تكرِّس المدرّسة السوريّة منى الخطيب حياتها للمجتمع السوري، فهذه قضيّتها الأولى، كما أنَّها الساحة التي قاتلت ولا تزال تقاتل فيها.

 

وبرغم أنَّ حياتها مليئة بالتفاصيل والنشاطات والإنجازات الكبيرة التي تترك أثراً لها أينما حلّت، تنظر ابنة مدينة اللاذقيّة إلى عملها كواجب تجاه مجتمعها. تشرح مدرّسة الفنون الجميلة أنَّ هناك «هاجساً لتقديم المساعدة الإنسانيّة للآخرين رافقني منذ طفولتي، فكبر معي وتملّكني».

 

بداية نشاطاتها كانت في العام 1998، عندما تطوّعت في منظمة «الهلال الأحمر السوري». عن هذا تقول: «جاء ذلك بعد بحث طويل عن طريقة لتقديم المساعدة الإنسانيّة المنظّمة».

واظبت الخطيب على عملها التطوّعي مع «الهلال الأحمر»، ما جعلها تطوّر تجربتها، فشاركت في عدد كبير من الدورات والمخيّمات التدريبيّة، مثل المخيّم التدريبي في تدمر استعداداً لاستقبال اللاجئين قبل بداية الحرب في العراق.

يزخر تاريخ الخطيب بأعمال إنسانيّة عديدة، تركت أثرها في محيطها الكبير. فخلال حرب تموز 2006، شاركت في العمل التنظيمي والإشراف الإسعافي في مخيم اللاجئين اللبنانيين في سوريا، ما أضاف إلى تجربتها كمّاً معرفيّاً كبيراً في هذا المجال، طوّرته تطويراً متتالياً ليستمرّ نشاطها خلال الحرب في سوريا على أكثر من مستوى.

مع استمرار الحرب في سوريا، وارتفاع الحاجة إلى المعرفة والعمل الإسعافي، نشطت منى، كثيرا، وتنقّلت بين معظم المحافظات السوريّة لتقديم الخبرة الإسعافيّة التي اكتسبتها من مختلف الجمعيات والمنظمات الفاعلة في سوريا، من منطلق «إعداد مسعف في كل حيّ على الأقل». وخلال المعارك التي جرت في ريف اللاذقية في العام 2015، مثّلت منى الخطيب حالة فريدة بعدما ساهمت بإنشاء نقطة إسعافيّة كانت الأقرب لنقاط الاشتباك، كما كانت الأنثى الوحيدة في هذه النقطة التي استقبلت عدداً كبيراً من المقاتلين المصابين.

تعدّدت نشاطاتها كثيرا، فكانت السباقة إلى أيّ نشاط يتعلّق بالعمل الإنساني والمجتمعي والمعرفي الخاص ببناء الإنسان السوري. نشطت مع الكشاف بعد عودته للعمل في سوريا في العام 2006، وساهمت بإعادة تنشيطه كثيرا ضمن محافظة اللاذقيّة.

تفخر الخطيب بعملها كمدرّسة للرسم في إحدى مدارس اللاذقية. وتقول: «سعيدة جداً بعملي لأنَّ هذا العمل قرّب اتصالي مع طلبة مرحلتَي الإعداديّة والثانويّة، فأعطي قيمة للمادّة التي أدرّسها، حيث ساهمت بتفريغ ما لدى الطالب من انطباعات وهواجس في هذه المرحلة العمرية من خلال الخط واللون وكذلك زيادة معرفتهم التاريخية للفنّ محلياً وعالمياً». وتضيف: «الرسم ليس موهبة فقط، بل هو علم أيضاً، فجميع طلابي يتقنون مبادئ الرسم، رغم أن معظمهم ليسوا فنانين».

ما يميّز عملها كمدرّسة رسم، هو أنّها جــاءت في عصر لا تولي فيه المدارس السوريّة أهميّة لمادّة الرسم، فــشكّلت الخطيب حــالة فريدة في هذا المجال أيضاً، وتركت أثرها على شكل لوحــات تزيّن جدران مدرستها.

على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وهبت منى الخطيب حياتها لتفاصيل آمنت بها، وتمكّنت من تشكيل حالة مميزة لتغدو، مع مرور الوقت، أحد أعلام مدينة اللاذقيّة، وأحد أبرز المؤثّرين في العمل الإنساني والمعرفي في مدينتها، لتجسّد بتاريخها حكاية مقاتلة على جبهات أخرى، سلاحها المعرفة والعمل، وهاجسها «جسم مجتمعي متين»، وفق تعبيرها.

  • فريق ماسة
  • 2016-04-02
  • 10947
  • من الأرشيف

مدرّسة سورية تقاتل.. على غير جبهة

 تكرِّس المدرّسة السوريّة منى الخطيب حياتها للمجتمع السوري، فهذه قضيّتها الأولى، كما أنَّها الساحة التي قاتلت ولا تزال تقاتل فيها.   وبرغم أنَّ حياتها مليئة بالتفاصيل والنشاطات والإنجازات الكبيرة التي تترك أثراً لها أينما حلّت، تنظر ابنة مدينة اللاذقيّة إلى عملها كواجب تجاه مجتمعها. تشرح مدرّسة الفنون الجميلة أنَّ هناك «هاجساً لتقديم المساعدة الإنسانيّة للآخرين رافقني منذ طفولتي، فكبر معي وتملّكني».   بداية نشاطاتها كانت في العام 1998، عندما تطوّعت في منظمة «الهلال الأحمر السوري». عن هذا تقول: «جاء ذلك بعد بحث طويل عن طريقة لتقديم المساعدة الإنسانيّة المنظّمة». واظبت الخطيب على عملها التطوّعي مع «الهلال الأحمر»، ما جعلها تطوّر تجربتها، فشاركت في عدد كبير من الدورات والمخيّمات التدريبيّة، مثل المخيّم التدريبي في تدمر استعداداً لاستقبال اللاجئين قبل بداية الحرب في العراق. يزخر تاريخ الخطيب بأعمال إنسانيّة عديدة، تركت أثرها في محيطها الكبير. فخلال حرب تموز 2006، شاركت في العمل التنظيمي والإشراف الإسعافي في مخيم اللاجئين اللبنانيين في سوريا، ما أضاف إلى تجربتها كمّاً معرفيّاً كبيراً في هذا المجال، طوّرته تطويراً متتالياً ليستمرّ نشاطها خلال الحرب في سوريا على أكثر من مستوى. مع استمرار الحرب في سوريا، وارتفاع الحاجة إلى المعرفة والعمل الإسعافي، نشطت منى، كثيرا، وتنقّلت بين معظم المحافظات السوريّة لتقديم الخبرة الإسعافيّة التي اكتسبتها من مختلف الجمعيات والمنظمات الفاعلة في سوريا، من منطلق «إعداد مسعف في كل حيّ على الأقل». وخلال المعارك التي جرت في ريف اللاذقية في العام 2015، مثّلت منى الخطيب حالة فريدة بعدما ساهمت بإنشاء نقطة إسعافيّة كانت الأقرب لنقاط الاشتباك، كما كانت الأنثى الوحيدة في هذه النقطة التي استقبلت عدداً كبيراً من المقاتلين المصابين. تعدّدت نشاطاتها كثيرا، فكانت السباقة إلى أيّ نشاط يتعلّق بالعمل الإنساني والمجتمعي والمعرفي الخاص ببناء الإنسان السوري. نشطت مع الكشاف بعد عودته للعمل في سوريا في العام 2006، وساهمت بإعادة تنشيطه كثيرا ضمن محافظة اللاذقيّة. تفخر الخطيب بعملها كمدرّسة للرسم في إحدى مدارس اللاذقية. وتقول: «سعيدة جداً بعملي لأنَّ هذا العمل قرّب اتصالي مع طلبة مرحلتَي الإعداديّة والثانويّة، فأعطي قيمة للمادّة التي أدرّسها، حيث ساهمت بتفريغ ما لدى الطالب من انطباعات وهواجس في هذه المرحلة العمرية من خلال الخط واللون وكذلك زيادة معرفتهم التاريخية للفنّ محلياً وعالمياً». وتضيف: «الرسم ليس موهبة فقط، بل هو علم أيضاً، فجميع طلابي يتقنون مبادئ الرسم، رغم أن معظمهم ليسوا فنانين». ما يميّز عملها كمدرّسة رسم، هو أنّها جــاءت في عصر لا تولي فيه المدارس السوريّة أهميّة لمادّة الرسم، فــشكّلت الخطيب حــالة فريدة في هذا المجال أيضاً، وتركت أثرها على شكل لوحــات تزيّن جدران مدرستها. على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وهبت منى الخطيب حياتها لتفاصيل آمنت بها، وتمكّنت من تشكيل حالة مميزة لتغدو، مع مرور الوقت، أحد أعلام مدينة اللاذقيّة، وأحد أبرز المؤثّرين في العمل الإنساني والمعرفي في مدينتها، لتجسّد بتاريخها حكاية مقاتلة على جبهات أخرى، سلاحها المعرفة والعمل، وهاجسها «جسم مجتمعي متين»، وفق تعبيرها.

المصدر : نينار الخطيب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة