تعرّضت «جبهة ثوار سوريا» إلى ضربة قوية أمس، مع مقتل قائدها العام في الجنوب، وسط اتهامات مفتوحة بحكم العلاقة السلبية للفصيل مع المجموعات المسلحة الأخرى، لا سيما «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش».

وهزّ انفجار سيارة بلدة العشة في القنيطرة قرب الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتلّ، ليطال مقراً تابعاً لـ«جبهة ثوار سوريا»، تبعه انفجار آخر أسفر عن مقتل أكثر من 25 شخصاً، أبرزهم القائد العام لـ «جبهة ثوار سوريا» في الجنوب محمد القعيري، المعروف باسم أبو حمزة النعيمي، وعدد من قيادات الفصيل، وذلك خلال اجتماع في المقرّ، لتنطلق سلسلة اتهامات من أنصار «الجبهة» إلى كل من «جبهة النصرة» و «داعش».

وتكتسب العملية الأخيرة أهمية لعوامل عدة، فالتفجير وقع في بلدة العشة القريبة من الرفيد، عند آخر نقاط التماس بين الأراضي السورية والجولان المحتل. وكثيراً ما شهدت المنطقة اجتماعات لنقل معدات أو جرحى المجموعات المسلحة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بل إن مستودعات للأسلحة تنتشر في الرفيد، حيث يتم التنسيق للعمليات في المناطق المحررة من الجولان وامتدادها لريف درعا الغربي. ويحمل التفجير رسالة أن المنطقة التي أريد بها أن تكون بداية «منطقة آمنة» لم تعُد كذلك، وأنها باتت مخترقة من قبل فصائل أخرى، بمن فيهم «داعش».

ويعتبر أبو حمزة النعيمي حديث العهد في «جبهة ثوار سوريا» بعد أن تسلم قيادتها قبل أشهر، خلفاً لأبي أسامة الجولاني الذي تعرّض في مثل هذا الوقت منذ عام، وفي منطقة قريبة بدورها من الشريط الحدودي إلى محاولة اغتيال نفّذها الطيران الحربي للجيش السوري وتردد حينها أن الجولاني قد نقل إلى مستشفى في الأردن لعلاجه.

وبرز اسم النعيمي في «الجيش الأول»، وهو التشكيل العسكري الذي ضم إلى جانب «ثوار سوريا» عدداً من ألوية «الجيش الحر»، وأعلن عنه قبل عام ونصف العام ضمن خطة لإعادة هيكلة الفصائل الجنوبية، قبل أن ينفرط عقده بعد سيطرة «الحر» و«النصرة» على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، ليتراجع اسم النعيمي قبل أن يعود ويتولى قيادة «الجبهة» مجدداً.

ومن اللافت حديث ناشطين في الجنوب عن علاقته القوية بجمال معروف، قائد الفصيل ذاته في الشمال، بل يتردّد أنه قد أدى دوراً أكثر من معروف بتكوين صفوف «الجبهة» في الجنوب وتسويقها أردنياً وسعودياً للحصول على صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات، وهو ما حصل بالفعل قبل عامين.

ويتّهم عددٌ من النشطاء «جبهة النصرة» بالوقوف خلف التفجير، معتبرين أنها تريد بعث رسائل بشأن استعادة نفوذها في الريف الحوراني وامتداده للجولان، مع محاولة إضعاف أحد ألد أعدائها في المنطقة، خاصة أنها تتعرض لانتكاسات كبيرة في الشمال على يد شريك النعيمي في «قوات سوريا الديموقراطية»، ما يعطيها دافعاً للانتقام في جبهة هشّة كالجنوب. ورغم أن التصريحات من قيادات «النصرة» عن استيائهم من «ثوار سوريا» الجنوبيين تكاد تكون معدومة، إلا أن التفجير يحمل بوضوح بصمات «النصرة» أو «داعش» التي فشلت في التقدم أكثر من مرة في جبال اللجاة ضمن ريف درعا الشرقي قبل سنتين، وأحبط النعيمي يومها في «الجيش الأول» هذه المحاولات. ولعل احتمال تبنّي «داعش» لمثل هذه العملية سيحمل الكثير من التحديات للجنوب السوري، ذلك أنها المرة الأولى التي يبادر فيها عناصر أبو بكر البغدادي للهجوم على أعدائهم، فيما اكتفوا في الفترة الماضية بالدفاع عبر «لواء شهداء اليرموك» في الريف الغربي لدرعا.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2016-03-02
  • 7862
  • من الأرشيف

القنيطرة: انفجار يقتل قائد «ثوار سوريا»

تعرّضت «جبهة ثوار سوريا» إلى ضربة قوية أمس، مع مقتل قائدها العام في الجنوب، وسط اتهامات مفتوحة بحكم العلاقة السلبية للفصيل مع المجموعات المسلحة الأخرى، لا سيما «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش». وهزّ انفجار سيارة بلدة العشة في القنيطرة قرب الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتلّ، ليطال مقراً تابعاً لـ«جبهة ثوار سوريا»، تبعه انفجار آخر أسفر عن مقتل أكثر من 25 شخصاً، أبرزهم القائد العام لـ «جبهة ثوار سوريا» في الجنوب محمد القعيري، المعروف باسم أبو حمزة النعيمي، وعدد من قيادات الفصيل، وذلك خلال اجتماع في المقرّ، لتنطلق سلسلة اتهامات من أنصار «الجبهة» إلى كل من «جبهة النصرة» و «داعش». وتكتسب العملية الأخيرة أهمية لعوامل عدة، فالتفجير وقع في بلدة العشة القريبة من الرفيد، عند آخر نقاط التماس بين الأراضي السورية والجولان المحتل. وكثيراً ما شهدت المنطقة اجتماعات لنقل معدات أو جرحى المجموعات المسلحة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بل إن مستودعات للأسلحة تنتشر في الرفيد، حيث يتم التنسيق للعمليات في المناطق المحررة من الجولان وامتدادها لريف درعا الغربي. ويحمل التفجير رسالة أن المنطقة التي أريد بها أن تكون بداية «منطقة آمنة» لم تعُد كذلك، وأنها باتت مخترقة من قبل فصائل أخرى، بمن فيهم «داعش». ويعتبر أبو حمزة النعيمي حديث العهد في «جبهة ثوار سوريا» بعد أن تسلم قيادتها قبل أشهر، خلفاً لأبي أسامة الجولاني الذي تعرّض في مثل هذا الوقت منذ عام، وفي منطقة قريبة بدورها من الشريط الحدودي إلى محاولة اغتيال نفّذها الطيران الحربي للجيش السوري وتردد حينها أن الجولاني قد نقل إلى مستشفى في الأردن لعلاجه. وبرز اسم النعيمي في «الجيش الأول»، وهو التشكيل العسكري الذي ضم إلى جانب «ثوار سوريا» عدداً من ألوية «الجيش الحر»، وأعلن عنه قبل عام ونصف العام ضمن خطة لإعادة هيكلة الفصائل الجنوبية، قبل أن ينفرط عقده بعد سيطرة «الحر» و«النصرة» على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، ليتراجع اسم النعيمي قبل أن يعود ويتولى قيادة «الجبهة» مجدداً. ومن اللافت حديث ناشطين في الجنوب عن علاقته القوية بجمال معروف، قائد الفصيل ذاته في الشمال، بل يتردّد أنه قد أدى دوراً أكثر من معروف بتكوين صفوف «الجبهة» في الجنوب وتسويقها أردنياً وسعودياً للحصول على صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات، وهو ما حصل بالفعل قبل عامين. ويتّهم عددٌ من النشطاء «جبهة النصرة» بالوقوف خلف التفجير، معتبرين أنها تريد بعث رسائل بشأن استعادة نفوذها في الريف الحوراني وامتداده للجولان، مع محاولة إضعاف أحد ألد أعدائها في المنطقة، خاصة أنها تتعرض لانتكاسات كبيرة في الشمال على يد شريك النعيمي في «قوات سوريا الديموقراطية»، ما يعطيها دافعاً للانتقام في جبهة هشّة كالجنوب. ورغم أن التصريحات من قيادات «النصرة» عن استيائهم من «ثوار سوريا» الجنوبيين تكاد تكون معدومة، إلا أن التفجير يحمل بوضوح بصمات «النصرة» أو «داعش» التي فشلت في التقدم أكثر من مرة في جبال اللجاة ضمن ريف درعا الشرقي قبل سنتين، وأحبط النعيمي يومها في «الجيش الأول» هذه المحاولات. ولعل احتمال تبنّي «داعش» لمثل هذه العملية سيحمل الكثير من التحديات للجنوب السوري، ذلك أنها المرة الأولى التي يبادر فيها عناصر أبو بكر البغدادي للهجوم على أعدائهم، فيما اكتفوا في الفترة الماضية بالدفاع عبر «لواء شهداء اليرموك» في الريف الغربي لدرعا.    

المصدر : طارق العبد/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة