دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
على خلفية الوضع الصعب للاقتصاد الروسي حاليا، تنتشر كثيرا " نظرية انهيار روسيا" وهو ما تناوله في مقالة كتبها فان خايون في صحيفة" هوانكايو شيباو" الصينية.
حيث ذكر الكاتب فيها أن مثل هذه النقاشات والجدل حول الاقتصاد الروسي يظهر بكميات كبيرة في وسائل الإعلام الغربية وتتداوله مواقع الإنترنت الصينية بين الحين والآخر.
وكل ذلك يخلق الانطباع لدى المرء بأن الأزمة الاقتصادية تطوق روسيا من كل الجهات وتتربص بها ويقف الجمهور هناك برعب منتظرا الأزمة الشاملة مع الاقتراب المحتوم لانهيار سلطة بوتين.
قبل فترة أعلن عن تشكيل الحرس الوطني في روسيا الذي سيخضع لرئيس الدولة مباشرة، وعلى الفور اعتبرت وسائل الإعلام الغربية أن سبب هذا الإجراء هو الخوف من وقوع انقلاب في روسيا.
ولكن في الواقع تبدو "نظرية انهيار روسيا" بعيدة عن الحقيقة وهي في غالبية الحالات ليست إلا عبارة عن افتراضات ذاتية بل وحتى محاولات للإساءة والتشويه.
لأول مرة منذ سنوات عديدة، وقع الاقتصاد الروسي في مأزق خطير، فهناك تراجع كبير في أسعار النفط العالمية - أكثر من 50٪ من إيرادات الميزانية تعتمد على النفط والغاز وجاءت العقوبات الغربية الواحدة تلو الأخرى، وتسبب ذلك بنزوح رؤوس الأموال الروسية إلى الخارج، وتقلصت السيولة، جعل كل ذلك العديد من الشركات تواجه صعوبات في الدفع والاستثمار.
في العام الماضي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في روسيا بنسبة 3.7٪، وعلى الأرجح سيستمر النمو السلبي للاقتصاد هذا العام. وانخفض إجمالي الواردات والصادرات أيضا بشكل حاد، وانخفضت التجارة بين روسيا وأوروبا بنسبة 38.5٪ ومع الصين - أكثر من 25٪. وبسبب الحظر المفروض على استيراد سلع ذات جودة عالية، لحقت بها ضربة واضحة بالسكان أصحاب الدخل المالي العالية.
يمكننا أن نقول إن الوضع في روسيا حاليا هو الأكثر صعوبة منذ عام 1998، وكلمة "أزمة" مواتية جدا لوصف الوضع الاقتصادي الحالي.
ومع ذلك، هذا لا يعني أن الاقتصاد الروسي سينهار وكذلك لا يمكن بتاتا الحديث عن أعمال شغب وشيكة في المجتمع الروسي وسقوط السلطة السياسية، في نظرية الانهيار الآنفة الذكر، ويوصف الوضع الاقتصادي الروسي بألوان قاتمة جدا، ولكن على الرغم من الانخفاض الحاد في الناتج المحلي الإجمالي في روسيا، والانخفاض في احتياطيات النقد الأجنبي، لا يزال مجموع ديونها أقل من 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وعجز الموازنة - 2.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أرقام بعيدة جدا عن أزمة في التسديد والدفع.
وإذا نظرنا إلى نزعة الاتجاهات الاقتصادية، فسيصبح من الواضح أن استراتيجية مكافحة الأزمة للحكومة حققت النجاح الأولي، في الربع الرابع من العام الماضي أوقف الركود الاقتصادي، وفي أكتوبر كانت هناك زيادة مقارنة مع الفترة السابقة. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار بعض السلع والمواد الغذائية إلا أن المخازن والمحلات لا تزال ممتلئة بجميع أنواع السلع ويواصل السكان اقتنائها بنشاط مثل السابق.
وردا على السؤال حول موقفهم من الوضع الاقتصادي الحالي، يرد المواطنون عادة بوجود مصاعب تواجههم ولكن على الرغم من ذلك لا يشعر إلا القليل منهم بالتشاؤم. وبالإضافة إلى ذلك، يستمر نمو عدد سكان روسيا ويزداد كذلك متوسط العمر.
بشكل عام يمكن القول إن أي أزمة ستواجه روسيا لن تكون أشد من أزمة عام 1998 ولن تكون مجرياتها وعواقبها أقسى مما جرى في الفترة الأولى من تسعينات القرن الماضي.
وتعتبر روسيا أكبر قوة في العالم مكتفية ذاتيا ولديها أراض واسعة وموارد طبيعية وفيرة، وإمكانات علمية وتقنية قوية ومستوى التعليم الروسي يبقى عاليا، وكل ذلك يعطيها "مجالا كبيرا للمناورة".
وحقق الإنتاج الزراعي الروسي في السنوات الأخيرة تقدما كبيرا فقد بلغ محصول الحبوب في العام الماضي أكثر من 104 ملايين طن، صدرت منها 30.7 مليون طن.
وتبقى الطاقة والحرارة والكهرباء وفيرة في روسيا وخلاصة القول لايعاني السكان من البرد أوالجوع كما تصور بعض وسائل الإعلام.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة