أسقطت عضوية روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مقابل دور كبير لدول خليجية في هذه المؤسسة، وهي دول ليس فيها دستور ولا أحزاب ولا حتى نقابات، ونظام الحكم فيها يعود إلى القرون الوسطى.

 

وقبل أيام قليلة صدر عن منظمة الأسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة قرار يدين الدولة السورية بزعم أنّ الحكومة السورية لجأت إلى استخدام الأسلحة الكيماوية. وجاء هذا القرار في ظلّ تزايد الهجمات بأسلحة كيميائية شنّتها الجماعات المسلحة على مواقع الجيش السوري، وأدّت إلى إصابات عديدة، وعلى الرغم من أنّ سورية قد سلّمت أسلحتها الكيماوية وأشرفت على العملية المنظمة ذاتها وأصدرت بيانات أكدت تعاون الحكومة السورية الكامل، إلا أنّ ذلك لم يمنعها من العودة إلى توجيه الاتهامات للحكومة السورية.

 

من الواضح أنّ اتهامات منظمة الأمم المتحدة للأسلحة الكيماوية، وكذلك الاتهامات الأخرى التي وجهتها هيئات مماثلة تابعة للأمم المتحدة إلى الجيش السوري والروسي باقتراف «جرائم بحق المدنيين» تشير إلى أنّ هذه الأجهزة تعمل ليس بوصفها أذرع للأمم المتحدة، وواجبها معرفة الحقائق كما هي، بل إنّ وظيفتها الأساسية القيام بحملات لدعم خيار السياسة الأميركية والغربية، سواء في سورية أو في اليمن، أو في العراق. مثلاً في العراق صوت منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية منخفض للغاية. قام طيران التحالف الأميركي بقصف داعش في مدينة الموصل المكتظة بالسكان والتي يقطنها أكثر من مليون ونصف مليون نسمة، ولم يسمح داعش لسكانها بالخروج منها. تتحدث الأمم المتحدة هنا عن تحويل داعش المدنيين إلى دروع بشرية، لكن في حلب وعلى الرغم من أنّ الإرهابيين فرضوا على سكان الأحياء الشرقية ما مارسته داعش في الموصل، لم نجد حملة من منظمات الأمم المتحدة ضدّ هؤلاء الإرهابيين تشبه حملة تحرير داعش في الموصل.

 

واضح أنّ سلوك منظمات الأمم المتحدة يكشف حقيقة انحيازها وارتباطها بالسياسة الغربية، وبالتحديد سياسة الولايات المتحدة، فهي تتبنّى مواقف تناسب هذه السياسة، ولا تجرؤ على قول الحقيقة، حتى لو تبيّن لها أنّ الحقيقة غير ذلك.

 

من المعروف أنّ كافة أجهزة الأمم المتحدة تمّت إعادة تركيبها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وجميع المناصب الرفيعة في الأمم المتحدة يجري تسمية المسؤولين فيها من قبل الولايات المتحدة، ويلعب نائب الأمين العام جيفري فليتمان الموظف الكبير في الخارجية الأميركية، دوراً كبيراً في اختيار الشخصيات للمناصب الرفيعة، ويحدّد توجهات المنظمات المنبثقة عن الأمم المتحدة بالتعاون مع الأمين العام الذي اختارته الولايات المتحدة.

 

لا شك أنّ استمرار سياسة الأمم المتحدة على هذا النحو، واستمرار خضوعها للولايات المتحدة والحكومات الغربية، سيحوّلها إلى «عصبة أمم» أخرى وقد يؤدّي إلى تفككها إذا لم يصار إلى إصلاحها بشكل سريع.

  • فريق ماسة
  • 2016-11-20
  • 11559
  • من الأرشيف

أجهزة الأمم المتحدة استطالات للأجهزة الأميركية

أسقطت عضوية روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مقابل دور كبير لدول خليجية في هذه المؤسسة، وهي دول ليس فيها دستور ولا أحزاب ولا حتى نقابات، ونظام الحكم فيها يعود إلى القرون الوسطى.   وقبل أيام قليلة صدر عن منظمة الأسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة قرار يدين الدولة السورية بزعم أنّ الحكومة السورية لجأت إلى استخدام الأسلحة الكيماوية. وجاء هذا القرار في ظلّ تزايد الهجمات بأسلحة كيميائية شنّتها الجماعات المسلحة على مواقع الجيش السوري، وأدّت إلى إصابات عديدة، وعلى الرغم من أنّ سورية قد سلّمت أسلحتها الكيماوية وأشرفت على العملية المنظمة ذاتها وأصدرت بيانات أكدت تعاون الحكومة السورية الكامل، إلا أنّ ذلك لم يمنعها من العودة إلى توجيه الاتهامات للحكومة السورية.   من الواضح أنّ اتهامات منظمة الأمم المتحدة للأسلحة الكيماوية، وكذلك الاتهامات الأخرى التي وجهتها هيئات مماثلة تابعة للأمم المتحدة إلى الجيش السوري والروسي باقتراف «جرائم بحق المدنيين» تشير إلى أنّ هذه الأجهزة تعمل ليس بوصفها أذرع للأمم المتحدة، وواجبها معرفة الحقائق كما هي، بل إنّ وظيفتها الأساسية القيام بحملات لدعم خيار السياسة الأميركية والغربية، سواء في سورية أو في اليمن، أو في العراق. مثلاً في العراق صوت منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية منخفض للغاية. قام طيران التحالف الأميركي بقصف داعش في مدينة الموصل المكتظة بالسكان والتي يقطنها أكثر من مليون ونصف مليون نسمة، ولم يسمح داعش لسكانها بالخروج منها. تتحدث الأمم المتحدة هنا عن تحويل داعش المدنيين إلى دروع بشرية، لكن في حلب وعلى الرغم من أنّ الإرهابيين فرضوا على سكان الأحياء الشرقية ما مارسته داعش في الموصل، لم نجد حملة من منظمات الأمم المتحدة ضدّ هؤلاء الإرهابيين تشبه حملة تحرير داعش في الموصل.   واضح أنّ سلوك منظمات الأمم المتحدة يكشف حقيقة انحيازها وارتباطها بالسياسة الغربية، وبالتحديد سياسة الولايات المتحدة، فهي تتبنّى مواقف تناسب هذه السياسة، ولا تجرؤ على قول الحقيقة، حتى لو تبيّن لها أنّ الحقيقة غير ذلك.   من المعروف أنّ كافة أجهزة الأمم المتحدة تمّت إعادة تركيبها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وجميع المناصب الرفيعة في الأمم المتحدة يجري تسمية المسؤولين فيها من قبل الولايات المتحدة، ويلعب نائب الأمين العام جيفري فليتمان الموظف الكبير في الخارجية الأميركية، دوراً كبيراً في اختيار الشخصيات للمناصب الرفيعة، ويحدّد توجهات المنظمات المنبثقة عن الأمم المتحدة بالتعاون مع الأمين العام الذي اختارته الولايات المتحدة.   لا شك أنّ استمرار سياسة الأمم المتحدة على هذا النحو، واستمرار خضوعها للولايات المتحدة والحكومات الغربية، سيحوّلها إلى «عصبة أمم» أخرى وقد يؤدّي إلى تفككها إذا لم يصار إلى إصلاحها بشكل سريع.

المصدر : البناء /حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة