دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعد ثلاثة أيام على زيارة وزير الخارجية السعودي، "عادل الجبير" إلى إسلام آباد، توجّه وزير الدفاع السعودي الأمير "محمد بن سلمان" إلى باكستان في إطار الجهود السعودية لمواجهة طهران إثر الأزمة الأخيرة بين البلدين، ليعود إلى الرياض بعد سلسلة من اللقاءات التي حصل من خلالها على جملة من الوعود الفارغة، لا أكثر ولا أقل.
ما يؤكد هذه الدعوى هو عودة "محمد بن سلمان" إلى السعودية بعد لقائه قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول "راحيل شريف" ورئيس الوزراء الباكستاني، "نواز شريف" دون الحصول على الجواب الشافي فيما يتعلّق التحالف الإسلامي العسكري وكذلك الأمر بالنسبة للعلاقة مع إيران حيث لم تقطع إسلام آباد علاقاتها مع طهران أو تستدعي سفيرها إسوةً بالدول الخليجية، بل إكتفت بالإدانة.
ما يدفعنا للحديث عن هذا اللقاء رغم حصوله قبل أيام، هو ما شاهدناه في المواقع العربية، لاسيّما السعودية منها، حول تهديدات قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول "راحيل شريف" وقوله أن "أي تهديد لسلامة الأراضي السعودية من شأنه أن يثير ردة فعل قوية من باكستان"، فقد إنتشرت العبارة الأخيرة على مواقع التواصل الإجتماعي كالنار في الهشيم، فهل تصح هذه الوعود التي يقدّمها "شريف" لوزير الدفاع السعودي؟
لم تكن هذه العبارة جديدة على أسماع وزير الدفاع السعودي "محمد بن سلمان"، ومن المتكلّم نفسه، أي قائد الجيش الباكستاني، فقد أجاب "شريف" بالعبارة نفسها عندما طلب "بن سلمان" مشاركة الجيش الباكستاني في العدوان السعودي على الشعب اليمني، فهل شارك الجيش الباكستاني في العدوان أم أن كلام "شريف "لمن يكن سوى وعوداً فارغة للوزير السعودي الذي يستأنس بترويجها في الإعلام العربي؟ لسنا هنا في وارد إدانة "شريف"، فهو يقدّم وعوداً فقط، ويُسمع زائره ما يحب، وهذه الوعود لا تدخل مرحلة التنفيذ لأن باكستان لا تطيق ما تطلبه الرياض. كيف لمن لا يرضى بالدخول، إسمياً، في التحالف الإسلامي، أو يبدي إستغرابه منه أن يحرّك جيشه على الأرض؟ باكستان رفضت مشاركة الرياض في مواجهة اليمن، فكيف لها أن تشاطرها في مواجهة إيران؟
ما يروّج له أيضاً في الإعلام العربي هو تأييد باكستان التام للرياض فيما يخض الأزمة الأخيرة مع طهران، إلا أن الواقع الباكستاني يؤكد أن الأحزاب الكبرى في البلاد "مسلم ليك"، "الحزب الشعبي"، "تحريك أنصاف" و"الجماعة الإسلامية" قد أدانوا إعدام الرياض للشيخ "نمر باقر النمر" داعين الحكومة الباكستانية للدخول في وساطة بين طهران والرياض. وأما ما تحدّث عنه الإعلام العربي عن تأييد باكستاني للسعودي فهو كلام غير دقيق. فلم تخرج سوى مظاهرة يتيمة لم تتجاوز العشرات من حزب الحديث السفلي، إضافة إلى "جيش الصحابة" الذي يعدّ تنظيماً إرهابياً في باكستان.
لا نختلف على الهوى الباكستاني، أو بالآحرى هوى "نواز الشريف" السعودي بسبب إحتضانها له في العقد الأول من القرن الحالي إثر الإنقلاب العسكري الذي حصل في البلاد، إلا أن تجربة السنوات الأخيرة تؤكد أن إسلام آباد ليس في وارد الدخول بصراعات طائفية، وهذا ما أثبتته منذ بدء العدوان السعودي على الشعب اليمني قبل 9 أشهر، وقبل أيام عندما أعلن وزير الدفاع السعودي التحالف العسكري الإسلامي، وحالياً في موقفها الحالي بين طهران والرياض حيث أكد مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للشئون الخارجية "سارتاج عزيز"، أمام اللجنة الدائمة للشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية "البرلمان"، "إن بلاده لن ترسل قوات برية إلى السعودية، وإنما ستسعى للتخفيف من حدة التوتر بين الرياض وطهران خلال الاجتماع العاجل لمنظمة المؤتمر الإسلامي المقرر انعقاده قريبا بمدينة جدة بالسعودية".
زيارة "محمد بن سلمان"، بعد 3 أيام على زيارة "عادل الجبير" هدفت للضغط على إسلام آباد لاسيّما فيما يخص العلاقة مع طهران، "إلا أن السفير الإيراني في باكستان أجرى لقاءات مع أصحاب القرار في البلاد الذين أكّدوا بدورهم على عمق العلاقات بين البلدين".
إن ما تسعى الرياض للترويج إليه حالياً في الأوسط العربية يعكس سياسةً همجية لإسلام آباد في المنطقة، إلا أن الأخيرة، وعلى العكس، تتبنى سياسة متزنة في التعاون مع الدول الأخرى. وأما بالنسبة، لما يتم تناقله عن جهوزية باكستان "للدفاع عن الأراضي المقدسة وغيرها في السعودية" يبقى في إطار "وعود الشاشات" الإعلامية التي لا تسمن ولا تعني من جوع.
المصدر :
الماسة السورية/ الوقت
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة