تعكف الخارجية المصرية بالتعاون مع كل من إسبانيا ونيوزيلندا على إعداد مشروع قرار مشترك حول سوريا، لطرحه في مجلس الأمن الدولي.

حالة التخبط وغياب الإرادة الدولية في حسم الصراع السوري لسنوات، أعادت القاهرة إلى بؤرة الأحداث طرفاً فاعلاً وجزءاً من الحل السياسي للأزمة. لم لا؟ فقد احتوت مختلف فصائل المعارضة الوطنية في مؤتمر القاهرة، وأجمع أطرافها على "استحالة الحسم العسكري".

ورداً على اتهام مصر بالخروج عن الإجماع العربي، جدد الرئيس عبد الفتاح السيسي تأكيد ثوابت السياسة الخارجية تجاه الأزمة التي تتضمن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وإيجاد حل سياسي في إطار احترام إرادة الشعب السوري ونزع السلاح من العناصر الإرهابية.

ويأتي مشروع القرار المصري تداركاً لإخفاق مجلس الأمن في تمرير مشروعي قرارين مماثلين لفرنسا وروسيا، وما أعقبهما من مباحثات لم تصل إلى نتائج جوهرية خلال اجتماع لوزان، الذي دُعيت إليه مصر بحضور وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، ونظيره الأمريكي جون كيري، والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إلى جانب وزراء خارجية السعودية وتركيا وإيران والعراق والأردن وقطر.

ويتضمن مشروع القرار، المزمع عرضه على مجلس الأمن، النص على وقف الأعمال العدائية والتواصل بين الأطراف السورية كافة لإنهاء الأزمة وإيجاد حل سياسي عبر المبعوث الأممي إلى سوريا من دون النظر إلى تناقضات مواقف عربية أخرى.

الموقف المصري، المساند للإبقاء على مؤسسات الدولة السورية من دون اختزال الأزمة في وجود الرئيس بشار الأسد أو النظر إلى هوية من يخلفه على كرسي السلطة، إنما ينبع من تجربة حية عاشها الشعب المصري إبان حكم جماعة "الإخوان المسلمين"، إذ وُضعت القوى المتطرفة في مواجهة مؤسسات الدولة وتحولت العناصر الإرهابية إلى ميليشيات تسعى لتحقيق "حلم الخلافة". وكان موقف الرئيس الأسبق محمد مرسي شاهداً حين حشد أنصاره والمتحالفين معه من الأحزاب الدينية، الذين أطلقوا دعوات الجهاد في صفوف "جبهة النصرة" في سوريا، ووطّن ألوف العناصر التكفيرية العائدة من أفغانستان وألبانيا في سيناء، ولا تزال مؤسسات الدولة تدفع ثمن هذه السياسات الخاطئة من دماء رجال القوات المسلحة والشرطة.

وعلى الرغم من تباين وجهات النظر، يقول وزير الخارجية سامح شكري إن المشاورات المصرية-السعودية مستمرة بشكل دوري، انطلاقاً من أن "مصر تتطلع إلى إيجاد حل لأزمة سوريا بما يحفظ حق شعبها في رسم مستقبله".

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتباين فيها وجهتا النظر الرسميتين، المصرية والسعودية، حول التدخل العسكري في سوريا. فقد أعلن شكري أن قرار المملكة السعودية إرسال قوات برية للحرب في سوريا، فبراير/شباط الماضي، يعدُّ قراراً منفرداً، بينما وصفه عادل الجبير وزير خارجية المملكة بأنه قرار مشترك لقوة "التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب"، التي اقترحت الرياض إنشاءها بديلا لقرار تشكيل "القوة العربية المشتركة"، الذي ما زال حبيس أدراج جامعة الدول العربية.

بين أجندات مذهبية وطائفية تحكمها مصالح ضيقة وأطماع غربية وأمريكية واسعة، قد تكون هذه السطور قد أجابت عن سبب انحياز مصر لحق الأشقاء السوريين في تقرير المصير. فليس من المنطقي أن يسقط ملايين الضحايا من القتلى والجرحى ويتشرد ملايين أخرى في الحرب الأهلية، ولا يزال الشعب السوري لا يملك حق الدفاع عن حريته واستقلاله.

  • فريق ماسة
  • 2016-10-24
  • 7997
  • من الأرشيف

أسباب دفاع مصر عن حق الشعب السوري في تقرير مصيره

تعكف الخارجية المصرية بالتعاون مع كل من إسبانيا ونيوزيلندا على إعداد مشروع قرار مشترك حول سوريا، لطرحه في مجلس الأمن الدولي. حالة التخبط وغياب الإرادة الدولية في حسم الصراع السوري لسنوات، أعادت القاهرة إلى بؤرة الأحداث طرفاً فاعلاً وجزءاً من الحل السياسي للأزمة. لم لا؟ فقد احتوت مختلف فصائل المعارضة الوطنية في مؤتمر القاهرة، وأجمع أطرافها على "استحالة الحسم العسكري". ورداً على اتهام مصر بالخروج عن الإجماع العربي، جدد الرئيس عبد الفتاح السيسي تأكيد ثوابت السياسة الخارجية تجاه الأزمة التي تتضمن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وإيجاد حل سياسي في إطار احترام إرادة الشعب السوري ونزع السلاح من العناصر الإرهابية. ويأتي مشروع القرار المصري تداركاً لإخفاق مجلس الأمن في تمرير مشروعي قرارين مماثلين لفرنسا وروسيا، وما أعقبهما من مباحثات لم تصل إلى نتائج جوهرية خلال اجتماع لوزان، الذي دُعيت إليه مصر بحضور وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، ونظيره الأمريكي جون كيري، والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إلى جانب وزراء خارجية السعودية وتركيا وإيران والعراق والأردن وقطر. ويتضمن مشروع القرار، المزمع عرضه على مجلس الأمن، النص على وقف الأعمال العدائية والتواصل بين الأطراف السورية كافة لإنهاء الأزمة وإيجاد حل سياسي عبر المبعوث الأممي إلى سوريا من دون النظر إلى تناقضات مواقف عربية أخرى. الموقف المصري، المساند للإبقاء على مؤسسات الدولة السورية من دون اختزال الأزمة في وجود الرئيس بشار الأسد أو النظر إلى هوية من يخلفه على كرسي السلطة، إنما ينبع من تجربة حية عاشها الشعب المصري إبان حكم جماعة "الإخوان المسلمين"، إذ وُضعت القوى المتطرفة في مواجهة مؤسسات الدولة وتحولت العناصر الإرهابية إلى ميليشيات تسعى لتحقيق "حلم الخلافة". وكان موقف الرئيس الأسبق محمد مرسي شاهداً حين حشد أنصاره والمتحالفين معه من الأحزاب الدينية، الذين أطلقوا دعوات الجهاد في صفوف "جبهة النصرة" في سوريا، ووطّن ألوف العناصر التكفيرية العائدة من أفغانستان وألبانيا في سيناء، ولا تزال مؤسسات الدولة تدفع ثمن هذه السياسات الخاطئة من دماء رجال القوات المسلحة والشرطة. وعلى الرغم من تباين وجهات النظر، يقول وزير الخارجية سامح شكري إن المشاورات المصرية-السعودية مستمرة بشكل دوري، انطلاقاً من أن "مصر تتطلع إلى إيجاد حل لأزمة سوريا بما يحفظ حق شعبها في رسم مستقبله". ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتباين فيها وجهتا النظر الرسميتين، المصرية والسعودية، حول التدخل العسكري في سوريا. فقد أعلن شكري أن قرار المملكة السعودية إرسال قوات برية للحرب في سوريا، فبراير/شباط الماضي، يعدُّ قراراً منفرداً، بينما وصفه عادل الجبير وزير خارجية المملكة بأنه قرار مشترك لقوة "التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب"، التي اقترحت الرياض إنشاءها بديلا لقرار تشكيل "القوة العربية المشتركة"، الذي ما زال حبيس أدراج جامعة الدول العربية. بين أجندات مذهبية وطائفية تحكمها مصالح ضيقة وأطماع غربية وأمريكية واسعة، قد تكون هذه السطور قد أجابت عن سبب انحياز مصر لحق الأشقاء السوريين في تقرير المصير. فليس من المنطقي أن يسقط ملايين الضحايا من القتلى والجرحى ويتشرد ملايين أخرى في الحرب الأهلية، ولا يزال الشعب السوري لا يملك حق الدفاع عن حريته واستقلاله.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة