دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
عادت «المفخخات» وفتح الجبهات إلى الميدان السوري. لم تعد المعارك «هامشية» ضمن «الرد على الخروقات». «غرف عمليات» أعادت تسخين الجبهات بالمفخخات والحشود العسكرية، فيما كانت مفاوضات «جنيف» تطوي فصلاً جديداً من الفشل بإعلان «هيئة الرياض» تعليق مشاركتها فيه وصل المجتمعون في جنيف سريعاً إلى الطريق المسدود. لم تحقّق اللقاءات المتكررة أي اختراقات. الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا يعلم أنّ بمجرّد وضع الوفدين السوريين على طاولة واحدة يتشكّل صاعق التفجير لـ«جنيف 3». أسلوب نقل الرسائل والاستماع إلى كل طرف والسعي خلف واشنطن وموسكو للضغط على الوفدين لم ينجح حتى الآن.
في النتيجة، ما تغيّر أنّ أعضاء الوفدين انتقلوا إلى المدينة السويسرية وحافظوا على أدبياتهم ذاتها. «الهيئة العليا للمفاوضات» تريد طرح مسألة الحكم الانتقالي أولاً، بينما الوفد الحكومي ذهب «لنقاش مسألة حكومة وحدة وطنية فقط»، حسب ما يقول مسؤول دبلوماسي سوري رفيع لـ«الأخبار».
المسؤول «يتفهّم» تلويح «هيئة الرياض» بالانسحاب من المفاوضات أو طلب تأجيلها، لكونهم «دائماً يراهنون على متغيّر ما... وهذا ما فعلوه طوال 5 سنين»، وليس «لديهم شيء ليقدموه، فمن الطبيعي ردود الفعل هذه».
عملياً، حاول دي ميستورا فتح ثغرة في الاستعصاء الحاصل عبر طرح مسألة تعيين نواب للرئيس السوري على الوفد المعارض، لتجاوز طرح الهيئة الانتقالية التفجيري. وعلمت «الأخبار» أنّ الطرح/ الاختبار كان يتمثّل بنقل جزء من صلاحيات الرئيس إلى 3 نواب له، واحد تسمّيه دمشق، والثاني من المعارضة والثالث من «المجتمع المدني والأهلي». محاولة «جس النبض» لم تؤت بأيّ نتيجة، ليبقى الحال على ما هو. المبعوث الأممي من جهته، يقول لمحاوريه لديكم حتى 29 تموز لتصلوا إلى اتفاق، وهي فترة 6 أشهر منذ بدء المفاوضات في 29 كانون الثاني، وحينها إذا لم يحصل أي تقدّم سيذهب إلى مجلس الأمن ويعلن فشل مهمته رسمياً.
حالياً، تتجه الأمور إلى ترحيل المفاوضات إلى الشهر المقبل لكون «دي ميستورا يحتاج إلى وقت إضافي لتهيئة الأجواء للجلسات المقبلة، ويعوّل على زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمنطقة لتحريك الملف الراكد»، حسب ما يشير قيادي في المعارضة لـ«الأخبار».
التعبير عن تعقيد المفاوضات تظهّر في الميدان على نحو كبير منذ هجوم «جبهة النصرة» وحلفائها على نقاط الجيش السوري في ريف حلب الجنوبي أوائل الشهر الجاري. ورغم أنّ «النصرة» ظهرت في صورة من «يسبح عكس تيار الفصائل»، غير أنّ معظم المجموعات لم تكن بعيدة عن الأجواء التصعيدية، وإن بصورة سرية. ويمكن تقسيم المجموعات المسلحة في الميدان وفقاً لنظرتها إلى «جنيف» والمسار السياسي بالعموم إلى قسمين أساسيين: يرفض أوّلهما أي حل سياسي، ويراه «مؤامرة». ويشتمل هذا القسم على كل «الفصائل الوازنة» باستثناء تيار صغير داخل «حركة أحرار الشام الإسلامية»، وهو جناح مهمّش (ولا يمتلك من القوّة ما يؤهّله حتى للتفكير في الانشقاق). فيما يضم القسم الثاني مجموعات ترى في «جنيف» فرصة يمكن التعاطي معها بجدية لإنهاء الحرب. ويُصنّف معظم هذه المجموعات «متوسط القوة»، ولا يمتلك ما يخوّله شنّ معارك منفردة، بل يصلح فقط لـ«تقديم المؤازرة والدعم». وبطبيعة الحال، إنّ تأثير هذه المجموعات في تلك «المعادية لجنيف» يكاد يكون معدوماً، وهي في الغالب منفعلةٌ لا فاعلة.
وكان لـ«حركة أحرار الشام» دور أساسي في فتح المعارك الأخيرة، وقد وجّهت إلى «جيش الإسلام» رسائل غير معلنة، مفادها أنّ «معارك كبيرة ستُفتح قريباً، بكم أو من دونكم ولن ننتظر مهزلة جنيف». وتبدو هذه الرسائل أكثر الضغوطات التي تعرّض لها الأخير جديّة ودفعته إلى إعادة التفكير في «لعبة الحبلين» التي كان يحاول عبرها المزاوجة بين الميدان والسياسة. وشكّلت هذه المعطيات محفّزاً أساسياً لممثله في «هيئة الرياض» محمد مصطفى علوش ليدلي بكلامه الأخير حول «إشعال الجبهات».
وهذه الجبهات ظهرت أمس كيوم عادي من أيام الحرب السورية، رغم التأكيدات الأممية والدولية للحفاظ على الهدنة.
9 فصائل مسلحة أطلقت معركة «رد المظالم» في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي، بالتوازن مع هجوم، بدأ بالمفخخات، لتنظيم «جند الأقصى» و«الحزب الإسلامي التركستاني» على نقاط الجيش السوري في سهل الغاب في ريف حماه الشمالي الغربي.
المصدر السوري أكّد التزام بلاده الهدنة، وحق الجيش في الردّ على الخروقات بكل الوسائل المتاحة، لكن معظم التشكيلات المسلحة تعمل سرّاً وعلناً على فتح جبهات إضافية وتحقيق إنجازات ضمر وجودها منذ شهور.
وفي هذا السياق، جاء كلام رئيس الوفد السوري بشار الجعفري ليل أمس، حين قال إنّ «قرار تعليق الحوار قرار مسبق والذرائع كاذبة»، لافتاً إلى وجود «قرار سعودي وتركي بإفشال مباحثات جنيف عبر أعضاء مجموعة الرياض».
وجاء ذلك، بعد تأكيد المبعوث الأممي تبلغه من «الهيئة العليا» المعارضة نيتها تعليق «مشاركتها الرسمية» في جولة المحادثات الراهنة، على أن يبقى الوفد في جنيف مع إمكانية مشاركته في «نقاشات تقنية» حول «المسائل المرتبطة بالقرار 2254 والانتقال السياسي». وكان عضو وفد «الهيئة» محمد العبود، قد أوضح لوكالة «رويترز» أنّ الوفد طلب تأجيل المحادثات، على أن يكون ذلك مؤقتاً إلى أن تصير الظروف مواتية لاستئنافها.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة