دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن أي جهد لمكافحة الإرهاب لن يكتب له النجاح في حال تم على نحو يتعارض وأحكام الميثاق ومبادئء القانون الدولي ودون التنسيق المسبق والتعاون الكامل مع حكومات الدول المعنية
معتبرا أن السبيل الوحيد المجدي والكفيل بمكافحة الإرهاب هو إقامة تحالف دولي فاعل ضمن إطار الشرعية الدولية وبمشاركة الدول المعنية وفي مقدمتها الدولة السورية.
وحذر الجعفري خلال كلمة له اليوم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خصصت لمناقشة البند 117 بعنوان “استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب” من أن محاولة بعض الدول الأعضاء تبرير تدخلها العسكري في سورية بالاستناد للمادة 51 من الميثاق ودون التنسيق مع الحكومة السورية يمثل تشويها لأحكام الميثاق وتلاعبا بالقانون الدولي.
وأوضح الجعفري أن وفد الجمهورية العربية السورية نقل العديد من الرسائل الرسمية الموجهة إلى الأمين العام ورؤساء مجلس الأمن تتضمن معلومات وإحصاءات حول الأضرار التي ألحقت بالمدنيين السوريين وبالمنشآت الاقتصادية والبنى التحتية وآبار ومصافي النفط وحقول الغاز جراء العمليات الجوية التي ينفذها ما يسمى “التحالف الدولي” والتي تستهدف مقدرات الدولة السورية وبناها التحتية بذريعة “مكافحة الإرهاب” حيث أسفرت آخر تلك العمليات عن تدمير منازل المواطنين ومعمل السكر ومستودع المؤسسة الاستهلاكية ومدرسة الغسانية وعدد من الجسور وصوامع الحبوب في مدينة منبج متسائلا: هل الهدف هو تنظيم “داعش” الإرهابي أم تدمير مقدرات الشعب السوري.
وشدد الجعفري على أنه من الحيوي التصدي للأفكار التكفيرية المتطرفة وللتحريض على العنف والإرهاب والعمل على قطع وتجفيف موارد تمويل التنظيمات الإرهابية المتأتية من الدعم المباشر الذي تقدمه بعض الحكومات والدعم غير المباشر الناجم عن دخول بعض تلك الحكومات في تعاملات تجارية بالنفط والغاز والآثار مع الجماعات الإرهابية.
وقال الجعفري لا يفوتنا هنا التأكيد على ضرورة منع تزويد الجماعات الإرهابية بالسلاح والذخيرة ولاسيما أسلحة الدمار الشامل ومواد إنتاجها وإطلاقها لافتا إلى الحاجة الماسة لمعالجة أسباب الإرهاب والتطرف العنيف وفي مقدمتها الاحتلال الأجنبي والأعمال العسكرية التي تتم خارج إطار الشرعية الدولية والتدخلات الخارجية والتدابير القسرية الانفرادية.
وجدد الجعفري التأكيد على أن ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق السكان العرب في الأراضي العربية المحتلة ودعمها مع النظامين القطري والسعودي للتنظيمات الإرهابية المرتبطة بـ “جبهة النصرة” وغيرها والتي تنشط في منطقة خط الفصل في الجولان السوري المحتل هي تجسيد حقيقي لإرهاب الدولة الذي يتوجب على الأمم المتحدة التصدي له.
وأشار الجعفري إلى أن النهج المتحيز الذي تعاملت به الأمم المتحدة على مدى خمسة أعوام مع مسألة التصدي للإرهاب الذي يستهدف سورية دولة وشعباً وجيشا وبنية حضارية واجتماعية واقتصادية وثقافية وإفشال العديد من الدول الأعضاء لأي خطوات جماعية فعالة تحت مظلة الأمم المتحدة وفي إطار الشرعية الدولية للتصدي للتنظيمات الإرهابية ومنعها من تكريس وجود لها وارتكاب الأعمال الإجرامية الوحشية على الأراضي السورية كانت له نتائج كارثية على سورية التي على الرغم من كل ذلك لم تفقد الأمل بأن تكون الأمم المتحدة هي المحفل الدولي الأساسي لتنسيق وتعزيز الجهود الدولية المشتركة الرامية للقضاء على التهديد الذي يمثله الإرهاب للأمن والسلم الدوليين وسلامة واستقرار الدول وتقدم ورفاه الشعوب.
وتابع الجعفري “إن هذه القناعة تدفعنا للعمل الدؤوب والتنبيه المستمر لخطر الإرهاب على جميع الدول الأعضاء وتقديم المعلومات المتعلقة بمسببات وأبعاد هذا التهديد والدوافع والجهات التي تقف وراءه والمطالبة دون كلل أو ملل بدور فاعل للأمم المتحدة وهيئاتها الرئيسية والفرعية المعنية بمكافحة الإرهاب في ظل الاحترام الصارم لمبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق والصكوك الدولية ذات الصلة ومنها استراتيجية الأمم المتحدة العالمية والقرارات المعتمدة في ختام عمليات الاستعراض وقرارات مجلس الأمن والابتعاد عن ازدواجية المعايير وعن تسييس قضايا مكافحة الإرهاب وعن الخلط المتعمد بين مكافحة الإرهاب من جهة وقضايا خلافية من جهة ثانية بهدف إعاقة تطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب وإضعاف التزام الدول الأعضاء بتنفيذ هذه القرارات تحت ذرائع شتى”.
وأبدى الجعفري الأسف لأنه بعد الأحداث والأعمال الإرهابية التي تشهدها سورية منذ سنوات وشهدتها عشرات الدول الأعضاء الأخرى فإن التنظيمات الارهابية لا تزال قادرة على التحرك والتجنيد والتخطيط وتوفير التمويل وشن المزيد من الهجمات الإرهابية المدانة والتفجيرات الانتحارية الوحشية.
واستغرب الجعفري المنطق السائد في العالم وكيف أن هناك من ما زال يحاجج في مكافحة الإرهاب وهناك أحد التنظيمات الإرهابية أطلق على نفسه اسم “الدولة” مقرونة بصفة “الخلافة” وربطها بالإسلام والإسلام منه براء وجعل لدولته عاصمتين في كل من سورية والعراق وأتباعا وخلايا ناشطة أو نائمة في الكثير من دولنا الأعضاء.
وأعاد الجعفري التحذير من تنامي التنظيمات الإرهابية وقال: تنامت وتشعبت كالفطريات التنظيمات المرتبطة بالقاعدة كـ “جبهة النصرة وبوكو حرام وحركة تركستان الشرقية وإمارة القوقاز والشباب وجيش الإسلام وحركة أحرار الشام وجيش المهاجرين والأنصار ولواء السلطان مراد” وغيرها من الكيانات التي تنشط وترتكب أعمالا إرهابية في دول ومناطق مختلفة حول العالم مستفيدة في ذلك من الدعم الذي تتلقاه من حكومات دول أعضاء في هذه المنظمة ترى في الإرهاب أداةً رخيصةً طيعة لخدمة مصالحها وتقويض أمن واستقرار دول أخرى.
وجدد الجعفري الأسف من أن حكومات دول أعضاء في مجلس الأمن تبادر اليوم لعرقلة إدراج بعض تلك التنظيمات على قائمة الإرهاب لا بل السعي لتجميلها وإسباغ الشرعية عليها بوصفها “قوات معارضة مسلحة معتدلة” حيناً و”جماعات من غير الدول” طوراً و”مجموعات مسلحة متمردة” أحياناً أخرى.
وأشار الجعفري إلى أن بعض حكومات الدول الأعضاء في مجلس الأمن علقت قبل أيام البت في طلب سوري لإدراج التنظيم الإرهابي المسمى “جيش محمد أبو عبيدة المهاجر” على قائمة المنظمات الإرهابية رغم إعلان هذا التنظيم الإرهابي ولاءه لـ “جبهة النصرة” وللقاعدة متسائلا: كيف يكون قادة هذا التنظيم الإرهابي وهم “أبو مسعود الليبي وأبو مريم التونسي وأبو حفص المصري وأبو هاجر الفرنسي معارضة سورية معتدلة”… وكيف نتصدى للإرهاب والبعض هنا يسهر على التستر على كيانات إرهابية ويقدم لها شتى أشكال الدعم والتسهيلات والحماية ويوصل أفرادها إلى الداخل السوري والعراقي عبر حدودنا مع الدول المجاورة في الشمال والجنوب.
ولفت الجعفري في كلمته إلى أن التحديات الماثلة أمام الدول الأعضاء كبيرة جداً وخطيرة جدا لأن ظاهرة “المقاتلين الإرهابيين الأجانب” الذين تم استقدام عشرات الآلاف منهم من أكثر من 115 دولة وفقاً لتقارير الأمم المتحدة إلى سورية بدعم وتسهيلات من حكومات دول معروفة في مقدمتها حكومات تركيا والسعودية وقطر تدفع إلى التساؤل عن مدى احترام بعض حكومات الدول الأعضاء في هذه المنظمة لالتزاماتها في مجال مكافحة الإرهاب وتدفعنا أيضا للمطالبة بمساءلة تلك الحكومات عن انتهاكاتها للقانون الدولي.
واعتبر الجعفري أن اعتماد الجمعية العامة لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب قبل عشر سنوات كان علامة فارقة في الجهود الجماعية الدولية الرامية لمكافحة الإرهاب معربا عن أمل سورية في أن تساعد عملية الاستعراض الخامس والقرار التوافقي الذي أسفرت عنه المفاوضات المكثفة في تطبيق الاستراتيجية العالمية وغيرها من الصكوك الدولية الأخرى الخاصة بمكافحة الإرهاب تطبيقا عمليا بما يحقق هدفنا المشترك وآمال شعوبنا في القضاء على هذه الآفة والتهديد الذي تمثله للسلم والأمن الدوليين.
وبين الجعفري أن القرار الذي اعتمد اليوم تضمن جملة من الإضافات المهمة التي تتعامل مع المستجدات والتحديات التي برزت منذ الاستعراض الرابع للاستراتيجية مؤكدا أن وفد الجمهورية العربية السورية انخرط في المفاوضات بالتزام جاد بمكافحة الإرهاب وبروح إيجابية وقدم مقترحات بناءة وأبدى مرونة كبيرة خلالها انطلاقا من إدراكه بأن الهدف الأساسي لا يقتصر على كل كلمة في النص رغم أهميتها بطبيعة الحال بل يتعداها إلى ضرورة تحقيق التوافق لتيسير التطبيق الكامل والالتزام الحقيقي من قبل الدول الأعضاء كافة بما تم الاتفاق عليه وتحويله إلى عمل ميداني عاجل يثمر نتائج حاسمة.
وأعرب الجعفري عن الشكر للمندوبين الدائمين لأيسلندا والأرجنتين وفريقهما على الجهود المبذولة لتيسير عملية الاستعراض الخامس والمفاوضات حول مشروع القرار.
وختم الجعفري بالترحيب بالجهود المبذولة لدعم ضحايا الإرهاب مشيرا إلى أنهم كثر للأسف في سورية ولذلك نؤكد على أهمية دعمهم ومساندتهم للتعافي والقيام بدور فعال وبناء في مجتمعاتهم وفي التوعية ضد الإرهاب.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة