بعد هدوء دام نحو عامين اندلعت قبل أربعة أيام معارك عنيفة بين الجيش السوري من جهة و "جبهة النصرة" وفصائل مسلحة أخرى من جهة ثانية في ريف حماة الجنوبي شمال البلاد.

 

 

وبدأ الجيش السوري العملية العسكرية من زور سريحين باتجاه الرعبرون والصرامية، في محاولة للسيطرة على قرى جنان وتقسيس وزور تقسيس، والشيخ عبد الله كريمش والجرنية والرملية والقنطرة وغيرها.

 

واستطاع الجيش خلال هذه الأيام القليلة من السيطرة على أكثر من عشر قرى، بعد سيطرته على التلال المحيطة بها (جنان، الصارومية، المكسوت، سريحين، كريمش، رعبون، المخرز، المرادية، زور حنيفة، زور الزيارة، الرميلة، الجرنية، الشيخ عبد لله).

 

وتشكل هذه العملية تطورا مفاجئا في الشمال السوري، خصوصا في حماة حيث لم يكن متوقعا أن يبدأ الجيش معركته من الريف الجنوبي، ويبدو أن الجيش يسعى لتحقيق هدفين من هذه العملية:

 

1ـ قطع الطريق الرئيسي الرابط بين مدينة السلمية جنوب شرق محافظة حماة ومدينة حماة ذاتها.

 

2ـ قطع طرق الإمداد والتواصل بين الفصائل المسلحة في ريف حماة الجنوبي وريف حمص الشمالي الشرقي.

 

وردا على العملية العسكرية للجيش السوري في الريف الجنوب لحماة، قامت "جبهة النصرة" و "جند الأقصى" بفتح عملية عسكرية في الريف الشمالي لحماة، ويعتبر الأخير امتدادا جغرافيا لمعقل الفصائل المسلحة (إدلب)، ولذلك يشهد تواجدا عسكريا كبيرا لعناصر الفصائل المسلحة، وقد نجحوا في تثبيت وجودهم فيه مع سيطرتهم على مدينة مورك الاستراتيجية التي تعد البوابة الرئيسية الفاصلة بين ريف إدلب الجنوبي الشرقي وريف حماة الشمالي.

 

وحاولت "النصرة" التقدم نحو مدينة صوران في الريف الشمالي، وهي مدينة تتوسط مورك وحماة، والسيطرة عليها ستؤدي إلى تهديد مدينة حماة، لكن الجيش أفشل هذه المحاولة حتى الآن، في وقت وجه ضربات لمعاقل النصرة في بلدات عطشان والسرمانية والمنصورة، وقرقور.

 

كما عمدت "جبهة النصرة" و "لواء جند الأقصى" إلى التقدم نحو ريف حماة الشرقي ردا على خطوة الجيش جنوبا، فنجحا في إحراز تقدم بالسيطرة على حاجز الناصرية أحد أكبر حواجز الجيش في ريف حماة الشرقي، فضلا عن هجمات استهدفت حاجز بيت سعدو الواقع بين بلدتي معان وكراح شرقي حماة.

 

وتعتبر محافظة حماة ذات أهمية استراتيجية، كونها تحد من الجنوب محافظة حمص ومن الجنوب الغربي طرطوس ومن الغرب محافظة اللاذقية ومن الشمال الشرقي محافظة حلب ومن الشمال الغربي محافظة إدلب.

 

وأعلن "جيش الفتح" في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ما سماه "غزوة حماة" للسيطرة على المحافظة، لكنه فشل في التقدم وبقيت حدود سيطرته محصورة في الريفين الشمالي والجنوبي فقط، فيما بقيت مدينة حماة بيد الجيش السوري، ومن دون السيطرة عليها ستبقى المحافظة مشتتة بين القوى العسكرية المتناحرة، من دون غلبة طرف على الآخر.

 

بكل الأحوال، يمكن القول إن العملية العسكرية للجيش السوري في ريف حماة الجنوبي ليست هدفا استراتيجيا لدمشق، فهي مقدمة للمعركة الأهم في الريف الشمالي، ومن دون السيطرة على الريف الشمالي لحماة لا يمكن إطلاق المعركة الكبرى في الشمال الغربي لسوريا (معركة إدلب).

 

وقد أولى الجيش، منذ إطلاق معركته في الشمال الغربي في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أي بعد أسبوع من العملية العسكرية الروسية، أهمية قصوى لريف حماة الشمالي، وبدأت معركته فعلا من هناك، لكن لحسابات عسكرية اقتضاها الواقع الجغرافي للمنطقة الشمالية الغربية من جهة وكيفية انتشار الفصائل المسلحة من جهة ثانية، نقل الجيش المعركة إلى ريف اللاذقية الشمالي وريف حلب الجنوبي.

 

وبعد ثلاثة أشهر من بدء معركة الجيش، ونتيجة ما حققه من تقدم، لا سيما في ريف اللاذقية الشمالي، بدا الجيش أكثر ارتياحا لفتح معركة ريف حماة الجنوبي، كخطوة أولى للسيطرة على مجمل المحافظة وتحييدها من الصراع، لكن هذه العملية ليست سهلة، بل ربما تبدو مستحيلة في ظل التواجد العسكري الكثيف لـ "جيش الفتح" وفصائل من "الجيش الحر" التي توحدت تحت مسمى "جيش النصر"، فضلا عن قوى أخرى.

 

  • فريق ماسة
  • 2016-01-05
  • 12178
  • من الأرشيف

حماة تعود إلى واجهة المعارك بسورية مجددا

بعد هدوء دام نحو عامين اندلعت قبل أربعة أيام معارك عنيفة بين الجيش السوري من جهة و "جبهة النصرة" وفصائل مسلحة أخرى من جهة ثانية في ريف حماة الجنوبي شمال البلاد.     وبدأ الجيش السوري العملية العسكرية من زور سريحين باتجاه الرعبرون والصرامية، في محاولة للسيطرة على قرى جنان وتقسيس وزور تقسيس، والشيخ عبد الله كريمش والجرنية والرملية والقنطرة وغيرها.   واستطاع الجيش خلال هذه الأيام القليلة من السيطرة على أكثر من عشر قرى، بعد سيطرته على التلال المحيطة بها (جنان، الصارومية، المكسوت، سريحين، كريمش، رعبون، المخرز، المرادية، زور حنيفة، زور الزيارة، الرميلة، الجرنية، الشيخ عبد لله).   وتشكل هذه العملية تطورا مفاجئا في الشمال السوري، خصوصا في حماة حيث لم يكن متوقعا أن يبدأ الجيش معركته من الريف الجنوبي، ويبدو أن الجيش يسعى لتحقيق هدفين من هذه العملية:   1ـ قطع الطريق الرئيسي الرابط بين مدينة السلمية جنوب شرق محافظة حماة ومدينة حماة ذاتها.   2ـ قطع طرق الإمداد والتواصل بين الفصائل المسلحة في ريف حماة الجنوبي وريف حمص الشمالي الشرقي.   وردا على العملية العسكرية للجيش السوري في الريف الجنوب لحماة، قامت "جبهة النصرة" و "جند الأقصى" بفتح عملية عسكرية في الريف الشمالي لحماة، ويعتبر الأخير امتدادا جغرافيا لمعقل الفصائل المسلحة (إدلب)، ولذلك يشهد تواجدا عسكريا كبيرا لعناصر الفصائل المسلحة، وقد نجحوا في تثبيت وجودهم فيه مع سيطرتهم على مدينة مورك الاستراتيجية التي تعد البوابة الرئيسية الفاصلة بين ريف إدلب الجنوبي الشرقي وريف حماة الشمالي.   وحاولت "النصرة" التقدم نحو مدينة صوران في الريف الشمالي، وهي مدينة تتوسط مورك وحماة، والسيطرة عليها ستؤدي إلى تهديد مدينة حماة، لكن الجيش أفشل هذه المحاولة حتى الآن، في وقت وجه ضربات لمعاقل النصرة في بلدات عطشان والسرمانية والمنصورة، وقرقور.   كما عمدت "جبهة النصرة" و "لواء جند الأقصى" إلى التقدم نحو ريف حماة الشرقي ردا على خطوة الجيش جنوبا، فنجحا في إحراز تقدم بالسيطرة على حاجز الناصرية أحد أكبر حواجز الجيش في ريف حماة الشرقي، فضلا عن هجمات استهدفت حاجز بيت سعدو الواقع بين بلدتي معان وكراح شرقي حماة.   وتعتبر محافظة حماة ذات أهمية استراتيجية، كونها تحد من الجنوب محافظة حمص ومن الجنوب الغربي طرطوس ومن الغرب محافظة اللاذقية ومن الشمال الشرقي محافظة حلب ومن الشمال الغربي محافظة إدلب.   وأعلن "جيش الفتح" في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ما سماه "غزوة حماة" للسيطرة على المحافظة، لكنه فشل في التقدم وبقيت حدود سيطرته محصورة في الريفين الشمالي والجنوبي فقط، فيما بقيت مدينة حماة بيد الجيش السوري، ومن دون السيطرة عليها ستبقى المحافظة مشتتة بين القوى العسكرية المتناحرة، من دون غلبة طرف على الآخر.   بكل الأحوال، يمكن القول إن العملية العسكرية للجيش السوري في ريف حماة الجنوبي ليست هدفا استراتيجيا لدمشق، فهي مقدمة للمعركة الأهم في الريف الشمالي، ومن دون السيطرة على الريف الشمالي لحماة لا يمكن إطلاق المعركة الكبرى في الشمال الغربي لسوريا (معركة إدلب).   وقد أولى الجيش، منذ إطلاق معركته في الشمال الغربي في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أي بعد أسبوع من العملية العسكرية الروسية، أهمية قصوى لريف حماة الشمالي، وبدأت معركته فعلا من هناك، لكن لحسابات عسكرية اقتضاها الواقع الجغرافي للمنطقة الشمالية الغربية من جهة وكيفية انتشار الفصائل المسلحة من جهة ثانية، نقل الجيش المعركة إلى ريف اللاذقية الشمالي وريف حلب الجنوبي.   وبعد ثلاثة أشهر من بدء معركة الجيش، ونتيجة ما حققه من تقدم، لا سيما في ريف اللاذقية الشمالي، بدا الجيش أكثر ارتياحا لفتح معركة ريف حماة الجنوبي، كخطوة أولى للسيطرة على مجمل المحافظة وتحييدها من الصراع، لكن هذه العملية ليست سهلة، بل ربما تبدو مستحيلة في ظل التواجد العسكري الكثيف لـ "جيش الفتح" وفصائل من "الجيش الحر" التي توحدت تحت مسمى "جيش النصر"، فضلا عن قوى أخرى.  

المصدر : حسين محمد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة