مظلة الدعم التركي فقدت فاعليتها في ريف اللاذقية، حتى لو ترافقت مع مظلة ضبابية فرضتها الأحوال الجوية السيئة.

فالجيش السوري ماضٍ في عمليته العسكرية ريثما يحقق كامل أهدافه، وليس ثمة ما يوحي أن هناك قوة قادرة على إيقافه أو عرقلة تقدمه. وفشل الهجوم المعاكس الذي قام به حوالي 14 فصيلاً صباح أمس، دليل على ذلك.

وفي خطوة غلب عليها الاستعجال، أعلنت مجموعة من الفصائل إطلاق معركة «رص الصفوف» بهدف استعادة المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري.

وتركزت المعركة على محور واحد، هو عطيرة القريب من جبل زاهية الاستراتيجي المطل على الحدود التركية. وبعد ساعات من التمهيد الناري والاشتباكات العنيفة، حققت الفصائل اختراقاً بسيطاً، تمثل ببسط سيطرتها على بعض النقاط، مثل مدرسة عطيرة وتل زيتون وتل أبلق، كما جاء في بياناتها المتسارعة، رغم أن المعطيات الميدانية لم تثبت ذلك، حيث كانت الاشتباكات مستمرة على معظم النقاط التي زعمت السيطرة عليها.

ولم يكن بإمكان الفصائل وقادتها إخفاء الدور التركي في التخطيط للعملية، وإعطاء الأوامر المباشرة للقيام بها. ولا يعود ذلك إلى اتحاد قرار الفصائل فجأةً، وسرعة إرسالها المؤازرات إلى ريف اللاذقية، وهي التي تقاعست عن اتخاذ هذه الخطوة طوال الأشهر الماضية التي تعرض فيها الريف لأكبر عملية للجيش السوري.

وأصبح من الواضح أن مثل هذه الخطوات الإسعافية العاجلة لا تأتي إلا بإيعاز من جهات خارجية يمكنها ضبط خلافات الفصائل وتناقضاتها في ما بينها، والجهة الخارجية هنا هي تركيا، صاحبة المصلحة الوحيدة في إطلاق المعركة، وذلك لأن المحور الذي تم اختياره لشن الهجوم المعاكس هو محور ثانوي، وغير مؤثر على خريطة تقدم الجيش السوري. والفائدة الوحيدة له هي أنه يقع على الشريط الحدودي مع تركيا، الذي هو آخر مناطق نفوذها في جبل التركمان، الذي حاولت التسويق لوجود مصلحة قومية لها في الدفاع عنه. وما يشير إلى أهمية المنطقة أن الطائرة الروسية التي استهدفتها تركيا في وقت سابق سقطت فوق جبل زاهية.

ويصدق على هذا الهجوم القول «تمخض الجبل فولد فأراً»، لأن 14 فصيلاً من أكبر فصائل الساحل وإدلب، على رأسها «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» والفرق «الساحلية الأولى والثانية» و «اللواء العاشر» و «أنصار الشام» وضعت ثقلها العسكري في هذا الهجوم لتغيير المعادلة على الأرض، ولكن كل ما تمكنت منه هو التسلل عبر محور واحد، وتحقيق تقدم بسيط سبق لفصيل واحد القيام بما هو أكثر منه عندما تمت السيطرة من جديد على جبل زاهية بعد سيطرة الجيش السوري عليه بساعات، الشهر الماضي.

وبحسب مصدر ميداني تحدث إلى «السفير» فإن الهجوم «جاء لخدمة مصالح الحكومة التركية التي أصيبت بالهستيريا نتيجة ما يجري على حدودها مع سوريا، سواء في ريف اللاذقية أو ريف حلب الشمالي، وهي مستعدة لبذل أي جهد من أجل عدم فقدان ما تبقى من هذه الحدود تحت سيطرة فصائل تعمل بإمرتها».

وأضاف المصدر أن «الهدف الميداني للهجوم هو محاولة إشغال قوات الجيش السوري التي تستعد للانقضاض على بلدة ربيعة»، المعقل الأساسي في جبل التركمان، مشيراً إلى أن «قوات الجيش تستعد خلال الساعات المقبلة لاستعادة السيطرة على ربيعة، وأهم محورين لانطلاق العملية هما جبل زاهية ومحور قرية سكرية» والأخيرة لا تبعد عن ربيعة سوى ثلاثة كيلومترات وتمكن الجيش، أمس، من تثبيت سيطرته فيها، وهو ما يدل دلالة قطعية على أن الهجوم المعاكس الذي ضخمه إعلام الفصائل لم يؤثر على عمليات الجيش في المنطقة. وأكد المصدر أن «الهجوم المعاكس الأخير لن يؤثر على خطط الجيش، وأن عملية استعادة ربيعة ستتم، ولو من محور واحد عبر سكرية».

من جهة أخرى، أعلنت «فرقة السلطان مراد» المناطق والقرى في ريف حلب الشمالي «منطقة عسكرية»، وذلك في تهيئة على ما يبدو لمعركة واسعة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» ووحدات الحماية الكردية.

وطالب بيان رسمي صادر عن قيادة «فرقة السلطان مراد» المدنيين بمغادرة المنطقة، لا سيما القرى الواقعة بين مدينتي إعزاز وجرابلس بالقرب من الحدود السورية ـ التركية، أي نفس المنطقة التي بنت عليها الحكومة التركية حلمها بإقامة منطقة آمنة.

  • فريق ماسة
  • 2016-01-18
  • 13966
  • من الأرشيف

الفصائل تُحتضر في ريف اللاذقية.. برغم الإنعاش التركي

 مظلة الدعم التركي فقدت فاعليتها في ريف اللاذقية، حتى لو ترافقت مع مظلة ضبابية فرضتها الأحوال الجوية السيئة. فالجيش السوري ماضٍ في عمليته العسكرية ريثما يحقق كامل أهدافه، وليس ثمة ما يوحي أن هناك قوة قادرة على إيقافه أو عرقلة تقدمه. وفشل الهجوم المعاكس الذي قام به حوالي 14 فصيلاً صباح أمس، دليل على ذلك. وفي خطوة غلب عليها الاستعجال، أعلنت مجموعة من الفصائل إطلاق معركة «رص الصفوف» بهدف استعادة المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري. وتركزت المعركة على محور واحد، هو عطيرة القريب من جبل زاهية الاستراتيجي المطل على الحدود التركية. وبعد ساعات من التمهيد الناري والاشتباكات العنيفة، حققت الفصائل اختراقاً بسيطاً، تمثل ببسط سيطرتها على بعض النقاط، مثل مدرسة عطيرة وتل زيتون وتل أبلق، كما جاء في بياناتها المتسارعة، رغم أن المعطيات الميدانية لم تثبت ذلك، حيث كانت الاشتباكات مستمرة على معظم النقاط التي زعمت السيطرة عليها. ولم يكن بإمكان الفصائل وقادتها إخفاء الدور التركي في التخطيط للعملية، وإعطاء الأوامر المباشرة للقيام بها. ولا يعود ذلك إلى اتحاد قرار الفصائل فجأةً، وسرعة إرسالها المؤازرات إلى ريف اللاذقية، وهي التي تقاعست عن اتخاذ هذه الخطوة طوال الأشهر الماضية التي تعرض فيها الريف لأكبر عملية للجيش السوري. وأصبح من الواضح أن مثل هذه الخطوات الإسعافية العاجلة لا تأتي إلا بإيعاز من جهات خارجية يمكنها ضبط خلافات الفصائل وتناقضاتها في ما بينها، والجهة الخارجية هنا هي تركيا، صاحبة المصلحة الوحيدة في إطلاق المعركة، وذلك لأن المحور الذي تم اختياره لشن الهجوم المعاكس هو محور ثانوي، وغير مؤثر على خريطة تقدم الجيش السوري. والفائدة الوحيدة له هي أنه يقع على الشريط الحدودي مع تركيا، الذي هو آخر مناطق نفوذها في جبل التركمان، الذي حاولت التسويق لوجود مصلحة قومية لها في الدفاع عنه. وما يشير إلى أهمية المنطقة أن الطائرة الروسية التي استهدفتها تركيا في وقت سابق سقطت فوق جبل زاهية. ويصدق على هذا الهجوم القول «تمخض الجبل فولد فأراً»، لأن 14 فصيلاً من أكبر فصائل الساحل وإدلب، على رأسها «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» والفرق «الساحلية الأولى والثانية» و «اللواء العاشر» و «أنصار الشام» وضعت ثقلها العسكري في هذا الهجوم لتغيير المعادلة على الأرض، ولكن كل ما تمكنت منه هو التسلل عبر محور واحد، وتحقيق تقدم بسيط سبق لفصيل واحد القيام بما هو أكثر منه عندما تمت السيطرة من جديد على جبل زاهية بعد سيطرة الجيش السوري عليه بساعات، الشهر الماضي. وبحسب مصدر ميداني تحدث إلى «السفير» فإن الهجوم «جاء لخدمة مصالح الحكومة التركية التي أصيبت بالهستيريا نتيجة ما يجري على حدودها مع سوريا، سواء في ريف اللاذقية أو ريف حلب الشمالي، وهي مستعدة لبذل أي جهد من أجل عدم فقدان ما تبقى من هذه الحدود تحت سيطرة فصائل تعمل بإمرتها». وأضاف المصدر أن «الهدف الميداني للهجوم هو محاولة إشغال قوات الجيش السوري التي تستعد للانقضاض على بلدة ربيعة»، المعقل الأساسي في جبل التركمان، مشيراً إلى أن «قوات الجيش تستعد خلال الساعات المقبلة لاستعادة السيطرة على ربيعة، وأهم محورين لانطلاق العملية هما جبل زاهية ومحور قرية سكرية» والأخيرة لا تبعد عن ربيعة سوى ثلاثة كيلومترات وتمكن الجيش، أمس، من تثبيت سيطرته فيها، وهو ما يدل دلالة قطعية على أن الهجوم المعاكس الذي ضخمه إعلام الفصائل لم يؤثر على عمليات الجيش في المنطقة. وأكد المصدر أن «الهجوم المعاكس الأخير لن يؤثر على خطط الجيش، وأن عملية استعادة ربيعة ستتم، ولو من محور واحد عبر سكرية». من جهة أخرى، أعلنت «فرقة السلطان مراد» المناطق والقرى في ريف حلب الشمالي «منطقة عسكرية»، وذلك في تهيئة على ما يبدو لمعركة واسعة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» ووحدات الحماية الكردية. وطالب بيان رسمي صادر عن قيادة «فرقة السلطان مراد» المدنيين بمغادرة المنطقة، لا سيما القرى الواقعة بين مدينتي إعزاز وجرابلس بالقرب من الحدود السورية ـ التركية، أي نفس المنطقة التي بنت عليها الحكومة التركية حلمها بإقامة منطقة آمنة.

المصدر : عبد الله سليمان علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة