دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أطلق الرئيسان الروسي والتركي، فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، أمس، «ورشة» ترميم العلاقات بين بلديهما، وفي جعبتهما أكثر من سرّ باح كل منهما به في أذن الآخر داخل قصر قسطنطين في سان بطرسبوغ.
وجّه أردوغان، العالق في شبكة عنكبوت تشبه العزلة الدولية وتداعيات الانقلاب، أكثر من رسالة إلى الغرب الذي كان اشتكى من قلة وفائه. لكن قمة سان بطرسبورغ لم تخرج بأكثر من وعود روسية بعودة التطبيع الاقتصادي مع أنقرة، وعلى مراحل. موسكو كانت بخيلة خلال الزيارة القصيرة للرئيس التركي، وهي اساسا لم تقدم حتى الآن إلى انقرة منذ اعتذار أردوغان الشهير في حزيران الماضي، سوى مجموعات من سياحها الراغبين بشمس الشواطئ التركية، وبالأمس وعدت بتسهيل التطبيع السياحي والصادرات الزراعية، وقالت صراحة إن قنوات الاقتصاد ستأخذ وقتاً لإعادة فتحها، لو لعودتها الى زخمها السابق.
اما السر السوري، فقد ظل مجهولا. والاجتماع الموسع الذي عقده الرئيسان حتى وقت متأخر من الليل، بحضور قادة الاستخبارات ووزيري الخارجية، فلم تخرج تفاصيل بشأنه، ذلك ان الانعطافة التركية سورياً، قد لا تحدث كما يتوقع كثيرون، أو قد تأتي متأخرة، وبكل الاحوال ستتطلب وقتا لتظهر مفاعيلها، إن حصلت.
ونشرت صحيفة «حرييت» التركية خفايا رسالة الاعتذار باللغة الروسية التي قدمها أردوغان لنظيره الروسي والتي مهدت لتصحيح العلاقات بين البلدين.
ورشة ترميم العلاقات انطلقت، بوعد قطعه بوتين وأردوغان بإعادة العلاقات بين بلديهما الى سابق عهدها، وبيوم حافل، غادر الرئيس التركي الى بلاده.
وكانت سوريا الحاضرة ـ الغائبة في اللقاء الاول بين بوتين ـ أردوغان، الذي لم يسفر عنه الإعلان عن توقيع أي اتفاق اقتصادي ملموس بين البلدين. لكن بوتين الذي ينتظر ان يقطف بالاقتصاد ما ينتظره من السياسة التركية، حرص على التأكيد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي على «رغبات متعددة» لديه، منها «الرغبة في عودة العلاقات» والرغبة في الوصول إلى مقاربة مشتركة تخص الأزمة السورية، وهي مقاربة «لم تكن موجودة من قبل مع الاتراك، رغم التفاهم على ضرورة إرساء السلام في هذا البلد، و»عودة الديموقراطية».
وقال بوتين تعليقا على لقاء الليل السوري الطويل: «سنتبادل المعلومات وسنبحث عن الحل»، مضيفاً أن «تركيا تشاطر روسيا تفاهماً بشأن ضرورة مكافحة الإرهاب».
وقال الرئيس الروسي بأن مقاربات بلاده من سبل التسوية في سوريا «لم تكن تتطابق دائما مع المقاربات التركية في السابق»، لكنه شدد على أن لـ«موسكو وأنقرة هدفاً مشتركاً في هذا السياق، هو تسوية الأزمة السورية، مشدداً على أنه «انطلاقاً من هذا الموقف المشترك سنبحث عن حل مشترك مقبول». ولفت إلى «أننا ننطلق من استحالة التوصل إلى تحولات ديموقراطية إلا بالوسائل الديموقراطية. هذا هو موقفنا المبدئي».
من جهته، قال أردوغان، إن «العلاقات التركية ـ الروسية، ليست فقط العلاقات الاقتصادية والتجارية. نحن نأمل أيضا بأن تطبيع العلاقات، سيجلب السلام والاستقرار في الإقليم»، موضحاً أن الجانبين «ورغم اختلاف وجهات نظرهما حيال الأزمة السورية، إلّا أنهما متفقان على أنّ حل هذه الأزمة لن يكون إلّا بالطرق الديموقراطية».
تفاهمات اقتصادية وتناقضات في التوقيت
وأعلن الطرفان انهما توصلا إلى اتفاق على ضرورة العمل بمشروعين للطاقة، هما مشروع «السيل التركي» ومحطة «أكويو الكهروذرية»، فيما اقرّ بوتين بـ«اللحظات المعقدة جدا التي مرت بها العلاقات بين بلدينا والرغبة الشديدة، وهو ما لمسناه أيضاً لدى اصدقائنا الاتراك، في التغلب على الصعوبات».
وقال بوتين إن اعادة العلاقات التجارية بين البلدين الى مستواها السابق سيستغرق «بعض الوقت ويتطلب العمل الشاق»، مؤكدا ان بلاده تتطلع الى الغاء سلسلة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على أنقرة.
وأكد الرئيس الروسي ان موسكو «تعارض بحزم اي محاولة للتحرك بطريقة غير دستورية»، معربا عن الأمل في ان «تتمكن تركيا من تجاوز هذه المشكلة، وأن يعود القانون والنظام الدستوري».
وشدد بوتين على ان الأولوية هي لإعادة التعاون الى «مستوى ما قبل الأزمة». واعتبر أن الرغبة في التقارب «لا يعود فقط الى البراغماتية، بل الى مصالح الشعبين».
وأعرب اردوغان عن امله في ان تصبح العلاقات الروسية التركية «اقوى»، مؤكدا ان دعم بوتين لأنقرة بعد المحاولة الانقلابية «كان مهما». وقال «سنعيد علاقاتنا الى مستواها القديم وإلى اكثر من ذلك».
وعبّر أردوغان عن رغبته أن ينفذ مشروع «السيل التركي بالسرعة الممكنة، بينما قال بوتين إن العمل في المشروع قد يبدأ «في المستقبل القريب»، وأن استعادة العلاقات التجارية بين البلدين سيتم «على مراحل»، مشيرا الى ان «امامنا عمل شاق لإحياء التعاون التجاري والاقتصادي. وقد بدأت هذه العملية ولكنها تحتاج الى بعض الوقت».
من جهة أخرى، أكد اردوغان كذلك على ان الجانبين يهدفان الى ان يصل حجم التجارة بينهما الى 100 مليار دولار بحلول العام 2024.
الا ان وزير الاقتصاد الروسي اليكسي يوليوكاييف أكد للإعلام إن اعادة العلاقات التجارية بين البلدين الى مستوى ما قبل الازمة قد يستغرق عامين.
وشكر أردوغان نظيره الروسي على إتاحة الإمكانية لعقد اللقاء الثنائي في الفترة التي وصفها بأنها «حساسة»، مضيفاً أن الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من بوتين إثر محاولة الانقلاب الفاشلة، «أسره وأسر السياسيين الأتراك والشعب التركي بالكامل».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة