دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
اختتم مجلس الشعب (البرلمان) السوري أمس الأول جلساته، بانتظار الانتخابات البرلمانية في 13 نيسان الحالي، وتسمي شاغلي مقاعد المجلس الجديد، والذي لا يعلم أحد كم ستستغرق مدة تنصيبه في ظل تحرك العملية السياسية في جنيف، والزخم الروسي - الأميركي خلفها.
ومن غير المتوقع فعلياً أن يكون التغيير كبيراً في جسم المجلس الجديد، والذي يتشارك الرغبة بالانضمام إليه أكثر من 11 ألف مرشح، يتنافسون على 250 مقعداً، علماً أن بعضهم كان بعيداً جداً عن أجواء العمل السياسي أو التشريعي، إلا أن الاستحقاقات المقبلة فرضت التحرك باتجاهه. وبين هؤلاء فنانون، كالمخرج التلفزيوني الشهير نجدت أنزور، وإعلاميون كالكاتب نبيل صالح صاحب موقع «الجمل»، وممثلون كالفنان عارف الطويل، إضافة لقوائم رجال الأعمال الدائمي الحضور في المجالس التشريعية أو الراغبين بالانضمام إليها حديثاً، كرئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي.
وتضم القوائم ولوائح المستقلين عدداً كبيراً من أقارب شهداء للجيش السوري، بينهم من فقد أكثر من فرد من أسرته، كالمرشحة ديما سليمان ولكن عن إحدى قوائم «البعث» في طرطوس، وكانت فقدت شقيقين لها في القتال، والمرشحة نور الشغري من اللاذقية، أخت احد أشهر المقاتلين السوريين على شبكات التواصل، يحيى الشغري، الشهير بعبارة «والله لنمحيها» والتي لفظ أنفاسه بعدها وفقا لشريط الفيديو المنتشر على شبكات التواصل، ردا على شعار «داعش» بأن «الدولة الاسلامية باقية وتتمدد».
ويفسر مراقبون هذا التوجه بشكل يوحي برغبة بـ «تصليب قوة المجلس»، والتي تفهم ربما بخصوص أية محاولات «للاستدارة مستقبلا»، أو على حد تعبير صالح، وكان سابقا من أبرز منتقدي مجلس الشعب، باتصال مع «السفير»، بأن «المقاتل لا يقرر في أية جبهة سيقاتل، وجبهتنا المقبلة هي مع خصومنا، لأنهم سيحاولون تحقيق ما لم يقدروا عليه بالحرب بأساليب أخرى».
وأيضاً يسمح حضور العسكريين في هذا المشهد الانتخابي، من طرف المقترعين، ولا سيما المحصورين في مناطق سيطرة الدولة، بحصر الاحتمالات في المجلس المقبل، بحصول «حزب البعث» وحلفائه على الحصة المطلقة، ولا سيما أن قائمته التي ستنجح من دون أدنى شك تتضمن 182 اسماً، غالبيتهم الساحقة من «البعثيين»، فيما يقتصر حضور المستقلين على 68 اسماً، غالبيتهم من المدافعين الشرسين عن الدولة.
ومثلما سبق إجراء الانتخابات الرئاسية في ذات الظروف، تنظم الدولة انتخاباتها البرلمانية في ظروف مشابهة، مع ترك باب الترشح والتصويت لأصحاب المدن والأرياف التي لا تخضع لسيطرة الدولة مفتوحا في محافظات أخرى تم فيها وضع صناديق اقتراع تلبية لتلك الحاجة، وبموجب تعديلين على قانون الانتخابات اقرهما المجلس منذ أسابيع يتيحان هذه العملية، وأيضاً يسمحان باقتراع العسكريين، من دون أن يسمح بترشحهم، وهو أمر لم يكن ممكنا قبل الآن.
واستحدثت مراكز انتخابية لدائرة محافظة إدلب الانتخابية في محافظات دمشق وحماه واللاذقية وحلب وطرطوس، ومراكز انتخابية لمحافظة الرقة في دمشق وحماه واللاذقية وطرطوس والحسكة، ولمحافظة حلب في حلب ودمشق واللاذقية وطرطوس، ولمحافظة دير الزور في دير الزور ودمشق والحسكة، ولمحافظة درعا في درعا ودمشق وريف دمشق والسويداء.
ومنذ يومين أعلن مسؤولون في مناطق «الادارة الذاتية»، وهي مناطق يختلط فيها النفوذان الحكومي والكردي شمال شرق سوريا ولا سيما الحسكة، أن مناطق الأكراد لن تشهد أية انتخابات، علما أنه سبق لهم الإعلان عن رفض مشابه قبل الانتخابات الرئاسية في العام 2014، لكن تم التوصل لتسوية في ذلك الوقت، تسمح بالتصويت في مناطق من دون غيرها.
ووفقا لخبراء فإن حصول الانتخابات يستند بالدرجة الأولى إلى الرغبة في «الإبقاء على دوران عجلة الدولة، وتنفيذها كافة الاستحقاقات الدستورية، بغض النظر عن ظروف الحرب القاهرة»، وهو أمر اتخذت القيادة السورية قرارا بشأنه منذ العام 2012، وذلك استناداً لقراءة تنبأت بطول مدة الصراع، بوجهيه الداخلي والخارجي، وأيضا لضرورة «الإبقاء على الوجه القانوني والتشريعي للدولة في واجهة التطورات الداخلية والمحلية».
ويشكل التمسك بقرار إجراء الانتخابات، رغم الظروف الحالية، أيضاً «حجة إقناع إضافية للحاجة الدستورية والمستندة لاستفتاءات شعبية» في المستقبل القريب. وفي تفسير ذلك يعلق أحد المسؤولين بأن المرحلة المقبلة «التي من الصعب التكهن كيف ستجري» من الضروري أن «تستند دوما للمرجعية الدستورية، لا أشكال التغيير السياسي التي يجري الحديث عنها، بصلاحيات كاملة، فالصلاحيات محددة بالدستور حتى يحدث تغيير سياسي تحت سقفه وبمرجعية شعبية».
ولكن حتى ضمن هذا الإطار، لا يبدو دور المجلس واضحاً أو ممكناً، إلا في حال اعتبره البعض «حملة انتخابية تجريبية لمرحلة مقبلة أكثر تحدياً وأهمية». ويعترف كثر من المرشحين بأن قدرة المجلس الداخلية محدودة أيضاً، متجنبين رفع شعارات كبيرة ووهمية، في بلد يكافح فيها المواطن للبقاء على حدود خط الفقر.
ووفقا لأحدهم ممن يترشحون للمرة الأولى «نعرف أن الفقير سيبقى فقيراً، وأن قدراتنا محدودة. لكن هناك معركة مقبلة في الوقت ذاته، ربما تكون أكثر أهمية، وستجري بوسائل لم نعتدها وعلينا الاستعداد».
المصدر :
السفير / زياد حيدر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة