لم يجد المفكرون الإستراتيجيون في واشنطن من مدخل لإسقاط الحلقة الذهبية في محور المقاومة غير الجماعات المقاتلة التي تتخذ من الإديولوجية الدينية المتطرفة نهجا لتبرير حروبها العبثية من أجل تحقيق أهداف أسيادها، فاتخذوها جيشا سريا بديلا عن جيوشهم المهزومة في أفغانستان والعراق ولبنان.

 

وكان من أول ضحايا هذه الحرب الحضارية الجديدة هي الهوية الوطنية والقومية التي تم استبدالها إلى حد مقلق بالهوية الطائفية والمذهبية، وقد ساعد في ذلك ضعف الحس القومي الذي أصيب في مقتل بسبب النكبات والانتكاسات التي عرفتها سورية وشعوب المنطقة في صراعها الوجودي والمصيري مع “إسرائيل” من جهة، وغياب العدالة الاجتماعية التي ساهمت إلى حد بعيد في تراجع الولاء الوطني من جهة ثانية، فأصبح العامل الطائفي والمذهبي بالتالي سبيلا للتغيير والخلاص.

 

هذا بالرغم من أن الخطاب الرسمي السوري ظل يروج لمقولة أن سورية دولة علمانية بجيش وطني عروبي متماسك، ومجتمع منفتح ومتجانس، وأن النظام قابل للإصلاح بالوسائل السلمية.. إلا أن واشنطن نجحت إلى حد ما في تحويل الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية إلى بداية صراع مذهبي سني – شيعي، ورأينا كيف أن الوزير جون كيري أطلق مقولته الشهيرة عن مفهوم الديموقراطية الأمريكية الجديدة في سورية حين أكد أن “الغالبية السنية في المنطقة لا تريد حكم الأقلية العلوية في سورية”.

 

من هنا كان واضحا أن أمريكا عدوة الحرية والديمقراطية وعدوة الشعوب المستضعفة، فجرت الصراع في سورية لتحوله إلى حرب مذهبية بين السنة والشيعة لحرق المنطقة بالكامل وليس سورية فحسب، الأمر الذي جعل حزب الله وإيران والعراق يدركون خطورة المشروع على الأمة، وأنهم هم أيضا في دائرة الاستهداف الأمريكي الذي يسعى لاجتثاث محور المقاومة خدمة لأمن واستقرار وسيادة “إسرائيل”، لأن الشيعة هم من يكنون العداء لأمريكا ويقاومون الوجود الصهيوني في المنطقة، بخلاف “السنة” (السلفية الوهابية والإخونجية) الذين لا يمانعون من الاعتراف بـهذا الكيان المجرم الجبان والتعايش معه كما لو كان مكونا طبيعيا وأصيلا من مكونات المنطقة، وذلك ضدا في المرجعية الإسلامية التي يقولون أنهم يصدرون عنها وضدا في الأخلاق والقيم الإنسانية.

 

ولعل أهم ما تعلمناه من الحرب السورية اليوم، هو أن حركة الإخوان المسلمين التي تم قمعها بقوة في أحداث 1982 واعتقد الجميع أن خطرها زال ولم يعد قائما في سورية، ظلت تعمل سرا في المهجر إلى أن أتيحت لها الفرصة فانخرطت في الفتنة في محاولة مجنونة للانتقام من النظام السوري، كما وأكدت الأحداث والتطورات في سورية والمنطقة أن هذه الحركات الانتهازية هي أخطر على الأمة ودينها من “إسرائيل” نفسها، وأنها مجرد أدوات وضيعة تتلاعب بها المخابرات الأطلسية والصهيونية.. وما كان لأوراق التوت أن تسقط عنها بهذا الشكل الفاضح وتتكشف الحقيقة للشعوب لولا صمود الدولة السورية في وجه الطوفان.

 

*** / ***

 

ما من شك، أن من خطط لإسقاط سورية من مدخل “الجهادية السنية” هو عقل مشبع بالتاريخ الإسلامي مثقل بهمومه عارف بخباياه، فأراد إعادة إحياء حرب دينية من مدخل الصراع الإديولوجي كما سبق وأن اعترف هنري كيسنجر بعظمة لسانه، لكن ما لم يفهمه كيسنجر وغيره من دبابات الفكر الاستراتيجي الأمريكي، هو أن دروس وعبر هذا التاريخ الإسلامي الدموي قد تمخضت عن حقيقة لا يمكن تجاوزها، ومفادها، أنه من الخطير ابتكار أو انتهاز سياسة جديدة في هذا المجال وفق حسابات يعتقد أصحابها أن نتائجها ستكون مخالفة لما عرفته الحقب السالفة من نتائج.

 

لأن التاريخ يعلمنا أنه إذا كانت الجماعات الدينية تستطيع المساهمة في خلق فتن هنا وحرب هناك، فإنها لا تستطيع مواجهة القوة المادية للدولة المتماسكة التي تفرض نفسها بالنهاية، كما وأن الدولة السورية تحديدا، وريثة الثقافة الأموية، لها من الحنكة السياسية والعسكرية ما يغنيها عن السقوط في فخ الحرب الدينية من خلال قمع طائفة من شعبها بعينها، ونقصد بذلك السنة الذين يشكلون ثلثي الجيش العربي السوري.

 

لذلك، ومنذ البداية، كان الخطاب الرسمي للدولة السورية يفرق بين الشعب السوري المتجانس والمتعايش في ظل نظام علماني منفتح على الجميع، وبين المغرر بهم ممن تحولوا إلى أدوات للفكر السلفي الوهابي والإخونجي لتخريب وطنهم وقتل أبناء شعبهم بسبب عمى البصر والبصيرة، وأن المستهدف الحقيقي في سورية هو خيار الشعب الممانع والمقاوم للكيان الصهيوني المجرم.

 

هذا على مستوى الخطاب، أما على مستوى التكتيك والإستراتيجيا، فكانت سورية تفرق بين الجماعات المتطرفة السورية التي تم تأسيسها في الداخل لتشكل الدراع العسكرية لمصالح القوى المتآمرة من جهة، والجماعات الإرهابية الدخيلة على سورية كـ”داعش” و”القاعدة” من جهة أخرى، وكانت تعرف أن دور الأخيرة هو استنزاف الجيش العربي السوري ليسهل على الأولى إنهائه وإسقاط النظام تمهيدا لاقتسام النفوذ في سورية بين “إسرائيل” وتركيا و”السعودية”.

 

لذلك، لم يحارب الرئيس الأسد “داعش”، لأنه كان يدرك أن وهم الخلافة لا مستقبل له لا في سورية ولا في العراق أو غيرها، وأن الهدف منه هو جلب الإرهابيين والمرتزقة من كل أصقاع الأرض لتدمير سورية وذبح شعبها وإضعاف جيشها لتتمكن مجموعة الفصائل الإرهابية المحلية التي تشكل الأدرع العسكرية للسلفية الوهابية والإخونجية من إسقاط النظام والسيطرة على السلطة بعد ذلك بسهولة.

 

لأن ما فعله الرئيس الأسد في حقيقة الأمر، وهذا ما سيكشفه المؤرخون بعد حين، أنه تجنب المواجهة مع “داعش” قدر الإمكان، ولأنه كان يدرك أن هدف المرتزقة هو الغنيمة، فقد سمح لهم باستغلال آبار النفط والغاز التي سيطروا عليها، وفضل تركيز جهده الأمني والعسكري على مواجهة الفصائل الشاردة التي يسهل القضاء عليها، وبذلك، نجح في خلق الظروف الموضوعية لمنافسة شديدة بين الفصائل الكبرى من جهة، وبين هذه الفصائل و”داعش” من جهة أخرى.

 

هذه الاستراتيجيا مستمدة من فلسفة الصراعات التي عرفها التاريخ الإسلامي قديما، وتقوم على أساس تركيز الدولة على الجماعات الصغيرة لسحقها واستثناء الجماعات القوية، لتتقوى لدرجة تنتقل معها إلى حرب بينية بهدف تحاول كل منها فرض سيطرتها من خلال ضرب منافسيها المحتملين من الفصائل القوية الأخرى، لأنه في هذه المرحلة ينتقل التآمر على سورية إلى المنافسة بين الأدوات الإقليمية على من يكون له حصة الأسد والكلمة الفصل في المستقبل السياسي للبلاد، وحين تضعف هذه الجماعات تتولاها الدولة فتسحقها بقوتها المادية.. هكذا يتحدث التاريخ.

 

لا يسمح الوقت بإعطاء أمثلة على ذلك، فالحالات أكثر من أن تعد وتحصى منذ اندلاع الأزمة السورية، لكن يكفي أن ننتبه هنا إلى تصريحات الجانب الأمريكي الذي يتهم الدولة السورية باستهداف “المعارضة المعتدلة” بدل التركيز على “داعش” لنفهم سر اللعبة، لأن أمريكا كانت ترغب في أن يواجه الجيش العربي السوري وحلفائه “داعش” حصرا في الوقت التي تدعمه هي من البر والجو في حرب استنزاف مفتوحة، وبموازاة ذلك تقزم بتقوية فصائل “المعارضة المعتدلة” وإعدادها لإسقاطك النظام في دمشق حين يضعف الجيش وتفكك.

 

حتى روسيا عندما دخلت الحرب ضد الإرهابيين في سورية سارت على نهج الإستراتيجيا السورية، بحيث استهدفت من تسميهم واشنطن بـ”المعارضة المعتدلة” بموازاة صهاريج وخطوط تهريب النفط التي كانت تستفيد من ريعها تركيا لمعاقبة أردوغان وفضحه ووضع حد لتقوية “داعش” دون استهدافها بشكل مباشر.. وهو ما جعل الرئيس أوباما يتهم في أكثر من مناسبة الرئيس بوتين بدعم الأسد من خلال استهداف “المعارضة المعتدلة” بدل التركيز على “داعش”، هذا علما أن دعم الرئيس بوتين للرئيس الأسد هو دعم لنظام شرعي اختاره الشعب بحرية في انتخابات ديموقراطية، في حين أن دعم “من تسميهم واشنطن بـ”المعارضة المعتدلة” هو دعم للإرهاب وانتهاك للسيادة السورية وتدخل سافر في شؤون الدول ومحاولة قلب أنظمة الحكم بالقوة.

 

وحين حذر الرئيس الأسد بأن الإرهاب سينقلب على داعميه ويهدد أوروبا والعالم، فالحديث هنا لم يكن المقصود به المقاتلين السوريين، بل الأغراب الذين استقدموا لدعم “داعش”، وما حدث في أوروبا وأمريكا وتركيا نفسها، هو إحدى نتائج هذه الرؤية النافذة والمتبصرة.. والقادم يبشر بالأسوأ.

 

وها هي صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” تنقل الأربعاء تقريرا نشره الاقتصادي الأمريكي الشهير البروفيسور ‘جيفري ساكس’ عن “داعش” وسبب بقائه حيا حتى الآن، يقول في خلاصته، أنه وبالرغم من أن عديد المقاتلين المنضوين تحت لواء “داعش” في سورية والعراق لا يتجاوز 20 إلى 25 ألف وفق الأرقام الأمريكية، مقارنة بعشرات الآلاف من القوات السورية والحليفة التي تقاتل الإرهاب في سورية من جهة، والتحالف الأمريكي الستيني الذي يقول أنه أيضا تشكل لمحاربة “داعش”، إلا أن هذا التنظيم لا يزال حيا يرزق حتى الآن ويتمدد إلى شمال إفريقيا والعالم، والسر في ذلك يكمن في أن لا أحد من المتدخلين في الصراع السوري يرى في “داعش” عدوا رئيسا تجب محاربته، حتى الرئيس أوباما الذي وعد شهر شتنبر/أيلول 2014 بالقضاء على “داعش”، لم يفعل شيئا يذكر بعد عامين من الطلعات الجوية.

 

ما قاله هذا البروفيسور الكبير لا يحتاج لتفسير، بل يؤكد حرفيا ما ذهبنا إليه في هذا السياق بالتحليل، انطلاقا من دروس التاريخ الإسلامي الحافل بالنماذج والأمثلة، وبالتالي، لا نحتاج للقول بالمناسبة أن الولايات المتحدة وحلفاءها، بما فيهم “السعودية” وتركيا و”إسرائيل” (من وراء الكواليس) تركز على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بدل محاربة “داعش” وتعتبر القضاء على هذا التنظيم الإرهابي خطئا استراتيجيا لا يصب في مصلحة واشنطن وتل أبيب.. ونحن نقول بالمناسبة، أن القضاء على “داعش” من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه ليس المشكلة، بل المشكلة التي تكتسي أولوية الأولويات هي الجماعات الإرهابية الأخرى التي تسميها واشنطن وحلفائها بـ”المعارضة المعتدلة”.. هذا هو الرهان الحقيقي اليوم في سورية.

 

بدليل، أنه وفي تقرير “إسرائيلي” حديث، يقول الجنرال الصهيوني ‘هرتسي هاليفي’، إن إسقاط الرئيس الأسد أمر غاية في الأهمية لأنه السبيل الوحيد لإضعاف إيران وعزل حزب الله، و”إسرائيل” لا تريد أن تنتهي الأزمة السورية بالقضاء على “داعش” وخروج الدول العظمى من المنطقة لتبقى إسرائيل تواجه وحدها حزب الله وإيران التي تعززت إمكانياتها.. لذلك، فإن الأولوية بالنسبة إلى إسرائيل هي رحيل الأسد وليس القضاء على “داعش”.. ونحن نقول بالمناسبة، أن أولوية محور المقاومة ليست “داعش” في هذه المرحلة، بل القضاء على أدوات أمريكا و”إسرائيل” و”السعودية” وتركيا وقطر، بعدها “داعش” سترحل من سورية من دون مواجهة، لأن ما يهم المرتزقة هو الغنيمة لا السلطة في أرض ليست لهم، وهو يدركون أن العالم يعتبهم تنظيما إرهابيا، وبالتالي لن يسمح لهم بالبقاء بعد انتهاء دورهم، وهذا ما فهمه “داعش” جيدا.

 

وبالتالي، لماذا تريدون من الرئيس الأسد أن يحارب “داعش” في هذه المرحة الحساسة من عمر الأزمة؟.. أليس من العدل أن ينزع حلف المؤامرة الأشواك التي زرعها بيده في المنطقة وانتشرت مع الريح في كل أصقاع الأرض؟.. لأن بقاء “داعش” وتمدده هو فشل لأمريكا وحلفائها الذين يرتعدون خوفا من تمدده لعقر ديارهم بعد أن انقلب عليهم وصدر في حقه أخيرا قرار باجتثاثه، خصوصا بعد أن تحول إلى سلاح في يد أردوغان يهدد ضمنيا باستعماله ضد أوروبا.

 

*** / ***

 

ونأتي الآن إلى معطى آخر غاية في الأهمية والخطورة، ونقصد بذلك الورقة الكردية التي أصبحت الورقة البديلة في يد واشنطن بعد أن خسرت ورقة الإرهاب.. ولنتأمل جيدا ما الذي حصل قبل أن تتبنى واشنطن أكراد سورية..

 

– ألم يهدد الرئيس الأسد قبل سنوات تركيا بحرب أهلية سيكون الأكراد حطب نارها؟..

 

– ألم يسلح الرئيس الأسد أكراد سورية ليدافعوا عن أنفسهم ضد “داعش” والجماعات الإرهابية التي تهددهم، ونجحوا في تحقيق انتصار نوعي في عين العرب (كوباني)؟.. وهو الإنجاز الذي لفت أنظار واشنطن وفرنسا وبريطانيا إليهم، فقرروا الرهان عليهم كورقة لتقسيم سورية بعد أن سقطت كل أوراق “المعارضة المعتدلة”، واكتشف العالم أنه لم يعد لهم من جيش قوي يعتمدون عليه غير “جبهة النصرة” و”أحرار الشام” وبعض الفصائل الصغيرة، والتي تصنفها روسيا في خانة الإرهاب وترفض الاعتراف بها كـ”معارضة معتدلة”.

 

– ألم تأكل أمريكا بدورها الطعم حين راهنت على الأكراد فاصطدمت من حيث لم تكن تحتسب بالحليف التركي؟..

 

ثم ماذا بعد؟.. لأنه إذا كانت تركيا ماضية في سحق الأكراد دفاعا عن أمنها القومي، ولن تقبل بهدنة معهم ولا بتسوية لأنها لا تثق فيهم وتعتبرهم أخطر من “داعش” و”القاعدة”، وتعرف أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا و”إسرائيل” هم من يقف ورائهم لتقسيم سورية وتركيا وإيران، فإن المواجهة اليوم أصبحت بين حلفاء الأمس الذين تحولوا إلى خصوم اليوم..

 

هذه مجرد بداية، ولا نشك بأن حربا أهلية ستنفجر في تركيا كما سبق وأكدنا في مقالة سابقة، لأن هذا هو هدف أمريكا، تضحي بأردوغان وحزبه لتربح تركيا الموقع والدور.

 

لكن لاحظوا، بالرغم من أن ما تفعله تركيا يصب في مصلحة سورية، غير أن دمشق أبت إلا أن تسجل موقفا سياسيا يدين تدخل تركيا في الأراضي السورية واعتدائها على أحد مكونات الشعب السوري..

 

– أليست هذه دعوة ضمنية للأكراد تذكرهم بأن لا بديل لهم عن وطنهم الأم سورية، وأن الدولة السورية هي الوحيدة القادرة على حمايتهم ومساعدتهم في مواجهة التغول التركي؟.. قد يكون هذا مجرد تكتيك سوري، لأن الإستراتيجيا هي في مكان آخر.

 

وفي الخلاصة، سيخرج من يسأل غدا عن طبيعة الصراع السوري.. هل كان ثورة شعبية؟.. أم تمرد مسلح للمعارضة ضد الدولة؟.. أم حرب على الإرهاب الوهابي والإخونجي؟.. أم صراع سني – شيعي؟.. أم صراع قومي بين الأكراد والجماعات التكفيرية التي تدعمها تركيا؟.. وهل سنرى امتدادا لهذا الصراع الطائفي والمذهبي في بلدان ومناطق أخرى؟..

 

التاريخ يقول، أنه كلما ازداد نفوذ الجماعات الدينية والقومية في منطقة ما إلا وضعفت هيبة الدول وتصاعدت وثيرة التوترات والنزاعات والفتن والحروب.. فهل هذا ما تريده أمريكا؟..

 

لا شك في ذلك، وهذا سيؤدي حتما إلى مواجهة عسكرية قد تحسم الصراع لصالح أحد الأطراف، وقد تفجر المنطقة والعالم في غياب أي إمكانية للتفاهم بين الكبار، لأن عقيدة أمريكا للهيمنة على العالم لا يمكن تغييرها إلا بمنطق القوة لا الحجة، ولعل قضية الكيماوي التي أعيد إحيائها في مجلس الأمن لإدانة الدولة السورية من قبل أمريكا وفرنسا وبريطانيا، هي مقدمة لما يتحضر لسورية والمنطقة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

  • فريق ماسة
  • 2016-08-31
  • 6962
  • من الأرشيف

ما هي استراتيجية الرئيس الأسد التي أنقذت سورية؟..

لم يجد المفكرون الإستراتيجيون في واشنطن من مدخل لإسقاط الحلقة الذهبية في محور المقاومة غير الجماعات المقاتلة التي تتخذ من الإديولوجية الدينية المتطرفة نهجا لتبرير حروبها العبثية من أجل تحقيق أهداف أسيادها، فاتخذوها جيشا سريا بديلا عن جيوشهم المهزومة في أفغانستان والعراق ولبنان.   وكان من أول ضحايا هذه الحرب الحضارية الجديدة هي الهوية الوطنية والقومية التي تم استبدالها إلى حد مقلق بالهوية الطائفية والمذهبية، وقد ساعد في ذلك ضعف الحس القومي الذي أصيب في مقتل بسبب النكبات والانتكاسات التي عرفتها سورية وشعوب المنطقة في صراعها الوجودي والمصيري مع “إسرائيل” من جهة، وغياب العدالة الاجتماعية التي ساهمت إلى حد بعيد في تراجع الولاء الوطني من جهة ثانية، فأصبح العامل الطائفي والمذهبي بالتالي سبيلا للتغيير والخلاص.   هذا بالرغم من أن الخطاب الرسمي السوري ظل يروج لمقولة أن سورية دولة علمانية بجيش وطني عروبي متماسك، ومجتمع منفتح ومتجانس، وأن النظام قابل للإصلاح بالوسائل السلمية.. إلا أن واشنطن نجحت إلى حد ما في تحويل الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية إلى بداية صراع مذهبي سني – شيعي، ورأينا كيف أن الوزير جون كيري أطلق مقولته الشهيرة عن مفهوم الديموقراطية الأمريكية الجديدة في سورية حين أكد أن “الغالبية السنية في المنطقة لا تريد حكم الأقلية العلوية في سورية”.   من هنا كان واضحا أن أمريكا عدوة الحرية والديمقراطية وعدوة الشعوب المستضعفة، فجرت الصراع في سورية لتحوله إلى حرب مذهبية بين السنة والشيعة لحرق المنطقة بالكامل وليس سورية فحسب، الأمر الذي جعل حزب الله وإيران والعراق يدركون خطورة المشروع على الأمة، وأنهم هم أيضا في دائرة الاستهداف الأمريكي الذي يسعى لاجتثاث محور المقاومة خدمة لأمن واستقرار وسيادة “إسرائيل”، لأن الشيعة هم من يكنون العداء لأمريكا ويقاومون الوجود الصهيوني في المنطقة، بخلاف “السنة” (السلفية الوهابية والإخونجية) الذين لا يمانعون من الاعتراف بـهذا الكيان المجرم الجبان والتعايش معه كما لو كان مكونا طبيعيا وأصيلا من مكونات المنطقة، وذلك ضدا في المرجعية الإسلامية التي يقولون أنهم يصدرون عنها وضدا في الأخلاق والقيم الإنسانية.   ولعل أهم ما تعلمناه من الحرب السورية اليوم، هو أن حركة الإخوان المسلمين التي تم قمعها بقوة في أحداث 1982 واعتقد الجميع أن خطرها زال ولم يعد قائما في سورية، ظلت تعمل سرا في المهجر إلى أن أتيحت لها الفرصة فانخرطت في الفتنة في محاولة مجنونة للانتقام من النظام السوري، كما وأكدت الأحداث والتطورات في سورية والمنطقة أن هذه الحركات الانتهازية هي أخطر على الأمة ودينها من “إسرائيل” نفسها، وأنها مجرد أدوات وضيعة تتلاعب بها المخابرات الأطلسية والصهيونية.. وما كان لأوراق التوت أن تسقط عنها بهذا الشكل الفاضح وتتكشف الحقيقة للشعوب لولا صمود الدولة السورية في وجه الطوفان.   *** / ***   ما من شك، أن من خطط لإسقاط سورية من مدخل “الجهادية السنية” هو عقل مشبع بالتاريخ الإسلامي مثقل بهمومه عارف بخباياه، فأراد إعادة إحياء حرب دينية من مدخل الصراع الإديولوجي كما سبق وأن اعترف هنري كيسنجر بعظمة لسانه، لكن ما لم يفهمه كيسنجر وغيره من دبابات الفكر الاستراتيجي الأمريكي، هو أن دروس وعبر هذا التاريخ الإسلامي الدموي قد تمخضت عن حقيقة لا يمكن تجاوزها، ومفادها، أنه من الخطير ابتكار أو انتهاز سياسة جديدة في هذا المجال وفق حسابات يعتقد أصحابها أن نتائجها ستكون مخالفة لما عرفته الحقب السالفة من نتائج.   لأن التاريخ يعلمنا أنه إذا كانت الجماعات الدينية تستطيع المساهمة في خلق فتن هنا وحرب هناك، فإنها لا تستطيع مواجهة القوة المادية للدولة المتماسكة التي تفرض نفسها بالنهاية، كما وأن الدولة السورية تحديدا، وريثة الثقافة الأموية، لها من الحنكة السياسية والعسكرية ما يغنيها عن السقوط في فخ الحرب الدينية من خلال قمع طائفة من شعبها بعينها، ونقصد بذلك السنة الذين يشكلون ثلثي الجيش العربي السوري.   لذلك، ومنذ البداية، كان الخطاب الرسمي للدولة السورية يفرق بين الشعب السوري المتجانس والمتعايش في ظل نظام علماني منفتح على الجميع، وبين المغرر بهم ممن تحولوا إلى أدوات للفكر السلفي الوهابي والإخونجي لتخريب وطنهم وقتل أبناء شعبهم بسبب عمى البصر والبصيرة، وأن المستهدف الحقيقي في سورية هو خيار الشعب الممانع والمقاوم للكيان الصهيوني المجرم.   هذا على مستوى الخطاب، أما على مستوى التكتيك والإستراتيجيا، فكانت سورية تفرق بين الجماعات المتطرفة السورية التي تم تأسيسها في الداخل لتشكل الدراع العسكرية لمصالح القوى المتآمرة من جهة، والجماعات الإرهابية الدخيلة على سورية كـ”داعش” و”القاعدة” من جهة أخرى، وكانت تعرف أن دور الأخيرة هو استنزاف الجيش العربي السوري ليسهل على الأولى إنهائه وإسقاط النظام تمهيدا لاقتسام النفوذ في سورية بين “إسرائيل” وتركيا و”السعودية”.   لذلك، لم يحارب الرئيس الأسد “داعش”، لأنه كان يدرك أن وهم الخلافة لا مستقبل له لا في سورية ولا في العراق أو غيرها، وأن الهدف منه هو جلب الإرهابيين والمرتزقة من كل أصقاع الأرض لتدمير سورية وذبح شعبها وإضعاف جيشها لتتمكن مجموعة الفصائل الإرهابية المحلية التي تشكل الأدرع العسكرية للسلفية الوهابية والإخونجية من إسقاط النظام والسيطرة على السلطة بعد ذلك بسهولة.   لأن ما فعله الرئيس الأسد في حقيقة الأمر، وهذا ما سيكشفه المؤرخون بعد حين، أنه تجنب المواجهة مع “داعش” قدر الإمكان، ولأنه كان يدرك أن هدف المرتزقة هو الغنيمة، فقد سمح لهم باستغلال آبار النفط والغاز التي سيطروا عليها، وفضل تركيز جهده الأمني والعسكري على مواجهة الفصائل الشاردة التي يسهل القضاء عليها، وبذلك، نجح في خلق الظروف الموضوعية لمنافسة شديدة بين الفصائل الكبرى من جهة، وبين هذه الفصائل و”داعش” من جهة أخرى.   هذه الاستراتيجيا مستمدة من فلسفة الصراعات التي عرفها التاريخ الإسلامي قديما، وتقوم على أساس تركيز الدولة على الجماعات الصغيرة لسحقها واستثناء الجماعات القوية، لتتقوى لدرجة تنتقل معها إلى حرب بينية بهدف تحاول كل منها فرض سيطرتها من خلال ضرب منافسيها المحتملين من الفصائل القوية الأخرى، لأنه في هذه المرحلة ينتقل التآمر على سورية إلى المنافسة بين الأدوات الإقليمية على من يكون له حصة الأسد والكلمة الفصل في المستقبل السياسي للبلاد، وحين تضعف هذه الجماعات تتولاها الدولة فتسحقها بقوتها المادية.. هكذا يتحدث التاريخ.   لا يسمح الوقت بإعطاء أمثلة على ذلك، فالحالات أكثر من أن تعد وتحصى منذ اندلاع الأزمة السورية، لكن يكفي أن ننتبه هنا إلى تصريحات الجانب الأمريكي الذي يتهم الدولة السورية باستهداف “المعارضة المعتدلة” بدل التركيز على “داعش” لنفهم سر اللعبة، لأن أمريكا كانت ترغب في أن يواجه الجيش العربي السوري وحلفائه “داعش” حصرا في الوقت التي تدعمه هي من البر والجو في حرب استنزاف مفتوحة، وبموازاة ذلك تقزم بتقوية فصائل “المعارضة المعتدلة” وإعدادها لإسقاطك النظام في دمشق حين يضعف الجيش وتفكك.   حتى روسيا عندما دخلت الحرب ضد الإرهابيين في سورية سارت على نهج الإستراتيجيا السورية، بحيث استهدفت من تسميهم واشنطن بـ”المعارضة المعتدلة” بموازاة صهاريج وخطوط تهريب النفط التي كانت تستفيد من ريعها تركيا لمعاقبة أردوغان وفضحه ووضع حد لتقوية “داعش” دون استهدافها بشكل مباشر.. وهو ما جعل الرئيس أوباما يتهم في أكثر من مناسبة الرئيس بوتين بدعم الأسد من خلال استهداف “المعارضة المعتدلة” بدل التركيز على “داعش”، هذا علما أن دعم الرئيس بوتين للرئيس الأسد هو دعم لنظام شرعي اختاره الشعب بحرية في انتخابات ديموقراطية، في حين أن دعم “من تسميهم واشنطن بـ”المعارضة المعتدلة” هو دعم للإرهاب وانتهاك للسيادة السورية وتدخل سافر في شؤون الدول ومحاولة قلب أنظمة الحكم بالقوة.   وحين حذر الرئيس الأسد بأن الإرهاب سينقلب على داعميه ويهدد أوروبا والعالم، فالحديث هنا لم يكن المقصود به المقاتلين السوريين، بل الأغراب الذين استقدموا لدعم “داعش”، وما حدث في أوروبا وأمريكا وتركيا نفسها، هو إحدى نتائج هذه الرؤية النافذة والمتبصرة.. والقادم يبشر بالأسوأ.   وها هي صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” تنقل الأربعاء تقريرا نشره الاقتصادي الأمريكي الشهير البروفيسور ‘جيفري ساكس’ عن “داعش” وسبب بقائه حيا حتى الآن، يقول في خلاصته، أنه وبالرغم من أن عديد المقاتلين المنضوين تحت لواء “داعش” في سورية والعراق لا يتجاوز 20 إلى 25 ألف وفق الأرقام الأمريكية، مقارنة بعشرات الآلاف من القوات السورية والحليفة التي تقاتل الإرهاب في سورية من جهة، والتحالف الأمريكي الستيني الذي يقول أنه أيضا تشكل لمحاربة “داعش”، إلا أن هذا التنظيم لا يزال حيا يرزق حتى الآن ويتمدد إلى شمال إفريقيا والعالم، والسر في ذلك يكمن في أن لا أحد من المتدخلين في الصراع السوري يرى في “داعش” عدوا رئيسا تجب محاربته، حتى الرئيس أوباما الذي وعد شهر شتنبر/أيلول 2014 بالقضاء على “داعش”، لم يفعل شيئا يذكر بعد عامين من الطلعات الجوية.   ما قاله هذا البروفيسور الكبير لا يحتاج لتفسير، بل يؤكد حرفيا ما ذهبنا إليه في هذا السياق بالتحليل، انطلاقا من دروس التاريخ الإسلامي الحافل بالنماذج والأمثلة، وبالتالي، لا نحتاج للقول بالمناسبة أن الولايات المتحدة وحلفاءها، بما فيهم “السعودية” وتركيا و”إسرائيل” (من وراء الكواليس) تركز على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بدل محاربة “داعش” وتعتبر القضاء على هذا التنظيم الإرهابي خطئا استراتيجيا لا يصب في مصلحة واشنطن وتل أبيب.. ونحن نقول بالمناسبة، أن القضاء على “داعش” من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه ليس المشكلة، بل المشكلة التي تكتسي أولوية الأولويات هي الجماعات الإرهابية الأخرى التي تسميها واشنطن وحلفائها بـ”المعارضة المعتدلة”.. هذا هو الرهان الحقيقي اليوم في سورية.   بدليل، أنه وفي تقرير “إسرائيلي” حديث، يقول الجنرال الصهيوني ‘هرتسي هاليفي’، إن إسقاط الرئيس الأسد أمر غاية في الأهمية لأنه السبيل الوحيد لإضعاف إيران وعزل حزب الله، و”إسرائيل” لا تريد أن تنتهي الأزمة السورية بالقضاء على “داعش” وخروج الدول العظمى من المنطقة لتبقى إسرائيل تواجه وحدها حزب الله وإيران التي تعززت إمكانياتها.. لذلك، فإن الأولوية بالنسبة إلى إسرائيل هي رحيل الأسد وليس القضاء على “داعش”.. ونحن نقول بالمناسبة، أن أولوية محور المقاومة ليست “داعش” في هذه المرحلة، بل القضاء على أدوات أمريكا و”إسرائيل” و”السعودية” وتركيا وقطر، بعدها “داعش” سترحل من سورية من دون مواجهة، لأن ما يهم المرتزقة هو الغنيمة لا السلطة في أرض ليست لهم، وهو يدركون أن العالم يعتبهم تنظيما إرهابيا، وبالتالي لن يسمح لهم بالبقاء بعد انتهاء دورهم، وهذا ما فهمه “داعش” جيدا.   وبالتالي، لماذا تريدون من الرئيس الأسد أن يحارب “داعش” في هذه المرحة الحساسة من عمر الأزمة؟.. أليس من العدل أن ينزع حلف المؤامرة الأشواك التي زرعها بيده في المنطقة وانتشرت مع الريح في كل أصقاع الأرض؟.. لأن بقاء “داعش” وتمدده هو فشل لأمريكا وحلفائها الذين يرتعدون خوفا من تمدده لعقر ديارهم بعد أن انقلب عليهم وصدر في حقه أخيرا قرار باجتثاثه، خصوصا بعد أن تحول إلى سلاح في يد أردوغان يهدد ضمنيا باستعماله ضد أوروبا.   *** / ***   ونأتي الآن إلى معطى آخر غاية في الأهمية والخطورة، ونقصد بذلك الورقة الكردية التي أصبحت الورقة البديلة في يد واشنطن بعد أن خسرت ورقة الإرهاب.. ولنتأمل جيدا ما الذي حصل قبل أن تتبنى واشنطن أكراد سورية..   – ألم يهدد الرئيس الأسد قبل سنوات تركيا بحرب أهلية سيكون الأكراد حطب نارها؟..   – ألم يسلح الرئيس الأسد أكراد سورية ليدافعوا عن أنفسهم ضد “داعش” والجماعات الإرهابية التي تهددهم، ونجحوا في تحقيق انتصار نوعي في عين العرب (كوباني)؟.. وهو الإنجاز الذي لفت أنظار واشنطن وفرنسا وبريطانيا إليهم، فقرروا الرهان عليهم كورقة لتقسيم سورية بعد أن سقطت كل أوراق “المعارضة المعتدلة”، واكتشف العالم أنه لم يعد لهم من جيش قوي يعتمدون عليه غير “جبهة النصرة” و”أحرار الشام” وبعض الفصائل الصغيرة، والتي تصنفها روسيا في خانة الإرهاب وترفض الاعتراف بها كـ”معارضة معتدلة”.   – ألم تأكل أمريكا بدورها الطعم حين راهنت على الأكراد فاصطدمت من حيث لم تكن تحتسب بالحليف التركي؟..   ثم ماذا بعد؟.. لأنه إذا كانت تركيا ماضية في سحق الأكراد دفاعا عن أمنها القومي، ولن تقبل بهدنة معهم ولا بتسوية لأنها لا تثق فيهم وتعتبرهم أخطر من “داعش” و”القاعدة”، وتعرف أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا و”إسرائيل” هم من يقف ورائهم لتقسيم سورية وتركيا وإيران، فإن المواجهة اليوم أصبحت بين حلفاء الأمس الذين تحولوا إلى خصوم اليوم..   هذه مجرد بداية، ولا نشك بأن حربا أهلية ستنفجر في تركيا كما سبق وأكدنا في مقالة سابقة، لأن هذا هو هدف أمريكا، تضحي بأردوغان وحزبه لتربح تركيا الموقع والدور.   لكن لاحظوا، بالرغم من أن ما تفعله تركيا يصب في مصلحة سورية، غير أن دمشق أبت إلا أن تسجل موقفا سياسيا يدين تدخل تركيا في الأراضي السورية واعتدائها على أحد مكونات الشعب السوري..   – أليست هذه دعوة ضمنية للأكراد تذكرهم بأن لا بديل لهم عن وطنهم الأم سورية، وأن الدولة السورية هي الوحيدة القادرة على حمايتهم ومساعدتهم في مواجهة التغول التركي؟.. قد يكون هذا مجرد تكتيك سوري، لأن الإستراتيجيا هي في مكان آخر.   وفي الخلاصة، سيخرج من يسأل غدا عن طبيعة الصراع السوري.. هل كان ثورة شعبية؟.. أم تمرد مسلح للمعارضة ضد الدولة؟.. أم حرب على الإرهاب الوهابي والإخونجي؟.. أم صراع سني – شيعي؟.. أم صراع قومي بين الأكراد والجماعات التكفيرية التي تدعمها تركيا؟.. وهل سنرى امتدادا لهذا الصراع الطائفي والمذهبي في بلدان ومناطق أخرى؟..   التاريخ يقول، أنه كلما ازداد نفوذ الجماعات الدينية والقومية في منطقة ما إلا وضعفت هيبة الدول وتصاعدت وثيرة التوترات والنزاعات والفتن والحروب.. فهل هذا ما تريده أمريكا؟..   لا شك في ذلك، وهذا سيؤدي حتما إلى مواجهة عسكرية قد تحسم الصراع لصالح أحد الأطراف، وقد تفجر المنطقة والعالم في غياب أي إمكانية للتفاهم بين الكبار، لأن عقيدة أمريكا للهيمنة على العالم لا يمكن تغييرها إلا بمنطق القوة لا الحجة، ولعل قضية الكيماوي التي أعيد إحيائها في مجلس الأمن لإدانة الدولة السورية من قبل أمريكا وفرنسا وبريطانيا، هي مقدمة لما يتحضر لسورية والمنطقة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

المصدر : أحمد الشرقاوي/ بانوراما الشرق الأوسط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة