مع انتهاء الأسابيع الستة المقبلة تكون أنقرة أكملت بناء الجدار على طول الحدود التركية مع سورية.

  وبذلك يصبح «داعش» من دون خط إمداد لوجستي مع العالم. وتقول معلومات إن المخابرات التركية تبحث مع أجواء في «داعش» وفي المعارضة التكفيرية الموجودة في سورية عن حلول تمكن الأخيرين من الحصول على بدائل لبيع النفط والحصول على الأسلحة والعديد.

 وبحسب هذه المعلومات، فإن أنقرة أصبحت مضطرة لإقفال حدودها مع سورية نظراً لأسباب جوهرية عدة، أبرزها:

 أولاً – الإحراج الذي طال الناتو نتيجة استمرار تركيا التي هي أحد أعضائه، في إيصال الدعم اللوجستي المختلف الأوجه من داخل أراضيها إلى سورية لمصلحة داعش.

 ثانياً – فشل تركيا في تمرير أهداف مناورتها مع الاتحاد الأوروبي، والتي ادعت أنقرة في إطارها أن البديل لوقف وصول النازحين من سورية إلى الدول الأوروبية، يتمثل بتأييد الغرب لموقف أنقرة بإنشاء منطقة آمنة لهم بالقرب من حدودها داخل الأراضي السورية.

 لقد رفض العالم هذه الفكرة رغم محاولات أنقرة الحثيثة، ابتزاز الأوروبيين بمطلب «المنطقة الآمنة» مقابل «وقف السماح للنازحين السوريين بالتسرب بحراً من شواطئها إلى أوروبا».

 ثالثاً: بدأت مظاهر «داعش» داخل مناطق مختلفة من تركيا تتضخّم، مما جعل المستويات التركية الأمنية تخشى من أن ينقلب السحر الإرهابي على الساحر التركي الداعم لداعش في سورية.

 قصارى القول، بحسب ما تفيد به هذه المعلومات، أنّ رهانات أنقرة وصلت للحظة صعبة في موقفها من الأزمة السورية فهي تواجه الآن احتمالات خطرة:

 فمن جهة قد يقوم داعش بالانتقام من تركيا داخل أراضيها رداً على إقفال أنقرة الحدود بوجهه. ومن جهة ثانية فإن بناء جدار على حدودها مع سورية يؤشر إلى بداية انعزال السلطان العثماني أردوغان داخل حدود دولته، بعدما سقطت كل رهاناته على توسيع نفوذه إلى الداخل السوري. ومن جهة ثالثة يسود الاعتقاد في تركيا بأنّ مؤشرات هزيمة سياسة أردوغان وحزبه في سورية ستحدث ارتدادات داخل تركيا ضدهما وينتظر أن تلحق بهما الهزيمة السورية إلى داخل الساحة السياسية الداخلية التركية.

 وتفيد مصادر هذه المعلومات ذاتها أنّ أردوغان يسعى لطلب اجتماع استثنائي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وذلك قبل الانتهاء من بناء جدار عزل الطموحات العثمانية عن سورية. وهدف أردوغان من هذا الاجتماع هو تحقيق هدف معنوي يظهر أن بناء الجدار هو محل تثمين دولي وليس انصياعاً لموجبات هزيمته السورية. وثمّة حل وسط يتم الآن تدارسه بين أنقرة وواشنطن، ومفاده أن يتمّ استبدال زيارة أردوغان للبيت الأبيض بواحد من خيارين: إما قدوم وزير الخارجية الأميركية كيري إلى أنقرة في زيارة يتمّ توقيتها بشكل يتزامن مع الانتهاء من بناء الجدار أو أن يتم عقد اجتماع للناتو في أنقرة يكون «ضيف الشرف» فيه أردوغان.

 المراقبون الذين يتابعون مسار هذا الحدث، ينتظرون نهاية الأسابيع السبعة المقبلة، ليروا ما إذا كان أوباما سيستجيب لطلب أردوغان السري باستقباله منتصف الشهر الثاني من العام المقبل، أم أنه سيمنحه نصف تعويض عبر زيارة يقوم بها كيري لأنقرة أو اجتماع للناتو يستضيف أردوغان.

 يبقى القول إن أردوغان في ظل ارتشافه كأس الهزيمة السورية أصبح أكثر طواعية لطلب أميركا منه الذهاب مكسوراً إلى إسرائيل، فيما الأخيرة أصبحت أكثر تشدداً لجهة رفضها مطالبة أردوغان لها بإنشاء شراكة إقليمية غير معلنة معها تتسم بالندّية.

 كلّ ذلك يحدث فيما موسكو تشدّد خناقها على تركيا، من خلال عدم اعترافها بخطوط أردوغان الحمر في سماء شمال سورية وجبل التركمان، ومن خلال استمرار روسيا أيضاً باعتبار الموقف التركي مداناً في دعمه للإرهاب حتى يثبت عملياً العكس، وليس نظرياً.

  • فريق ماسة
  • 2015-12-28
  • 5474
  • من الأرشيف

قصة طلب أردوغان لقاء أوباما؟

مع انتهاء الأسابيع الستة المقبلة تكون أنقرة أكملت بناء الجدار على طول الحدود التركية مع سورية.   وبذلك يصبح «داعش» من دون خط إمداد لوجستي مع العالم. وتقول معلومات إن المخابرات التركية تبحث مع أجواء في «داعش» وفي المعارضة التكفيرية الموجودة في سورية عن حلول تمكن الأخيرين من الحصول على بدائل لبيع النفط والحصول على الأسلحة والعديد.  وبحسب هذه المعلومات، فإن أنقرة أصبحت مضطرة لإقفال حدودها مع سورية نظراً لأسباب جوهرية عدة، أبرزها:  أولاً – الإحراج الذي طال الناتو نتيجة استمرار تركيا التي هي أحد أعضائه، في إيصال الدعم اللوجستي المختلف الأوجه من داخل أراضيها إلى سورية لمصلحة داعش.  ثانياً – فشل تركيا في تمرير أهداف مناورتها مع الاتحاد الأوروبي، والتي ادعت أنقرة في إطارها أن البديل لوقف وصول النازحين من سورية إلى الدول الأوروبية، يتمثل بتأييد الغرب لموقف أنقرة بإنشاء منطقة آمنة لهم بالقرب من حدودها داخل الأراضي السورية.  لقد رفض العالم هذه الفكرة رغم محاولات أنقرة الحثيثة، ابتزاز الأوروبيين بمطلب «المنطقة الآمنة» مقابل «وقف السماح للنازحين السوريين بالتسرب بحراً من شواطئها إلى أوروبا».  ثالثاً: بدأت مظاهر «داعش» داخل مناطق مختلفة من تركيا تتضخّم، مما جعل المستويات التركية الأمنية تخشى من أن ينقلب السحر الإرهابي على الساحر التركي الداعم لداعش في سورية.  قصارى القول، بحسب ما تفيد به هذه المعلومات، أنّ رهانات أنقرة وصلت للحظة صعبة في موقفها من الأزمة السورية فهي تواجه الآن احتمالات خطرة:  فمن جهة قد يقوم داعش بالانتقام من تركيا داخل أراضيها رداً على إقفال أنقرة الحدود بوجهه. ومن جهة ثانية فإن بناء جدار على حدودها مع سورية يؤشر إلى بداية انعزال السلطان العثماني أردوغان داخل حدود دولته، بعدما سقطت كل رهاناته على توسيع نفوذه إلى الداخل السوري. ومن جهة ثالثة يسود الاعتقاد في تركيا بأنّ مؤشرات هزيمة سياسة أردوغان وحزبه في سورية ستحدث ارتدادات داخل تركيا ضدهما وينتظر أن تلحق بهما الهزيمة السورية إلى داخل الساحة السياسية الداخلية التركية.  وتفيد مصادر هذه المعلومات ذاتها أنّ أردوغان يسعى لطلب اجتماع استثنائي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وذلك قبل الانتهاء من بناء جدار عزل الطموحات العثمانية عن سورية. وهدف أردوغان من هذا الاجتماع هو تحقيق هدف معنوي يظهر أن بناء الجدار هو محل تثمين دولي وليس انصياعاً لموجبات هزيمته السورية. وثمّة حل وسط يتم الآن تدارسه بين أنقرة وواشنطن، ومفاده أن يتمّ استبدال زيارة أردوغان للبيت الأبيض بواحد من خيارين: إما قدوم وزير الخارجية الأميركية كيري إلى أنقرة في زيارة يتمّ توقيتها بشكل يتزامن مع الانتهاء من بناء الجدار أو أن يتم عقد اجتماع للناتو في أنقرة يكون «ضيف الشرف» فيه أردوغان.  المراقبون الذين يتابعون مسار هذا الحدث، ينتظرون نهاية الأسابيع السبعة المقبلة، ليروا ما إذا كان أوباما سيستجيب لطلب أردوغان السري باستقباله منتصف الشهر الثاني من العام المقبل، أم أنه سيمنحه نصف تعويض عبر زيارة يقوم بها كيري لأنقرة أو اجتماع للناتو يستضيف أردوغان.  يبقى القول إن أردوغان في ظل ارتشافه كأس الهزيمة السورية أصبح أكثر طواعية لطلب أميركا منه الذهاب مكسوراً إلى إسرائيل، فيما الأخيرة أصبحت أكثر تشدداً لجهة رفضها مطالبة أردوغان لها بإنشاء شراكة إقليمية غير معلنة معها تتسم بالندّية.  كلّ ذلك يحدث فيما موسكو تشدّد خناقها على تركيا، من خلال عدم اعترافها بخطوط أردوغان الحمر في سماء شمال سورية وجبل التركمان، ومن خلال استمرار روسيا أيضاً باعتبار الموقف التركي مداناً في دعمه للإرهاب حتى يثبت عملياً العكس، وليس نظرياً.

المصدر : الماسة السورية/ يوسف المصري


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة