في تشرين الثاني الماضي، سُرّب عن مسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما موافقته على إطلاق «هجوم قريب» بعد إيعازه «للمرة الأولى بتزويد قوات المعارضة بالذخائر والأسلحة. واقتراح لتجهيز ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف مقاتل سينضمون إلى نحو 20 ألف مقاتل كردي في هجوم تدعمه مقاتلات الائتلاف الدولي للضغط على الرقة».

 

 

 

الخطة الأميركية لم ترَ النور لمواجهتها خشية كردية من الدخول في معركة ضخمة في منطقة عربية قد تدفع في النهاية «وحدات حماية الشعب» للانسحاب بعد تحريرها وتقديمها على طبق من فضة لفصائل أخرى، وهي التي لديها أولويات أخرى؛ أهمها ربط «كانتون كوباني (عين العرب)» بـ«كانتون عفرين» على طول الحدود التركية.

 

معركة الرقة وُضعت في الأدراج، حينها، في ظلّ الانشغال الأميركي بجبهات العراق، ثم أتت أولوية تثبيت الهدنة مع الشريك الروسي في سوريا، وإنجاح المسار السياسي في جنيف.

وحين قررت موسكو سحب «القوات الرئيسية» من سوريا في 14 آذار الماضي، ظلّ الاتفاق الأميركي ــ الروسي سارياً في ما يخصّ معركة يقودها الجيش السوري وحلفاؤه، بدعم روسي، في ريف حمص الشرقي، مروراً بتدمر، وصولاً إلى الحدود العراقية، وذلك في موازاة الاتفاق على خوض «قوات سوريا الديموقراطية» معركة الرقة بدعم أميركي، حسب مصادر «الأخبار» عشية «الانسحاب الروسي».

وقبل القرار الشهير بيومين، صرّح وزير الخارجية سيرغي لافروف أنّه «ليس سراً إذا قلت إنه في مرحلة ما اقترح الأميركيون تقسيم العمل: أن يركز سلاح الجو الروسي على تحرير تدمر، بينما يركز التحالف الأميركي بدعم روسي على تحرير الرقة».

اليوم أضحت الظروف مواتية لفتح معركة الرقة. موسكو ساهمت على نحو كبير في تحرير تدمر، و«الهدنة» برأي اللاعبين الدوليين كفيلة بتركيز الجهود لقتال «داعش»، وبالتالي تنفيذ واشنطن لـ«حصتها» من الاتفاق بتحرير «عاصمة الخلافة» السورية.

وعلمت «الأخبار» في هذا الصدد أنّ الأميركيين انتزعوا موافقة سعودية ــ تركية للبدء بعملية الرقة، مقابل إبعاد الأكراد عن خطوط المعركة الرئيسية، وانحسار جهودهم بتأمين خطوط الدعم والإمداد على أن يكون «المكوّن العربي» رأس حربة المعركة. وأُدخل في الأيام الأخيرة، حسب مصادر متابعة، المئات من المقاتلين عبر الحدود التركية إلى تل أبيض، وبينهم قوات تابعة لرئيس «الائتلاف» السابق أحمد الجربا (أنشأ، منذ حوالى الشهر، قوة عسكرية تحت اسم «النخبة السورية»، كجناح عسكري لتيار «الغد السوري» الذي يرأسه). والتسهيل الكردي هذه المرّة قابله موافقة أوّلية أميركية على إعادة فتح المعركة غرب سد تشرين، أي في منبج في ريف حلب الشرقي تحديداً.

 

وجرى «طبخ» جزء رئيسي من هذا الاتفاق خلال زيارة وفد أميركي برئاسة مبعوث الرئيس باراك أوباما إلى «التحالف الدولي»، بريت ماكفورك إلى مدينة عين العرب قبل أيام. وتداولت مواقع كردية عديدة خبر لقائه رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي» صالح (الذي وصل على متن مروحية أميركية من مدينة السليمانية العراقية). ونوقش خلال اللقاء الهجوم المرتقب لـ«سوريا الديموقراطية» على مدينة الرقة.

 

وقال المسؤول السابق للعلاقات الخارجية في عين تاعرب إدريس نعسان، إن «زيارة ماكغورك تهدف إلى تأكيد دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب، بالإضافة إلى حلّ الخلاف التركي الأميركي حول مسألة عبور قوات سوريا الديموقراطية إلى غرب نهر الفرات».

وفي هذا السياق، تستكمل «قوات سوريا الديموقراطية» استعداداتها لبدء معركة الرقة، بالتزامن مع الاستعدادات لتحرير الموصل، في معركة يعدّ لها «التحالف» الأميركي، لاستهداف معاقل «داعش» في سوريا والعراق. مصادر ميدانية أكدت لـ«الأخبار» أن «قوات سوريا الديموقراطية تحشد قواتها وقامت بنقل السلاح الثقيل إلى عين عيسى وتل أبيض في الشمال والشمال الشرقي في الرقة».

ولفتت المصادر إلى أنّ «التعزيزات في الرقة تترافق معها تعزيزات أخرى في سد تشرين لمهاجمة مدينة منبج بالتزامن مع الهجوم على الرقة، بغطاء جوي من طائرات التحالف الدولي». يأتي ذلك بعد أيام من لقاءات أجرتها الرئيسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي»، إلهام أحمد، مع مسؤولين في البيت الأبيض والكونغرس، ومعلومات عن اتفاق بين الطرفين لبدء معارك تشمل الرقة وريف حلب. الرئيس المشترك لـ«مكتب العلاقات العامة لحركة المجتمع الديموقراطي»، عبد السلام أحمد نفى لـ«الأخبار» أن «يكون هناك أي ارتباط بين اللقاءات التي أجراها وفد مجلس سوريا الديموقراطية مع المسؤولين الأميركيين، والحديث عن معركة الرقة». ونفى كذلك «وجود أي خطوات ميدانية تجاه ريف حلب بما فيها منبج»، معتبراً أنّ «الظرف السياسي والعناد التركي لا تزال عوامل تقف عائقاً أمام ربط عفرين بكوباني».

بدوره، قال مصدر في «وحدات حماية الشعب» لـ«الأخبار» إن هناك حملة قريبة لقواتهم، وسيعلن عنها ذلك رسمياً ببيان. وأضاف «أن الرغبة الأميركية هي بالاعتماد على العنصر العربي المتمثل بالحلفاء في جيش (الثوار والصناديد)، وأن مشاركتهم ستكون كجهة داعمة ومؤازرة لقوات رأس الحربة التي ستكون من المقاتلين العرب».

وألقت طائرات تابعة لـ«التحالف الدولي»، أول من أمس، منشورات دعت فيها «المدنيين إلى مغادرة مدينة الرقة». يأتي ذلك في وقت منع فيه تنظيم «داعش» خروج أي مدني، واستقدم تعزيزات إلى شمال وشمال شرق المدينة، بالتزامن مع تعزيز السواتر الترابية، وزرع الألغام، في محاولة لصد أي هجوم تجاه المدينة.

 

  • فريق ماسة
  • 2016-05-20
  • 13367
  • من الأرشيف

واشنطن تذلّل عقبات معركة الرقّة: «التحرير» عربي... والأكراد إلى منبج

في تشرين الثاني الماضي، سُرّب عن مسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما موافقته على إطلاق «هجوم قريب» بعد إيعازه «للمرة الأولى بتزويد قوات المعارضة بالذخائر والأسلحة. واقتراح لتجهيز ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف مقاتل سينضمون إلى نحو 20 ألف مقاتل كردي في هجوم تدعمه مقاتلات الائتلاف الدولي للضغط على الرقة».       الخطة الأميركية لم ترَ النور لمواجهتها خشية كردية من الدخول في معركة ضخمة في منطقة عربية قد تدفع في النهاية «وحدات حماية الشعب» للانسحاب بعد تحريرها وتقديمها على طبق من فضة لفصائل أخرى، وهي التي لديها أولويات أخرى؛ أهمها ربط «كانتون كوباني (عين العرب)» بـ«كانتون عفرين» على طول الحدود التركية.   معركة الرقة وُضعت في الأدراج، حينها، في ظلّ الانشغال الأميركي بجبهات العراق، ثم أتت أولوية تثبيت الهدنة مع الشريك الروسي في سوريا، وإنجاح المسار السياسي في جنيف. وحين قررت موسكو سحب «القوات الرئيسية» من سوريا في 14 آذار الماضي، ظلّ الاتفاق الأميركي ــ الروسي سارياً في ما يخصّ معركة يقودها الجيش السوري وحلفاؤه، بدعم روسي، في ريف حمص الشرقي، مروراً بتدمر، وصولاً إلى الحدود العراقية، وذلك في موازاة الاتفاق على خوض «قوات سوريا الديموقراطية» معركة الرقة بدعم أميركي، حسب مصادر «الأخبار» عشية «الانسحاب الروسي». وقبل القرار الشهير بيومين، صرّح وزير الخارجية سيرغي لافروف أنّه «ليس سراً إذا قلت إنه في مرحلة ما اقترح الأميركيون تقسيم العمل: أن يركز سلاح الجو الروسي على تحرير تدمر، بينما يركز التحالف الأميركي بدعم روسي على تحرير الرقة». اليوم أضحت الظروف مواتية لفتح معركة الرقة. موسكو ساهمت على نحو كبير في تحرير تدمر، و«الهدنة» برأي اللاعبين الدوليين كفيلة بتركيز الجهود لقتال «داعش»، وبالتالي تنفيذ واشنطن لـ«حصتها» من الاتفاق بتحرير «عاصمة الخلافة» السورية. وعلمت «الأخبار» في هذا الصدد أنّ الأميركيين انتزعوا موافقة سعودية ــ تركية للبدء بعملية الرقة، مقابل إبعاد الأكراد عن خطوط المعركة الرئيسية، وانحسار جهودهم بتأمين خطوط الدعم والإمداد على أن يكون «المكوّن العربي» رأس حربة المعركة. وأُدخل في الأيام الأخيرة، حسب مصادر متابعة، المئات من المقاتلين عبر الحدود التركية إلى تل أبيض، وبينهم قوات تابعة لرئيس «الائتلاف» السابق أحمد الجربا (أنشأ، منذ حوالى الشهر، قوة عسكرية تحت اسم «النخبة السورية»، كجناح عسكري لتيار «الغد السوري» الذي يرأسه). والتسهيل الكردي هذه المرّة قابله موافقة أوّلية أميركية على إعادة فتح المعركة غرب سد تشرين، أي في منبج في ريف حلب الشرقي تحديداً.   وجرى «طبخ» جزء رئيسي من هذا الاتفاق خلال زيارة وفد أميركي برئاسة مبعوث الرئيس باراك أوباما إلى «التحالف الدولي»، بريت ماكفورك إلى مدينة عين العرب قبل أيام. وتداولت مواقع كردية عديدة خبر لقائه رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي» صالح (الذي وصل على متن مروحية أميركية من مدينة السليمانية العراقية). ونوقش خلال اللقاء الهجوم المرتقب لـ«سوريا الديموقراطية» على مدينة الرقة.   وقال المسؤول السابق للعلاقات الخارجية في عين تاعرب إدريس نعسان، إن «زيارة ماكغورك تهدف إلى تأكيد دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب، بالإضافة إلى حلّ الخلاف التركي الأميركي حول مسألة عبور قوات سوريا الديموقراطية إلى غرب نهر الفرات». وفي هذا السياق، تستكمل «قوات سوريا الديموقراطية» استعداداتها لبدء معركة الرقة، بالتزامن مع الاستعدادات لتحرير الموصل، في معركة يعدّ لها «التحالف» الأميركي، لاستهداف معاقل «داعش» في سوريا والعراق. مصادر ميدانية أكدت لـ«الأخبار» أن «قوات سوريا الديموقراطية تحشد قواتها وقامت بنقل السلاح الثقيل إلى عين عيسى وتل أبيض في الشمال والشمال الشرقي في الرقة». ولفتت المصادر إلى أنّ «التعزيزات في الرقة تترافق معها تعزيزات أخرى في سد تشرين لمهاجمة مدينة منبج بالتزامن مع الهجوم على الرقة، بغطاء جوي من طائرات التحالف الدولي». يأتي ذلك بعد أيام من لقاءات أجرتها الرئيسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي»، إلهام أحمد، مع مسؤولين في البيت الأبيض والكونغرس، ومعلومات عن اتفاق بين الطرفين لبدء معارك تشمل الرقة وريف حلب. الرئيس المشترك لـ«مكتب العلاقات العامة لحركة المجتمع الديموقراطي»، عبد السلام أحمد نفى لـ«الأخبار» أن «يكون هناك أي ارتباط بين اللقاءات التي أجراها وفد مجلس سوريا الديموقراطية مع المسؤولين الأميركيين، والحديث عن معركة الرقة». ونفى كذلك «وجود أي خطوات ميدانية تجاه ريف حلب بما فيها منبج»، معتبراً أنّ «الظرف السياسي والعناد التركي لا تزال عوامل تقف عائقاً أمام ربط عفرين بكوباني». بدوره، قال مصدر في «وحدات حماية الشعب» لـ«الأخبار» إن هناك حملة قريبة لقواتهم، وسيعلن عنها ذلك رسمياً ببيان. وأضاف «أن الرغبة الأميركية هي بالاعتماد على العنصر العربي المتمثل بالحلفاء في جيش (الثوار والصناديد)، وأن مشاركتهم ستكون كجهة داعمة ومؤازرة لقوات رأس الحربة التي ستكون من المقاتلين العرب». وألقت طائرات تابعة لـ«التحالف الدولي»، أول من أمس، منشورات دعت فيها «المدنيين إلى مغادرة مدينة الرقة». يأتي ذلك في وقت منع فيه تنظيم «داعش» خروج أي مدني، واستقدم تعزيزات إلى شمال وشمال شرق المدينة، بالتزامن مع تعزيز السواتر الترابية، وزرع الألغام، في محاولة لصد أي هجوم تجاه المدينة.  

المصدر : إيلي حنا – الاخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة