دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
إعلان ثلاثة فصائل من المعارضة السورية المسلحة في إدلب، تشكيلاً جديداً اندمجت فيه تحت مسمّى "جيش إدلب الحرّ"، يبدو أنه لن يُغيّر كثيراً في الواقع الميداني.اندماج فصائل "صقور الجبل" و"الفرقة الشمالية" و"الفرقة 13"، في جسم واحد يُرجَّح أن تكون غايته إعادة ضخ الحياة في صورة تتشحّ بالخسارة.
زعماء "جيش إدلب الحر" أعلنوا في بيان لهم أن الغاية من التشكيل هو "إعلان وحدتنا وحدة كاملة ... وإلغاء كافة المسميات السابقة بقيادة واحدة وتنظيم واحد"، لكن من المستبعد أن يلعب التشكيل الجديد دوراً كبيراً في إحداث اختراق في الواقع الميداني نتيجة تقدم الجيش السوري على أكثر من جبهة... يبدو أن الأمر لا يعدو أكثر من كونه تحايلاً على تلك الحقيقة، لكنها تأتي في سياق حرب نفسية، يجب الاعتراف بأن الجهات الداعمة للمعارضة المسلحة السورية تُجيدها.
هنا، تصبح التفاصيل مجرد حشو... فهي لا تُقدِّم إلا شذرات يمكن قراءتها في الاستراتيجيا، ومثالٌ على هذا الحشو، النقاش حول اختلاف الأنباء حيال من سيشغل منصب قائد "جيش إدلب الحر"، ما بين قائد "الفرقة 13"المقدّم المنشق أحمد سعود وقائد "صقور الجبل" النقيب المنشق حسن حاج علي، في ظل تداول أنباء أخرى تتحدث عن تعيين الأخير قائداً عاماً للتشكيل الجديد، وشخص آخر يدعى محمد بيوش نائباً له.
ولذلك فإن تشكيل جيش هنا أو هناك، هو أقرب إلى مراوحة في المكان نفسه، خاصة أن أكثر من سؤال يُطرح في هذا الشأن ومنها "ما هي الغاية والأسباب؟ لو استطاعت هذه الفصائل سابقاً أن تُنجز ما كُلفت به، هل كان ثمة داعٍ للإعلان عن تشكيل جديد؟، يَسأل الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية السوري حسن أحمد حسن، عبر الميادين نت.
الإعلان عن "جيش إدلب الحرّ"، سبقه إعلانات أخرى في أوقات ماضية، ولعل الإجابة عن الأسئلة الآنفة، تحيل إلى الاعتراف بوجود سلسلة طويلة من تبديل الأسماء والإعلان عن تشكيلات جديدة، للإيحاء بأن ثمة واقعاً تَغيَّر أو في طريقه إلى التغيير.
"جميع الفصائل عجزت عن تحقيق مهامها، أُعلن عن تشكيلات جديدة كثيراً، لكن الوضع بقي على ما هو عليه"، يقول حسن.
يشرح بأن الهدف الأول هو "اللعب على العامل النفسي، والإيحاء بأنه يمكن إحداث إنجاز ما"... هذا ما يوحي به البيان الصادر عن قادة "جيش إدلب الحر" من أن هناك "ضرورةً لتوحيد الصف والعمل المشترك للانتقال إلى العمل العسكري المنظّم، بهدف محاربة قوات النظام وميليشياته"، على حد تعبيرهم، وكان "صقور الجبل" المدعوم تركياً قد انسحب من عملية "درع الفرات"، وذلك احتجاجاً على مشاركة جنود أميركيين فيها.
ما يحصل يمكن تلمّس صورته المستقبلية في سعي واشنطن إلى "بلورة صورة عن القبول بالواقع الميداني، على حساب تعثّر الحل السياسي"، ما يعني فتح الطريق أمام اللاعبين الإقليميين "لإثبات دورهم من خلال الميدان, ولذلك فإن التصعيد التركي والخليجي سيكون طبيعياً"، بحسب ما صرّح حسن للميادين نت. لقد كان لافتاً إعلان قائد "الفرقة 13" أحمد سعود سابقاً أن التشكيل سيسعى للتنسيق مع "جبهة النصرة" و"إقامة علاقة جيدة معه"، وذلك في ظل مسعى آخر يقوم به عبدالله المحيسني في حلب، من أجل توحيد الفصائل المسلحة، حيث صرّح عبر حسابه على "تويتر" أنه في حال فشل الاندماج فإن "هذه الدماء والمآسي برقبة من أفشله".
ويشير إعلان سعود إلى مسعى يتخطى تجاوز "بعض الآثار على المستوى الميداني"، لكنه "لن يستطيع القفز فوق التكتيك القريب إلى الاستراتيجيا". فالبراغماتية الأميركية وفق حسن، "جُلّ ما تسعى إليه هو تغيير المسميات بهدف الحفاظ على الجوهر، أي إطالة مدى الحرب السورية لاستنزاف الحكومة السورية وحلفائها في مقدمهم روسيا وإيران".
هنا، يمكن فهم ما يعدّ له... محاولة إيجاد مخرج لتعاون مقبل بين النصرة المصنفة تنظيماً إرهابياً وبين الفصائل المسلحة الأخرى الموسومة بالاعتدال. لكن هذا لا يعني أن هذا المخرج قد يتم الوصول إليه، إلا أنه في أحسن الأحوال "سيؤمّن تغطية لعمل النصرة" في معاركها مع الجيش السوري وحلفائه.
وليس من المستبعد أن يكون الإعلان عن "جيش إدلب الحر" فاتحة لتشكيلات جديدة أخرى على الساحة السورية. ذلك أن الهدف الرئيسي هو "الانتقال من الواقع العسكري إلى الواقع السياسي بناء على خريطة المعارك" بحسب حسن، والتي ستمنح أحد أطراف المعركة السورية ما يكفي من شروط القوة الميدانية، لخوض معركة أخرى تفاوضية قد لا تنجح بالضرورة.
وكان لتشكيل "جيش إدلب الحر" صداه على مواقع التواصل، حيث عبّر ناشطون عن تشكيكهم بجدوى التشكيل الجديد، حيث ساد جوّ "مقرب" من "النصرة" وصف أصحاب "جيش إدلب الحر" بـــ "الخونة".
المصدر :
الماسة السورية/الميادين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة