دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس 10 مارس/ آذار، برفقة الملك سلمان بن عبد العزيز، وعدد من الزعماء العرب، ختام مناورات "رعد الشمال" في السعودية
وأكدت الرئاسة المصرية، على لسان المتحدث الرسمي باسمها علاء يوسف، أن حرص مصر على المشاركة في مناورات "رعد الشمال" جاء في إطار دورها لتعزيز أمن المنطقة العربية ومنطقة الخليج العربي، الذي تعُدُّه مصر جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي، والتزاماً بتعزيز روح التعاون الإيجابية البناءة بين الدول العربية في هذه المرحلة الدقيقة، التي يمر بها عدد من الدول العربية، والتي تستدعي تحقيق وحدة الصف والتضامن العربي.
وتعكس المشاركة المصرية سعيها الحثيث لتشكيل القوة العربية المشتركة، التي عطلتها الرياض فعليا حتى الآن، على أمل أن تكون نواة لقوات تتحرك لتحقيق مهمات داخل منطقة مضطربة، بقيت مصر حتى اللحظة منها استثناء، بينما تسعى قوى غربية للدفع بالخليج العربي في اتجاه حرب طائفية بين أحد أطرافها بزعامة سعودية-خليجية-تركية، والآخر بقيادة إيرانية قد تنجر إليها سوريا والعراق ولبنان.
وعلى الرغم من عدم اتفاق مصر مع كثير من وجهات نظر قادة الخليج في قضايا مختلفة، بشكل واضح، ومن بينها الملف السوري، حيث يريد بعضهم حل الأزمة السورية عسكريا، بينما ترى مصر، بتنسيق كامل مع روسيا، وقوى كبرى في العالم، أن الحل يجب أن يكون سياسيا، وأن الشعب السوري هو من سيحدد مصيره، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة هناك.
ومن الواضح أن الملف السوري لا يمثل الخلاف الوحيد مع دول الخليج، إذ لا تتفق القاهرة معها أيضا بشأن الملف الليبي، حيث تساند مصر الجيش ومؤسسات الدولة الليبية، بينما تهمل دول الخليج هذا الملف، باستثناء قطر، التي تخدم الأجندتين التركية والغربية في ليبيا، وفق مراقبين.
وعلى الرغم من ذلك كله، فإن القاهرة لا تريد أن تخسر الخليج، وتحديداً السعودية، ولذا تحافظ معها على "شعرة معاوية"، وخاصة فيما يتعلق برؤيتها المختلفة، والأكثر شمولا لملفات الإرهاب، التي تحيط بالمنطقة العربية من كل جانب، وهو الأمر، الذي سيكون محل نقاش في جلسة مباحثات، تجمع الرئيس السيسي بالملك سلمان.
ولا شك في أن مصر محطة حاسمة في كثير من ملفات الشرق الأوسط، وهذا ما يبدو واضحا عبر تنسيق دول عظمى معها في الملفين الأخطر الآن على الطاولة الدولية. ففي سوريا يظهر تقارب مصري-روسي بشأن مكافحة الإرهاب، وسبل حل الملف السوري سياسيا، وهي الرؤية، التي تدعم الحل السياسي، وتؤمن بضرورة القضاء على الإرهاب في كل أرجاء العالم باستراتيجية موحدة ومشتركة.
أما في ليبيا، فهناك تنسيق مع روسيا، وهو الأمر، الذي كان محورا لمحادثات هاتفية أجريت بين الرئيسين المصري والروسي، حيث أكد فلاديمير بوتين، وفق بيان للكرملين، أن الالتزام بشروط الهدنة يعدُّ العامل الرئيس لتطبيع الوضع الداخلي في سوريا، وتحسين الظروف الإنسانية، بينما أيد السيسي إطلاق عملية سياسية لتسوية الأزمة السورية، تحت رعاية الأمم المتحدة، في أقرب وقت ممكن. وقد اتفق الرئيسان على مواصلة التعاون الوثيق في إطار المجموعة الدولية لدعم سوريا، كذلك شدد الطرفان على ضرورة مواصلة الحرب بصورة فعالة ضد الإرهاب الدولي، ليس في سوريا فحسب، بل وفي ليبيا واليمن أيضاً.
وقد أعقبت المكالمة الرئاسية، التي جرت منذ يومين، محادثات هاتفية بين وزيري الخارجية المصري والروسي أمس الثلاثاء 8 مارس/ آذار، حيث أعرب الجانبان عن ارتياحهما للتقدم في سير تنفيذ الاتفاقات بشأن الهدنة، مع تشديدهما على ضرورة إطلاق الحوار سريعا بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف برعاية أممية، وكذلك على تبادل وجهات النظر حول سبل المساعدة في تسوية الأزمة الليبية والصراع في اليمن.
الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء حسام سويلم، رأى أن لمشاركة الرئيس السيسي، في ختام فعاليات "رعد الشمال" - أكبر مناورات العرب – دلالات، أهمها: تكذيب كل ما روج له الإعلام في الفترة السابقة عن خلافات بين القيادتين المصرية والسعودية، والتمهيد لزيارة الملك سلمان إلى مصر في أبريل/نيسان المقبل، ودعم السعودية في مواجهة التدخلات الإيرانية، وتأكيد التزام مصر بالمسؤولية تجاه الأمن القومي العربي والخليجي.
وختاما، إن القاهرة التي تجمعها علاقات استراتيجية بالخليج وموسكو وعدد من القوى المؤثرة عالمياً، والتي تحسم في إطارها كثيرا من الملفات الساخنة، تحافظ على صلات قوية بالخليج، من دون التأثير على توجهاتها ورؤاها فيما يرتبط بمحاربة الإرهاب، والحفاظ على الأمن القومي العربي.
المصدر :
إيهاب نافع
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة