بداية أبارك لكم هذا الشهر الفضيل كما أبارك لكل الشعب السوري وأتمنى أن يأتي رمضان القادم وتكون سورية قد استعادت عافيتها.. السيدة رئيس مجلس الشعب.. أيها السيدات والسادة.. ليست هي المرة الأولى التي أقف فيها على هذا المنبر بعد الاستحقاقات البرلمانية وتشكيل مجلس شعب جديد لأبارك لأعضائه بانتخابهم نواباً وناطقين باسم الشعب وحائزين على ثقته وحاملين لمسؤولية وطنية شرفهم بها.. لكن هذه المرة مختلفة وبشكل كبير عن سابقاتها فهذه الانتخابات لم تكن انتخابات عادية فقد أتت وسط تجاذبات ميدانية وسياسية إقليمية ودولية كبيرة..أتت وسط ظروف داخلية قاسية أدت بالبعض لأن يتوقع فشلها وعدم إنجازها.. وإن أنجزت فبمقاطعة شاملة من قبل المواطنين.. وبأحسن الأحوال بلا مبالاة تجاهها لكن ما حصل هو العكس فقد فاجأ الشعب السوري العالم مرة أخرى بمشاركته الواسعة بواحدة من الاستحقاقات الوطنية والدستورية الهامة فحجم المشاركة غير المسبوق من قبل الناخبين في اختيار وانتخاب ممثليهم في مجلس الشعب كان رسالة واضحة للعالم بأنه كلما ازدادت الضغوط فإن الشعب يتمسك باستقلاله أكثر وكلما حاول الآخرون التدخل في شؤونه أثبت إصراره على التشبث بالدستور واستحقاقاته كحام للاستقلال ورافعة للاستقرار.. ولم يتجسد هذا الموقف الوطني في حجم المشاركة فحسب بل في عدد المرشحين غير المسبوق الذين عبروا هم أيضا عن وطنية ووعي كبيرين.

وأضاف الرئيس الأسد.. كل ذلك هو رسالة كبيرة ومهمة لكم.. أنتم نواب هذا الشعب فهذه المشاركة غير المسبوقة رغم كل الظروف والتحديات والأخطار تحملكم مسؤولية غير عادية تجاه المواطنين الذين وضعوا آمالهم أمانة بين أيديكم لتصونوها وتحافظوا عليها عبر العمل الدؤوب والصادق والأمين والذي يجب أن يتناسب مع جسامة التحديات المفروضة على سورية ومع هذا الإقبال وهذه الثقة التي منحكم إياها الشعب.

وتابع الرئيس الأسد.. وكما أن هذه الانتخابات لم تكن عادية وحجم المشاركة غير مسبوق فإن هذا المجلس أيضا جاء مختلفاً عن سابقيه فالناخبون الذين اعتادوا انتخاب ممثلين لهم كانوا على قدر المسؤولية والوعي وعلى مستوى كبير من فهم تغيرات الواقع وقيمة التضحيات فبالإضافة إلى اختيار الشعب ممثلين عن شرائحه فقد اختاروا وصوتوا لمرشحين أتوا من عمق المعاناة وقمة العطاء.. إن مجلسكم في هذه المرة ولأول مرة فيه الجريح الذي ضحى بقطعة من جسده ليبقى جسد الوطن كاملاً.. وفيه أم الشهيد وأبوه وأخته الذين ضحى أبناؤهم بأرواحهم لتستمر سورية.. فيه الطبيب الذي أبقى المهنة سامية وشعر بالناس وبوضعهم الاقتصادي والمعيشي فعالج المواطنين بالمجان.. فيه الفنان الذي حمل السلاح ودافع عن أرضه وعرضه.. فيه ازداد صوت المرأة والشباب.. فيه ارتفع وبشكل كبير عدد حملة الشهادات الجامعية العليا.. وفيه من ساهم بأمواله دفاعاً عن وطنه وشعبه.

وأضاف الرئيس الأسد.. وأنا هنا إذ أذكر هذه الحالات فهناك منها ومثلها الكثير لن أمر عليها كلها فكل عضو منكم قد انتخبه الشعب وأراد منه أن يكون صوته وحاضنته وحاميه فليكن عنوان عملنا ومنهجنا ودليلنا كأشخاص مسؤولين في مختلف المؤسسات في المرحلة المقبلة العمل من أجل الغير لا من أجل الذات تماماً كما فعل الجريح والشهيد وكل من ضحى وما زال.. كل من مكانه وموقع عمله ومسؤوليته فمن دون هذه البوصلة لا يمكن لسورية الخروج مما تمر به.. ومن دونها لا مكان للتقدم.. ولا مكان للإنجاز.. لا مكان للأفكار المنتجة والإبداعية وإن وجدت فلا قيمة لها.

 وتابع الرئيس الأسد.. عندما نفكر ونعمل بصدق وإخلاص للغير أولاً لا للذات تنتفي العقبات التي يعود سببها إلى الفساد وسوء الإدارة وتصبح من الممكن بل من المحقق مواجهة التحديات الناشئة عن الحرب وعندها يظهر المقصر والفاسد ناتئاً شاذاً لا يستطيع أن يلقي بأسباب تقصيره وفساده على الظروف السائدة.. عندما نفكر ونعمل بصدق وإخلاص للوطن أولاً لا للذات أو المكاسب الشخصية تصبح رقابتكم على السلطة التنفيذية فاعلة وحقيقية قادرة على تقويم أدائها بما يخدم المواطن وهذا ما يتوقعه الجميع من مجلسكم الحالي.

وقال الرئيس الأسد: إن تحملكم المسؤولية الوطنية يأتي اليوم في ظروف غير عادية يمر بها العالم بمجمله نتيجة صراعات دولية جوهرها محاولة الغرب الحفاظ على هيمنته على العالم بأي ثمن.. هذا الغرب الذي يرفض أي شراكة معه من أي دولة أو تجمع دولي ويتعامل معه وكأنه قضية حياة أو موت بالنسبة له.. هذه الصراعات الدولية أفرزت صراعات إقليمية بين دول تسعى للحفاظ على سيادتها واستقلالها ودول تعمل لتنفيذ مصالح الآخرين ولو كان ذلك على حساب مصالح شعوبها.. هذه الصراعات انعكست بشكل مباشر على الوضع في منطقتنا عموماً وسورية بشكل خاص وزادته تعقيداً لكن بنفس الوقت كل ما سبق لا يعني على الإطلاق إعفاءنا كسوريين من مسؤوليتنا فيما يحصل فلو كان بيتنا الداخلي صلباً وقوياً متماسكا لا يضرب الفساد والخيانة بعض زواياه لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن.

وأضاف الرئيس الأسد.. إن هذه الصراعات تنعكس بشكل واضح وجلي بمستوياتها الثلاثة الدولية والإقليمية والداخلية على العملية السياسية التي تجري في جنيف.. وبين الدولي والإقليمي يقبع المحلي بمجموعة ممن يحملون الجنسية السورية ارتضوا أن يكونوا دمى تحركها تارة الدولة الأكثر تخلفاً في العالم وتارة أخرى دول تحلم بعودة استعمارها القديم لدول منطقتنا ولو عبر وكلاء لها مقابل وعود مادية ووعود واهية.. لكن في مواجهة أولئك الخونة هناك مجموعة أخرى من الوطنيين السوريين مؤتمنين على تضحيات الشهداء والجرحى يسعون عبر العمل السياسي للحفاظ على أرضهم ووطنهم واستقلال قراره.

وأضاف الرئيس الأسد.. لم يعد خافياً على أحد أن جوهر العملية السياسية بالنسبة للدول الداعمة للإرهاب إقليمياً ودولياً كان منذ البدايات وعبر مختلف المبادرات يهدف لضرب وجود أي مفهوم للوطن عبر ضرب جوهره وهو الدستور وعبر الضغط المستمر لاعتباره غير موجود ولإيقاف العمل به وتجميده تحت مسميات ومصطلحات مختلفة أساسها ما يسمى المرحلة الانتقالية.. وطبعاً عبر ضرب الدستور يتم القضاء على دعامتين أساسيتين لأي دولة الأولى.. المؤسسات وفي مقدمتها مؤسسة الجيش الحامية للبلاد الضامنة لأمان الشعب حيث بدؤوا في التركيز عليها بشكل كبير منذ البدايات وفي أي حديث حول مستقبل سورية ومؤسساتها.. وأما الدعامة الأخرى فهي الهوية الوطنية والقومية والدينية المتنوعة لسورية التي بدؤوا بالتركيز عليها عندما فهموا أنها كانت أساس صمود الوطن في بدايات الأحداث.

وتابع الرئيس الأسد.. كانوا على يقين بأن الأساس في مخططهم السياسي بعدما لم ينجحوا في مخططهم الإرهابي هو ضرب الدستور طبعا بالرغم من كل ما حققه الإرهاب من تدمير ومن سفك للدماء.. لكن المخطط كان أن يأتي هذا الإرهاب ويسيطر بشكل كامل ويعطى صفة الاعتدال.. ولاحقاً يعطى الغطاء الشرعي.. طبعاً.. من الخارج وليس من الداخل.. كان مخططهم ضرب الدستور.. وبالتالي خلق الفوضى المطلقة التي يكون المخرج منها هو دستور عرقي طائفي يحولنا من شعب يتمسك بوطنه إلى مجموعات متناحرة تتمسك بطوائفها وتستعين بالغرباء على أهلها وأخوانها.. وما أقوله اعتقد أنه من البديهيات.. لا أقول شيئا جديداً.. فالتجارب الطائفية الموجودة لو نظرنا شرقنا وغربنا واضحة والأحداث تتكلم عن نفسها ولا نحتاج إلى إعادة تقييم هذا الموضوع بعد عقود من التجارب في منطقتنا.

وقال الرئيس الأسد: النظام الطائفي يحول أبناء الوطن الواحد إلى أعداء وخصوم وعندما يكون هناك أعداء وخصوم في أي مكان فكل طرف في هذه الحالة يبحث عن حلفاء والحلفاء في مثل هذه الحالة لن يكونوا موجودين داخل سورية أو داخل الوطن.. أتحدث بشكل عام عن أي وطن.. لأن العلاقة مبنية على الشك والحقد والكره بالتالي سيكون الحليف في الخارج.. هنا تأتي الدول الاستعمارية لتقدم نفسها كحام لتلك المجموعات ويصبح تدخلها في شؤون ذلك الوطن تدخلاً مبرراً وشرعياً وعندها ينتقلون في مرحلة ما إلى التقسيم عندما يكون مخطط التقسيم جاهزاً.. لذلك ولتثبيت مخططهم نلاحظ جميعاً أن المصطلحات الطائفية تأخذ حيزاً مهماً في الخطاب السياسي للدول الراعية للإرهاب.. الإقليمية أو الدولية.

وأضاف الرئيس الأسد.. كل ذلك لتكريس هذا المفهوم وجعله أمراً مفروغا منه بل لا غنى عنه وحلاً وحيداً لا مفر للسوريين منه إن هم أرادوا السلام.. أي يتم تكريس هذا المفهوم أولاً في الخارج.. وبالتالي تقتنع الدول ويقتنع السياسيون في العالم بأنه لا حل سوى بدستور طائفي على اعتبار أن هذه المنطقة متنوعة والصراع هو صراع طائفي وعرقي ولا يمكن أن يعيشوا مع بعضهم البعض وتبدأ الضغوط علينا من أجل الموافقة على هذا المنطق أو على هذا الدستور.. ونقتنع نحن بدرجة ثانية كمواطنين بأننا لا يمكن أن نعيش مع بعضنا البعض إلا من خلال هذا الدستور.. ويقولون لنا كلمة كما نقول باللغة العامية “سكرة” كي نسد جوعنا.. انتم تريدون وحدة سورية.. طبعاً كل دول العالم مع وحدة سورية ولكن كما نعلم جميعاً الوحدة لا تبدأ بالجغرافيا وإنما تبدأ بوحدة المواطنين فعندما يكون الوطن منقسماً من خلال مواطنيه تصبح قضية التقسيم الجغرافي هي قضية زمن.. أيضاً بنفس الطريقة عندما يأتي وقت التقسيم سيحصل هذا الشيء.

وقال الرئيس الأسد: وبما أننا لم ولن نسمح لهم بأخذ سورية في هذا الطريق ليسقطوها في الهاوية فقد طرحنا منذ بداية “جنيف3” ورقة مبادئ تشكل أساساً للمحادثات مع الأطراف الأخرى.. والآن أعتقد أن الكل يتساءل من هي هذه الأطراف الأخرى.. أي لم نر أطرافاً بكل الأحوال هناك.. كنا نتفاوض إما مع أنفسنا أو مع الميسر.. والميسر وفريقه هم ليسوا طرفاً.. هم ميسر.. هم طرف وسيط.. لذلك إذا قلنا لماذا نضع جملة “الأطراف الأخرى”.. هي هنا لضرورة الشعر فقط.. ولكن لا توجد أطراف أخرى.. وبناء على الاتفاق حول هذه المبادئ التي طرحتها سورية أو أي مبادئ بشكل عام يمكن الانتقال لمناقشة مواضيع أخرى كحكومة الوحدة الوطنية والتي بدورها ستقوم بالعمل على إعداد دستور جديد عبر لجنة دستورية مختصة وبعد إقراره عبر الاستفتاء يتم إجراء انتخابات برلمانية.

وتابع الرئيس الأسد.. هذه الفقرة جوهرها هو الذي طرح في عام 2013 في المبادرة التي ذكرتها في خطابي بدار الأسد للثقافة والفنون في الشهر الأول.. والكل اليوم يسأل وبشكل مكرر ما هي رؤيتكم للحل.. إذا تحدثنا عن الحل بالمعنى السياسي فهذا هو الجانب السياسي.. الجانب الآخر هو مكافحة الإرهاب.. كل مرة يسألون نفس السؤال وفي كل مرة سنعيد نفس الجواب.. بالعودة إلى موضوع المبادئ.. لماذا طرحنا المبادئ.. المبادئ ضرورية في أي مفاوضات وفي أي محادثات بين أي أطراف وأي دول.. لماذا.. لأن هذه المفاوضات دائما بحاجة لمرجعية.. هم يقولون أن هناك مرجعية هي القرار 2254 كما كانهناك في عملية السلام القرار 242.. ولكن وخاصة في هذا القرار عندما تكون القرارات هي تسوية بين الدول الكبرى كل دولة تريد أن تضع المصطلح الذي يناسبها فننظر إلى هذه القرارات نجدها متناقضة مع نفسها.. لو عدنا إلى بيان جنيف عام 2012 نرى بأن هناك سيادة سورية وهناك بنفس الوقت هيئة انتقالية.. فإذا كنا نقول “سيادة سورية” فكيف يحددون نيابة عن الشعب السوري ما هي البنية التي يريدها.. فإذا ذكرت السيادة تنتفي البنية.. وإذا وضعت هذه البنية التي تسميها حكومة انتقالية أو هيئة انتقالية يعني نفيت السيادة هذا من جانب.. من جانب آخر دائما نرى مصطلحات مطاطة ليس لها تفسير.

وقال الرئيس الأسد: ففي هذه القرارات المبنية على مفاوضات أو مباحثات أو لقاءات فيينا هناك على سبيل المثال مصطلح حكم ذو مصداقية.. ماذا يعني “حكم ذو مصداقية” بالنسبة للإرهابي.. إذا أتت “داعش والنصرة” والمجموعات الإرهابية الأخرى الموجودة الآن في المناطق المختلفة وحكمت في سورية فهذا “حكم ذو مصداقية” بالنسبة لهم.. إذا أتينا إلى الخونة الموجودين في الخارج والذين تحولوا إلى مجرد ممسحة لأسيادهم أو لأقدام أسيادهم ووضعوا حكماً يشبههم يحول سورية أو الدولة السورية إلى دولة مرتهنة تعمل على تحويل الشعب السوري كما هو وضعهم الآن.. فهذا أيضا بالنسبة لهم هو “حكم ذو مصداقية”.. وبالطبع عندما نذهب إلى المفاوضات لن نوافق على أي شيء من هذا القبيل لذلك وضعنا ورقة مبادئ.. هذه المبادئ عندما توضع تمنع أي طرف من أن يطرح ما يريد.. هناك إطار يحدد ما هو أقصى اليمين وما هو أقصى اليسار.. ما هو السقف الأعلى والسقف الأدنى.. أي طرح خارج هذه المبادئ يعتبر عرقلة وعدم جدية في العمل.

وقال الرئيس الأسد: أنا أذكر بشكل عاجل المبادئ الأساسية التي طرحت في الورقة.. سيادة سورية ووحدتها ورفض التدخل الخارجي ونبذ الإرهاب ودعم المصالحات والحفاظ على المؤسسات ورفع الحصار وإعادة الإعمار وضبط الحدود.. وهناك نقاط أخرى مذكورة في الدستور الحالي وغيره من الدساتير كالتنوع الثقافي وحريات المواطنين واستقلال القضاء وغيرها من المبادئ.. أي طرح يطرح خارج هذه المبادئ لن نوافق عليه بكل بساطة لذلك هم رفضوا.. طبعاً لم نسمع أحداً يقول لا لكن كان هناك تهرب.. لكن هذه المبادئ من وجهة نظرنا تشكل أساساً حقيقياً لنجاح المحادثات إن كانت هناك جدية ومصداقية وهي تدل بنفس الوقت ليس فقط على جدية وإنما أيضاً على وجود رؤية واضحة لآلية العمل السياسي الذي يمكن أن يؤدي إلى حل سوري سوري.. ولكن المحادثات الفعلية حتى هذه اللحظة لم تبدأ وإنما كنا نتحاور خلال الجولات مع الميسر الدولي وكما قلت هو ليس طرفاً كي نتفاوض معه.. لم يتم الرد أبداً على ورقة المبادئ وكان وفدنا يسأل عن ردود الأطراف الأخرى ولم نحصل أبداً على جواب وهذا يدل على ارتهان تلك الأطراف لأسيادها وبات واضحاً للجميع أنها أتت مرغمة صاغرة لجنيف وبدأت منذ اليوم الأول بطرح شروط مسبقة وعندما فشلت أعلنت بوضوح في الجولة الأخيرة دعمها للإرهاب ونسف وقف الأعمال القتالية.

وتابع الرئيس الأسد.. نحن ذهبنا إلى جنيف في الجولة الأخيرة والتي سبقتها ولم نلتق سوى بالوسيط وفريقه.. طرحنا ورقة المبادئ ولم يأتنا أي جواب لا سلبي ولا إيجابي.. تم القفز فوق هذه الورقة للوصول مباشرة إلى ما طرح علينا تحت عنوان أننا نبحث الآن عن قواسم مشتركة بين الطرفين طبعاً كان هناك اقتراح ليس من سورية.. من الأطراف الدولية نفسها أن تكون في المرحلة الأولى مفاوضات غير مباشرة ويقوم الميسر بدور الوسيط في نفس المكان غرف مختلفة لكل وفد في نفس البناء.. هذا الشيء لم يحصل وإن ما طرح علينا هو مجموعة من الأسئلة تحت عنوان الأشياء المشتركة لكن كل هذه الأسئلة التي طرحت علينا هي عبارة عن أفخاخ وكل سؤال فيه مصطلح من المصطلحات التي تمس إما سيادة سورية أو سلامتها أو مؤسساتها أو الوضع الاجتماعي بمعناه الديني.. بمعنى الهوية بالمعاني المختلفة التي تسمعون بها في الإعلام ولكنها حولت إلى أسئلة.. طبعاً في الألعاب الدولية من هذا النوع توضع بنية تسمى ميسراً أو مبعوثاً مع فريق ولكن في الحقيقة نحن نعلم أن الدول المنغمسة بهذا الموضوع على الساحة الدولية لا يمكن أن تترك هذه البنية تعمل بشكل نزيه ومستقل.

وقال الرئيس الأسد: دائماً يكون هناك مسؤولون من تلك الدول يعملون خلف الكواليس ونعتقد بأنهم هم من يقوم بوضع هذه الأسئلة على افتراض.. طبعاً افتراضهم هم.. أن فريق المفاوضين السوري هو فريق لا يعرف شيئاً عن السياسة وغير متمرس فيها.. الحقيقة كانت الأجوبة حاسمة ولم يتمكنوا من تمرير أي مصطلح.. ولكن في الحقيقة بالنسبة لنا من وضع هذه الأسئلة كائناً من كان.. سواء كان من فريق الميسر أو من تلك الدول هم عبارة إما عن هواة أو عبارة عن مبتدئين في عالم السياسة.

وأضاف الرئيس الأسد.. وكما قلت الطرف الآخر لم يكن موجوداً أتى رغماً عنه بعد أن فرض على أسيادهم أن يرسلوهم إلى جنيف وأتوا وهم يصرخون وحردوا إلى الفندق ولسنا بصدد تقييم هؤلاء.. هم مقيمون شعبياً.. وهم أقل من أن نتحدث عنهم.. ولكن في الحقيقة لا توجد أي مفاوضات مباشرة.. يجلسون في فندق آخر ولم يكن هناك جدول أعمال ولا أي شيء مشابه.. كان يوعز إليهم من وقت لآخر من أسيادهم أن يطلقوا تصريحاً ما.. عدا عن ذلك جدول الأعمال الوحيد الذي كان موجوداً لهم والذي تمت المصادقة عليه من الرياض هو جدول أعمال الاستيقاظ والنوم والطعام فقط.

عندما فشلوا في الوصول إلى ما يريدون كان  ردهم إعلانا علنيا بدعم الإرهاب والانسحاب من اتفاق وقف الأعمال القتالية

وتابع الرئيس الأسد.. طبعاً عندما فشلوا في الوصول إلى ما يريدون “طبعا في المرة الأولى” كانت الرغبة في الانسحاب وتحميل سورية المسؤولية ولكن لم يتمكنوا.. في المرة الأخيرة.. كان ردهم هو إعلان علني بدعم الإرهاب وإيقاف الهدنة والانسحاب منها أو ما سمي وقف الأعمال القتالية.. وهذا ما شهدناه جميعاً في حلب من قذائف وحشية واستهداف للمشافي والمدنيين والأطفال.. ورغم أن معظم المحافظات والقرى والبلدات السورية عانت وتعاني من الإرهاب وقاومت وما زالت إلا أن نظام أردوغان الفاشي كان يركز دائماً على حلب لأنها بالنسبة له الأمل الأخير لمشروعه الأخونجي بعد أن فشل في سورية وبعد أن فضحت حقيقته المجرمة والمتطرفة في العالم ولأن أبناءها رفضوا أن يكونوا مطية وأداة في يد الغريب وقاوموا وصمدوا وبقوا في حلب يدافعون عنها وعن الوطن.. وحلب ستكون هي المقبرة التي ستدفن فيها آمال وأحلام هذا السفاح بإذن الله.

وأضاف الرئيس الأسد.. واستمرت سلسلة الإرهاب عبر مجازرهم في الزارة وبتفجيراتهم الوحشية في طرطوس وجبلة وحاولوا بث روح الفتنة في سورية وفشلوا وسيفشلون دائماً لأن الفتنة في سورية ليست نائمة بل ميتة وأرواح شهداء التفجيرات التي لم تفرق بين سوري وسوري تشهد أمام العالم كله أن السوريين أخوة في الحياة وفي الاستشهاد لا فرق بينهم ولا تفريق في اتجاهاتهم.. فتحية لأهلنا في كل مكان في سورية وهم يتحدون الموت والإرهاب ومشاريع الفتنة البغيضة متمسكين بإرادة الحياة والصمود والانتصار.

وقال الرئيس الأسد: وفي هذا الإطار الموضوع الذي يطرح دائماً خلال الأشهر الأخيرة هو موضوع الهدنة وكثير منا يحمل الهدنة مسؤولية كل ما يحصل.. لنتحدث بشكل موضوعي لا يوجد شيء مطلق في هذا العالم سوى القدرة الإلهية كل شيء نسبي بالنسبة لنا كبشر.. والهدنة كأي شيء آخر إذا كانت إيجابية ففيها سلبيات وإن كانت سلبية ففيها إيجابيات.. بكل الأحوال هذه الهدنة ليست شاملة لكل المناطق في سورية كي نحملها السلبيات.

وأضاف الرئيس الأسد.. من الناحية السياسية ما يهمنا بالدرجة الأولى الوضع الداخلي.. بالنسبة لهذه الهدنة وقد أنجزت العديد من المصالحات وهذه المصالحات حمت أو أوقفت الكثير من سفك الدماء بالنسبة للمواطن السوري وبالنسبة لقواتنا المسلحة.. أما على المستوى الخارجي فكان لها أيضاً فوائد سياسية.. لسنا في صدد الحديث عنها اليوم.

وقال الرئيس الأسد: أما من الناحية العسكرية فهي سمحت بتركيز الجهود العسكرية باتجاهات محددة وتحقيق إنجازات وكان أول دليل هو تحرير تدمر خلال فترة قصيرة من بدء هذه الهدنة وبعدها القريتين وفي غوطة دمشق مناطق كثيرة تحررت .. طبعا هناك الكثير من المناطق التي تم تحريرها خلال هذه الأشهر التي ربما تجاوزت في سرعة إنجازها أكثر من عام و ربما عامين من القتال بالنسبة لقواتنا المسلحة والقوات الرديفة فلا نستطيع أن ننفي الإيجابيات الكثيرة في هذه الهدنة.. المشكلة في هذه الهدنة هي أنها تمت بتوافق دولي وبموافقتنا طبعا كدولة ولكن لم يكن هناك التزام من قبل الطرف الأمريكي تحديداً بشروط هذه الهدنة وبتطبيقها وغض الأمريكي الطرف عن وكلائه في المنطقة.. السعودي والتركي.

وأضاف الرئيس الأسد.. السعودي أعلن علناً دعمه للإرهاب في أكثر من مرة والتركي الذي يقوم أيضاً علناً بإدخال الإرهابيين عبر حدوده إلى المناطق الشمالية.. وغض الأمريكي الطرف عما يقوم به أردوغان الذي كما قلنا افتضح في الخارج وأصبح منبوذاً في الداخل ومكشوفاً لدى مواطنيه فكان لا بد له من إثارة الشغب والفوضى فقط كي يبقي لنفسه أوراقا فأرسل قواته إلى العراق وابتز الأوروبيين بموضوع اللاجئين وقام بدعم الإرهابيين ودفع الآلاف منهم إلى حلب مؤخراً.. عملياً أردوغان لم يبق له من دور سوى دور البلطجي السياسي أو باللغة الفصحى.. الأزعر السياسي.. لذلك أقول إن تم تطبيق الهدنة أو وقف الأعمال القتالية بشكل جيد ففيها إيجابيات.. المشكلة لا تكمن فيها.. المشكلة تكمن بأن الصراع في سورية جزء كبير منه كما تعلمون هو صراع خارجي دولي وإقليمي.

  • فريق ماسة
  • 2016-06-06
  • 11889
  • من الأرشيف

النص الكامل لكلمة السيد الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب بمناسبة الدور التشريعي الثاني

بداية أبارك لكم هذا الشهر الفضيل كما أبارك لكل الشعب السوري وأتمنى أن يأتي رمضان القادم وتكون سورية قد استعادت عافيتها.. السيدة رئيس مجلس الشعب.. أيها السيدات والسادة.. ليست هي المرة الأولى التي أقف فيها على هذا المنبر بعد الاستحقاقات البرلمانية وتشكيل مجلس شعب جديد لأبارك لأعضائه بانتخابهم نواباً وناطقين باسم الشعب وحائزين على ثقته وحاملين لمسؤولية وطنية شرفهم بها.. لكن هذه المرة مختلفة وبشكل كبير عن سابقاتها فهذه الانتخابات لم تكن انتخابات عادية فقد أتت وسط تجاذبات ميدانية وسياسية إقليمية ودولية كبيرة..أتت وسط ظروف داخلية قاسية أدت بالبعض لأن يتوقع فشلها وعدم إنجازها.. وإن أنجزت فبمقاطعة شاملة من قبل المواطنين.. وبأحسن الأحوال بلا مبالاة تجاهها لكن ما حصل هو العكس فقد فاجأ الشعب السوري العالم مرة أخرى بمشاركته الواسعة بواحدة من الاستحقاقات الوطنية والدستورية الهامة فحجم المشاركة غير المسبوق من قبل الناخبين في اختيار وانتخاب ممثليهم في مجلس الشعب كان رسالة واضحة للعالم بأنه كلما ازدادت الضغوط فإن الشعب يتمسك باستقلاله أكثر وكلما حاول الآخرون التدخل في شؤونه أثبت إصراره على التشبث بالدستور واستحقاقاته كحام للاستقلال ورافعة للاستقرار.. ولم يتجسد هذا الموقف الوطني في حجم المشاركة فحسب بل في عدد المرشحين غير المسبوق الذين عبروا هم أيضا عن وطنية ووعي كبيرين. وأضاف الرئيس الأسد.. كل ذلك هو رسالة كبيرة ومهمة لكم.. أنتم نواب هذا الشعب فهذه المشاركة غير المسبوقة رغم كل الظروف والتحديات والأخطار تحملكم مسؤولية غير عادية تجاه المواطنين الذين وضعوا آمالهم أمانة بين أيديكم لتصونوها وتحافظوا عليها عبر العمل الدؤوب والصادق والأمين والذي يجب أن يتناسب مع جسامة التحديات المفروضة على سورية ومع هذا الإقبال وهذه الثقة التي منحكم إياها الشعب. وتابع الرئيس الأسد.. وكما أن هذه الانتخابات لم تكن عادية وحجم المشاركة غير مسبوق فإن هذا المجلس أيضا جاء مختلفاً عن سابقيه فالناخبون الذين اعتادوا انتخاب ممثلين لهم كانوا على قدر المسؤولية والوعي وعلى مستوى كبير من فهم تغيرات الواقع وقيمة التضحيات فبالإضافة إلى اختيار الشعب ممثلين عن شرائحه فقد اختاروا وصوتوا لمرشحين أتوا من عمق المعاناة وقمة العطاء.. إن مجلسكم في هذه المرة ولأول مرة فيه الجريح الذي ضحى بقطعة من جسده ليبقى جسد الوطن كاملاً.. وفيه أم الشهيد وأبوه وأخته الذين ضحى أبناؤهم بأرواحهم لتستمر سورية.. فيه الطبيب الذي أبقى المهنة سامية وشعر بالناس وبوضعهم الاقتصادي والمعيشي فعالج المواطنين بالمجان.. فيه الفنان الذي حمل السلاح ودافع عن أرضه وعرضه.. فيه ازداد صوت المرأة والشباب.. فيه ارتفع وبشكل كبير عدد حملة الشهادات الجامعية العليا.. وفيه من ساهم بأمواله دفاعاً عن وطنه وشعبه. وأضاف الرئيس الأسد.. وأنا هنا إذ أذكر هذه الحالات فهناك منها ومثلها الكثير لن أمر عليها كلها فكل عضو منكم قد انتخبه الشعب وأراد منه أن يكون صوته وحاضنته وحاميه فليكن عنوان عملنا ومنهجنا ودليلنا كأشخاص مسؤولين في مختلف المؤسسات في المرحلة المقبلة العمل من أجل الغير لا من أجل الذات تماماً كما فعل الجريح والشهيد وكل من ضحى وما زال.. كل من مكانه وموقع عمله ومسؤوليته فمن دون هذه البوصلة لا يمكن لسورية الخروج مما تمر به.. ومن دونها لا مكان للتقدم.. ولا مكان للإنجاز.. لا مكان للأفكار المنتجة والإبداعية وإن وجدت فلا قيمة لها.  وتابع الرئيس الأسد.. عندما نفكر ونعمل بصدق وإخلاص للغير أولاً لا للذات تنتفي العقبات التي يعود سببها إلى الفساد وسوء الإدارة وتصبح من الممكن بل من المحقق مواجهة التحديات الناشئة عن الحرب وعندها يظهر المقصر والفاسد ناتئاً شاذاً لا يستطيع أن يلقي بأسباب تقصيره وفساده على الظروف السائدة.. عندما نفكر ونعمل بصدق وإخلاص للوطن أولاً لا للذات أو المكاسب الشخصية تصبح رقابتكم على السلطة التنفيذية فاعلة وحقيقية قادرة على تقويم أدائها بما يخدم المواطن وهذا ما يتوقعه الجميع من مجلسكم الحالي. وقال الرئيس الأسد: إن تحملكم المسؤولية الوطنية يأتي اليوم في ظروف غير عادية يمر بها العالم بمجمله نتيجة صراعات دولية جوهرها محاولة الغرب الحفاظ على هيمنته على العالم بأي ثمن.. هذا الغرب الذي يرفض أي شراكة معه من أي دولة أو تجمع دولي ويتعامل معه وكأنه قضية حياة أو موت بالنسبة له.. هذه الصراعات الدولية أفرزت صراعات إقليمية بين دول تسعى للحفاظ على سيادتها واستقلالها ودول تعمل لتنفيذ مصالح الآخرين ولو كان ذلك على حساب مصالح شعوبها.. هذه الصراعات انعكست بشكل مباشر على الوضع في منطقتنا عموماً وسورية بشكل خاص وزادته تعقيداً لكن بنفس الوقت كل ما سبق لا يعني على الإطلاق إعفاءنا كسوريين من مسؤوليتنا فيما يحصل فلو كان بيتنا الداخلي صلباً وقوياً متماسكا لا يضرب الفساد والخيانة بعض زواياه لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن. وأضاف الرئيس الأسد.. إن هذه الصراعات تنعكس بشكل واضح وجلي بمستوياتها الثلاثة الدولية والإقليمية والداخلية على العملية السياسية التي تجري في جنيف.. وبين الدولي والإقليمي يقبع المحلي بمجموعة ممن يحملون الجنسية السورية ارتضوا أن يكونوا دمى تحركها تارة الدولة الأكثر تخلفاً في العالم وتارة أخرى دول تحلم بعودة استعمارها القديم لدول منطقتنا ولو عبر وكلاء لها مقابل وعود مادية ووعود واهية.. لكن في مواجهة أولئك الخونة هناك مجموعة أخرى من الوطنيين السوريين مؤتمنين على تضحيات الشهداء والجرحى يسعون عبر العمل السياسي للحفاظ على أرضهم ووطنهم واستقلال قراره. وأضاف الرئيس الأسد.. لم يعد خافياً على أحد أن جوهر العملية السياسية بالنسبة للدول الداعمة للإرهاب إقليمياً ودولياً كان منذ البدايات وعبر مختلف المبادرات يهدف لضرب وجود أي مفهوم للوطن عبر ضرب جوهره وهو الدستور وعبر الضغط المستمر لاعتباره غير موجود ولإيقاف العمل به وتجميده تحت مسميات ومصطلحات مختلفة أساسها ما يسمى المرحلة الانتقالية.. وطبعاً عبر ضرب الدستور يتم القضاء على دعامتين أساسيتين لأي دولة الأولى.. المؤسسات وفي مقدمتها مؤسسة الجيش الحامية للبلاد الضامنة لأمان الشعب حيث بدؤوا في التركيز عليها بشكل كبير منذ البدايات وفي أي حديث حول مستقبل سورية ومؤسساتها.. وأما الدعامة الأخرى فهي الهوية الوطنية والقومية والدينية المتنوعة لسورية التي بدؤوا بالتركيز عليها عندما فهموا أنها كانت أساس صمود الوطن في بدايات الأحداث. وتابع الرئيس الأسد.. كانوا على يقين بأن الأساس في مخططهم السياسي بعدما لم ينجحوا في مخططهم الإرهابي هو ضرب الدستور طبعا بالرغم من كل ما حققه الإرهاب من تدمير ومن سفك للدماء.. لكن المخطط كان أن يأتي هذا الإرهاب ويسيطر بشكل كامل ويعطى صفة الاعتدال.. ولاحقاً يعطى الغطاء الشرعي.. طبعاً.. من الخارج وليس من الداخل.. كان مخططهم ضرب الدستور.. وبالتالي خلق الفوضى المطلقة التي يكون المخرج منها هو دستور عرقي طائفي يحولنا من شعب يتمسك بوطنه إلى مجموعات متناحرة تتمسك بطوائفها وتستعين بالغرباء على أهلها وأخوانها.. وما أقوله اعتقد أنه من البديهيات.. لا أقول شيئا جديداً.. فالتجارب الطائفية الموجودة لو نظرنا شرقنا وغربنا واضحة والأحداث تتكلم عن نفسها ولا نحتاج إلى إعادة تقييم هذا الموضوع بعد عقود من التجارب في منطقتنا. وقال الرئيس الأسد: النظام الطائفي يحول أبناء الوطن الواحد إلى أعداء وخصوم وعندما يكون هناك أعداء وخصوم في أي مكان فكل طرف في هذه الحالة يبحث عن حلفاء والحلفاء في مثل هذه الحالة لن يكونوا موجودين داخل سورية أو داخل الوطن.. أتحدث بشكل عام عن أي وطن.. لأن العلاقة مبنية على الشك والحقد والكره بالتالي سيكون الحليف في الخارج.. هنا تأتي الدول الاستعمارية لتقدم نفسها كحام لتلك المجموعات ويصبح تدخلها في شؤون ذلك الوطن تدخلاً مبرراً وشرعياً وعندها ينتقلون في مرحلة ما إلى التقسيم عندما يكون مخطط التقسيم جاهزاً.. لذلك ولتثبيت مخططهم نلاحظ جميعاً أن المصطلحات الطائفية تأخذ حيزاً مهماً في الخطاب السياسي للدول الراعية للإرهاب.. الإقليمية أو الدولية. وأضاف الرئيس الأسد.. كل ذلك لتكريس هذا المفهوم وجعله أمراً مفروغا منه بل لا غنى عنه وحلاً وحيداً لا مفر للسوريين منه إن هم أرادوا السلام.. أي يتم تكريس هذا المفهوم أولاً في الخارج.. وبالتالي تقتنع الدول ويقتنع السياسيون في العالم بأنه لا حل سوى بدستور طائفي على اعتبار أن هذه المنطقة متنوعة والصراع هو صراع طائفي وعرقي ولا يمكن أن يعيشوا مع بعضهم البعض وتبدأ الضغوط علينا من أجل الموافقة على هذا المنطق أو على هذا الدستور.. ونقتنع نحن بدرجة ثانية كمواطنين بأننا لا يمكن أن نعيش مع بعضنا البعض إلا من خلال هذا الدستور.. ويقولون لنا كلمة كما نقول باللغة العامية “سكرة” كي نسد جوعنا.. انتم تريدون وحدة سورية.. طبعاً كل دول العالم مع وحدة سورية ولكن كما نعلم جميعاً الوحدة لا تبدأ بالجغرافيا وإنما تبدأ بوحدة المواطنين فعندما يكون الوطن منقسماً من خلال مواطنيه تصبح قضية التقسيم الجغرافي هي قضية زمن.. أيضاً بنفس الطريقة عندما يأتي وقت التقسيم سيحصل هذا الشيء. وقال الرئيس الأسد: وبما أننا لم ولن نسمح لهم بأخذ سورية في هذا الطريق ليسقطوها في الهاوية فقد طرحنا منذ بداية “جنيف3” ورقة مبادئ تشكل أساساً للمحادثات مع الأطراف الأخرى.. والآن أعتقد أن الكل يتساءل من هي هذه الأطراف الأخرى.. أي لم نر أطرافاً بكل الأحوال هناك.. كنا نتفاوض إما مع أنفسنا أو مع الميسر.. والميسر وفريقه هم ليسوا طرفاً.. هم ميسر.. هم طرف وسيط.. لذلك إذا قلنا لماذا نضع جملة “الأطراف الأخرى”.. هي هنا لضرورة الشعر فقط.. ولكن لا توجد أطراف أخرى.. وبناء على الاتفاق حول هذه المبادئ التي طرحتها سورية أو أي مبادئ بشكل عام يمكن الانتقال لمناقشة مواضيع أخرى كحكومة الوحدة الوطنية والتي بدورها ستقوم بالعمل على إعداد دستور جديد عبر لجنة دستورية مختصة وبعد إقراره عبر الاستفتاء يتم إجراء انتخابات برلمانية. وتابع الرئيس الأسد.. هذه الفقرة جوهرها هو الذي طرح في عام 2013 في المبادرة التي ذكرتها في خطابي بدار الأسد للثقافة والفنون في الشهر الأول.. والكل اليوم يسأل وبشكل مكرر ما هي رؤيتكم للحل.. إذا تحدثنا عن الحل بالمعنى السياسي فهذا هو الجانب السياسي.. الجانب الآخر هو مكافحة الإرهاب.. كل مرة يسألون نفس السؤال وفي كل مرة سنعيد نفس الجواب.. بالعودة إلى موضوع المبادئ.. لماذا طرحنا المبادئ.. المبادئ ضرورية في أي مفاوضات وفي أي محادثات بين أي أطراف وأي دول.. لماذا.. لأن هذه المفاوضات دائما بحاجة لمرجعية.. هم يقولون أن هناك مرجعية هي القرار 2254 كما كانهناك في عملية السلام القرار 242.. ولكن وخاصة في هذا القرار عندما تكون القرارات هي تسوية بين الدول الكبرى كل دولة تريد أن تضع المصطلح الذي يناسبها فننظر إلى هذه القرارات نجدها متناقضة مع نفسها.. لو عدنا إلى بيان جنيف عام 2012 نرى بأن هناك سيادة سورية وهناك بنفس الوقت هيئة انتقالية.. فإذا كنا نقول “سيادة سورية” فكيف يحددون نيابة عن الشعب السوري ما هي البنية التي يريدها.. فإذا ذكرت السيادة تنتفي البنية.. وإذا وضعت هذه البنية التي تسميها حكومة انتقالية أو هيئة انتقالية يعني نفيت السيادة هذا من جانب.. من جانب آخر دائما نرى مصطلحات مطاطة ليس لها تفسير. وقال الرئيس الأسد: ففي هذه القرارات المبنية على مفاوضات أو مباحثات أو لقاءات فيينا هناك على سبيل المثال مصطلح حكم ذو مصداقية.. ماذا يعني “حكم ذو مصداقية” بالنسبة للإرهابي.. إذا أتت “داعش والنصرة” والمجموعات الإرهابية الأخرى الموجودة الآن في المناطق المختلفة وحكمت في سورية فهذا “حكم ذو مصداقية” بالنسبة لهم.. إذا أتينا إلى الخونة الموجودين في الخارج والذين تحولوا إلى مجرد ممسحة لأسيادهم أو لأقدام أسيادهم ووضعوا حكماً يشبههم يحول سورية أو الدولة السورية إلى دولة مرتهنة تعمل على تحويل الشعب السوري كما هو وضعهم الآن.. فهذا أيضا بالنسبة لهم هو “حكم ذو مصداقية”.. وبالطبع عندما نذهب إلى المفاوضات لن نوافق على أي شيء من هذا القبيل لذلك وضعنا ورقة مبادئ.. هذه المبادئ عندما توضع تمنع أي طرف من أن يطرح ما يريد.. هناك إطار يحدد ما هو أقصى اليمين وما هو أقصى اليسار.. ما هو السقف الأعلى والسقف الأدنى.. أي طرح خارج هذه المبادئ يعتبر عرقلة وعدم جدية في العمل. وقال الرئيس الأسد: أنا أذكر بشكل عاجل المبادئ الأساسية التي طرحت في الورقة.. سيادة سورية ووحدتها ورفض التدخل الخارجي ونبذ الإرهاب ودعم المصالحات والحفاظ على المؤسسات ورفع الحصار وإعادة الإعمار وضبط الحدود.. وهناك نقاط أخرى مذكورة في الدستور الحالي وغيره من الدساتير كالتنوع الثقافي وحريات المواطنين واستقلال القضاء وغيرها من المبادئ.. أي طرح يطرح خارج هذه المبادئ لن نوافق عليه بكل بساطة لذلك هم رفضوا.. طبعاً لم نسمع أحداً يقول لا لكن كان هناك تهرب.. لكن هذه المبادئ من وجهة نظرنا تشكل أساساً حقيقياً لنجاح المحادثات إن كانت هناك جدية ومصداقية وهي تدل بنفس الوقت ليس فقط على جدية وإنما أيضاً على وجود رؤية واضحة لآلية العمل السياسي الذي يمكن أن يؤدي إلى حل سوري سوري.. ولكن المحادثات الفعلية حتى هذه اللحظة لم تبدأ وإنما كنا نتحاور خلال الجولات مع الميسر الدولي وكما قلت هو ليس طرفاً كي نتفاوض معه.. لم يتم الرد أبداً على ورقة المبادئ وكان وفدنا يسأل عن ردود الأطراف الأخرى ولم نحصل أبداً على جواب وهذا يدل على ارتهان تلك الأطراف لأسيادها وبات واضحاً للجميع أنها أتت مرغمة صاغرة لجنيف وبدأت منذ اليوم الأول بطرح شروط مسبقة وعندما فشلت أعلنت بوضوح في الجولة الأخيرة دعمها للإرهاب ونسف وقف الأعمال القتالية. وتابع الرئيس الأسد.. نحن ذهبنا إلى جنيف في الجولة الأخيرة والتي سبقتها ولم نلتق سوى بالوسيط وفريقه.. طرحنا ورقة المبادئ ولم يأتنا أي جواب لا سلبي ولا إيجابي.. تم القفز فوق هذه الورقة للوصول مباشرة إلى ما طرح علينا تحت عنوان أننا نبحث الآن عن قواسم مشتركة بين الطرفين طبعاً كان هناك اقتراح ليس من سورية.. من الأطراف الدولية نفسها أن تكون في المرحلة الأولى مفاوضات غير مباشرة ويقوم الميسر بدور الوسيط في نفس المكان غرف مختلفة لكل وفد في نفس البناء.. هذا الشيء لم يحصل وإن ما طرح علينا هو مجموعة من الأسئلة تحت عنوان الأشياء المشتركة لكن كل هذه الأسئلة التي طرحت علينا هي عبارة عن أفخاخ وكل سؤال فيه مصطلح من المصطلحات التي تمس إما سيادة سورية أو سلامتها أو مؤسساتها أو الوضع الاجتماعي بمعناه الديني.. بمعنى الهوية بالمعاني المختلفة التي تسمعون بها في الإعلام ولكنها حولت إلى أسئلة.. طبعاً في الألعاب الدولية من هذا النوع توضع بنية تسمى ميسراً أو مبعوثاً مع فريق ولكن في الحقيقة نحن نعلم أن الدول المنغمسة بهذا الموضوع على الساحة الدولية لا يمكن أن تترك هذه البنية تعمل بشكل نزيه ومستقل. وقال الرئيس الأسد: دائماً يكون هناك مسؤولون من تلك الدول يعملون خلف الكواليس ونعتقد بأنهم هم من يقوم بوضع هذه الأسئلة على افتراض.. طبعاً افتراضهم هم.. أن فريق المفاوضين السوري هو فريق لا يعرف شيئاً عن السياسة وغير متمرس فيها.. الحقيقة كانت الأجوبة حاسمة ولم يتمكنوا من تمرير أي مصطلح.. ولكن في الحقيقة بالنسبة لنا من وضع هذه الأسئلة كائناً من كان.. سواء كان من فريق الميسر أو من تلك الدول هم عبارة إما عن هواة أو عبارة عن مبتدئين في عالم السياسة. وأضاف الرئيس الأسد.. وكما قلت الطرف الآخر لم يكن موجوداً أتى رغماً عنه بعد أن فرض على أسيادهم أن يرسلوهم إلى جنيف وأتوا وهم يصرخون وحردوا إلى الفندق ولسنا بصدد تقييم هؤلاء.. هم مقيمون شعبياً.. وهم أقل من أن نتحدث عنهم.. ولكن في الحقيقة لا توجد أي مفاوضات مباشرة.. يجلسون في فندق آخر ولم يكن هناك جدول أعمال ولا أي شيء مشابه.. كان يوعز إليهم من وقت لآخر من أسيادهم أن يطلقوا تصريحاً ما.. عدا عن ذلك جدول الأعمال الوحيد الذي كان موجوداً لهم والذي تمت المصادقة عليه من الرياض هو جدول أعمال الاستيقاظ والنوم والطعام فقط. عندما فشلوا في الوصول إلى ما يريدون كان  ردهم إعلانا علنيا بدعم الإرهاب والانسحاب من اتفاق وقف الأعمال القتالية وتابع الرئيس الأسد.. طبعاً عندما فشلوا في الوصول إلى ما يريدون “طبعا في المرة الأولى” كانت الرغبة في الانسحاب وتحميل سورية المسؤولية ولكن لم يتمكنوا.. في المرة الأخيرة.. كان ردهم هو إعلان علني بدعم الإرهاب وإيقاف الهدنة والانسحاب منها أو ما سمي وقف الأعمال القتالية.. وهذا ما شهدناه جميعاً في حلب من قذائف وحشية واستهداف للمشافي والمدنيين والأطفال.. ورغم أن معظم المحافظات والقرى والبلدات السورية عانت وتعاني من الإرهاب وقاومت وما زالت إلا أن نظام أردوغان الفاشي كان يركز دائماً على حلب لأنها بالنسبة له الأمل الأخير لمشروعه الأخونجي بعد أن فشل في سورية وبعد أن فضحت حقيقته المجرمة والمتطرفة في العالم ولأن أبناءها رفضوا أن يكونوا مطية وأداة في يد الغريب وقاوموا وصمدوا وبقوا في حلب يدافعون عنها وعن الوطن.. وحلب ستكون هي المقبرة التي ستدفن فيها آمال وأحلام هذا السفاح بإذن الله. وأضاف الرئيس الأسد.. واستمرت سلسلة الإرهاب عبر مجازرهم في الزارة وبتفجيراتهم الوحشية في طرطوس وجبلة وحاولوا بث روح الفتنة في سورية وفشلوا وسيفشلون دائماً لأن الفتنة في سورية ليست نائمة بل ميتة وأرواح شهداء التفجيرات التي لم تفرق بين سوري وسوري تشهد أمام العالم كله أن السوريين أخوة في الحياة وفي الاستشهاد لا فرق بينهم ولا تفريق في اتجاهاتهم.. فتحية لأهلنا في كل مكان في سورية وهم يتحدون الموت والإرهاب ومشاريع الفتنة البغيضة متمسكين بإرادة الحياة والصمود والانتصار. وقال الرئيس الأسد: وفي هذا الإطار الموضوع الذي يطرح دائماً خلال الأشهر الأخيرة هو موضوع الهدنة وكثير منا يحمل الهدنة مسؤولية كل ما يحصل.. لنتحدث بشكل موضوعي لا يوجد شيء مطلق في هذا العالم سوى القدرة الإلهية كل شيء نسبي بالنسبة لنا كبشر.. والهدنة كأي شيء آخر إذا كانت إيجابية ففيها سلبيات وإن كانت سلبية ففيها إيجابيات.. بكل الأحوال هذه الهدنة ليست شاملة لكل المناطق في سورية كي نحملها السلبيات. وأضاف الرئيس الأسد.. من الناحية السياسية ما يهمنا بالدرجة الأولى الوضع الداخلي.. بالنسبة لهذه الهدنة وقد أنجزت العديد من المصالحات وهذه المصالحات حمت أو أوقفت الكثير من سفك الدماء بالنسبة للمواطن السوري وبالنسبة لقواتنا المسلحة.. أما على المستوى الخارجي فكان لها أيضاً فوائد سياسية.. لسنا في صدد الحديث عنها اليوم. وقال الرئيس الأسد: أما من الناحية العسكرية فهي سمحت بتركيز الجهود العسكرية باتجاهات محددة وتحقيق إنجازات وكان أول دليل هو تحرير تدمر خلال فترة قصيرة من بدء هذه الهدنة وبعدها القريتين وفي غوطة دمشق مناطق كثيرة تحررت .. طبعا هناك الكثير من المناطق التي تم تحريرها خلال هذه الأشهر التي ربما تجاوزت في سرعة إنجازها أكثر من عام و ربما عامين من القتال بالنسبة لقواتنا المسلحة والقوات الرديفة فلا نستطيع أن ننفي الإيجابيات الكثيرة في هذه الهدنة.. المشكلة في هذه الهدنة هي أنها تمت بتوافق دولي وبموافقتنا طبعا كدولة ولكن لم يكن هناك التزام من قبل الطرف الأمريكي تحديداً بشروط هذه الهدنة وبتطبيقها وغض الأمريكي الطرف عن وكلائه في المنطقة.. السعودي والتركي. وأضاف الرئيس الأسد.. السعودي أعلن علناً دعمه للإرهاب في أكثر من مرة والتركي الذي يقوم أيضاً علناً بإدخال الإرهابيين عبر حدوده إلى المناطق الشمالية.. وغض الأمريكي الطرف عما يقوم به أردوغان الذي كما قلنا افتضح في الخارج وأصبح منبوذاً في الداخل ومكشوفاً لدى مواطنيه فكان لا بد له من إثارة الشغب والفوضى فقط كي يبقي لنفسه أوراقا فأرسل قواته إلى العراق وابتز الأوروبيين بموضوع اللاجئين وقام بدعم الإرهابيين ودفع الآلاف منهم إلى حلب مؤخراً.. عملياً أردوغان لم يبق له من دور سوى دور البلطجي السياسي أو باللغة الفصحى.. الأزعر السياسي.. لذلك أقول إن تم تطبيق الهدنة أو وقف الأعمال القتالية بشكل جيد ففيها إيجابيات.. المشكلة لا تكمن فيها.. المشكلة تكمن بأن الصراع في سورية جزء كبير منه كما تعلمون هو صراع خارجي دولي وإقليمي.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة