لم تمنع «الهدنة» الروسية المقاتلين الأكراد من التقدم لبسط سيطرتهم على مدينة الحسكة. وفيما غاب سلاح الجو السوري عن سماء المدينة التي تتحول رمزا للصراع الاقليمي والدولي، اتجهت الانظار الى الجانب الآخر من الحدود،

 

 نحو جرابلس التي يتمركز فيها تنظيم «داعش»، حيث أعلن الاتراك صراحة دعمهم لأي عملية عسكرية تستهدف إخراج التنظيم من المدينة، في تأكيد للتقارير التي أشارت الى استعداد فصائل مسلحة تدعمها أنقرة، بينها «الجبهة الشامية» و «فيلق الشام»، للتقدم نحو المدينة السورية للسيطرة عليها بغطاء مدفعي بدأه جيش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

 

لكن دوي المدافع عبر الحدود التركية في جرابلس، ومنبج أيضا، أو في الحسكة بين المسلحين الاكراد وقوات الجيش السوري، لم يبدد أهمية ما يجري على الصعيد السياسي والتفاوضي. نائب الرئيس الاميركي جو بايدن في أنقرة غدا، وهو أرفع مسؤول أميركي يزورها منذ الانقلاب الفاشل في تموز الماضي. وفد ممثلي اكراد الحسكة في قاعدة حميميم الروسية للتفاوض على ترتيبات الهدنة المنتهكة في الحسكة. أما المعلومات التي حصلت عليها «السفير» فتشير الى فتح قناة تواصل من جانب السعودية مع مسلحي الحسكة لتشجيعهم على إشعال المواجهة مع الجيش السوري وإنهاكه في جبهة، ظلت الاكثر استقرارا بينه وبين الاكراد في اقصى الشمال الشرقي في سوريا. وفي الوقت نفسه، يستعد الوزيران الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف للقاء خلال ايام في جنيف، بعد الاجتماع الذي سيعقده الوزير الاميركي مع نظرائه الخليجيين يوم الاربعاء في مدينة جدة السعودية.

وبينما كانت تجري كل هذه التطورات، ويستعيد الجيش السوري تلة أم القرع جنوب غرب حلب التي تسمح له بشل «الثغرة» التي فتحها مسلحو «جيش الفتح» مؤخرا في هذه الجبهة، كانت موسكو وطهران تعلنان انتهاء المهمة الحالية للقاذفات الروسية الاستراتيجية عبر مطار همدان الايراني، والتي يبدو انها انتهت فجأة، تماما مثلما بدأت، من دون مقدمات مسبقة.

وكتب مراسل «السفير» علاء حلبي ان التقدم الكردي السريع الذي جرى خلال بضع ساعات في الحسكة، جاء بعد خرق لاتفاق تهدئة وقع بإشراف روسي مساء الأحد، حيث لم تمض ثلاث ساعات على بدء التهدئة، حتى اندلعت معارك انتهت بتقدم الأكراد وانسحاب قوات الجيش السوري و «الدفاع الوطني». وسجل خلال الاشتباكات سقوط عدد من الضحايا، فيما لم تسجل أي طلعة جوية لسلاح الجو السوري. وسجلت أيضاً مقاومةٌ كبيرة من قبل قوات الجيش السوري وعناصر الشرطة في المراكز الحكومية التي رفضوا الانسحاب منها، بينها دائرة النفوس (السجلات المدنية)، وفق تأكيد مصادر ميدانية.

وعلمت «السفير» من مصادر ميدانية وأهلية في الحسكة، قبل أن تهدأ وتيرة الاشتباكات، ان التقدم الكردي في المدينة سمح لهم بالسيطرة على نحو 80 في المئة من مساحتها.

وقال مصدر أمني في المدينة إنّ وفداً كرديّاً غادر مطار القامشلي بعد ظهر أمس نحو قاعدة حميميم الروسية في مدينة جبلة في اللاذقية، وذلك للتوصل إلى اتفاق نهائي ينهي اشتباكات الحسكة.

وفي ما يشير الى ان بنود اتفاق التهدئة باتت شبه منجزة بانتظار التوقيع عليها، قال دارا مصطفى، المسؤول الإعلامي في «حزب الاتحاد الديموقراطي»، إن المطلوب كردياً هو «حل الدفاع الوطني وتسليم مناطق سيطرتها لإدارة الأسايش، ووقف التحريض على قوات الأسايش ووحدات حماية الشعب ووقف التجنيد ووقف الاستفزازات المتكررة». 

وكتب مراسل «السفير» عبدالله سليمان علي ان معركة الأيام الستة في الحسكة لم تكشف عن هشاشة العلاقة بين الحكومة السورية من جهة و «حزب الاتحاد الديموقراطي» من جهة ثانية، فحسب، بل كشفت أيضاً عن وجود شهيّة إقليمية ودولية لاستثمار الحدث والعمل على توسيع الهوة بين الطرفين لتحقيق غايات مختلفة.

ويرتبط الصراع في الحسكة بجملة التطورات التي تشهدها منطقة الشهباء الاستراتيجية، هذا إذا لم يكن مجرد انعكاس لهذه التطورات. وتمتد منطقة الشهباء على مسافة 102 كيلومتر من غرب نهر الفرات حتى سلسلة جبال ليلون في عفرين، وبعمق 55 كيلومترا بحيث تشمل كلا من جرابلس ومنبج والباب وتادف وإعزاز ومارع وتل رفعت، وتصل إلى بعض المناطق شمال مدينة السفيرة التي يسيطر عليها الجيش السوري وتعتبر معقلاً اساسياً له ولقواته الحليفة.

وعلمت «السفير» من مصادر مقربة من «وحدات حماية الشعب» ان السعودية قدمت خلال الأيام الماضية عرضاً بمساعدة «الوحدات» ودعمها بالمال والسلاح مقابل أن تستمر في القتال ضد الجيش السوري في الحسكة. وأكدت المصادر أن هذا العرض قُدّم عبر قنوات رسمية خلال اجتماع ضم ممثلين عن الطرفين.

وكشفت المصادر أن هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها السعودية التقرب من «وحدات الحماية» ومحاولة استمالتها إلى طرفها، مشيرة إلى أن المملكة الخليجية، قدمت في السابق عروضاً عدة لمساعدة «الوحدات» بشرط إنهاء حالة التهدئة مع الجيش والعمل على محاربته في جميع مناطق وجودها.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر إعلامية تعمل ضمن منظومة «وحدات الحماية» أن العلاقة بين واشنطن و «وحدات الحماية» تنطوي على العديد من التجاذبات والتناقضات التي يحرص الطرفان على عدم ظهورها للعيان. وأشارت إلى أن العلاقة بين الطرفين قائمة حتى الآن على مفهوم «تقاطع المصالح» المستند الى الحرب ضد «داعش»، مشددة على أن الجانب الأميركي حاول توثيق هذه العلاقة باتفاقات رسمية بين الطرفين، لكن الجانب الكردي كانت لديه تحفظات على العديد من الشروط الأميركية، الأمر الذي أخّر توقيع أي اتفاق بينهما، كما أنه أدّى بحسب المصادر إلى تقنين الدعم الأميركي المقدم للقوات الكردية ورفض تقديم مساعدات نوعية من دون ثمن سياسي أو عسكري أو أمني بالمقابل.

وتبرز مدينة جرابلس كنموذجٍ لمحاولة واشنطن ابتزاز الجانب الكردي ابتزازاً غير مباشر. فهي لا تزال تلتزم الصمت تجاه الأنباء التي تتحدث عن سماح تركيا لحشود من فصائل «الجيش الحر» بعبور أراضيها والتمركز بالقرب من معبر قرقميش بهدف اقتحام مدينة جرابلس في محاولةٍ واضحة لقطع الطريق أمام مشروع الفدرالية الكردية.

ونقل مراسلنا عن المصادر نفسها قولها إن واشنطن لم تمنح القوات الكردية الضوء الأخضر للتحرك باتجاه جرابلس، وهو ما يعتبر تلاعباً أميركياً بحساسية الموقف ومحاولة استثماره سياسياً وعسكرياً، خاصةً أن المصادر كشفت عن امتلاكها معلومات حول أن مواضيع جرابلس والباب وأيضاً تادف ستكون على طاولة البحث في أنقرة مع جون بايدن، الذي يعتزم زيارة تركيا الأربعاء، ما يعني أن واشنطن ما تزال حريصة على الحفاظ على التوازن بين الأكراد وتركيا وفق النهج ذاته الذي اتبعته بخصوص منبج والذي لم يكن مرضياً للأكراد بالكامل.

تركيا

قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، أمس، بعد اجتماع للحكومة «من المهم للغاية عدم إضاعة الوقت وفتح صفحة جديدة بشأن سوريا تقوم على مقاربة تشارك فيها خاصة تركيا وايران وروسيا والولايات المتحدة وبعض دول الخليج والسعودية»، مضيفا انه «من غير المقبول بتاتا» إقامة أي كيان كردي في شمال سوريا او جنوب تركيا او أي منطقة اخرى.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو انه «يجب تطهير حدودنا بالكامل من داعش، من واجبنا الطبيعي محاربة هذا التنظيم الارهابي على اراضينا كما في الخارج».

وفي معرض رده على سؤال لأحد الصحافيين عما اذا كانت أنقرة تدعم هجوماً تحضّره فصائل تابعة لـ «الجيش السوري الحر» انطلاقاً من تركيا لطرد «داعش» من جرابلس، وعد وزير الخارجية التركي بدعم «كل عملية ضد هذا التنظيم في سوريا».

وبعد ساعات على كلام جاويش اوغلو، ذكرت قناتا «ان تي في» و «سي ان ان - تورك» أن مرابض المدفعية المنصوبة داخل الاراضي التركية قصفت مواقع «داعش» في جرابلس ومواقع لـ «وحدات حماية الشعب» الكردي قرب منبج.

وقال مسؤول تركي إن الجيش قصف أهدافا للأكراد السوريين 20 مرة بالمدفعية في منبج، كما أنه يواصل قصف أهداف «داعش» في جرابلس «بهدف فتح ممر لتنفيذ عملية».

كيري

قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إن محادثات بشأن التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا في محاربة «داعش» في سوريا تقترب من نهايتها، مشيراً إلى أن الفِرق الفنية ستجتمع هذا الأسبوع لمناقشة التفاصيل، على أن يتبعها لقاء له مع لافروف.

وخلال مؤتمر صحافي من كينيا، قال كيري إن «المعضلة السورية» استمرت فترة طويلة للغاية وينبغي للقوى الداعمة للنظام السوري وهي روسيا وإيران وأيضا الدول الداعمة لـ «المعارضة» وهي الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط أن تتفق لإنهاء القتال.

روسيا وإيران

أعلنت وزارة الدفاع الروسية إتمام عملية القاذفات الروسية انطلاقاً من قاعدة همدان الايرانية لضرب مواقع الإرهابيين في سوريا. وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء إيغور كوناشينكوف «في الوقت الراهن الطائرات كافة التي شاركت في تلك العملية موجودة في روسيا»، موضحاً أن عودة الطائرات الروسية تمت بعد نجاحها في تنفيذ المهام القتالية المطروحة أمامها.

وأضاف أن القوات الجوية الروسية ستستخدم القاعدة الإيرانية في المستقبل على أساس الاتفاقات الثنائية مع طهران في مجال محاربة الإرهاب ونظراً لتطورات الوضع الميداني في سوريا.

ونقلت وكالة «تسنيم» الايرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي تأكيده أن استخدام الروس لقاعدة «نوجه» في مدينة همدان الجوية انتهى حالياً. وقال «كانت مهمة محددة بترخيص مسبق وانتهت حاليا، نفذوا المهمة وذهبوا الآن»، لافتاً إلى أن «الطرفين كانا قد اتفقا على إعلان الأمر بعد إنجاز العمليات، وهذا ما تم».

وترك قاسمي الباب مفتوحاً أمام استخدام الروس مجدداً للاجواء الايرانية بقوله إن الامر يتوقف على «الوضع في المنطقة وعلى أخذ الاذن منا».

ونقلت وكالة «انترفاكس» عن مصدر إيراني مطلع قوله، إن توقف روسيا عن استخدام قاعدة همدان في الوقت الراهن لا يعني أن طهران غيّرت موقفها من التعاون مع موسكو في مجال محاربة الإرهاب، مشيراً إلى أن التصريحات الإيرانية حول تعليق استخدام روسيا للقاعدة، ليست إلا إقرارا بإتمام العملية التي استخدمت روسيا في إطارها هذه القاعدة.

وأوضح المصدر أن إنهاء العملية جاء بقرار روسي أحادي، نافياً أن تكون طهران قد منعت روسيا من استخدام القاعدة أو طالبتها بإنهاء العملية قبل الموعد، لافتاً إلى أن طهران «لا زالت مستعدة لتقدم بنيتها التحتية ليس في همدان فقط، بل في مناطق أخرى للطائرات الروسية».

 

  • فريق ماسة
  • 2016-08-22
  • 12823
  • من الأرشيف

عرض سعودي لتشجيع المقاتلين الأكراد على قتال الجيش السوري في الحسكة!

لم تمنع «الهدنة» الروسية المقاتلين الأكراد من التقدم لبسط سيطرتهم على مدينة الحسكة. وفيما غاب سلاح الجو السوري عن سماء المدينة التي تتحول رمزا للصراع الاقليمي والدولي، اتجهت الانظار الى الجانب الآخر من الحدود،    نحو جرابلس التي يتمركز فيها تنظيم «داعش»، حيث أعلن الاتراك صراحة دعمهم لأي عملية عسكرية تستهدف إخراج التنظيم من المدينة، في تأكيد للتقارير التي أشارت الى استعداد فصائل مسلحة تدعمها أنقرة، بينها «الجبهة الشامية» و «فيلق الشام»، للتقدم نحو المدينة السورية للسيطرة عليها بغطاء مدفعي بدأه جيش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.   لكن دوي المدافع عبر الحدود التركية في جرابلس، ومنبج أيضا، أو في الحسكة بين المسلحين الاكراد وقوات الجيش السوري، لم يبدد أهمية ما يجري على الصعيد السياسي والتفاوضي. نائب الرئيس الاميركي جو بايدن في أنقرة غدا، وهو أرفع مسؤول أميركي يزورها منذ الانقلاب الفاشل في تموز الماضي. وفد ممثلي اكراد الحسكة في قاعدة حميميم الروسية للتفاوض على ترتيبات الهدنة المنتهكة في الحسكة. أما المعلومات التي حصلت عليها «السفير» فتشير الى فتح قناة تواصل من جانب السعودية مع مسلحي الحسكة لتشجيعهم على إشعال المواجهة مع الجيش السوري وإنهاكه في جبهة، ظلت الاكثر استقرارا بينه وبين الاكراد في اقصى الشمال الشرقي في سوريا. وفي الوقت نفسه، يستعد الوزيران الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف للقاء خلال ايام في جنيف، بعد الاجتماع الذي سيعقده الوزير الاميركي مع نظرائه الخليجيين يوم الاربعاء في مدينة جدة السعودية. وبينما كانت تجري كل هذه التطورات، ويستعيد الجيش السوري تلة أم القرع جنوب غرب حلب التي تسمح له بشل «الثغرة» التي فتحها مسلحو «جيش الفتح» مؤخرا في هذه الجبهة، كانت موسكو وطهران تعلنان انتهاء المهمة الحالية للقاذفات الروسية الاستراتيجية عبر مطار همدان الايراني، والتي يبدو انها انتهت فجأة، تماما مثلما بدأت، من دون مقدمات مسبقة. وكتب مراسل «السفير» علاء حلبي ان التقدم الكردي السريع الذي جرى خلال بضع ساعات في الحسكة، جاء بعد خرق لاتفاق تهدئة وقع بإشراف روسي مساء الأحد، حيث لم تمض ثلاث ساعات على بدء التهدئة، حتى اندلعت معارك انتهت بتقدم الأكراد وانسحاب قوات الجيش السوري و «الدفاع الوطني». وسجل خلال الاشتباكات سقوط عدد من الضحايا، فيما لم تسجل أي طلعة جوية لسلاح الجو السوري. وسجلت أيضاً مقاومةٌ كبيرة من قبل قوات الجيش السوري وعناصر الشرطة في المراكز الحكومية التي رفضوا الانسحاب منها، بينها دائرة النفوس (السجلات المدنية)، وفق تأكيد مصادر ميدانية. وعلمت «السفير» من مصادر ميدانية وأهلية في الحسكة، قبل أن تهدأ وتيرة الاشتباكات، ان التقدم الكردي في المدينة سمح لهم بالسيطرة على نحو 80 في المئة من مساحتها. وقال مصدر أمني في المدينة إنّ وفداً كرديّاً غادر مطار القامشلي بعد ظهر أمس نحو قاعدة حميميم الروسية في مدينة جبلة في اللاذقية، وذلك للتوصل إلى اتفاق نهائي ينهي اشتباكات الحسكة. وفي ما يشير الى ان بنود اتفاق التهدئة باتت شبه منجزة بانتظار التوقيع عليها، قال دارا مصطفى، المسؤول الإعلامي في «حزب الاتحاد الديموقراطي»، إن المطلوب كردياً هو «حل الدفاع الوطني وتسليم مناطق سيطرتها لإدارة الأسايش، ووقف التحريض على قوات الأسايش ووحدات حماية الشعب ووقف التجنيد ووقف الاستفزازات المتكررة».  وكتب مراسل «السفير» عبدالله سليمان علي ان معركة الأيام الستة في الحسكة لم تكشف عن هشاشة العلاقة بين الحكومة السورية من جهة و «حزب الاتحاد الديموقراطي» من جهة ثانية، فحسب، بل كشفت أيضاً عن وجود شهيّة إقليمية ودولية لاستثمار الحدث والعمل على توسيع الهوة بين الطرفين لتحقيق غايات مختلفة. ويرتبط الصراع في الحسكة بجملة التطورات التي تشهدها منطقة الشهباء الاستراتيجية، هذا إذا لم يكن مجرد انعكاس لهذه التطورات. وتمتد منطقة الشهباء على مسافة 102 كيلومتر من غرب نهر الفرات حتى سلسلة جبال ليلون في عفرين، وبعمق 55 كيلومترا بحيث تشمل كلا من جرابلس ومنبج والباب وتادف وإعزاز ومارع وتل رفعت، وتصل إلى بعض المناطق شمال مدينة السفيرة التي يسيطر عليها الجيش السوري وتعتبر معقلاً اساسياً له ولقواته الحليفة. وعلمت «السفير» من مصادر مقربة من «وحدات حماية الشعب» ان السعودية قدمت خلال الأيام الماضية عرضاً بمساعدة «الوحدات» ودعمها بالمال والسلاح مقابل أن تستمر في القتال ضد الجيش السوري في الحسكة. وأكدت المصادر أن هذا العرض قُدّم عبر قنوات رسمية خلال اجتماع ضم ممثلين عن الطرفين. وكشفت المصادر أن هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها السعودية التقرب من «وحدات الحماية» ومحاولة استمالتها إلى طرفها، مشيرة إلى أن المملكة الخليجية، قدمت في السابق عروضاً عدة لمساعدة «الوحدات» بشرط إنهاء حالة التهدئة مع الجيش والعمل على محاربته في جميع مناطق وجودها. وفي هذا السياق، أكدت مصادر إعلامية تعمل ضمن منظومة «وحدات الحماية» أن العلاقة بين واشنطن و «وحدات الحماية» تنطوي على العديد من التجاذبات والتناقضات التي يحرص الطرفان على عدم ظهورها للعيان. وأشارت إلى أن العلاقة بين الطرفين قائمة حتى الآن على مفهوم «تقاطع المصالح» المستند الى الحرب ضد «داعش»، مشددة على أن الجانب الأميركي حاول توثيق هذه العلاقة باتفاقات رسمية بين الطرفين، لكن الجانب الكردي كانت لديه تحفظات على العديد من الشروط الأميركية، الأمر الذي أخّر توقيع أي اتفاق بينهما، كما أنه أدّى بحسب المصادر إلى تقنين الدعم الأميركي المقدم للقوات الكردية ورفض تقديم مساعدات نوعية من دون ثمن سياسي أو عسكري أو أمني بالمقابل. وتبرز مدينة جرابلس كنموذجٍ لمحاولة واشنطن ابتزاز الجانب الكردي ابتزازاً غير مباشر. فهي لا تزال تلتزم الصمت تجاه الأنباء التي تتحدث عن سماح تركيا لحشود من فصائل «الجيش الحر» بعبور أراضيها والتمركز بالقرب من معبر قرقميش بهدف اقتحام مدينة جرابلس في محاولةٍ واضحة لقطع الطريق أمام مشروع الفدرالية الكردية. ونقل مراسلنا عن المصادر نفسها قولها إن واشنطن لم تمنح القوات الكردية الضوء الأخضر للتحرك باتجاه جرابلس، وهو ما يعتبر تلاعباً أميركياً بحساسية الموقف ومحاولة استثماره سياسياً وعسكرياً، خاصةً أن المصادر كشفت عن امتلاكها معلومات حول أن مواضيع جرابلس والباب وأيضاً تادف ستكون على طاولة البحث في أنقرة مع جون بايدن، الذي يعتزم زيارة تركيا الأربعاء، ما يعني أن واشنطن ما تزال حريصة على الحفاظ على التوازن بين الأكراد وتركيا وفق النهج ذاته الذي اتبعته بخصوص منبج والذي لم يكن مرضياً للأكراد بالكامل. تركيا قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، أمس، بعد اجتماع للحكومة «من المهم للغاية عدم إضاعة الوقت وفتح صفحة جديدة بشأن سوريا تقوم على مقاربة تشارك فيها خاصة تركيا وايران وروسيا والولايات المتحدة وبعض دول الخليج والسعودية»، مضيفا انه «من غير المقبول بتاتا» إقامة أي كيان كردي في شمال سوريا او جنوب تركيا او أي منطقة اخرى. من جهته، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو انه «يجب تطهير حدودنا بالكامل من داعش، من واجبنا الطبيعي محاربة هذا التنظيم الارهابي على اراضينا كما في الخارج». وفي معرض رده على سؤال لأحد الصحافيين عما اذا كانت أنقرة تدعم هجوماً تحضّره فصائل تابعة لـ «الجيش السوري الحر» انطلاقاً من تركيا لطرد «داعش» من جرابلس، وعد وزير الخارجية التركي بدعم «كل عملية ضد هذا التنظيم في سوريا». وبعد ساعات على كلام جاويش اوغلو، ذكرت قناتا «ان تي في» و «سي ان ان - تورك» أن مرابض المدفعية المنصوبة داخل الاراضي التركية قصفت مواقع «داعش» في جرابلس ومواقع لـ «وحدات حماية الشعب» الكردي قرب منبج. وقال مسؤول تركي إن الجيش قصف أهدافا للأكراد السوريين 20 مرة بالمدفعية في منبج، كما أنه يواصل قصف أهداف «داعش» في جرابلس «بهدف فتح ممر لتنفيذ عملية». كيري قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إن محادثات بشأن التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا في محاربة «داعش» في سوريا تقترب من نهايتها، مشيراً إلى أن الفِرق الفنية ستجتمع هذا الأسبوع لمناقشة التفاصيل، على أن يتبعها لقاء له مع لافروف. وخلال مؤتمر صحافي من كينيا، قال كيري إن «المعضلة السورية» استمرت فترة طويلة للغاية وينبغي للقوى الداعمة للنظام السوري وهي روسيا وإيران وأيضا الدول الداعمة لـ «المعارضة» وهي الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط أن تتفق لإنهاء القتال. روسيا وإيران أعلنت وزارة الدفاع الروسية إتمام عملية القاذفات الروسية انطلاقاً من قاعدة همدان الايرانية لضرب مواقع الإرهابيين في سوريا. وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء إيغور كوناشينكوف «في الوقت الراهن الطائرات كافة التي شاركت في تلك العملية موجودة في روسيا»، موضحاً أن عودة الطائرات الروسية تمت بعد نجاحها في تنفيذ المهام القتالية المطروحة أمامها. وأضاف أن القوات الجوية الروسية ستستخدم القاعدة الإيرانية في المستقبل على أساس الاتفاقات الثنائية مع طهران في مجال محاربة الإرهاب ونظراً لتطورات الوضع الميداني في سوريا. ونقلت وكالة «تسنيم» الايرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي تأكيده أن استخدام الروس لقاعدة «نوجه» في مدينة همدان الجوية انتهى حالياً. وقال «كانت مهمة محددة بترخيص مسبق وانتهت حاليا، نفذوا المهمة وذهبوا الآن»، لافتاً إلى أن «الطرفين كانا قد اتفقا على إعلان الأمر بعد إنجاز العمليات، وهذا ما تم». وترك قاسمي الباب مفتوحاً أمام استخدام الروس مجدداً للاجواء الايرانية بقوله إن الامر يتوقف على «الوضع في المنطقة وعلى أخذ الاذن منا». ونقلت وكالة «انترفاكس» عن مصدر إيراني مطلع قوله، إن توقف روسيا عن استخدام قاعدة همدان في الوقت الراهن لا يعني أن طهران غيّرت موقفها من التعاون مع موسكو في مجال محاربة الإرهاب، مشيراً إلى أن التصريحات الإيرانية حول تعليق استخدام روسيا للقاعدة، ليست إلا إقرارا بإتمام العملية التي استخدمت روسيا في إطارها هذه القاعدة. وأوضح المصدر أن إنهاء العملية جاء بقرار روسي أحادي، نافياً أن تكون طهران قد منعت روسيا من استخدام القاعدة أو طالبتها بإنهاء العملية قبل الموعد، لافتاً إلى أن طهران «لا زالت مستعدة لتقدم بنيتها التحتية ليس في همدان فقط، بل في مناطق أخرى للطائرات الروسية».  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة