دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تلقى المواطنون الالمان أخباراً بهيجة مؤخراً! حيث قالت الحكومة الالمانية ان العام 2016 قد يشهد تدفق حوالي مليون لاجئ اضافي الى البلاد لكي ينضموا الى الملايين الموجودين في المانيا حالياً وان الحكومة الالمانية تدرس وبكل جدية امكانية اجراء تعديلات في الدستور والقوانين لكي تتوافق مع الوضع الاجتماعي الجديد بالاضافة لتسهيل وتبسيط عملية منح اللجوء للقادمين الجدد.
قد يصبح الاغتصاب الجماعي من تقاليد عيد الميلاد وعيد الفصح في المانيا, والانفجارات في المقاهي والمتاجر أمراً طبيعياً, اما للذين يحبون المغامرات العنيفة فالشرق الاوسط بانتظاره ويمكنه الانضمام الى صفوف تنظيم داعش خصوصاً بعد تلقي هذا التنظيم الارهابي الكثير من الخسائر بفضل تقدم الجيش السوري بدعم من القوات الجوية والفضائية الروسية.
وكون اوروبا أصبحت مفتوحة ومتسامحة مع اي كان يمكن ان تصبح مكاناً ملائماً لتجنيد وتجهيز الجهاديين من الشباب العاطلين عن العمل الذين قدموا كلاجئين الى دول الاتحاد الاوروبي كالمانيا وغيرها, ولحسن الحظ فالقوانين في روسيا تضمن حماية جيدة للبلد وتمنع حصول أمور مماثلة لما يحصل في أوروبا بسبب قضية اللاجئين, والدور الروسي في سوريا كان مكملاً لجهود الحماية الداخلية الروسية, وهناك أمثلة عديدة على شبان من روسيا الاتحادية تم تجنيدهم وحاربوا في سوريا الى جانب تنظيم داعش الارهابي.
كمثال عن ذلك فالشاب أصلان من مواليد جمهورية الشيشان الروسية والبالغ من العمر 28 عاماً يقضي اليوم حكماً بالسجن على خلفية ادانته عام 2014 بالقتال الى جانب التنظيمات الارهابية في سوريا
وكل شيء بالنسبة لأصلان بدأ ببراءة حيث في عام 2009 قرر أصلان مثل الكثيرين من الشباب بدء حياة جديدة هادئة في اوروبا وذهب الى بلجيكا حيث عاش لمدة أربع سنوات، وبعد ذلك انتقل الى المانيا واستقر في نورمبرغ, ورغم انتهاء مدة تأشيرته للتواجد على الاتحاد الاوروبي لم يعاني أصلان مشاكل تذكر وكثيرا ماكانت الشرطة توقفه لفحص الوثائق ولم يكن أحد ينتبه ان صلاحية التأشيرة انتهت منذ فترة طويلة.
وهذا أمر غير مستغرب في ظل السياسة الأوروبية المتساهلة, وفي المانيا تعرف أصلان عام 2013 على أحد المهاجرين واسمه حمزة, وكان حمزة أحد الاشخاص الذين يقومون بتجنيد الشباب الوافدين بهدف ضمهم الى التنظيمات الارهابية, وأمثال حمزة كثر في أوروبا ويقومون باختراق مراكز ومخيمات اللاجئين ويقصدون الحانات والمطاعم التي يتوافد اليها اللاجئون وكل ذلك بهدف ضمهم الى التنظيمات الارهابية.
كان عملية تجنيد أصلان سهلة جداً,تقريبا في كل لقاء بين حمزة وأصلان كان يتم الحديث عن الوضع في سوريا، حول معاناة السكان المدنيين هناك، ومايفعله الجيش الحكومي هناك من تدمير. وكالعادة يتم دعم هذه القصص عن طريق أشرطة الفيديو التي اتخذت ظاهرياً على الأراضي التي يسيطر عليها الرئيس الأسد مع لقطات من الإعدام الميداني، وجثث القتلى من النساء والأطفال وتدمير المنازل.
"الناس يحتاجون للمساعدة, يجب ان نحمي السكان المدنيين ونحارب الأسد, هذا واجب على كل مسلم" – هكذا كان يردد حمزة لأصلان ولغيره من الشباب هناك.
وأسلوب دغدغة العواطف والمشاعر الدينية هو الأساس في تجنيد الشباب وليس المال كما يعتقد البعض, فالكثير من الشباب الذين تم تجنيدهم من قبل أشخاص مثل حمزة (ان كان هذا اسمه الحقيقي) يقومون حتى بالتخلي عن اموالهم التي تصل الى عدة الاف من الدولارات أو اليورو وانفاقها من اجل الذهاب الى سوريا والقتال هناك.
وكان الطريق الذي اتبعه أصلان للوصول الى سوريا سهلاً ويسلكه العديد من المقاتلين المتطرفين أمثاله حيث ركب الطائرة الى تركيا ثم عبر براً الى الحدود التركية السورية بمساعدة دليل واشترى من تركيا لباس شعبي ثم عبر الحدود مع مجموعة كبيرة من المسلحين الى سوريا وكان معظم مرافقيه من الناطقين بالروسية والشيشان خصوصاً ومن باقي انحاء منطقة القوقاز الروسية, وبحسب أصلان فمعظم الشبان الذين كان برفقتهم أعمارهم لاتتجاوز ال 16 سنة
تم ارسال أصلان في بداية الامر الى احد فصائل تنظيم جبهة النصرة الارهابية التي تتكون من حوالي ألف مسلح وجميعهم من المرتزقة الأجانب وبحسب أصلان كان هناك عرب وصينيون وحوالي 500 شخص يتكلمون الروسية, تم ارسال أصلان مع مجموعة المبتدئين الى معسكرات خاصة لتعلم أطلاق النار وتجهيز المتفجرات.
- كان السلاح بمعظمه من قطر والسعودية وكانت حركة المركبات وشحنات نقل الأسلحة في عام 2013 سهلة وبدون عوائق عبر الحدود التركية السورية – قال أصلان.
وكانت هذه القوافل محمية بشكل جيد ولايمكن حتى للمقاتلين الشباب الجدد أن يعلموا بامرها أو محتوى القوافل وان حاول أصلان أو غيره السؤال عنها فهذا سيثير حوله الشكوك.
وبحسب أصلان كثيراً ماكان المقاتلون يتنكرون كلاجئين ويذهبوا الى أوروبا كنوع من العطلة أو الاستراحة بعد المعارك ثم يمكن أن يعودوا مرة أخرى عبر نفس الطريق الى القتال مجدداً في سوريا.
اليوم القوات الحكومية السورية تقترب من اغلاق الحدود التركية السورية بشكل كامل الامر الذي سيؤدي لتوقف كل هذه الطرق من الامدادات والتنقل الحر للمسلحين من والى سوريا, ولهذا تتخذ حكومة رجب طيب أردوغان مؤخراً اجراءات عنيفة وتدابير متطرفة مثل قصف المناطق السورية عبر الحدود ومحاولة قمع الاكراد في الشمال ودعم الجماعات الجهادية المتبقية بشتى السبل, فحلم الامبراطورية العثمانية مهدد بالسقوط ناهيكم عن الاموال التي كان يكسبها اردوغان من تجارة النفط المهرب من سوريا.
ولعل اسقاط تركيا للطائرة الروسية دليل على مدى توتر وتخبط حكومة اردوغان وغضبه من تطور مسار الأمور في سوريا بعد الدخول الروسي العسكري اليها.
اما أصلان فبحسب قوله فقد شعر بخيبة أمل كبيرة بعد ثلاثة أشهر من قتاله الى جانب التنظيمات الارهابية فقد رأى قرى كاملة واقعة تحت سيطرة تنظيم داعش وغيره من المنظمات الارهابية يعاني سكانها الجوع والخوف
- هناك قرية لايملك سكانها حتى الخبز ليأكلوه وكان فيها حوالي 600 شخص يعانون من قمع تنظيم داعش وكثيراً منهم قتل رمياً بالرصاص من قبل المسلحين – يقول أصلان
وكانت مشاهدات أصلان تشكل لديه تساؤلات كبيرة ومهمة حول حقيقة مايجري في سوريا لكنه لم يكن يجد اي أجوبة وتفسيرات منطقية من قبل القادة في التنظيمات أو زملائه من المسلحين, وبدأ أصلان يشكك في مدى توافق مايحصل من ممارسات مع الشريعة الاسلامية والاسلام الحقيقي فهو قد رأي الكثير من الممارسات البعيدة كل البعد عن جوهر الاسلام والتي يقوم بها اتباع تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها, ويقول أصلان انه تولى مهمة الحراسة ولم يشارك في أعمال قتالية هجومية ولم تكن تصله الرواتب التي كان يعده بها المسؤولون هناك كما ان أمواله التي جمعها والمقدرة ب 19 الف يورو قد استنفذت خلال خمسة أشهر, ولحسن حظ أصلان فعندما واجه قائده بالامر وقال أنه يريد ترك الجماعة والعودة الى بلده لم يقمعه المتشددون هناك كما يحص بالعادة بل وحتى أعطوه اموالاً للرحلة.
عبر أصلان الحدود مجدداً لكن هذه المرة عائداً الى تركيا لكن القت السلطات التركية القبض عليه بعد ان علمت انه لايملك أسس قانونية للبقاء في البلد وتم ترحيله الى روسيا.
وفي الشيشان أقنعه والده أن يسلم نفسه للسلطات القانونية من أجل تجنب المشاكل لاحقاً, وفي أواخر عام 2014، أدين أصلان بموجب المادة 208 من القانون الجنائي (المشاركة في جماعة مسلحة غير شرعية) وحكم عليه بالسجن.
وهو يقضي فترة قليلة نسبياً نظراً لتهمته وينتظره الاهل والزوجة والابناء عندما يخرج من السجن قريباً ويقول أصلان انه سيجد عملاً جيداً عندما يخرج ويعود الى حياته الطبيعية والتي حتماً لن تكون سوريا جزءاً منها.
الآن جمهورية الشيشان وغيرها من مناطق القوقاز، يعيش فيها العديد من الأعضاء السابقين في الجماعات المسلحة غير المشروعة بعد أن خدموا فترة العقاب والتكفير عن الذنب، وهم اليوم يقومون بالعمل مع الشباب لتوعيتهم عن مخاطر الجماعات الإسلامية المتطرفة، ويحدثونهم عن الجرائم التي تقوم بها هذه الجماعات تحت ستار انقاذ المظلومين في سوريا والعراق وغيرها من الدول, وربما تكون تجربة أصلان عبرة جيدة لكل الشباب الذين قد يخطر ببالهم القيام بهكذا رحلة الى سوريا لكي يفكروا مجدداً ويمتنعوا عن ذلك.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة