حل وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اليومين الماضيين بطلاً على صفحات التواصل الاجتماعي، وتناقلت أخباره مختلف الوسائل الإعلامية، حماسة الرجل العفوية سجلته على لائحة الأسماء الأكثر تداولاً في خبريات السوريين المفعمة بالأمل بعد أن تجرعوا كأس الخيبة ممن سبقوه..

بدأت الحكاية بسلسلة إخباريات متواترة عندما أقفل عائداً من ميناء طرطوس، بعد أن تأكد بنفسه صباح الجمعة الفائت من عمليات تفريغ باخرتين من القمح.

سيناريو العودة براً الى دمشق عصر ذلك اليوم (الدخول من الخاصرة الشمالية الشرقية لدمشق من جهة مشفى تشرين العسكري) جعله يتعثر بالازدحام المروري عند كازية حاميش، استثمر الرجل الحالة ليكسر روتين الجلوس الطويل في السيارة فلم يتأخر بالترجل من سيارته ليعاين الوضع، هندامه المريح "سبور" تيشرت أزرق وبنطال فضفاض مائل الى السكري .. ساعده بأن يتقمص دور مراقب تنظيم الدور على الكازية بسهولة، خرج بانطباع أن المشكلة في التنظيم.

التسلسل المنطقي لإكمال طريقه الى مكتبه في وزارة التجارة الداخلية أجبره من الانعطافة يساراً قبالة مشفى ابن النفيس متجاوزا حاجزاً أمنياً هبوطاً باتجاه أفران ابن العميد وقبل الدوران والعودة الى مبنى الوزارة، وجد نفسه مرة اخرى أمام مشهد الازدحام، لكن هذه المرة على مادة الخبز، فالازدحام والباعة الصغار مشهد مزمن ايضاً وماثل أمام عينيه يومياً (نافذة مكتبه تطل مباشرة على المشهد) .. قد يستغرب صعوبة حصول المواطن العادي على الخبز فيما الباعة الصغار يبتاعونه بسرعة فائقة .. تيقن الرجل تماماً أن ثمة من يتعامل معهم من الداخل وله نصيب من الغلة (سعر ربطة الخبز عند الباعة ضعف سعرها الحقيقي).

في صبيحة اليوم التالي "السبت" جلس الوزير في مكتبه مرتدياً بدلته الرسمية يتابع صدى جولته الميدانية على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الالكترونية، شدته الحماسة فامتشق القلم الأخضر واستصدر قرارات تستند إلى ما وثقه من مشاهدات، في أولها أحال مراقبي التموين في كازية حاميش الى القضاء بتهمة التقاعس، وفي الثاني عمم بالإيعاز لمن يلزم وفق وصفه بالكتاب لمعالجة الخلل في الية توزيع مادة الخبز، متوعداً بإحالة المسؤولين عن ذلك والمشرفين على عمل المخابز مع الاخرين سواء أكانوا من العاملين في المخابز أم من غير العاملين الى القضاء المختص لاتخاذ العقوبات القانونية اللازمة بحقهم بجرم المتاجرة بالمواد المدعومة التموينية من الدولة وطرحها في الاسواق بسعر زائد والعمل على عرقلة وصول الدعم المقدم من الدولة لمستحقيه من المواطنين على حد تعبيره في الكتاب.

في اليوم الثالث (صباح الأحد) بداية الأسبوعي الرسمي في سورية، عاود مشهد الازدحام سيرته الأولى، عشرات السيارات تتقاطر على كازية حاميش يقف "شرطي" ثلاثيني يعاين المنتظرين يقترب من أحدهم يمنحه أفضلية عبور مقابل ٥٠٠ ليرة، يخرج أحد العاملين في الكازية ليدخل سيارة تقودها فتاة عشرينة بشكل موارب، تنهال الشتائم بأصوات خافته تعلو حيناً من شدة الغيظ..!!

على المقلب الأخر يحمل طفل وزنه خبزاً تلفحه شمس آب على الاوتستراد المحاذي لوزارة التجارة الداخلية (ربطة الخبز ب١٠٠ ليرة)، ربما صدفة مر الوزير من أمامه. الصدفة الأهم أن الوزير "أصلع" مد يده على رأسه ليشد شعره من شدة الغيظ عادت كفه منقبضة فارغة الا من الهواء ( الحمد لله على سلامتك سيادة الوزيرلا تؤذ نفسك) علك تجد مخرجاً بمعالجة الأسباب قبل معالجة النتائج.

  • فريق ماسة
  • 2016-08-21
  • 13912
  • من الأرشيف

يوميات وزير حماية المستهلك "يومين" ..وارتكاسة في الثالث

حل وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اليومين الماضيين بطلاً على صفحات التواصل الاجتماعي، وتناقلت أخباره مختلف الوسائل الإعلامية، حماسة الرجل العفوية سجلته على لائحة الأسماء الأكثر تداولاً في خبريات السوريين المفعمة بالأمل بعد أن تجرعوا كأس الخيبة ممن سبقوه.. بدأت الحكاية بسلسلة إخباريات متواترة عندما أقفل عائداً من ميناء طرطوس، بعد أن تأكد بنفسه صباح الجمعة الفائت من عمليات تفريغ باخرتين من القمح. سيناريو العودة براً الى دمشق عصر ذلك اليوم (الدخول من الخاصرة الشمالية الشرقية لدمشق من جهة مشفى تشرين العسكري) جعله يتعثر بالازدحام المروري عند كازية حاميش، استثمر الرجل الحالة ليكسر روتين الجلوس الطويل في السيارة فلم يتأخر بالترجل من سيارته ليعاين الوضع، هندامه المريح "سبور" تيشرت أزرق وبنطال فضفاض مائل الى السكري .. ساعده بأن يتقمص دور مراقب تنظيم الدور على الكازية بسهولة، خرج بانطباع أن المشكلة في التنظيم. التسلسل المنطقي لإكمال طريقه الى مكتبه في وزارة التجارة الداخلية أجبره من الانعطافة يساراً قبالة مشفى ابن النفيس متجاوزا حاجزاً أمنياً هبوطاً باتجاه أفران ابن العميد وقبل الدوران والعودة الى مبنى الوزارة، وجد نفسه مرة اخرى أمام مشهد الازدحام، لكن هذه المرة على مادة الخبز، فالازدحام والباعة الصغار مشهد مزمن ايضاً وماثل أمام عينيه يومياً (نافذة مكتبه تطل مباشرة على المشهد) .. قد يستغرب صعوبة حصول المواطن العادي على الخبز فيما الباعة الصغار يبتاعونه بسرعة فائقة .. تيقن الرجل تماماً أن ثمة من يتعامل معهم من الداخل وله نصيب من الغلة (سعر ربطة الخبز عند الباعة ضعف سعرها الحقيقي). في صبيحة اليوم التالي "السبت" جلس الوزير في مكتبه مرتدياً بدلته الرسمية يتابع صدى جولته الميدانية على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الالكترونية، شدته الحماسة فامتشق القلم الأخضر واستصدر قرارات تستند إلى ما وثقه من مشاهدات، في أولها أحال مراقبي التموين في كازية حاميش الى القضاء بتهمة التقاعس، وفي الثاني عمم بالإيعاز لمن يلزم وفق وصفه بالكتاب لمعالجة الخلل في الية توزيع مادة الخبز، متوعداً بإحالة المسؤولين عن ذلك والمشرفين على عمل المخابز مع الاخرين سواء أكانوا من العاملين في المخابز أم من غير العاملين الى القضاء المختص لاتخاذ العقوبات القانونية اللازمة بحقهم بجرم المتاجرة بالمواد المدعومة التموينية من الدولة وطرحها في الاسواق بسعر زائد والعمل على عرقلة وصول الدعم المقدم من الدولة لمستحقيه من المواطنين على حد تعبيره في الكتاب. في اليوم الثالث (صباح الأحد) بداية الأسبوعي الرسمي في سورية، عاود مشهد الازدحام سيرته الأولى، عشرات السيارات تتقاطر على كازية حاميش يقف "شرطي" ثلاثيني يعاين المنتظرين يقترب من أحدهم يمنحه أفضلية عبور مقابل ٥٠٠ ليرة، يخرج أحد العاملين في الكازية ليدخل سيارة تقودها فتاة عشرينة بشكل موارب، تنهال الشتائم بأصوات خافته تعلو حيناً من شدة الغيظ..!! على المقلب الأخر يحمل طفل وزنه خبزاً تلفحه شمس آب على الاوتستراد المحاذي لوزارة التجارة الداخلية (ربطة الخبز ب١٠٠ ليرة)، ربما صدفة مر الوزير من أمامه. الصدفة الأهم أن الوزير "أصلع" مد يده على رأسه ليشد شعره من شدة الغيظ عادت كفه منقبضة فارغة الا من الهواء ( الحمد لله على سلامتك سيادة الوزيرلا تؤذ نفسك) علك تجد مخرجاً بمعالجة الأسباب قبل معالجة النتائج.

المصدر : الماسة السورية/صاحبة الجلالة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة