رأت مجلة “إيكونوميست” البريطانية أن حصار المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية يعني تعزيزاً لتقدم الجيش السوري وقالت: “كيف دارت الطاولات، ففي فبراير العام الماضي شنت قوات (الرئيس) بشار الأسد هجوما لاستعادة حلب، التي كانت أكبر مدينة من ناحية الكثافة السكانية وأصبحت منذ عام 2012 مقسمة بين النظام والمعارضة.

 

وكانت نتيجة الهجوم ليس تراجعاً للجيش فقط من المدينة بل وسيطرت المعارضة على إدلب. وبعد عام ها هو الأسد يهاجم حلب، وفي هذه المرة يحقق نجاحا”. ووفقا لتقديرها، فإن النظام يعود بقوة ولأول مرة منذ خمسة أعوام. وعلى خلاف المد والجزر الذي ساد الصراع السوري، فهذه المعركة تبدو حاسمة.

 

وتشير إلى العامل الحاسم فيها، وهي التزام حلفاء النظام السوري بقضيته أكثر من التزام حلفاء المعارضة بالدفاع عن حلفائهم وقضيتهم التي تقوم على الإطاحة بالنظام. ولا توجد إشارات عن تغير هذا الوضع على ما يبدو.

 

وتتحدث المجلة عن الإنجازات التي حققها جانب النظام: حصار حلب تقريباً، قطع خطوط الإمدادات عن المقاتلين وفك الحصار عن قريتي كفر نبل والزهراء. وتتوقع المجلة تقدم الجيش السوري في القرى المحيطة بالمدينة ومن ثم التحول نحو مدينة إدلب غربي حلب.

 

ولا يزال طريق إدلب هو الممر الوحيد المفتوح أمام المعارضة المتحصنة في حلب. فهو ممر طوله 5 كيلومترات ويفصل ما بين موقعي الجيش والمعارضة في شمال سوريا وقد لا تستمر طويلاً.

 

ويسيطر الجيش على خط طوله 3 كيلومترات منه ويقوم بقصف الطريق. ولا يبعد حزب الله سوى 20 كيلومتراً عن بلدتين في محافظة إدلب ومنهما سيتوغل في المحافظة لو تمت السيطرة عليهما.

 

وتدرك روسيا أن النظام مقبول للغرب أكثر من تنظيم “داعش” رغم التقرير الأخير الذي صدر عن الأمم المتحدة واتهم النظام بإبادة شعبه.

 

وتشير المجلة إلى لعبة أمريكا الفاشلة التي ركزت على المفاوضات وإمكانية قيام روسيا بالضغط على الحكومة السورية الموافقة على حل سلمي. ولكنَ الأسد وحلفاءه وجدوا في الخيار العسكري طريقاً لتعزيز السلطة على حساب التفاوض. وحدث كل هذا في وقت اختلف فيه داعمو المعارضة حول الطريقة المناسبة لدعمهم. فدول الخليج غاضبة من تركيز الولايات المتحدة على قتال تنظيم الدولة على حساب محاربة الأسد.

 

وفي 10 فبراير هاجمت تركيا واشنطن لدعمها حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي وقوات الحماية الشعبية التابعة لها في سوريا. فالحزب يقيم تحالفاً تكتيكياً مع الحكومة السورية، أي أن الولايات المتحدة تدعم بطريقة غير مباشرة النظام والحملة الروسية، خاصة وأن الروس يدعمون الأكراد في سوريا. وسمحت موسكو للأكراد بافتتاح ممثلية لهم، مع أن الخارجية لا تعترف بها ضمن السلك الدبلوماسي.

 

ويتحرك أفراد الحماية الشعبية باتجاه المناطق التي تخرج منها المعارضة، وهناك اتفاق ضمني -صامت- قد يصبح رسمياً، حيث تتحدث تقارير أن الروس وعدوا الأكراد بما لم يعدهم به الغرب: منطقة متواصلة في شمال- شرق سوريا تتحول لمعقل قوي لهم.

 

وتعلق المجلة أن المعارضة لم يعدها أحد سوى دول الخليج التي قالت إنها سترسل قوات لقتال تنظيم داعش. ومهما يكن من أمر فحتى لو وصلت القوات الخليجية فلن تغير من الواقع أمام قوة النيران التي بات يملكها الجيش.

 

وتعتقد المجلة أن المعارضة لا تعاني في الشمال، وفقط، بل في الجنوب حيث حقق النظام بدعم روسي تقدما خاصة في محافظة درعا مع أن المعارضة الجنوبية ظلت خلال السنوات الماضية أكثر تماسكاً وفي وضع عسكري أفضل من فصائل الشمال.

 

وتنقل ما قاله الباحث الفرنسي فابريس بلانش: “تعرف روسيا وإيران والأسد أن أمريكا هذا العام ضعيفة بسبب الانتخابات ولن يفعل أوباما الكثير ولهذا فهي تستخدم الوقت لتدمير المعارضة”. كما إن الأردن لن يفعل الكثير لمساعدة المعارضة، فهو قلق من الأسد والمعارضة.

 

ويقول الأتراك إنهم لن يتدخلوا مباشرة إلا إذا فعل الأمريكيون. ولكنهم يفرضون أمراً واقعاً من خلال منطقة آمنة. فبدلاً من السماح للاجئين دخول الأراضي التركية، دخلت منظمات الإغاثة الإنسانية التركية إلى الأراضي السورية وبنت مخيمات. ولكن لا تعرف الكيفية التي ستتم فيها حراسة هذه المنطقة إذا تعرضت لهجوم من النظام، فأي عمل عسكري قد يؤدي لمواجهة مباشرة مع الروس. وعليه تظل حلب المعيار الذي سيحدد ماذا سيحدث في سوريا، وربما أبعد منها.

  • فريق ماسة
  • 2016-02-13
  • 17989
  • من الأرشيف

حلفاء الأسد أكثر إخلاصاً من حلفاء المعارضة

رأت مجلة “إيكونوميست” البريطانية أن حصار المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية يعني تعزيزاً لتقدم الجيش السوري وقالت: “كيف دارت الطاولات، ففي فبراير العام الماضي شنت قوات (الرئيس) بشار الأسد هجوما لاستعادة حلب، التي كانت أكبر مدينة من ناحية الكثافة السكانية وأصبحت منذ عام 2012 مقسمة بين النظام والمعارضة.   وكانت نتيجة الهجوم ليس تراجعاً للجيش فقط من المدينة بل وسيطرت المعارضة على إدلب. وبعد عام ها هو الأسد يهاجم حلب، وفي هذه المرة يحقق نجاحا”. ووفقا لتقديرها، فإن النظام يعود بقوة ولأول مرة منذ خمسة أعوام. وعلى خلاف المد والجزر الذي ساد الصراع السوري، فهذه المعركة تبدو حاسمة.   وتشير إلى العامل الحاسم فيها، وهي التزام حلفاء النظام السوري بقضيته أكثر من التزام حلفاء المعارضة بالدفاع عن حلفائهم وقضيتهم التي تقوم على الإطاحة بالنظام. ولا توجد إشارات عن تغير هذا الوضع على ما يبدو.   وتتحدث المجلة عن الإنجازات التي حققها جانب النظام: حصار حلب تقريباً، قطع خطوط الإمدادات عن المقاتلين وفك الحصار عن قريتي كفر نبل والزهراء. وتتوقع المجلة تقدم الجيش السوري في القرى المحيطة بالمدينة ومن ثم التحول نحو مدينة إدلب غربي حلب.   ولا يزال طريق إدلب هو الممر الوحيد المفتوح أمام المعارضة المتحصنة في حلب. فهو ممر طوله 5 كيلومترات ويفصل ما بين موقعي الجيش والمعارضة في شمال سوريا وقد لا تستمر طويلاً.   ويسيطر الجيش على خط طوله 3 كيلومترات منه ويقوم بقصف الطريق. ولا يبعد حزب الله سوى 20 كيلومتراً عن بلدتين في محافظة إدلب ومنهما سيتوغل في المحافظة لو تمت السيطرة عليهما.   وتدرك روسيا أن النظام مقبول للغرب أكثر من تنظيم “داعش” رغم التقرير الأخير الذي صدر عن الأمم المتحدة واتهم النظام بإبادة شعبه.   وتشير المجلة إلى لعبة أمريكا الفاشلة التي ركزت على المفاوضات وإمكانية قيام روسيا بالضغط على الحكومة السورية الموافقة على حل سلمي. ولكنَ الأسد وحلفاءه وجدوا في الخيار العسكري طريقاً لتعزيز السلطة على حساب التفاوض. وحدث كل هذا في وقت اختلف فيه داعمو المعارضة حول الطريقة المناسبة لدعمهم. فدول الخليج غاضبة من تركيز الولايات المتحدة على قتال تنظيم الدولة على حساب محاربة الأسد.   وفي 10 فبراير هاجمت تركيا واشنطن لدعمها حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي وقوات الحماية الشعبية التابعة لها في سوريا. فالحزب يقيم تحالفاً تكتيكياً مع الحكومة السورية، أي أن الولايات المتحدة تدعم بطريقة غير مباشرة النظام والحملة الروسية، خاصة وأن الروس يدعمون الأكراد في سوريا. وسمحت موسكو للأكراد بافتتاح ممثلية لهم، مع أن الخارجية لا تعترف بها ضمن السلك الدبلوماسي.   ويتحرك أفراد الحماية الشعبية باتجاه المناطق التي تخرج منها المعارضة، وهناك اتفاق ضمني -صامت- قد يصبح رسمياً، حيث تتحدث تقارير أن الروس وعدوا الأكراد بما لم يعدهم به الغرب: منطقة متواصلة في شمال- شرق سوريا تتحول لمعقل قوي لهم.   وتعلق المجلة أن المعارضة لم يعدها أحد سوى دول الخليج التي قالت إنها سترسل قوات لقتال تنظيم داعش. ومهما يكن من أمر فحتى لو وصلت القوات الخليجية فلن تغير من الواقع أمام قوة النيران التي بات يملكها الجيش.   وتعتقد المجلة أن المعارضة لا تعاني في الشمال، وفقط، بل في الجنوب حيث حقق النظام بدعم روسي تقدما خاصة في محافظة درعا مع أن المعارضة الجنوبية ظلت خلال السنوات الماضية أكثر تماسكاً وفي وضع عسكري أفضل من فصائل الشمال.   وتنقل ما قاله الباحث الفرنسي فابريس بلانش: “تعرف روسيا وإيران والأسد أن أمريكا هذا العام ضعيفة بسبب الانتخابات ولن يفعل أوباما الكثير ولهذا فهي تستخدم الوقت لتدمير المعارضة”. كما إن الأردن لن يفعل الكثير لمساعدة المعارضة، فهو قلق من الأسد والمعارضة.   ويقول الأتراك إنهم لن يتدخلوا مباشرة إلا إذا فعل الأمريكيون. ولكنهم يفرضون أمراً واقعاً من خلال منطقة آمنة. فبدلاً من السماح للاجئين دخول الأراضي التركية، دخلت منظمات الإغاثة الإنسانية التركية إلى الأراضي السورية وبنت مخيمات. ولكن لا تعرف الكيفية التي ستتم فيها حراسة هذه المنطقة إذا تعرضت لهجوم من النظام، فأي عمل عسكري قد يؤدي لمواجهة مباشرة مع الروس. وعليه تظل حلب المعيار الذي سيحدد ماذا سيحدث في سوريا، وربما أبعد منها.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة