قيل إن مؤتمراً للمعارضات السورية استضافته العاصمة السعودية الرياض، وكان واضحاً منذ أن أعلنت السعودية عن هذا المؤتمر، أن لا غاية له سوى التصعيد، ولن يساهم من قريب أو بعيد لا في وحدة هذه المعارضات، ولا في الاقتراب من حل سياسي، لعد أسباب أبرزها:

1- هذا المؤتمر لا يهم سورية والسوريين بتاتاً، فغايته الأهم صياغة تحالف ثلاثي بين السعودية وقطر وتركيا، ومهمته مواجهة التطورات الميدانية على الأرض السورية التي تتميز بالتقدم البارز للجيش السوري وحلفائه على مختلف المحاور.

2- إعادة اللحمة للجماعات الإرهابية والتكفيرية التي تزداد صراعاتها الدموية فيما بينها، بسبب تضارب الانتماءات والميول والمصالح.

3- محاولة لإيجاد حالة من التنسيق، على الأقل بين المجموعات المسلحة والقوى السياسية المدعومة من هذا الثلاثي، لتمتين موقف التحالف أو "المعارضات" السورية على طاولات المفاوضات التي تجري في أكثر من مكان، مثل فيينا ونيويورك وغيرهما، خصوصاً أن هذه التطورات تأتي وسط ارتفاع منسوب التهديدات الإرهابية في الغرب، كما حصل في باريس، ولندن، والولايات المتحدة وبلجيكا..

4- أن محاولات السعودية الخروج بمواقف، ولو فيها الحد الأدنى من التوافق، مع الكلفة العالية التي دفعتها لزبانيتها من المعارضين، هدفها إبراز أن الرياض ما زال لها دور قيادي ومؤثر، بالرغم من النكسات التي تتعرض لها في أكثر من مكان (سورية، واليمن، ولبنان، والعراق)، بالإضافة إلى أزمتها الاقتصادية الآخذة بالاتساع، مما تسبب بالصراع الخفي والواسع بين أجنحة العائلة المالكة.

5- مأزق التحالف الثلاثي لن يحله لقاء الرياض، الذي شبهه معارض سوري بأن الدعوة إليه كانت بمنزلة مذكّرة جلب للبصم على ما تريده السعودية، التي لا تعرف كيفية الخروج من مآزقها، في نفس الوقت الذي يعمل الطرفان الآخران (تركيا وقطر) ليكون هزيلاً، وبذلك يكرّسان دورهما كلاعبين كبيربين، وبالتالي تضطر مملكة الرمال للاستنجاد بهما لاستمرار العمل المشترك والتنسيق، لكن وفق مصالحهما وحساباتهما أولاً.

6- مأزق هذا المؤتمر أنه استبعد قوى وشخصيات أساسية، أهمها: قوات حماية الشعب الكردي، التي تقاتل الإرهاب، خصوصاً "داعش" و"جبهة النصرة"، وشخصيات وقوى معارضة في الداخل السوري وخارجه، في وقت وُجدت كثير من الشخصيات والقوى التي عملت قبل أن تتوجه إلى عاصمة آل سعود، لمعرفة كم الثمن الذي ستقبضه لقاء الذهاب إلى الرياض، والمشاركة، علماً أن معلومات أشارت إلى أن بعض الشخصيات لم تذهب لأنها وجدت أن المبالغ التي ستتقاضاها ضئيلة.

الرياض رغم مؤتمرها الفلكلوري لم تترك بصمة في التنسيق أو العمل المشترك بين المعارضات، سواء من نزلاء فنادق النجوم الخمسة وملحقاتهم، أو بين الجماعات الإرهابية والتكفيرية، فـ"جبهة النصرة" مدعومة من قطر، و"داعش" تتوفر لها التغطية من تركيا والسعودية، و"حركة أحرار الشام" و"جيش الإسلام" مدعومان من مملكة الرمال.. وكلها مصنفة في خانة الإرهاب، وهؤلاء كلهم مرفوض مشاركتهم في أي مؤتمر دولي من أجل سورية، وعلى الأقل هم مرفوضون من قبل موسكو.

بأي حال، فإن السلطان التركي رجب طيب أردوغان، الذي سلّفه مفتي المملكة السعودية موقفاً لا يحلم به، حينما وصف تركيا بـ"الثغر الأعظم"، والذي معناه أنه معه ويسانده في تدمير العراق وسورية، شهر خنجره وحقده وأطماعه التاريخية في حلب والموصل.

في حلب، من الواضح أن الجيش السوري بدأ هجوماً واسعاً في ظل الغارات الجوية الروسية، ويوجّه ضربات هامة للإرهابيين الظلاميين، إضافة بالطبع إلى الضربات الحاسمة في أرياف دمشق واللاذقية وحماه ودرعا وغيرها..

ولهذا، اندفع التركي إلى الموصل العراقية، بتنسيق كامل مع مسعود برازاني، وكأن هذا الأخير نسي أن "داعش" كان أحد أهم اهدافها الوصول إلى أربيل، بالتنسيق مع الطوراني اردوغان.

والمفارقة هنا أن وزير خارجية أردوغان أكد أن الدخول إلى الموصل تم بالاتفاق مع البرازاني، لتدريب الأكراد.. كلام هراء..

هل يفهم الأعراب ذلك؟

تدمير ليبيا باسم "الربيع"، لم يكن هدفه الإطاحة بمعمر القذافي، بل غايته أبعد من ذلك بكثير، كما يقول دبلوماسي عربي، وهو زعزعة مصر، التي استنزفتها اتفاقية كامب دايفيد، وجعلتها تستجدي الريالات القطرية والسعودية والذخيرة الأميركية، وحتى رغيف الخبز الذي سرقته قطط أنور السادات وحسني مبارك و"الإخوان" السمان.

وهدفه أيضاً هز المغرب العربي، خصوصاً تونس، التي يبقى فيها عراقة الجمهورية والثورة ضد الاستعمار الغربي، لكن الجائزة الكبرى لتدمير ليبيا، وتنمية الإرهاب ودعمه فيها، هو الجزائر، الذي يبقى الأهم عند السعودي والقطري والتركي، (حمى الله بلد المليون ونصف مليون شهيد).

 

  • فريق ماسة
  • 2015-12-16
  • 5010
  • من الأرشيف

مؤتمر "المعارضات السورية" في الرياض: فشل في اللقاء والنتائج والأهداف

قيل إن مؤتمراً للمعارضات السورية استضافته العاصمة السعودية الرياض، وكان واضحاً منذ أن أعلنت السعودية عن هذا المؤتمر، أن لا غاية له سوى التصعيد، ولن يساهم من قريب أو بعيد لا في وحدة هذه المعارضات، ولا في الاقتراب من حل سياسي، لعد أسباب أبرزها: 1- هذا المؤتمر لا يهم سورية والسوريين بتاتاً، فغايته الأهم صياغة تحالف ثلاثي بين السعودية وقطر وتركيا، ومهمته مواجهة التطورات الميدانية على الأرض السورية التي تتميز بالتقدم البارز للجيش السوري وحلفائه على مختلف المحاور. 2- إعادة اللحمة للجماعات الإرهابية والتكفيرية التي تزداد صراعاتها الدموية فيما بينها، بسبب تضارب الانتماءات والميول والمصالح. 3- محاولة لإيجاد حالة من التنسيق، على الأقل بين المجموعات المسلحة والقوى السياسية المدعومة من هذا الثلاثي، لتمتين موقف التحالف أو "المعارضات" السورية على طاولات المفاوضات التي تجري في أكثر من مكان، مثل فيينا ونيويورك وغيرهما، خصوصاً أن هذه التطورات تأتي وسط ارتفاع منسوب التهديدات الإرهابية في الغرب، كما حصل في باريس، ولندن، والولايات المتحدة وبلجيكا.. 4- أن محاولات السعودية الخروج بمواقف، ولو فيها الحد الأدنى من التوافق، مع الكلفة العالية التي دفعتها لزبانيتها من المعارضين، هدفها إبراز أن الرياض ما زال لها دور قيادي ومؤثر، بالرغم من النكسات التي تتعرض لها في أكثر من مكان (سورية، واليمن، ولبنان، والعراق)، بالإضافة إلى أزمتها الاقتصادية الآخذة بالاتساع، مما تسبب بالصراع الخفي والواسع بين أجنحة العائلة المالكة. 5- مأزق التحالف الثلاثي لن يحله لقاء الرياض، الذي شبهه معارض سوري بأن الدعوة إليه كانت بمنزلة مذكّرة جلب للبصم على ما تريده السعودية، التي لا تعرف كيفية الخروج من مآزقها، في نفس الوقت الذي يعمل الطرفان الآخران (تركيا وقطر) ليكون هزيلاً، وبذلك يكرّسان دورهما كلاعبين كبيربين، وبالتالي تضطر مملكة الرمال للاستنجاد بهما لاستمرار العمل المشترك والتنسيق، لكن وفق مصالحهما وحساباتهما أولاً. 6- مأزق هذا المؤتمر أنه استبعد قوى وشخصيات أساسية، أهمها: قوات حماية الشعب الكردي، التي تقاتل الإرهاب، خصوصاً "داعش" و"جبهة النصرة"، وشخصيات وقوى معارضة في الداخل السوري وخارجه، في وقت وُجدت كثير من الشخصيات والقوى التي عملت قبل أن تتوجه إلى عاصمة آل سعود، لمعرفة كم الثمن الذي ستقبضه لقاء الذهاب إلى الرياض، والمشاركة، علماً أن معلومات أشارت إلى أن بعض الشخصيات لم تذهب لأنها وجدت أن المبالغ التي ستتقاضاها ضئيلة. الرياض رغم مؤتمرها الفلكلوري لم تترك بصمة في التنسيق أو العمل المشترك بين المعارضات، سواء من نزلاء فنادق النجوم الخمسة وملحقاتهم، أو بين الجماعات الإرهابية والتكفيرية، فـ"جبهة النصرة" مدعومة من قطر، و"داعش" تتوفر لها التغطية من تركيا والسعودية، و"حركة أحرار الشام" و"جيش الإسلام" مدعومان من مملكة الرمال.. وكلها مصنفة في خانة الإرهاب، وهؤلاء كلهم مرفوض مشاركتهم في أي مؤتمر دولي من أجل سورية، وعلى الأقل هم مرفوضون من قبل موسكو. بأي حال، فإن السلطان التركي رجب طيب أردوغان، الذي سلّفه مفتي المملكة السعودية موقفاً لا يحلم به، حينما وصف تركيا بـ"الثغر الأعظم"، والذي معناه أنه معه ويسانده في تدمير العراق وسورية، شهر خنجره وحقده وأطماعه التاريخية في حلب والموصل. في حلب، من الواضح أن الجيش السوري بدأ هجوماً واسعاً في ظل الغارات الجوية الروسية، ويوجّه ضربات هامة للإرهابيين الظلاميين، إضافة بالطبع إلى الضربات الحاسمة في أرياف دمشق واللاذقية وحماه ودرعا وغيرها.. ولهذا، اندفع التركي إلى الموصل العراقية، بتنسيق كامل مع مسعود برازاني، وكأن هذا الأخير نسي أن "داعش" كان أحد أهم اهدافها الوصول إلى أربيل، بالتنسيق مع الطوراني اردوغان. والمفارقة هنا أن وزير خارجية أردوغان أكد أن الدخول إلى الموصل تم بالاتفاق مع البرازاني، لتدريب الأكراد.. كلام هراء.. هل يفهم الأعراب ذلك؟ تدمير ليبيا باسم "الربيع"، لم يكن هدفه الإطاحة بمعمر القذافي، بل غايته أبعد من ذلك بكثير، كما يقول دبلوماسي عربي، وهو زعزعة مصر، التي استنزفتها اتفاقية كامب دايفيد، وجعلتها تستجدي الريالات القطرية والسعودية والذخيرة الأميركية، وحتى رغيف الخبز الذي سرقته قطط أنور السادات وحسني مبارك و"الإخوان" السمان. وهدفه أيضاً هز المغرب العربي، خصوصاً تونس، التي يبقى فيها عراقة الجمهورية والثورة ضد الاستعمار الغربي، لكن الجائزة الكبرى لتدمير ليبيا، وتنمية الإرهاب ودعمه فيها، هو الجزائر، الذي يبقى الأهم عند السعودي والقطري والتركي، (حمى الله بلد المليون ونصف مليون شهيد).  

المصدر : أحمد زين الدين -


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة