لأولِ مرّة منذ العام 2011 يخرجُ عماد خميس من مكتبِهِ الواسعِ جامعاً أوراقِهِ وأغراضِهِ الشّخصيةِ مودّعاً وزارة الكهرباء التي كانت السّببَ في جعلِهِ الوزيرَ الأكثرَ ‫‏شهـرةً لدّى السّوريين في ظلِّ ارتفاع ساعات التّقنين الكهربائيّ فلم يوفرْهُ أحدٌ لا في ساعاتِ البردِ القارسِ شتاءً أو في الجوّ الحارِ صيفاً .

مالا يَعلمُهُ الجميعُ عن خميس.

يقولُ مُقربون من الوزيرَ في وزارتِهٍ بأنهُ رجلٌ عاملٌ مجتهدٌ يحاولُ قدرَ الإمكانِ التأقلمَ مع الظروفِ الحاليّة كبلدٍ تستمرُ بها الحربُ تحرقُ الأخضرَ واليابسَ إلا أن الشّارع السّوريّ لهُ رأيٌ آخر فهم يعتبرونَ الوزيرَ جيّداً في حالِ كان وضعُ الكهرباءِ جيداً ويعتبرونه رجلاً سيئاً إن حصلَ العكس وخلال السّنوات الخمس كان الانطباع السيء حولَ الرجلِ أكثرَ سلبيةً إلا أن الانطباع بدأَ بالتحسنِ مع مطلعِ العام 2014 نتيجة عدة أسبابٍ أبرزها اهتمام الوزير بالإعلامِ الالكترونيّ حيثُ وجّهَ بإنشاءٍ صفحةً على موقعِ التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" باسمِ وزارتِهِ تنقلُ رؤيةَ الوزارةِ فيما يخصُّ الواقع الكهربائيّ يُضافُ إلى ذلك استقباله عدداً لا بأسَ به من مدراءِ المواقع الالكترونيّة وصفحات التّواصل الاجتماعيّ لإيصالِ رأي الوزارة إليه وبالفعلِ استطاعَ إقناعَ هؤلاء الشّباب بالإضافةِ لجهدِ مكتبه الصّحفيّ بأنَّ الوزارةَ قد ظُلِمتْ شعبياً وتوجّهتْ سهامُ الحربِ الكهربائيّةِ إلى وزارةِ النّفط التي اتهمتْها وزارةُ الكهرباءِ بعيداً عن الأضواءِ بأنَّ نقصَ إمدادِها بالفيولِ والغاز هو سببُ التّقنين الكهربائيّ فَتعدّلَ المزاجُ العامُ للشّارعِ السّوريّ حولَ الوزير وتحول من شخصٍ سيءٍ إلى رجلٍ يعملُ جاهداً لتوفيرِ التّيارِ الكهربائيّ ليُصار إلى تكليفهِ أمس من قبلِ رئيسِ الجمهوريّة لتشكيلِ حكومة جديدة .

مُقربون من الوزيرِ خميس لا يخفون بأنَّ علاقتَهُ برئيس الحكومة السّابق وائل الحلقي لم تكنْ في إطارِ الجيدة وكان هناك خلافاتٌ واضحةٌ بالأخصّ كون الحلقي كان من أنصارِ وزير النفط بل ولربما كان يحاولُ أن يبقي خميس في إطارِ العمل الوزاريّ غير الجيد لمعرفة الحلقي بأنَّ خميس هو من المرشحين لترأسِ الحكومة الجديدة وهذه الأمور تبقى في إطارِ الأحاديثِ الخاصّة التي لاتخرجُ على وسائلِ الإعلام إلا أنّها اليوم باتتْ واضحةً غيرَ خفيّة على أحدٍ من رجالات الدّولة بشكلٍ عام .

لحلب رأيٌ آخر مخالفِ تماماً

بالنسبةِ إلى حلب كان خبرُ تكليف المهندس عماد خميس رئيساً للحكومة خبراً عند الأغلبية كونَ الوزارة ممثلة بالوزير لم تستطعْ تلبيةَ احتياجاتِ المواطنين الحلبيين وسمعته هناك غير جيدة بالأخصّ في ظلِّ هيمنةِ تجارِ الآمبيرات وسيطرتهم على كهرباءِ المحافظة وبالرغم من زياراتِهِ المتكررةِ إلى المحافظةِ إلا أنّها بقيتْ ضمنَ إطارِ الصّورِ التّذكاريّة لا أكثر دونِ أن يستطيعَ حل أزمةِ هذه المحافظةِ خلال أربعة أعوام .

علاقةُ خميس بالغوطة الشّرقيّة

وُلِد المهندسُ عماد خميس في مدينةِ سقبا بالغوطة الشّرقيّة من عائلةٍ متوسطةَ الدخل، ودرسَ في مدارسِها ،حاصلٌ على إجازةٍ في الهندسة الكهربائيّة عام 1984 وعلى درجةِ الماجستير في مجالِ الطّاقةِ من جامعةِ دمشق، ولخميس منزلٌ ومزارعٌ في مدينته إلا أنّهُ بعد دخولنا في الأزمة وسيطرةُ الميليشيا المسلحة على المدينةِ تم إحراق ونهب وسرقة جميع ممتلكاته حتّى من أقاربٍ لهُ حيث أن عدداً من أبناءِ عمومته عناصرٌ مسلّحة تُحاربُ الدّولةَ السّوريّة أحدهم يديرُ مشفى ميدانيّ في الغوطةِ الشّرقيّةِ تم إلقاء القبض عليه أول الأزمة إلا أنه خرجَ مع كثيرٍ من الرّجال ضمن مراسيم العفو الخاصّة من السّيدِ الرّئيس , إلا أنّ هذا لا يُشكك أبداً بوطنيّة الرّجل فكلُّ رجلٍ يكنّى اليوم باسمِهِ لا بعائلتِهِ.

وراثةُ الأزماتِ من حكومةِ سَلفِهِ الحلقي

يتسلمُ اليومَ خميس رئاسةَ الحكومةِ في ظلِّ أزماتٍ كبرى تحلُّ على المجتمعِ السّوريّ أبرزها ملف أسعارِ المحروقاتِ الذي يجبُ أن يكونَ لهُ أولويةً وإلا فإنّه سيُعتبر من قبلِ الشّارع السّوريّ مؤيداً للقرار عدا عن أزماتِ هجرة العقول السّوريّة والفقر الذي تجاوزتْ نسبتهُ 90% في المجتمعِ السّوريّ والفساد المستشريّ بشكلٍ مخيفٍ في معظمِ الوزاراتِ أبرزها التّعليم والإعلام والعدل والوزارات الخدميّة , أما الكهرباءُ التي كان وزيراً لها لن تفارقَهُ بمفارقةِ الوزارةِ فهو اليوم في موضعِ القرارِ لأن ينفذَ الحلولَ البديلةَ التي طرحها على الحلقي سابقاً وكانت نتيجتها الرفض وهي اختبارات ليست بالأمرِ السّهل أمام خميس وفي حالِ عدمِ قدرتِهِ على إدارةِ هذه الأزمات ووضع حلول ناجحة لها سيعودُ إلى خسارةِ شعبيته التي حصل عليها بصعوبةٍ ومن الممكن خسارتها في أولِ قرارٍ خاطئٍ قد يتخذُهُ بحقِّ المجتمع السّوريّ .

الأيامُ هي الحكم على عملِهِ

لا يستطيعُ أحدٌ اليومَ أن يكونَ متفائلاً أم متشائماً بقرارِ تكليف خميس لرئاسةِ الحكومةِ فسلفه الحلقي كان من أنجحِ الوزراءِ عندما كان وزيراً للصحة إلا أنه لم يستطعْ إدارةَ الحكومةِ بشكلٍ جيدٍ فجَلبَ الويلات للشّعب السّوريّ وخميس أيضاً كان ناجحاً في وزارةِ الكهرباء ، لكنْ هل يستطيعُ أن ينقلَ إدارته الناجحة لوزارته السابقة إلى الحكومةٍ مجتمعةً وهل يستطيع أن يكون عند ثقةِ الرّئيس الأسد به ,, هذا الأمر سنتركُهُ للأشهرِ المقبلة فهي ستحملُ الإجابةَ الصحيحةَ والحقيقيّةَ وستحكم على أداء الرّجل الذي يأمل الشعب به خيراً لسلفه لا العكس .

الصورة للرسام مؤيد حسين

  • فريق ماسة
  • 2016-06-22
  • 13258
  • من الأرشيف

بيـن السطور / عمــاد خمــيس مابـينَ الكابــوس والحِلـــم

لأولِ مرّة منذ العام 2011 يخرجُ عماد خميس من مكتبِهِ الواسعِ جامعاً أوراقِهِ وأغراضِهِ الشّخصيةِ مودّعاً وزارة الكهرباء التي كانت السّببَ في جعلِهِ الوزيرَ الأكثرَ ‫‏شهـرةً لدّى السّوريين في ظلِّ ارتفاع ساعات التّقنين الكهربائيّ فلم يوفرْهُ أحدٌ لا في ساعاتِ البردِ القارسِ شتاءً أو في الجوّ الحارِ صيفاً . مالا يَعلمُهُ الجميعُ عن خميس. يقولُ مُقربون من الوزيرَ في وزارتِهٍ بأنهُ رجلٌ عاملٌ مجتهدٌ يحاولُ قدرَ الإمكانِ التأقلمَ مع الظروفِ الحاليّة كبلدٍ تستمرُ بها الحربُ تحرقُ الأخضرَ واليابسَ إلا أن الشّارع السّوريّ لهُ رأيٌ آخر فهم يعتبرونَ الوزيرَ جيّداً في حالِ كان وضعُ الكهرباءِ جيداً ويعتبرونه رجلاً سيئاً إن حصلَ العكس وخلال السّنوات الخمس كان الانطباع السيء حولَ الرجلِ أكثرَ سلبيةً إلا أن الانطباع بدأَ بالتحسنِ مع مطلعِ العام 2014 نتيجة عدة أسبابٍ أبرزها اهتمام الوزير بالإعلامِ الالكترونيّ حيثُ وجّهَ بإنشاءٍ صفحةً على موقعِ التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" باسمِ وزارتِهِ تنقلُ رؤيةَ الوزارةِ فيما يخصُّ الواقع الكهربائيّ يُضافُ إلى ذلك استقباله عدداً لا بأسَ به من مدراءِ المواقع الالكترونيّة وصفحات التّواصل الاجتماعيّ لإيصالِ رأي الوزارة إليه وبالفعلِ استطاعَ إقناعَ هؤلاء الشّباب بالإضافةِ لجهدِ مكتبه الصّحفيّ بأنَّ الوزارةَ قد ظُلِمتْ شعبياً وتوجّهتْ سهامُ الحربِ الكهربائيّةِ إلى وزارةِ النّفط التي اتهمتْها وزارةُ الكهرباءِ بعيداً عن الأضواءِ بأنَّ نقصَ إمدادِها بالفيولِ والغاز هو سببُ التّقنين الكهربائيّ فَتعدّلَ المزاجُ العامُ للشّارعِ السّوريّ حولَ الوزير وتحول من شخصٍ سيءٍ إلى رجلٍ يعملُ جاهداً لتوفيرِ التّيارِ الكهربائيّ ليُصار إلى تكليفهِ أمس من قبلِ رئيسِ الجمهوريّة لتشكيلِ حكومة جديدة . مُقربون من الوزيرِ خميس لا يخفون بأنَّ علاقتَهُ برئيس الحكومة السّابق وائل الحلقي لم تكنْ في إطارِ الجيدة وكان هناك خلافاتٌ واضحةٌ بالأخصّ كون الحلقي كان من أنصارِ وزير النفط بل ولربما كان يحاولُ أن يبقي خميس في إطارِ العمل الوزاريّ غير الجيد لمعرفة الحلقي بأنَّ خميس هو من المرشحين لترأسِ الحكومة الجديدة وهذه الأمور تبقى في إطارِ الأحاديثِ الخاصّة التي لاتخرجُ على وسائلِ الإعلام إلا أنّها اليوم باتتْ واضحةً غيرَ خفيّة على أحدٍ من رجالات الدّولة بشكلٍ عام . لحلب رأيٌ آخر مخالفِ تماماً بالنسبةِ إلى حلب كان خبرُ تكليف المهندس عماد خميس رئيساً للحكومة خبراً عند الأغلبية كونَ الوزارة ممثلة بالوزير لم تستطعْ تلبيةَ احتياجاتِ المواطنين الحلبيين وسمعته هناك غير جيدة بالأخصّ في ظلِّ هيمنةِ تجارِ الآمبيرات وسيطرتهم على كهرباءِ المحافظة وبالرغم من زياراتِهِ المتكررةِ إلى المحافظةِ إلا أنّها بقيتْ ضمنَ إطارِ الصّورِ التّذكاريّة لا أكثر دونِ أن يستطيعَ حل أزمةِ هذه المحافظةِ خلال أربعة أعوام . علاقةُ خميس بالغوطة الشّرقيّة وُلِد المهندسُ عماد خميس في مدينةِ سقبا بالغوطة الشّرقيّة من عائلةٍ متوسطةَ الدخل، ودرسَ في مدارسِها ،حاصلٌ على إجازةٍ في الهندسة الكهربائيّة عام 1984 وعلى درجةِ الماجستير في مجالِ الطّاقةِ من جامعةِ دمشق، ولخميس منزلٌ ومزارعٌ في مدينته إلا أنّهُ بعد دخولنا في الأزمة وسيطرةُ الميليشيا المسلحة على المدينةِ تم إحراق ونهب وسرقة جميع ممتلكاته حتّى من أقاربٍ لهُ حيث أن عدداً من أبناءِ عمومته عناصرٌ مسلّحة تُحاربُ الدّولةَ السّوريّة أحدهم يديرُ مشفى ميدانيّ في الغوطةِ الشّرقيّةِ تم إلقاء القبض عليه أول الأزمة إلا أنه خرجَ مع كثيرٍ من الرّجال ضمن مراسيم العفو الخاصّة من السّيدِ الرّئيس , إلا أنّ هذا لا يُشكك أبداً بوطنيّة الرّجل فكلُّ رجلٍ يكنّى اليوم باسمِهِ لا بعائلتِهِ. وراثةُ الأزماتِ من حكومةِ سَلفِهِ الحلقي يتسلمُ اليومَ خميس رئاسةَ الحكومةِ في ظلِّ أزماتٍ كبرى تحلُّ على المجتمعِ السّوريّ أبرزها ملف أسعارِ المحروقاتِ الذي يجبُ أن يكونَ لهُ أولويةً وإلا فإنّه سيُعتبر من قبلِ الشّارع السّوريّ مؤيداً للقرار عدا عن أزماتِ هجرة العقول السّوريّة والفقر الذي تجاوزتْ نسبتهُ 90% في المجتمعِ السّوريّ والفساد المستشريّ بشكلٍ مخيفٍ في معظمِ الوزاراتِ أبرزها التّعليم والإعلام والعدل والوزارات الخدميّة , أما الكهرباءُ التي كان وزيراً لها لن تفارقَهُ بمفارقةِ الوزارةِ فهو اليوم في موضعِ القرارِ لأن ينفذَ الحلولَ البديلةَ التي طرحها على الحلقي سابقاً وكانت نتيجتها الرفض وهي اختبارات ليست بالأمرِ السّهل أمام خميس وفي حالِ عدمِ قدرتِهِ على إدارةِ هذه الأزمات ووضع حلول ناجحة لها سيعودُ إلى خسارةِ شعبيته التي حصل عليها بصعوبةٍ ومن الممكن خسارتها في أولِ قرارٍ خاطئٍ قد يتخذُهُ بحقِّ المجتمع السّوريّ . الأيامُ هي الحكم على عملِهِ لا يستطيعُ أحدٌ اليومَ أن يكونَ متفائلاً أم متشائماً بقرارِ تكليف خميس لرئاسةِ الحكومةِ فسلفه الحلقي كان من أنجحِ الوزراءِ عندما كان وزيراً للصحة إلا أنه لم يستطعْ إدارةَ الحكومةِ بشكلٍ جيدٍ فجَلبَ الويلات للشّعب السّوريّ وخميس أيضاً كان ناجحاً في وزارةِ الكهرباء ، لكنْ هل يستطيعُ أن ينقلَ إدارته الناجحة لوزارته السابقة إلى الحكومةٍ مجتمعةً وهل يستطيع أن يكون عند ثقةِ الرّئيس الأسد به ,, هذا الأمر سنتركُهُ للأشهرِ المقبلة فهي ستحملُ الإجابةَ الصحيحةَ والحقيقيّةَ وستحكم على أداء الرّجل الذي يأمل الشعب به خيراً لسلفه لا العكس . الصورة للرسام مؤيد حسين

المصدر : دمشق الآن / وسام الطير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة