يُخيل للمتابع لتصريحات المسؤولين الأوروبيين والأتراك أن بلدانهم ستنهار اقتصادياً بعد أن وطأت قدم أول لاجئ سوري في تركيا، كيف لا والتصريحات لا تذكر إلا الجانب السلبي من اللجوء، وتتجاهل إيجابياته، فرغم كل ما تسوقه الحكومات الأوروبية والتركية عن مشاكل تدفق اللاجئين إلى أراضيها، إلا أنها الرابح الوحيد من هذه المعاناة وهو الحال بالنسبة للحاضن الأول لاستقبالهم تركيا، ومن ثم بلد آمالهم الرغيدة ألمانيا.

 

ففي تركيا عدا عن الأوراق التي ساومت عليها السلطات ونجحت باستغلال الأوربيين وآخذ مبالغ من ضرائب مواطنيهم لإغلاق الباب الذي فتحته وأغرق بلدانهم باللاجئين، فإن العديد من المستثمرين السوريين وصلوا إلى تركيا وساهموا من خلال فتح شركاتهم الخاصة بدعم اقتصادها، إضافة إلى قطاع العقارات الذي كان له النصيب الأكبر من أموال اللاجئين باستئجار الشقق، إضافة إلى توفر اليد العاملة السورية في هذا البلد بأجر زهيد مقابل نظيره التركي.

 

وبحسب مسؤولين اقتصاديين وحكوميين أتراك فإن اللاجئين أحد أول أسباب الارتفاع المفاجئ في النمو خلال الربع الثالث من 2015 مرجحين ازدهار معدلات نمو قوية في 2016.

 

 

 

وفي ألمانيا لن يختلف الأمر كثيراً عن تركيا، ابتداء من الشركات الألمانية الخاصة والأجنبية التي تدير مراكز إيواء اللاجئين والتي تجني أرباحا طائلة رغم الفضائح التي هزت بعضها لسوء المعاملة، مروراً بوفرة الأيدي العاملة، والذي تعاني منها ألمانيا منذ عقود، وصولاً إلى قطاع العقارات الألماني.

ورغم ما تنفقه ألمانيا على اللاجئين ومحاولات انخراطهم بسوق العمل إلا أن خبراءها الاقتصاديين يؤكدون أنها خطة محكمة لانعاش الاقتصاد، والذي ستظهر نتائجه على المدى الطويل، وهو ما سبق وأكده رئيس البنك المركزي الالماني في تصريح له مفاده أن الهجرة تشكل فرصة للتعويض عن نقص اليد العاملة في ألمانيا، مضيفاً أن “هذه الهجرة تؤمن أيضاً فرصاً أكبر إذا تمكنا من استيعاب هؤلاء الاشخاص في المجتمع وفي سوق العمل”.

من جانبه نشر المعهد الألماني للابحاث الاقتصادية تقديرات لعدد الواصلين الى سوق العمل بيّنت أنه من أصل 800 الف وصلوا بـ2015 سيكون 50 ألفاً متوفرين في سوق العمل خلال فترة وجيزة.

واستنادا الى عدد مماثل من طالبي اللجوء بـ2016، توصل المعهد الى نتيجة تفيد أن 160 الف من القوى الحية ستتوفر في سوق العمل في 2016، وأكد فيشتنر أن هذه الارقام “يمكن لسوق العمل ان يمتصها بسهولة”.

أما بالنسبة لقطاع البناء والذي يشكل 4% من الناتج المحلي الإجمالي كما أنه قطاع توظيف كبير حيث يتجاوز عدد العاملين فيه 2.5 مليون شخص في أكثر من 300 ألف شركة، فقد اذهر بوصول اللاجئين وبدأ الطلب يتزايد في سوق العقارات على التوسع في المنازل منخفضة التكلفة التي تبنيها شركات مثل باوير هولزيستيما في نويكيرش.

 

وتظهر بيانات مكتب الإحصاء أنه من يناير كانون الثاني إلى سبتمبر أيلول 2015 غطت موافقات البناء الممنوحة نحو 223 ألف شقة حيث تعد الشقق نوع السكن الأساسي في المدن الألمانية.

 

ويمثل هذا زيادة بنسبة 5% عن الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي. ومن المتوقع أن يصل الرقم هذا العام إلى ما يقرب من 300 ألف شقة لكن هذا مازال غير كاف للتكيف مع حجم النمو الحضري.

 

ولتجنب النقص في عدد المنازل -وبخاصة في المدن الكبرى مثل برلين وهامبورج وميونيخ حيث يزيد عدد السكان بوتيرة أسرع- هناك حاجة الآن لبناء 400 ألف شقة كل سنة بحسب تقديرات خبراء القطاع، ومع تجاوز الطلب حجم المعروض يقول بعض خبراء الاقتصاد إن السوق بدأ  يشهد زيادة تدريجية في الأسعار.

 

هذا إذا ما حصرنا تقريرنا في بعض النقاط متجاهلين قطاعات الطبابة والغذاء والنقل وغيرها من مستلزمات الحياة، التي بدورها ستنال نصيبها من توافد اللاجئين وانخراطهم المحتم في سوق العمل.

 

فهل نقمة اللاجئين أضرت اقتصاد هذه الدول لهذا الحد؟

 

  • فريق ماسة
  • 2016-03-09
  • 11528
  • من الأرشيف

اللاجئون.. نقمة أم نعمة للاقتصاد التركي والألماني؟

يُخيل للمتابع لتصريحات المسؤولين الأوروبيين والأتراك أن بلدانهم ستنهار اقتصادياً بعد أن وطأت قدم أول لاجئ سوري في تركيا، كيف لا والتصريحات لا تذكر إلا الجانب السلبي من اللجوء، وتتجاهل إيجابياته، فرغم كل ما تسوقه الحكومات الأوروبية والتركية عن مشاكل تدفق اللاجئين إلى أراضيها، إلا أنها الرابح الوحيد من هذه المعاناة وهو الحال بالنسبة للحاضن الأول لاستقبالهم تركيا، ومن ثم بلد آمالهم الرغيدة ألمانيا.   ففي تركيا عدا عن الأوراق التي ساومت عليها السلطات ونجحت باستغلال الأوربيين وآخذ مبالغ من ضرائب مواطنيهم لإغلاق الباب الذي فتحته وأغرق بلدانهم باللاجئين، فإن العديد من المستثمرين السوريين وصلوا إلى تركيا وساهموا من خلال فتح شركاتهم الخاصة بدعم اقتصادها، إضافة إلى قطاع العقارات الذي كان له النصيب الأكبر من أموال اللاجئين باستئجار الشقق، إضافة إلى توفر اليد العاملة السورية في هذا البلد بأجر زهيد مقابل نظيره التركي.   وبحسب مسؤولين اقتصاديين وحكوميين أتراك فإن اللاجئين أحد أول أسباب الارتفاع المفاجئ في النمو خلال الربع الثالث من 2015 مرجحين ازدهار معدلات نمو قوية في 2016.       وفي ألمانيا لن يختلف الأمر كثيراً عن تركيا، ابتداء من الشركات الألمانية الخاصة والأجنبية التي تدير مراكز إيواء اللاجئين والتي تجني أرباحا طائلة رغم الفضائح التي هزت بعضها لسوء المعاملة، مروراً بوفرة الأيدي العاملة، والذي تعاني منها ألمانيا منذ عقود، وصولاً إلى قطاع العقارات الألماني. ورغم ما تنفقه ألمانيا على اللاجئين ومحاولات انخراطهم بسوق العمل إلا أن خبراءها الاقتصاديين يؤكدون أنها خطة محكمة لانعاش الاقتصاد، والذي ستظهر نتائجه على المدى الطويل، وهو ما سبق وأكده رئيس البنك المركزي الالماني في تصريح له مفاده أن الهجرة تشكل فرصة للتعويض عن نقص اليد العاملة في ألمانيا، مضيفاً أن “هذه الهجرة تؤمن أيضاً فرصاً أكبر إذا تمكنا من استيعاب هؤلاء الاشخاص في المجتمع وفي سوق العمل”. من جانبه نشر المعهد الألماني للابحاث الاقتصادية تقديرات لعدد الواصلين الى سوق العمل بيّنت أنه من أصل 800 الف وصلوا بـ2015 سيكون 50 ألفاً متوفرين في سوق العمل خلال فترة وجيزة. واستنادا الى عدد مماثل من طالبي اللجوء بـ2016، توصل المعهد الى نتيجة تفيد أن 160 الف من القوى الحية ستتوفر في سوق العمل في 2016، وأكد فيشتنر أن هذه الارقام “يمكن لسوق العمل ان يمتصها بسهولة”. أما بالنسبة لقطاع البناء والذي يشكل 4% من الناتج المحلي الإجمالي كما أنه قطاع توظيف كبير حيث يتجاوز عدد العاملين فيه 2.5 مليون شخص في أكثر من 300 ألف شركة، فقد اذهر بوصول اللاجئين وبدأ الطلب يتزايد في سوق العقارات على التوسع في المنازل منخفضة التكلفة التي تبنيها شركات مثل باوير هولزيستيما في نويكيرش.   وتظهر بيانات مكتب الإحصاء أنه من يناير كانون الثاني إلى سبتمبر أيلول 2015 غطت موافقات البناء الممنوحة نحو 223 ألف شقة حيث تعد الشقق نوع السكن الأساسي في المدن الألمانية.   ويمثل هذا زيادة بنسبة 5% عن الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي. ومن المتوقع أن يصل الرقم هذا العام إلى ما يقرب من 300 ألف شقة لكن هذا مازال غير كاف للتكيف مع حجم النمو الحضري.   ولتجنب النقص في عدد المنازل -وبخاصة في المدن الكبرى مثل برلين وهامبورج وميونيخ حيث يزيد عدد السكان بوتيرة أسرع- هناك حاجة الآن لبناء 400 ألف شقة كل سنة بحسب تقديرات خبراء القطاع، ومع تجاوز الطلب حجم المعروض يقول بعض خبراء الاقتصاد إن السوق بدأ  يشهد زيادة تدريجية في الأسعار.   هذا إذا ما حصرنا تقريرنا في بعض النقاط متجاهلين قطاعات الطبابة والغذاء والنقل وغيرها من مستلزمات الحياة، التي بدورها ستنال نصيبها من توافد اللاجئين وانخراطهم المحتم في سوق العمل.   فهل نقمة اللاجئين أضرت اقتصاد هذه الدول لهذا الحد؟  

المصدر : أروى شبيب/ وكالة أنباء آسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة