الخلل الأخلاقي والقيمي الذي يهز ضمير الأمة هو الذي يفضي الى ثوراتها الأخلاقية الكبرى .. فتتحول مثلا حادثة منع المهاتما غاندي من ركوب القطار في جنوب افريقيا لأنه ليس ذا بشرة بيضاء الى لحظة أخلاقية فاصلة تنقل قارة كاملة الى الحرية ..

 

الخلل الأخلاقي والقيمي الذي يهز ضمير الأمة هو الذي يفضي الى ثوراتها الأخلاقية الكبرى .. فتتحول مثلا حادثة منع المهاتما غاندي من ركوب القطار في جنوب افريقيا لأنه ليس ذا بشرة بيضاء الى لحظة أخلاقية فاصلة تنقل قارة كاملة الى الحرية .. فهذا السلوك المهين بحق لون بشرته وانتمائه الذي أدى الى طرده من القطار رغم أنه متعلم ودفع ثمن التذكرة جعل غاندي يعلن ثورة أخلاقية هائلية على الرجل الأبيض وقيمه العنصرية حتى أطاح بجوهرة التاج الأبيض الأثمن وحرر مئات الملايين من سطوة الرجل الأبيض وعنصريته .. وكذلك فان الخلل الاخلاقي المتمثل في صكوك الغفران هو الذي استفز مارتين لوثير ضد أعلى سلطة لاهوتية في أوروبة وهي سلطة البابوية مما تسبب في تصدع الكنيسة وظهور ثورة دينية عارمة راجعت كل سلوك الكنيسة ..

 

ولكن منذ يومين مر في عالمنا خبر مثير يستحق أن يتوقف عنده الملايين من المحيط الى الخليج لأنه مهم وخطير وهو في حال الأمم التي تتمتع بوجود قيم أخلاقية عالية كان يمكن أن يشكل ثورة أخلاقية اسلامية وعربية ومراجعة شاملة .. الا أنه لاقى لامبالاة وتجاهلا وعدم اكتراث وكأنه خبر عن موت دجاجتين .. هذا الخبر كان يجب أن ينقل الأمة العربية والاسلامية من الظلمات الى النور في شأن الربيع العربي وأساطيره بعد خمس سنوات من التخبط والتردد .. وكان يجب أن يفتح الباب على مصراعيه لمراجعة كل ماقيل عن الثورة السورية .. من قصة أظافر أطفال درعا وقضيب حمزة الخطيب وحتى حكاية البراميل المتفجرة والهجوم الكيماوي في الغوطة الى لحظة اتهام الدولة السورية بأنها تريد نسف الحل السياسي لصالح العسكري ..

فقد نشرت جبهة النصرة الارهابية اعترافا للمرة الأولى تكشف فيه أن أول عملية انتحارية في سورية قد نفذها اثنان من عناصرها بتاريخ 23 - 12- 2011 ضد مبنى ادراة المخابرات العامة في كفرسوسة ومبنى المخابرات العسكرية في البرامكة والذي استشهد فيه 44 من المدنيين وجرح فيهما أكثر من مئة مواطن كانوا من العابرين والمارة الأبرياء .. وكشفت النصرة عن اسمي منفذي التفجيرين وهما المجرم الانتحاري زياد عبد الحسين والمجرم الانتحاري لؤي الزيد من مدينة دير الزور ..

 

يومها نقلت كل وسائل اعلام العالم دون استثناء الخبر على أنه عملية من تدبير المخابرات السورية لافساد مهمة المراقبين العرب الذين بدؤوا في الوصول الى دمشق لتقصي الحقائق عن الشعب الذي يقتله الرئيس والنظام .. حتى مجلس الأمن تواطأ مع جبهة النصرة ورفض توجيه التعزية الى الحكومة السورية بل وجهها الى الضحايا في اشارة ضمنية حقيرة انه يتهم الحكومة السورية بالعملية الجبانة ولذلك فان القاتل لاترسل له التعزية ..

 

كانت تلك الفترة قاسية جدا حيث يتقاطر المحللون والثوار الباكون على الشاشات وهم يقسمون بالله العظيم أن النظام فعلها من أجل أن يشوه الثورة السلمية التي خرجت بالملايين ولم تتسلح حتى بمقص أظافر .. ولكن النظام كما قالوا بحماس ويقين اختار الحل الأمني وحاول استدراج الثورة الى العنف ففشل ولذلك فانه نفذ التفجيرات من أجل تبرير سحق الثورة السلمية عسكريا ..

كنا نجهد في تلك الأيام في اقناع الناس بأن الدولة لايمكن أن ترتكب هذه العملية لأنها ليست في صالحها ولا تخدم سمعة مؤسستها الأمنية وأنها اختارت الحل اللاأمني .. ولكن بعض الناس حتى من الموالين كانوا مشككين أحيانا لأن كم التزوير والتلاعب بالأسئلة وتقديم التحليلات كان كالطوفان مستفيدا من شكوك المواطنين العرب عموما بأي سلطة حاكمة تتهم دوما أنها مارست ديكتاتورية في مرحلة ما .. أذكر يومها جميع الوجوه التي خرجت .. أذكرها وجها وجها .. وهي التي شكلت لاحقا مجلس الحكم والائتلاف وعلى رأسهم برهان غليون الذي كان يقفز من شاشة الى أخرى ويؤكد أن لديه معلومات يقينية أن العملية من تدبير جهاز الامن السوري ..وظهر ميشيل كيلو والعرعور والمناع وجورج صبرة ومعاذ الخطيب ووو .. والكل مجمع على ان المستفيد الوحيد من التفجير هو النظام القمعي الذي لايريد ان يستسلم لارادة الشعب فعاقبه النظام المجرم الفاشي الأسدي وهدده بهذه التفجيرات التي كانت رسالة تهديد واضحة ..

 

كنا نسمع أشياء غريبة تضع العقل في الكف من حيث القدرة الاعلامية على تزوير الحقيقة التي ربما كانت قادرة على اقناع الناس أن حمزة عم الرسول قد قتله وحشي بمؤامرة من الرسول الكريم .. وأن معركة أحد مدبرة (وليست بسبب مخالفة المسلمين لتعليمات الرسول) ليتم التخلص بها من عدد من الصحابة .. وجاءتني سيدة عقب ذلك اليوم من التفجيرات وقالت لي انها مرت من تلك المنطقة وكانت هناك حواجز أمنية ولكن مرور الانتحاريين ماكان ليتم لولا تسهيلات هذه الحواجز .. وكأنها تتبنى ماقيل على الشاشات .. النظريات المعكوسة للمنطق والبدهيات كانت طاغية ولاأحد يسمع الا صوت التزوير .. التزوير الذي بدأت به سلسة عمليات رهيبة دموية ومعها تتكاثر ذات النظريات التي أطلقت مع عملتي تفجير مبنيي المخابرات العامة والتي وصل بها الأمر أن اغتيال خلية الأزمة والشهداء الكبار فيها كانت من تدبير النظام للتخلص من معارضة آصف شوكت للحل الأمني وللتخلص منه كشاهد على اغتيال الحريري .. واغتيال الشهيد العلامة البوطي لأنه وفق نفس النظريات والمعلومات اليقينية للثوار والمثقفين كان ينوي الانشقاق عن النظام .. حتى الرسام علي فرزات سقط وصار يبيع أصابعه المتكسرة على الفضائيات والمواقع الاعلامية على انها من ضحايا الحرية والتعبير الحر .. وأن أصابعه تعرضت لما يتعرض له الشعب السوري من قمع وقتل .. وصار بسبب التزوير بتر قضيب حمزة الخطيب رمزا لوحشية النظام وأيقونة للثورة ورمزا لمحاولة قتل الرجولة والتمرد ولولا الحرج لرسمت الثورة قضيب حمزة الخطيب على علم الثورة .. وربما رسم علي فرزات لوحة تجمع بين أصابعه وقضيب حمزة الخطيب وجنجرة القاشوش ..

 

اليوم هذه الاعترافات لجبهة النصرة لم تلتفت اليها أي شخصية ثورية أو مثقفة رغم أنها يفترض أن تحدث هزة وزلزالا أخلاقيا ومراجعة مع الذات .. ولم تلتفت اليها بالمراجعة أي مؤسسة اعلامية أو شخصية سياسية أصدرت سابقا بيانات الشجب والاحتقار للنظام السوري وتبرأت منه بعد تلك العملية العنيفة وحرضت الشعب عليه واستنكرت سكوت الشعوب العربية على قتل الشعب السوري .. وكأن ماحدث لايستحق المراجعة والاعتذار .. الاعتذار ليس من الدولة أو الرئيس أو النظام أو الشعوب العربية .. بل الاعتذار من الشعب السوري على الأقل الذي خدعه هؤلاء وضللوه وقدموا شهادات وآراء تبين انها طائشة .. والاعتذار من الضحايا الذين تاجر الجميع من السياسيين والثوار والصحفيين والاعلاميين في كل العالم بدمهم .. دون الاستناد الى أي معلومات دقيقة بل الى أمنيات هؤلاء بتورط النظام بالقتل والتفجيرات وكل العمليات القذرة .. وبعضهم كان يسترسل في التحريض وهو على يقين أن العملية ليست من فعل الدولة والأجهزة الأمنية السورية لكنه أقنع نفسه أن الكذب مفسدة صغرى لدرء مفسدة كبرى .. ألا يستحق حتى جمهور الثورة الذي صدق الأخبار ومشى وقاتل باندفاع أن تعتذر منه هذه الشخصيات وتقول له بأنها اذا لم تكذب فانها لم تكن على قدر المسؤولية وتمارس التحليل المنطقي واتبعت أهواءها وأمنياتها وحرضته على دولة كانت بريئة من الدم في ذلك اليوم ؟؟..

 

هل سيرسم الرسامون كاريكاتريات تسخر من الثورة بعد ظهور هذه الاعترافات؟؟ هل سيعتذر الفنانون والمثقفون الذين تبنوا اتهام الثورة للنظام بأنه قاتل لشعبه وهم يرون أولى الاعترافات وهي ذروة الجبل الجليدي من الفظائع التي ارتكبت باسم النظام .. اتهامات عمياء لايقبلها منطق صدقها السذج والبسطاء وتورطوا في القتال ودفعوا دفعا الى القتل والانتقام ثأرا للضحايا الذين قتلهم رفاقهم المؤمنون..؟؟

 

نحن لانتوقع أن تعتذر دول الخليج المحتل ووسائلها الاعلامية الرخيصة عن سلوكها التحريضي يومها ونشرها للاتهامات والأكاذيب وتوريطها الشباب السوريين والعرب والمسلمين في التطوع والهجرة للحرب في سورية .. ولكن هل سيعتذر الثوار السوريون الذين أقسموا بالله وعلى كتاب الله على مسؤولية الدولة عن التفجيرات عن تلك الكذبة؟؟ هل سيعتذر برهان غليون وميشيل كيلو على ماقالا يومها ونشراه كاليقين ويقول واحدهم: أنا أخطات وكذبت .. وأعتذر واطلب السماح والغفران؟ هل سيعتذر المؤمنون والاسلاميون الذين يصلّون خمس مرات والذين حلفوا على كتاب الله أن النظام فعلها؟

 

ومتى سيظهر الرجل الذي كذب في قصة أظافر درعا ويعترف أن الأظافر قصة خرافية ولم تحدث؟؟ ومتى سيظهر قضيب حمزة الخطيب واصابع علي فرزات وحنجرة القاشوش في جيوب الثوار الذين كما كذبوا في التفجيرات سيعترفون أنهم بتروا القضيب من أجل الثورة ,انهم سرقوا أصابع علي فرزات وخبؤوها مع قضيب حمزة الخطيب وحنجرة القاشوش .. وأن النظام كان أصدق منهم وأنه لم يبحث عن أصابع أحد أو أعضاء أحد في هذه الاحداث التي عصفت بالبلاد .. وأنه كان دوما أكثر انسانية منهم وأكثر صدقا .. وأكثر أخلاقا ..

 

هل سيظهر من يمزق صكوك الغفران للثورة ويعلن الثورة على الثورة ويطلب الغفران؟؟ لاتنتظروا الاجابة .. ثورة بلا أخلاق لن تنتج الا صكوك الغفران .. وأصابع بلا أخلاق .. ونخبة بلا أخلاق .. وثوارا بلا أخلاق .. ليس فيها غاندي ولامارتين لوثير .. بل فيها كيلو وغليون وجربا وشقفة وعرعور .. ومهرج في اتجاه معاكس ..

  • فريق ماسة
  • 2016-03-22
  • 4464
  • من الأرشيف

بين قضيب حمزة الخطيب وأصابع علي فرزات .. من يمزق صكوك الغفران؟؟

الخلل الأخلاقي والقيمي الذي يهز ضمير الأمة هو الذي يفضي الى ثوراتها الأخلاقية الكبرى .. فتتحول مثلا حادثة منع المهاتما غاندي من ركوب القطار في جنوب افريقيا لأنه ليس ذا بشرة بيضاء الى لحظة أخلاقية فاصلة تنقل قارة كاملة الى الحرية ..   الخلل الأخلاقي والقيمي الذي يهز ضمير الأمة هو الذي يفضي الى ثوراتها الأخلاقية الكبرى .. فتتحول مثلا حادثة منع المهاتما غاندي من ركوب القطار في جنوب افريقيا لأنه ليس ذا بشرة بيضاء الى لحظة أخلاقية فاصلة تنقل قارة كاملة الى الحرية .. فهذا السلوك المهين بحق لون بشرته وانتمائه الذي أدى الى طرده من القطار رغم أنه متعلم ودفع ثمن التذكرة جعل غاندي يعلن ثورة أخلاقية هائلية على الرجل الأبيض وقيمه العنصرية حتى أطاح بجوهرة التاج الأبيض الأثمن وحرر مئات الملايين من سطوة الرجل الأبيض وعنصريته .. وكذلك فان الخلل الاخلاقي المتمثل في صكوك الغفران هو الذي استفز مارتين لوثير ضد أعلى سلطة لاهوتية في أوروبة وهي سلطة البابوية مما تسبب في تصدع الكنيسة وظهور ثورة دينية عارمة راجعت كل سلوك الكنيسة ..   ولكن منذ يومين مر في عالمنا خبر مثير يستحق أن يتوقف عنده الملايين من المحيط الى الخليج لأنه مهم وخطير وهو في حال الأمم التي تتمتع بوجود قيم أخلاقية عالية كان يمكن أن يشكل ثورة أخلاقية اسلامية وعربية ومراجعة شاملة .. الا أنه لاقى لامبالاة وتجاهلا وعدم اكتراث وكأنه خبر عن موت دجاجتين .. هذا الخبر كان يجب أن ينقل الأمة العربية والاسلامية من الظلمات الى النور في شأن الربيع العربي وأساطيره بعد خمس سنوات من التخبط والتردد .. وكان يجب أن يفتح الباب على مصراعيه لمراجعة كل ماقيل عن الثورة السورية .. من قصة أظافر أطفال درعا وقضيب حمزة الخطيب وحتى حكاية البراميل المتفجرة والهجوم الكيماوي في الغوطة الى لحظة اتهام الدولة السورية بأنها تريد نسف الحل السياسي لصالح العسكري .. فقد نشرت جبهة النصرة الارهابية اعترافا للمرة الأولى تكشف فيه أن أول عملية انتحارية في سورية قد نفذها اثنان من عناصرها بتاريخ 23 - 12- 2011 ضد مبنى ادراة المخابرات العامة في كفرسوسة ومبنى المخابرات العسكرية في البرامكة والذي استشهد فيه 44 من المدنيين وجرح فيهما أكثر من مئة مواطن كانوا من العابرين والمارة الأبرياء .. وكشفت النصرة عن اسمي منفذي التفجيرين وهما المجرم الانتحاري زياد عبد الحسين والمجرم الانتحاري لؤي الزيد من مدينة دير الزور ..   يومها نقلت كل وسائل اعلام العالم دون استثناء الخبر على أنه عملية من تدبير المخابرات السورية لافساد مهمة المراقبين العرب الذين بدؤوا في الوصول الى دمشق لتقصي الحقائق عن الشعب الذي يقتله الرئيس والنظام .. حتى مجلس الأمن تواطأ مع جبهة النصرة ورفض توجيه التعزية الى الحكومة السورية بل وجهها الى الضحايا في اشارة ضمنية حقيرة انه يتهم الحكومة السورية بالعملية الجبانة ولذلك فان القاتل لاترسل له التعزية ..   كانت تلك الفترة قاسية جدا حيث يتقاطر المحللون والثوار الباكون على الشاشات وهم يقسمون بالله العظيم أن النظام فعلها من أجل أن يشوه الثورة السلمية التي خرجت بالملايين ولم تتسلح حتى بمقص أظافر .. ولكن النظام كما قالوا بحماس ويقين اختار الحل الأمني وحاول استدراج الثورة الى العنف ففشل ولذلك فانه نفذ التفجيرات من أجل تبرير سحق الثورة السلمية عسكريا .. كنا نجهد في تلك الأيام في اقناع الناس بأن الدولة لايمكن أن ترتكب هذه العملية لأنها ليست في صالحها ولا تخدم سمعة مؤسستها الأمنية وأنها اختارت الحل اللاأمني .. ولكن بعض الناس حتى من الموالين كانوا مشككين أحيانا لأن كم التزوير والتلاعب بالأسئلة وتقديم التحليلات كان كالطوفان مستفيدا من شكوك المواطنين العرب عموما بأي سلطة حاكمة تتهم دوما أنها مارست ديكتاتورية في مرحلة ما .. أذكر يومها جميع الوجوه التي خرجت .. أذكرها وجها وجها .. وهي التي شكلت لاحقا مجلس الحكم والائتلاف وعلى رأسهم برهان غليون الذي كان يقفز من شاشة الى أخرى ويؤكد أن لديه معلومات يقينية أن العملية من تدبير جهاز الامن السوري ..وظهر ميشيل كيلو والعرعور والمناع وجورج صبرة ومعاذ الخطيب ووو .. والكل مجمع على ان المستفيد الوحيد من التفجير هو النظام القمعي الذي لايريد ان يستسلم لارادة الشعب فعاقبه النظام المجرم الفاشي الأسدي وهدده بهذه التفجيرات التي كانت رسالة تهديد واضحة ..   كنا نسمع أشياء غريبة تضع العقل في الكف من حيث القدرة الاعلامية على تزوير الحقيقة التي ربما كانت قادرة على اقناع الناس أن حمزة عم الرسول قد قتله وحشي بمؤامرة من الرسول الكريم .. وأن معركة أحد مدبرة (وليست بسبب مخالفة المسلمين لتعليمات الرسول) ليتم التخلص بها من عدد من الصحابة .. وجاءتني سيدة عقب ذلك اليوم من التفجيرات وقالت لي انها مرت من تلك المنطقة وكانت هناك حواجز أمنية ولكن مرور الانتحاريين ماكان ليتم لولا تسهيلات هذه الحواجز .. وكأنها تتبنى ماقيل على الشاشات .. النظريات المعكوسة للمنطق والبدهيات كانت طاغية ولاأحد يسمع الا صوت التزوير .. التزوير الذي بدأت به سلسة عمليات رهيبة دموية ومعها تتكاثر ذات النظريات التي أطلقت مع عملتي تفجير مبنيي المخابرات العامة والتي وصل بها الأمر أن اغتيال خلية الأزمة والشهداء الكبار فيها كانت من تدبير النظام للتخلص من معارضة آصف شوكت للحل الأمني وللتخلص منه كشاهد على اغتيال الحريري .. واغتيال الشهيد العلامة البوطي لأنه وفق نفس النظريات والمعلومات اليقينية للثوار والمثقفين كان ينوي الانشقاق عن النظام .. حتى الرسام علي فرزات سقط وصار يبيع أصابعه المتكسرة على الفضائيات والمواقع الاعلامية على انها من ضحايا الحرية والتعبير الحر .. وأن أصابعه تعرضت لما يتعرض له الشعب السوري من قمع وقتل .. وصار بسبب التزوير بتر قضيب حمزة الخطيب رمزا لوحشية النظام وأيقونة للثورة ورمزا لمحاولة قتل الرجولة والتمرد ولولا الحرج لرسمت الثورة قضيب حمزة الخطيب على علم الثورة .. وربما رسم علي فرزات لوحة تجمع بين أصابعه وقضيب حمزة الخطيب وجنجرة القاشوش ..   اليوم هذه الاعترافات لجبهة النصرة لم تلتفت اليها أي شخصية ثورية أو مثقفة رغم أنها يفترض أن تحدث هزة وزلزالا أخلاقيا ومراجعة مع الذات .. ولم تلتفت اليها بالمراجعة أي مؤسسة اعلامية أو شخصية سياسية أصدرت سابقا بيانات الشجب والاحتقار للنظام السوري وتبرأت منه بعد تلك العملية العنيفة وحرضت الشعب عليه واستنكرت سكوت الشعوب العربية على قتل الشعب السوري .. وكأن ماحدث لايستحق المراجعة والاعتذار .. الاعتذار ليس من الدولة أو الرئيس أو النظام أو الشعوب العربية .. بل الاعتذار من الشعب السوري على الأقل الذي خدعه هؤلاء وضللوه وقدموا شهادات وآراء تبين انها طائشة .. والاعتذار من الضحايا الذين تاجر الجميع من السياسيين والثوار والصحفيين والاعلاميين في كل العالم بدمهم .. دون الاستناد الى أي معلومات دقيقة بل الى أمنيات هؤلاء بتورط النظام بالقتل والتفجيرات وكل العمليات القذرة .. وبعضهم كان يسترسل في التحريض وهو على يقين أن العملية ليست من فعل الدولة والأجهزة الأمنية السورية لكنه أقنع نفسه أن الكذب مفسدة صغرى لدرء مفسدة كبرى .. ألا يستحق حتى جمهور الثورة الذي صدق الأخبار ومشى وقاتل باندفاع أن تعتذر منه هذه الشخصيات وتقول له بأنها اذا لم تكذب فانها لم تكن على قدر المسؤولية وتمارس التحليل المنطقي واتبعت أهواءها وأمنياتها وحرضته على دولة كانت بريئة من الدم في ذلك اليوم ؟؟..   هل سيرسم الرسامون كاريكاتريات تسخر من الثورة بعد ظهور هذه الاعترافات؟؟ هل سيعتذر الفنانون والمثقفون الذين تبنوا اتهام الثورة للنظام بأنه قاتل لشعبه وهم يرون أولى الاعترافات وهي ذروة الجبل الجليدي من الفظائع التي ارتكبت باسم النظام .. اتهامات عمياء لايقبلها منطق صدقها السذج والبسطاء وتورطوا في القتال ودفعوا دفعا الى القتل والانتقام ثأرا للضحايا الذين قتلهم رفاقهم المؤمنون..؟؟   نحن لانتوقع أن تعتذر دول الخليج المحتل ووسائلها الاعلامية الرخيصة عن سلوكها التحريضي يومها ونشرها للاتهامات والأكاذيب وتوريطها الشباب السوريين والعرب والمسلمين في التطوع والهجرة للحرب في سورية .. ولكن هل سيعتذر الثوار السوريون الذين أقسموا بالله وعلى كتاب الله على مسؤولية الدولة عن التفجيرات عن تلك الكذبة؟؟ هل سيعتذر برهان غليون وميشيل كيلو على ماقالا يومها ونشراه كاليقين ويقول واحدهم: أنا أخطات وكذبت .. وأعتذر واطلب السماح والغفران؟ هل سيعتذر المؤمنون والاسلاميون الذين يصلّون خمس مرات والذين حلفوا على كتاب الله أن النظام فعلها؟   ومتى سيظهر الرجل الذي كذب في قصة أظافر درعا ويعترف أن الأظافر قصة خرافية ولم تحدث؟؟ ومتى سيظهر قضيب حمزة الخطيب واصابع علي فرزات وحنجرة القاشوش في جيوب الثوار الذين كما كذبوا في التفجيرات سيعترفون أنهم بتروا القضيب من أجل الثورة ,انهم سرقوا أصابع علي فرزات وخبؤوها مع قضيب حمزة الخطيب وحنجرة القاشوش .. وأن النظام كان أصدق منهم وأنه لم يبحث عن أصابع أحد أو أعضاء أحد في هذه الاحداث التي عصفت بالبلاد .. وأنه كان دوما أكثر انسانية منهم وأكثر صدقا .. وأكثر أخلاقا ..   هل سيظهر من يمزق صكوك الغفران للثورة ويعلن الثورة على الثورة ويطلب الغفران؟؟ لاتنتظروا الاجابة .. ثورة بلا أخلاق لن تنتج الا صكوك الغفران .. وأصابع بلا أخلاق .. ونخبة بلا أخلاق .. وثوارا بلا أخلاق .. ليس فيها غاندي ولامارتين لوثير .. بل فيها كيلو وغليون وجربا وشقفة وعرعور .. ومهرج في اتجاه معاكس ..

المصدر : نارام سرجون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة