لم يعد صراع البقاء على الحياة مشكلة السوريين، بل ما بعد هذه الحياة وأين يدفنون مواتهم، خاصة مع الأرقام المرتفعة سواء الذين قضوا حتفهم غرقاً أو لسوء تغذية أو اختناقاً بالمواد السامة التي يحرقونها كي يحصلوا على التدفئة.

أما الذين دخلوا دول الجوار، لاسيما لبنان، فيعانون من أمور جمّة أهمها عدم وجود مقابر تحتضن جثامينهم.

"في هذا البلد الصغير بالنسبة لسكانه لا يوجد فيه أماكن لدفن الموتى من السوريين"، هذا ما يؤكده المسؤول عن ملف النازحين في دار الإفتاء في البقاع الشيخ وسام عنوز.

عنوز قال لـ"هافينغتون بوست عربي" إنه "لم يتم رسمياً إحصاء عدد الوفيات بين النازحين، لكن لابد من الكشف عن أن لا مكان خاصاً لإيواء جثامين المتوفين".

وأوضح أن الدار تقوم بواجباتها أمام حرمة الموت، وتستقبل جبّانة كل بلدة في البقاع المتوفين إلى جانب اللبنانيين، لكن أعداد الوفيات آخذة في التزايد ولابد من إيجاد حلول عبر تدخّل منظمات إنسانية لتنظيم الأمر.

 

وجدت أمواتاً أمام الدار!

 

lبأسفٍ يشير عنوز إلى أمر حصل معه 3 مرات، إذ حضر سوريون ورموا جثث 3 موتى أمام دار الإفتاء في البقاع كي يتصرف المعنيون بها؛ لأنهم لم يجدوا مكاناً لدفنها!

 

ولكن الحلول المؤقتة موجودة، يقول الشيخ الذي عدّد المقابر التي تستقبل السوريين، مثل: "الجراحية" في خراج المرج، مقبرة برالياس، مقبرة مجدل عنجر، مقبرة العمرية وفي الفاعور.

وأضاف أن مواطناً قدّم بيتاً مساحته أكثر من دلم عند طلعة التويتي، وخصّصه لدفن السوريين، موضحاً أن أهالي البقاع يرحّبون بالنازحين، ومعظم القرى تستقبل الجثامين إلى جانب اللبنانيين، لكن المسألة هي عدم وجود مساحات كافية.

 

 

 

وأكد أن الأمر ليس مادياً، وأن الجمعيات التي جهزت بعض قبور السوريين لم تأخذ مقابلاً سوى بدل تجهيز القبر، فلم يشتري السوريون قبوراً بل قُدّمت لهم بشكل مجاني.

 

ماذا عن الجنوب والشمال؟

 

في الجنوب الحال نفسه، كما يوضح الشيخ وسام عنوز، حيث أُخبر بأن لاجئاً في مخيم إبل السقي الحدودي توفي مؤخراً ودُفن في مقبرة الخيام.

 

أمّا عن الشمال، فيقول الشيخ ماجد الدرويش من دار إفتاء طرابلس لـ"هافينغتون بوست عربي"، إنه يتم استقبال جثامين السوريين في "مقبرة الغرباء"، التي يُدفن فيها أهل طرابلس.

 

وبما أن "مشتى حسن" هي من أقرب القرى في قضاء عكار إلى الحدود السورية في الشمال، والتي يتكرر اسمها في نشرات الأخبار بسبب سقوط قذائف عليها مصدرها الداخل السوري، أوضح رئيس بلديتها حمزة الأحمد عن الوفيات، فقال: "خلال عام 2015 توفي 3 نازحين في القرية، وتمّ دفنهم إلى جانب اللبنانيين".

 

وأشارت مصادر "هافينغتون بوست عربي" إلى أن لجنة تضم أساتذة وعلماء دين تسعى لإيجاد حلول دائمة لدفن السوريين في الشمال، كما قالت المصادر إن جمعية إنسانية تبحث في قضاء عكّار عن عقار لتخصيصه لدفن النازحين.

 

يُذكر أن عدد النازحين إلى دول الجوار في التقرير الأخير الصادر عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، قد بلغ 4786412 سورياً، بينهم 1067785 في لبنان وحده، فيما يتوزع الباقون على مصر (118512)، والأردن (637859)، والعراق (245543) وتركيا (2688686).

 

وعن أبرز أسباب الوفاة، يقول المسؤولون عن ملفات النازحين إن العدد الأكبر من الموتى هو من كبار السن، فيما توفي البعض باندلاع حرائق وحوادث صدم على الطرقات، والتعرض لصعقة كهربائية، وبعضهم توفي خلال العواصف الثلجية التي ضربت لبنان، لكن يصعب على أهالي "الفقيد" إيجاد قبر يضمّه في مثواه الأخير.أوضاع السوريين الصعبة حتى في وفاتهم تذكِّر بقصة أحمد ألتان، وهو إمام أحد المساجد التركية، الذي نشرت "هافينغتون بوست عربي" تقريراً عنه مطلع العام الجاري، حيث ظهر يبكي وهو يصلي على جثامين "الهاربين من الموت" قبل دفنهم، هم الذين رماهم البحر في نهاية رحلتهم على الشواطئ، فيما رمي أخوانهم في مناطق أخرى، يقتاتون خبز الموت يوماً بعد يوم

 

  • فريق ماسة
  • 2016-03-10
  • 9130
  • من الأرشيف

لا قبور في لبنان.. السوريون يضعون جثث موتاهم أمام دار الفتوى

لم يعد صراع البقاء على الحياة مشكلة السوريين، بل ما بعد هذه الحياة وأين يدفنون مواتهم، خاصة مع الأرقام المرتفعة سواء الذين قضوا حتفهم غرقاً أو لسوء تغذية أو اختناقاً بالمواد السامة التي يحرقونها كي يحصلوا على التدفئة. أما الذين دخلوا دول الجوار، لاسيما لبنان، فيعانون من أمور جمّة أهمها عدم وجود مقابر تحتضن جثامينهم. "في هذا البلد الصغير بالنسبة لسكانه لا يوجد فيه أماكن لدفن الموتى من السوريين"، هذا ما يؤكده المسؤول عن ملف النازحين في دار الإفتاء في البقاع الشيخ وسام عنوز. عنوز قال لـ"هافينغتون بوست عربي" إنه "لم يتم رسمياً إحصاء عدد الوفيات بين النازحين، لكن لابد من الكشف عن أن لا مكان خاصاً لإيواء جثامين المتوفين". وأوضح أن الدار تقوم بواجباتها أمام حرمة الموت، وتستقبل جبّانة كل بلدة في البقاع المتوفين إلى جانب اللبنانيين، لكن أعداد الوفيات آخذة في التزايد ولابد من إيجاد حلول عبر تدخّل منظمات إنسانية لتنظيم الأمر.   وجدت أمواتاً أمام الدار!   lبأسفٍ يشير عنوز إلى أمر حصل معه 3 مرات، إذ حضر سوريون ورموا جثث 3 موتى أمام دار الإفتاء في البقاع كي يتصرف المعنيون بها؛ لأنهم لم يجدوا مكاناً لدفنها!   ولكن الحلول المؤقتة موجودة، يقول الشيخ الذي عدّد المقابر التي تستقبل السوريين، مثل: "الجراحية" في خراج المرج، مقبرة برالياس، مقبرة مجدل عنجر، مقبرة العمرية وفي الفاعور. وأضاف أن مواطناً قدّم بيتاً مساحته أكثر من دلم عند طلعة التويتي، وخصّصه لدفن السوريين، موضحاً أن أهالي البقاع يرحّبون بالنازحين، ومعظم القرى تستقبل الجثامين إلى جانب اللبنانيين، لكن المسألة هي عدم وجود مساحات كافية.       وأكد أن الأمر ليس مادياً، وأن الجمعيات التي جهزت بعض قبور السوريين لم تأخذ مقابلاً سوى بدل تجهيز القبر، فلم يشتري السوريون قبوراً بل قُدّمت لهم بشكل مجاني.   ماذا عن الجنوب والشمال؟   في الجنوب الحال نفسه، كما يوضح الشيخ وسام عنوز، حيث أُخبر بأن لاجئاً في مخيم إبل السقي الحدودي توفي مؤخراً ودُفن في مقبرة الخيام.   أمّا عن الشمال، فيقول الشيخ ماجد الدرويش من دار إفتاء طرابلس لـ"هافينغتون بوست عربي"، إنه يتم استقبال جثامين السوريين في "مقبرة الغرباء"، التي يُدفن فيها أهل طرابلس.   وبما أن "مشتى حسن" هي من أقرب القرى في قضاء عكار إلى الحدود السورية في الشمال، والتي يتكرر اسمها في نشرات الأخبار بسبب سقوط قذائف عليها مصدرها الداخل السوري، أوضح رئيس بلديتها حمزة الأحمد عن الوفيات، فقال: "خلال عام 2015 توفي 3 نازحين في القرية، وتمّ دفنهم إلى جانب اللبنانيين".   وأشارت مصادر "هافينغتون بوست عربي" إلى أن لجنة تضم أساتذة وعلماء دين تسعى لإيجاد حلول دائمة لدفن السوريين في الشمال، كما قالت المصادر إن جمعية إنسانية تبحث في قضاء عكّار عن عقار لتخصيصه لدفن النازحين.   يُذكر أن عدد النازحين إلى دول الجوار في التقرير الأخير الصادر عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، قد بلغ 4786412 سورياً، بينهم 1067785 في لبنان وحده، فيما يتوزع الباقون على مصر (118512)، والأردن (637859)، والعراق (245543) وتركيا (2688686).   وعن أبرز أسباب الوفاة، يقول المسؤولون عن ملفات النازحين إن العدد الأكبر من الموتى هو من كبار السن، فيما توفي البعض باندلاع حرائق وحوادث صدم على الطرقات، والتعرض لصعقة كهربائية، وبعضهم توفي خلال العواصف الثلجية التي ضربت لبنان، لكن يصعب على أهالي "الفقيد" إيجاد قبر يضمّه في مثواه الأخير.أوضاع السوريين الصعبة حتى في وفاتهم تذكِّر بقصة أحمد ألتان، وهو إمام أحد المساجد التركية، الذي نشرت "هافينغتون بوست عربي" تقريراً عنه مطلع العام الجاري، حيث ظهر يبكي وهو يصلي على جثامين "الهاربين من الموت" قبل دفنهم، هم الذين رماهم البحر في نهاية رحلتهم على الشواطئ، فيما رمي أخوانهم في مناطق أخرى، يقتاتون خبز الموت يوماً بعد يوم  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة