مؤكداً في ذات السياق وجود العديد من الطلبات الغربية والعربية التي تطالب بزيارة مدينة حلب، مشيرا إلى أن الخارجية السورية تدرس هذه الطلبات في الوقت الحالي وسوف تقوم بتأمين العديد منها والموافقة عليها بعد الإطلاع على هدف الزيارة ونيتها.

 

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن “موسم الحج الأوروبي” بدء إلى حلب وهو أمر غير مستغرب خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية التي لم تنقطع إلا عبر وسائل الإعلام مبيناً أن العديد من الدول التي وصل إليها اللاجئون السوريون تقوم بالتنسيق مع دمشق بهدف الحصول على معلومات أمنية تخص اللاجئين المشتبه بهم والذين يسعون لتنفيذ أعمال إرهابية في عدد من الدول الأوروبية.

 

لم يخفي المصدر حقيقية أن انتصار حلب كان له وقعه السياسي والدبلوماسي قبل الميداني والعسكري لافتاً إلى أن المحور المعادي لدمشق وقبل اقترابه من حسم معركة حلب شن حملة دبلوماسية وإعلامية على محور “دمشق طهران موسكو” في محاولة منه لتخفيف وطأة الانتصار المتوقع بحكم التقدم الميداني، وهو الأمر الذي انعكس في مجلس الأمن عبر مشاريع تدين الدولة السورية إلا أنها اصطدمت بالدب الروسي والتنين الصيني اللذان أحبطا هذه المشاريع، عبر استخدام حق القد “الفيتو”.

 

في ذات الإطار، أتت الخطة الدبلوماسية التي اتبعها محور “دمشق موسكو طهران” بثمارها من خلال حسم المعركة بشكل سريع والتقليل من الأضرار البشرية كي لا يستخدمها الطرف الأخر في المحافل الدولية ضدها وهو ما دفعا إلى إعطاء فرص للهدنة وخروج المسلحين من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، في حين كان لمندوب سوريا الدائم في مجلس الأمن الدكتور بشار الجعفري ونظيره الروسي دوراً هاما في دحض العمليات الدبلوماسية التي تشن داخل مجلس الأمن من خلال الاعتماد على استراتيجية الجيش السوري وحلفاءه، والتي كان لها صداها السياسي قبل العسكري عبر تحميل الطرف الأخر مسؤولية مايحصل في الأحياء الشرقية من مجازر وانتهاكات الأمر الذي وفر غطاء للدبلوماسية السورية والروسية في مجلس الأمن بشكل يشبه تنفيذ الجيش لعملية نوعية لكنها هذه المرة دبلوماسية، وفرت للحلفاء ورقة ضغط مهمة في المحافل الدولية.

 

وبالعودة إلى المصدر الذي ربط بين انتصار حلب الميداني بانتصار آخر سياسي حققه محور “دمشق طهران موسكو” الأمر الذي دفع العديد من الدول الأوروبية إلى محاولة ترطيب الأجواء الدبلوماسية عبر إرسال وفود تقوم بزيارة المدن السورية فمعركة حلب كان إقليمية ونتائجها سوف تكون إقليمية أيضاً.

 

وخلاصة القول أن ماقبل معركة حلب ليس كما بعدها وأي انتصار ميداني يصاحبه آخر سياسي ودبلوماسي وهو ماينطبق على الدولة السورية وسياسيتها الاستراتيجية التي اتبعتها في حلب مع الحلفاء الروس والإيرانيين وبدون أدنى شك حزب الله الذي لعب دوراً محوراً أيضاً ميدانياً مما أعاد تمحور موازين القوى التي باتت تميل إلى صالح الدولة السورية، فهل نشاهد في الأيام القادمة وفوداً دبلوماسية غربية وعربية تحج إلى دمشق.

  • فريق ماسة
  • 2016-12-23
  • 13353
  • من الأرشيف

أوروبا «تحج» إلى حلب.. كيف نفذ الجيش السوري «عملية دبلوماسية» ؟

أرخى انتصار الجيش السوري وحلفاؤه في حلب بظلاله على الحرب الطاحنة في البلاد منذ أكثر من 6 سنوات، الأمر الذي كانت له ارتداداته السياسية والدبلوماسية قبل العسكرية، ومن منظور آخر فإن الدولة السورية أثبتت قدرتها على تغيير موازين القوى على الأرض من خلال إعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها وأحياء حلب الشرقية أكبر مثال على ذلك.   في المقابل، كان لانتصار حلب وقعه الكبير على الدولة الأوروبية قبل العربية، الأمر الذي دفع العديد منها إلى تقديم طلبات إلى وزارة الخارجية السورية بهدف زيارة العاصمة الاقتصادية لسوريا والإطلاع على واقع الحياة فيها بعد عودتها إلى كنف الدولة السورية، في غزل دبلوماسي لدمشق تمهيداً لعودة العلاقات بينها على الرغم من عدم إنقطاعها إلى عبر وسائل الإعلام.   مصدر دبلوماسي رفيع في وزارة الخارجية السورية كشف لـ “الحدث نيوز” عن نية وفد أوروبي رفيع زيارة حلب خلال الأسابيع المقبلة دون تحديد موعد محدد، مؤكداً في ذات السياق وجود العديد من الطلبات الغربية والعربية التي تطالب بزيارة مدينة حلب، مشيرا إلى أن الخارجية السورية تدرس هذه الطلبات في الوقت الحالي وسوف تقوم بتأمين العديد منها والموافقة عليها بعد الإطلاع على هدف الزيارة ونيتها.   وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن “موسم الحج الأوروبي” بدء إلى حلب وهو أمر غير مستغرب خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية التي لم تنقطع إلا عبر وسائل الإعلام مبيناً أن العديد من الدول التي وصل إليها اللاجئون السوريون تقوم بالتنسيق مع دمشق بهدف الحصول على معلومات أمنية تخص اللاجئين المشتبه بهم والذين يسعون لتنفيذ أعمال إرهابية في عدد من الدول الأوروبية.   لم يخفي المصدر حقيقية أن انتصار حلب كان له وقعه السياسي والدبلوماسي قبل الميداني والعسكري لافتاً إلى أن المحور المعادي لدمشق وقبل اقترابه من حسم معركة حلب شن حملة دبلوماسية وإعلامية على محور “دمشق طهران موسكو” في محاولة منه لتخفيف وطأة الانتصار المتوقع بحكم التقدم الميداني، وهو الأمر الذي انعكس في مجلس الأمن عبر مشاريع تدين الدولة السورية إلا أنها اصطدمت بالدب الروسي والتنين الصيني اللذان أحبطا هذه المشاريع، عبر استخدام حق القد “الفيتو”.   في ذات الإطار، أتت الخطة الدبلوماسية التي اتبعها محور “دمشق موسكو طهران” بثمارها من خلال حسم المعركة بشكل سريع والتقليل من الأضرار البشرية كي لا يستخدمها الطرف الأخر في المحافل الدولية ضدها وهو ما دفعا إلى إعطاء فرص للهدنة وخروج المسلحين من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، في حين كان لمندوب سوريا الدائم في مجلس الأمن الدكتور بشار الجعفري ونظيره الروسي دوراً هاما في دحض العمليات الدبلوماسية التي تشن داخل مجلس الأمن من خلال الاعتماد على استراتيجية الجيش السوري وحلفاءه، والتي كان لها صداها السياسي قبل العسكري عبر تحميل الطرف الأخر مسؤولية مايحصل في الأحياء الشرقية من مجازر وانتهاكات الأمر الذي وفر غطاء للدبلوماسية السورية والروسية في مجلس الأمن بشكل يشبه تنفيذ الجيش لعملية نوعية لكنها هذه المرة دبلوماسية، وفرت للحلفاء ورقة ضغط مهمة في المحافل الدولية.   وبالعودة إلى المصدر الذي ربط بين انتصار حلب الميداني بانتصار آخر سياسي حققه محور “دمشق طهران موسكو” الأمر الذي دفع العديد من الدول الأوروبية إلى محاولة ترطيب الأجواء الدبلوماسية عبر إرسال وفود تقوم بزيارة المدن السورية فمعركة حلب كان إقليمية ونتائجها سوف تكون إقليمية أيضاً.   وخلاصة القول أن ماقبل معركة حلب ليس كما بعدها وأي انتصار ميداني يصاحبه آخر سياسي ودبلوماسي وهو ماينطبق على الدولة السورية وسياسيتها الاستراتيجية التي اتبعتها في حلب مع الحلفاء الروس والإيرانيين وبدون أدنى شك حزب الله الذي لعب دوراً محوراً أيضاً ميدانياً مما أعاد تمحور موازين القوى التي باتت تميل إلى صالح الدولة السورية، فهل نشاهد في الأيام القادمة وفوداً دبلوماسية غربية وعربية تحج إلى دمشق.

المصدر : الحدث نيوز


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة