التفاهمات الروسية ـ الأميركية تتقدم على الورق، وهي تنجح بين حين وآخر في إضافة بند جديد الى قائمة الاتفاقات بين الطرفين، كان آخرها ما يتعلق بتحديد المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة».

 لكن من يتقدم على الأرض هو هذان التنظيمان المتفق على تصنيفهما ضمن قائمة الإرهاب، مستفيدين في ذلك من البيئة الجديدة التي فرضها اتفاق الهدنة المفروض بدوره بموجب التفاهم الروسي ـ الأميركي.

 إذ بعد سيطرة «جبهة النصرة» وحلفائها على بلدة خان طومان الإستراتيجية في ريف حلب الجنوبي، الأسبوع الماضي، استكمل تنظيم «داعش» تقدمه في ريف حمص الشرقي وسيطر، أمس، على موقع الكتيبة المهجورة شمال غرب مطار «تي فور» العسكري بمسافة تقدر بحوالي 10 كيلومترات، وعلى حاجزين اثنين من حواجز حماية المطار، وذلك بعد أيام من سيطرته على حقلي الشاعر والمهر وتهديده لحقل جزل، وهو واقع سيؤدي في حال استمراره نحو خواتيمه إلى عودة مدينة تدمر الأثرية، ذات الأهمية الثقافية والإنسانية عالمياً، إلى دائرة الخطر من جديد. هذا إذا غضضنا الطرف عن الخسائر العسكرية والاقتصادية الكامنة وراء فقدان هذه المواقع بحد ذاتها.

ونفت وزارة الدفاع الروسية، أمس، الأنباء حول إسقاط طائرة تابعة لها قرب مطار «تي فور»، موضحة أن «طائراتنا لم تحلق فوق المطار، والأنباء عن إسقاط طائرة روسية عارية من الصحة».

وكانت موسكو وواشنطن قد اتفقتا، أمس الأول، على «اتخاذ إجراءات لصياغة فهم مشترك للتهديد النابع عن داعش وجبهة النصرة الإرهابيين، وتحديد الأراضي التي يسيطر عليها هذان التنظيمان»، كما اتفقتا على أنهما «ستدرسان خيارات الأعمال الحازمة ضد التهديد الذي يشكله داعش والنصرة لسوريا والأمن الدولي»، وذلك ضمن اتفاق أوسع يهدف إلى «مضاعفة الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، وتوسيع نطاق وقف الأعمال القتالية ليشمل جميع أنحاء البلاد». وشدد الطرفان على التزامهما بضمان عمل وقف الأعمال القتالية الذي دخل حيز التنفيذ في 27 شباط الماضي.

ولا يحتاج تحديد الأراضي التي يسيطر عليها «داعش» لبذل مجهود كبير، لأنها واضحة وظاهرة للعيان، ولا تتداخل مع أية أراضٍ يسيطر عليها فصيل آخر. وهذا بخلاف الأراضي التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» لأنها متداخلة تداخلاً شائكاً ومعقداً مع الأراضي التي تسيطر عليها مجموعة من الفصائل ذات الانتماءات المختلفة. فلا يوجد على مساحة الأراضي، الخارجة عن سيطرة الجيش السوري من جهة وسيطرة «داعش» من جهة ثانية وسيطرة الأكراد من جهة ثالثة، أي مكان لا تتجاور فيه معاقل «جبهة النصرة» ومراكزها ومستودعاتها ومرابضها ومرابطها مع مثيلاتها التابعة لفصائل أخرى، وهو ما يجعل من عملية تحديد الأراضي التي تسيطر عليها «النصرة» مهمة شبه مستحيلة إن لم تكن مستحيلة بالفعل.

ومن شأن ذلك أن يطرح تساؤلات كثيرة حول واقعية الاتفاق الروسي - الأميركي، ومدى جدية الطرفين في تطبيقه على أرض الواقع، وما هي الآليات والوسائل التي سيلجآن إليها لنقله من مجرد قصاصات على الورق إلى فعل، وكم من الوقت سيحتاج ذلك؟

وعلى فرض أن الطرفين يمتلكان من الأدوات والوسائل ما يمكنهما من تحديد وفرز مناطق سيطرة «داعش» و «النصرة» بدقة، فالسؤال هو ماذا بعد؟ خصوصاً أن الاتفاق لم يذكر ضرورة إلزام الفصائل الأخرى بالابتعاد عن مناطق سيطرة التنظيمين، ما يعني أن التداخل سيبقى مستمراً، وبالتالي كيف سيتم التعامل مع هذا الواقع بعد تحديده وفرزه؟

قد يشكّل نص الاتفاق حول «دراسة الأعمال الحازمة ضد التهديد الذي يشكله داعش والنصرة لسوريا والأمن الدولي» مؤشراً مهماً على وجود نية لدى الطرفين لاستهداف مناطق سيطرة التنظيمين. إلا أن هناك شكوكاً كبيرة حول إمكانية استهداف معاقل «النصرة» المنتشرة بين معاقل فصائل أخرى، أو في أحياء سكنية، لأن الجوهر الذي يقوم عليه الاتفاق هو حصر القصف بمناطق سيطرة الإرهابيين من دون تعريض المدنيين أو الفصائل غير مصنفة على قائمة الإرهاب للأضرار. وهذه شبه دعوة موجهة إلى «جبهة النصرة» لاتخاذ المناطق المدنية دروعاً وتحصينات لحماية نفسها.

أما الرهان على دفع الفصائل إلى الابتعاد عن مناطق «جبهة النصرة» لتنأى بنفسها عن القصف الذي سيطالها، الأمر الذي سينتج منه «عزل النصرة» وتجريد مواقعها من أية دروع وتحصينات، فهو رهان خاسر لأسباب عدة. أولها، أن الفصائل غير مستعدة للتخلي عن معاقلها ومراكزها فقط من أجل عزل «النصرة»، ومن يشاهد صراعات الفصائل في ما بينها حول ملكية أو حيازة مقر أو معقل كما يحدث في الغوطة الشرقية هذه الأيام، فسيصل إلى قناعة مفادها استحالة أن يترك أي فصيل مراكزه طوعاً، وهو ما يطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت موسكو وواشنطن مستعدتين للضغط بالقوة على هذه الفصائل لعزل نفسها عن «النصرة».

وثانيها، أن الفصائل، أو العديد من كبريات الفصائل، انتهجت مؤخراً نهجاً معاكساً لمضمون الاتفاق، إذ قامت فصائل من وزن «أحرار الشام» و «فيلق الشام» و «لواء الحق» بإحياء تحالف «جيش الفتح» مع «جبهة النصرة»، وهذا لا يؤشر على أن الفصائل مستعدة لاتخاذ أي خطوة قد تؤدي إلى عزل «النصرة»، لا سيما إذا كان المطلوب منها التخلي عن مواقعها ومراكزها، فهذا سيجعل مجرد التفكير بالأمر غير ممكن بالنسبة لها.

وأخيراً، وعلى فرض أن الفصائل قبلت بذلك وأعربت عن استعدادها لعزل «النصرة» فكيف يمكن تصور حدوث ذلك عملياً؟ أين ستذهب الفصائل التي ستنسحب من جوار مناطق «النصرة» وأين ستتمركز، ومن سيوزع انتشارها الجديد؟ علماً أنه لا مكان يمكن اقتراحه في هذا السياق إلا ولـ «جبهة النصرة» وجود فيه. وهذا يعني أن الرهان لن ينجح إلا إذا تعاونت «جبهة النصرة» مع القائمين عليه ووافقت على إخلاء بعض المدن أو الأحياء أو المناطق لتكون مناطق خاصة بالفصائل التي لن تطالها «الأعمال الحازمة». فهل من المتوقع بمثل هذه الحالة أن تتعاون «النصرة» مع الأمر، ومن يستطيع أن يفرض عليها الإخلاء؟

وعموماً، فإن اتفاق الهدنة وما لحق به من إضافات وبنود، تعتريه العديد من أوجه النقص والقصور التي تجعل استمراره أمراً بالغ الصعوبة. فما زال هناك غموض كبير حول الفصائل المشاركة فيه والمناطق الخاضعة له. وأعلن مركز حميميم الروسي أن عدد البلدات الخاضعة للهدنة وصل إلى 95 بلدة، فيما وصل عدد المسلحين إلى ما يزيد عن سبعة آلاف مسلح ينضوون تحت حوالي 44 فصيلاً، ليس من بينها «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» كما ذكرت موسكو صراحة. أما الفصائل التي رفضت «نظام التهدئة» في اللاذقية ودمشق فهي 40 فصيلاً، تمثل أكبر الفصائل على الساحة السورية، من بينها «جيش الإسلام» المعني مباشرة بموضوع الغوطة.

لكن ما هي البلدات الخاضعة للهدنة وما هي الفصائل المشمولة بها؟ كل ذلك غير واضح حتى الآن. لكنّ الأخطر هو أن الاتفاق الأخير حول تحديد مناطق سيطرة «داعش» و «النصرة» يوحي بشكل أو بآخر أنه ليس هناك أية قواعد واضحة للتعامل مع الفصائل الرافضة للهدنة أو لنظام التهدئة ما دامت غير مصنفة على قوائم الإرهاب.

على صعيد آخر، تعرضت هدنة الزبداني ـ الفوعة لهزة بعد أشهر من الهدوء في المنطقتين، تخللها تنفيذ عدة بنود من الاتفاق الموقع  برعاية إقليمية. وقامت الفصائل المسلحة بقصف بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين بعشرات القذائف، ما أدى إلى سقوط عدة إصابات في صفوف المدنيين. وقالت الفصائل إن سبب قصف البلدتين هو للرد على القصف الذي طال مدينة بنش واسقط عدداً من القتلى. وفي ساعات المساء تحدثت مصادر المعارضة عن قيام «حزب الله» والجيش السوري بقصف مواقع المسلحين بمدينة الزبداني من دون إشارة إلى وقوع إصابات.

من جهة أخرى، نفى «حزب الله» ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في المعارضة السورية عن استهداف الطائرات الحربية للعدو الإسرائيلي إحدى قوافل الحزب في منطقة مجدل عنجر قرب الحدود اللبنانية - السورية.

  • فريق ماسة
  • 2016-05-10
  • 13382
  • من الأرشيف

بعد تقدم (النصرة و داعش) ..تساؤلات حول واقعية الاتفاق الروسي - الأميركي، ومدى جدية الطرفين في تطبيقه على أرض الواقع!؟

التفاهمات الروسية ـ الأميركية تتقدم على الورق، وهي تنجح بين حين وآخر في إضافة بند جديد الى قائمة الاتفاقات بين الطرفين، كان آخرها ما يتعلق بتحديد المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة».  لكن من يتقدم على الأرض هو هذان التنظيمان المتفق على تصنيفهما ضمن قائمة الإرهاب، مستفيدين في ذلك من البيئة الجديدة التي فرضها اتفاق الهدنة المفروض بدوره بموجب التفاهم الروسي ـ الأميركي.  إذ بعد سيطرة «جبهة النصرة» وحلفائها على بلدة خان طومان الإستراتيجية في ريف حلب الجنوبي، الأسبوع الماضي، استكمل تنظيم «داعش» تقدمه في ريف حمص الشرقي وسيطر، أمس، على موقع الكتيبة المهجورة شمال غرب مطار «تي فور» العسكري بمسافة تقدر بحوالي 10 كيلومترات، وعلى حاجزين اثنين من حواجز حماية المطار، وذلك بعد أيام من سيطرته على حقلي الشاعر والمهر وتهديده لحقل جزل، وهو واقع سيؤدي في حال استمراره نحو خواتيمه إلى عودة مدينة تدمر الأثرية، ذات الأهمية الثقافية والإنسانية عالمياً، إلى دائرة الخطر من جديد. هذا إذا غضضنا الطرف عن الخسائر العسكرية والاقتصادية الكامنة وراء فقدان هذه المواقع بحد ذاتها. ونفت وزارة الدفاع الروسية، أمس، الأنباء حول إسقاط طائرة تابعة لها قرب مطار «تي فور»، موضحة أن «طائراتنا لم تحلق فوق المطار، والأنباء عن إسقاط طائرة روسية عارية من الصحة». وكانت موسكو وواشنطن قد اتفقتا، أمس الأول، على «اتخاذ إجراءات لصياغة فهم مشترك للتهديد النابع عن داعش وجبهة النصرة الإرهابيين، وتحديد الأراضي التي يسيطر عليها هذان التنظيمان»، كما اتفقتا على أنهما «ستدرسان خيارات الأعمال الحازمة ضد التهديد الذي يشكله داعش والنصرة لسوريا والأمن الدولي»، وذلك ضمن اتفاق أوسع يهدف إلى «مضاعفة الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، وتوسيع نطاق وقف الأعمال القتالية ليشمل جميع أنحاء البلاد». وشدد الطرفان على التزامهما بضمان عمل وقف الأعمال القتالية الذي دخل حيز التنفيذ في 27 شباط الماضي. ولا يحتاج تحديد الأراضي التي يسيطر عليها «داعش» لبذل مجهود كبير، لأنها واضحة وظاهرة للعيان، ولا تتداخل مع أية أراضٍ يسيطر عليها فصيل آخر. وهذا بخلاف الأراضي التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» لأنها متداخلة تداخلاً شائكاً ومعقداً مع الأراضي التي تسيطر عليها مجموعة من الفصائل ذات الانتماءات المختلفة. فلا يوجد على مساحة الأراضي، الخارجة عن سيطرة الجيش السوري من جهة وسيطرة «داعش» من جهة ثانية وسيطرة الأكراد من جهة ثالثة، أي مكان لا تتجاور فيه معاقل «جبهة النصرة» ومراكزها ومستودعاتها ومرابضها ومرابطها مع مثيلاتها التابعة لفصائل أخرى، وهو ما يجعل من عملية تحديد الأراضي التي تسيطر عليها «النصرة» مهمة شبه مستحيلة إن لم تكن مستحيلة بالفعل. ومن شأن ذلك أن يطرح تساؤلات كثيرة حول واقعية الاتفاق الروسي - الأميركي، ومدى جدية الطرفين في تطبيقه على أرض الواقع، وما هي الآليات والوسائل التي سيلجآن إليها لنقله من مجرد قصاصات على الورق إلى فعل، وكم من الوقت سيحتاج ذلك؟ وعلى فرض أن الطرفين يمتلكان من الأدوات والوسائل ما يمكنهما من تحديد وفرز مناطق سيطرة «داعش» و «النصرة» بدقة، فالسؤال هو ماذا بعد؟ خصوصاً أن الاتفاق لم يذكر ضرورة إلزام الفصائل الأخرى بالابتعاد عن مناطق سيطرة التنظيمين، ما يعني أن التداخل سيبقى مستمراً، وبالتالي كيف سيتم التعامل مع هذا الواقع بعد تحديده وفرزه؟ قد يشكّل نص الاتفاق حول «دراسة الأعمال الحازمة ضد التهديد الذي يشكله داعش والنصرة لسوريا والأمن الدولي» مؤشراً مهماً على وجود نية لدى الطرفين لاستهداف مناطق سيطرة التنظيمين. إلا أن هناك شكوكاً كبيرة حول إمكانية استهداف معاقل «النصرة» المنتشرة بين معاقل فصائل أخرى، أو في أحياء سكنية، لأن الجوهر الذي يقوم عليه الاتفاق هو حصر القصف بمناطق سيطرة الإرهابيين من دون تعريض المدنيين أو الفصائل غير مصنفة على قائمة الإرهاب للأضرار. وهذه شبه دعوة موجهة إلى «جبهة النصرة» لاتخاذ المناطق المدنية دروعاً وتحصينات لحماية نفسها. أما الرهان على دفع الفصائل إلى الابتعاد عن مناطق «جبهة النصرة» لتنأى بنفسها عن القصف الذي سيطالها، الأمر الذي سينتج منه «عزل النصرة» وتجريد مواقعها من أية دروع وتحصينات، فهو رهان خاسر لأسباب عدة. أولها، أن الفصائل غير مستعدة للتخلي عن معاقلها ومراكزها فقط من أجل عزل «النصرة»، ومن يشاهد صراعات الفصائل في ما بينها حول ملكية أو حيازة مقر أو معقل كما يحدث في الغوطة الشرقية هذه الأيام، فسيصل إلى قناعة مفادها استحالة أن يترك أي فصيل مراكزه طوعاً، وهو ما يطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت موسكو وواشنطن مستعدتين للضغط بالقوة على هذه الفصائل لعزل نفسها عن «النصرة». وثانيها، أن الفصائل، أو العديد من كبريات الفصائل، انتهجت مؤخراً نهجاً معاكساً لمضمون الاتفاق، إذ قامت فصائل من وزن «أحرار الشام» و «فيلق الشام» و «لواء الحق» بإحياء تحالف «جيش الفتح» مع «جبهة النصرة»، وهذا لا يؤشر على أن الفصائل مستعدة لاتخاذ أي خطوة قد تؤدي إلى عزل «النصرة»، لا سيما إذا كان المطلوب منها التخلي عن مواقعها ومراكزها، فهذا سيجعل مجرد التفكير بالأمر غير ممكن بالنسبة لها. وأخيراً، وعلى فرض أن الفصائل قبلت بذلك وأعربت عن استعدادها لعزل «النصرة» فكيف يمكن تصور حدوث ذلك عملياً؟ أين ستذهب الفصائل التي ستنسحب من جوار مناطق «النصرة» وأين ستتمركز، ومن سيوزع انتشارها الجديد؟ علماً أنه لا مكان يمكن اقتراحه في هذا السياق إلا ولـ «جبهة النصرة» وجود فيه. وهذا يعني أن الرهان لن ينجح إلا إذا تعاونت «جبهة النصرة» مع القائمين عليه ووافقت على إخلاء بعض المدن أو الأحياء أو المناطق لتكون مناطق خاصة بالفصائل التي لن تطالها «الأعمال الحازمة». فهل من المتوقع بمثل هذه الحالة أن تتعاون «النصرة» مع الأمر، ومن يستطيع أن يفرض عليها الإخلاء؟ وعموماً، فإن اتفاق الهدنة وما لحق به من إضافات وبنود، تعتريه العديد من أوجه النقص والقصور التي تجعل استمراره أمراً بالغ الصعوبة. فما زال هناك غموض كبير حول الفصائل المشاركة فيه والمناطق الخاضعة له. وأعلن مركز حميميم الروسي أن عدد البلدات الخاضعة للهدنة وصل إلى 95 بلدة، فيما وصل عدد المسلحين إلى ما يزيد عن سبعة آلاف مسلح ينضوون تحت حوالي 44 فصيلاً، ليس من بينها «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» كما ذكرت موسكو صراحة. أما الفصائل التي رفضت «نظام التهدئة» في اللاذقية ودمشق فهي 40 فصيلاً، تمثل أكبر الفصائل على الساحة السورية، من بينها «جيش الإسلام» المعني مباشرة بموضوع الغوطة. لكن ما هي البلدات الخاضعة للهدنة وما هي الفصائل المشمولة بها؟ كل ذلك غير واضح حتى الآن. لكنّ الأخطر هو أن الاتفاق الأخير حول تحديد مناطق سيطرة «داعش» و «النصرة» يوحي بشكل أو بآخر أنه ليس هناك أية قواعد واضحة للتعامل مع الفصائل الرافضة للهدنة أو لنظام التهدئة ما دامت غير مصنفة على قوائم الإرهاب. على صعيد آخر، تعرضت هدنة الزبداني ـ الفوعة لهزة بعد أشهر من الهدوء في المنطقتين، تخللها تنفيذ عدة بنود من الاتفاق الموقع  برعاية إقليمية. وقامت الفصائل المسلحة بقصف بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين بعشرات القذائف، ما أدى إلى سقوط عدة إصابات في صفوف المدنيين. وقالت الفصائل إن سبب قصف البلدتين هو للرد على القصف الذي طال مدينة بنش واسقط عدداً من القتلى. وفي ساعات المساء تحدثت مصادر المعارضة عن قيام «حزب الله» والجيش السوري بقصف مواقع المسلحين بمدينة الزبداني من دون إشارة إلى وقوع إصابات. من جهة أخرى، نفى «حزب الله» ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في المعارضة السورية عن استهداف الطائرات الحربية للعدو الإسرائيلي إحدى قوافل الحزب في منطقة مجدل عنجر قرب الحدود اللبنانية - السورية.

المصدر : الماسة السورية/السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة