مملكة الجهل ليس من السهل افهامها، فما محارجة الجاهل إلا غلبةً، كيف لا ولما تفهم السعودية أن محاربة الإرهاب لا تكون بقرار أحادي الجانب، لا يأخذ بعين الاعتبار المحيط الذي له اليد الطولى في هذه المنازلة.

لم تعِ الرياض منذ سنوات مضت وحتى يومنا هذا أن محاربة الإرهاب لا تكون بالأموال والطائرات التي لا تغني ولا تثمن فقط، إذا لم يتوقف خطابها التحريضي ونشر تعاليمها الوهابية في كل أصقاع العالم والتي تولد جماعات التكفير كداعش وأخواتها.

لا عتب، فمن يعيش في قصره العاجي مع ابناء عبد الوهاب، لا يدرك أن محاربة الإرهاب لا تكون عبر تشكيل تحالف بأوامر ملكية، دون دراسة جدوى ووضع استراتيجية للمعايير والاليات والأهداف. كما أنه لا يكون عبر فرض المملكة قرارها وشروطها على الدول المفترضة في تحالفاتها، واختزال دول أساسية في المنطقة يكون التعاون معها أنجع الوسائل لمحاربة الإرهاب. لم نر تحضيرات قبل اعلان تحالف بن سلمان بطريقة بهلوانية على شاكلة التحالف الدولي الذي أنشئ بقرار وتنفيذ أميركي لم يوصل إلى أي نتيجة خلال سنتين باعتراف أهل الإدارة الأميركية نفسها.

أما بيانه، الذي يقر بتشكيل التحالف العربي والاسلامي لمحاربة الإرهاب، فقد انطوى على ثغرات عديدة ترجح نسبة فشله أكثر من نجاحه، وحتى قبل بداية عمله، كونه أغفل تحديد اليات مكافحة الإرهاب التي سيعتمدها، وكذا إغفاله تسمية الجماعات الإرهابية التي ستحارب وإن تحدث عن شمولية في محاربة كل التنظيمات الإرهابية مع خلط كبير في مفهوم الإرهاب وعدم توضيحه وعدم وضع معايير تفرق بين من هو إرهابي أو مقاوم، مع عدم وضع رؤية كاملة لمواقف الدول المذكورة في تحالف ولي ولي العهد ومدى مساهمتها.

ومن أهم ثغرات هذا التحالف المفاجئ، أنه أغفل دولاً أساسية في محاربة الإرهاب، فلائحة الدول المنضوية به لم تشمل العراق وسوريا، الدولتين الأكثر تعرضاً للإرهاب مع أن وزير الدفاع السعودي سقط في زلة لسان تؤكد شرعية الدولة السورية عندما قال رداً على سؤال عن محاربة "داعش" في سوريا والعراق، "لا نستطيع القيام بعمليات في هاتين الدولتين من دون تنسيق مع السلطات الشرعية فيهما"، كما أن التحالف الورقي استبعد سلطنة عمان وإيران التي تعتبر من أهم الدول العاملة في مكافحة الإرهاب والأكثر مساعدةً للتخلص منه في منطقتنا.

 

السؤال الأكثر إثارة في هذا البيان، هو عن الادعاءات الكامنة بحق الحياة وكرامة الإنسان وحقوقه التي يتحدث عنها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهل السعودية تلتزم بهذه الحقوق اصلاً وتقيم لها اعتبارا في بلادها أولاً ومع جيرانها ثانياً، هل أعطت مواطنيها حقوقهم هذه، وهل احترمت حق الحياة والكرامة الإنسانية لدى شعب اليمن؟ هل أن السعودية اصلاً تحترم مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان كي تشكل تحالفًا لمحاربة الإرهاب؟

عليه، فإن التحالف سيضم دولاً هي في الأساس تتشابك في صراعات ثنائية واحياناً ثلاثية، لا سيما السعودية وتركيا وقطر ومصر والإمارات فكيف سينجح عمل تحالف يضم دولا متناحرة دون أن يكون لديه استراتجية واضحة عن القيادة والقوات.

المستغرب أن من يعلن تحالفًا وهميًا فلكلوريًا لمحاربة الإرهاب هو نفسه من يولّده ويدعمه، فكيف يمكن لدولة الوهابية أن تتحدث عن مكافحة الإرهاب وهي لا تفرق عن "داعش" في شيء، وعقيدتها الوهابية التي تعتبر الركيزة الأساسية لاستمرار سلطة العائلة الحاكمة، تكفر أهل السنّة والجماعة ممن يعتقدون باستحباب زيارة قبر الرسول (ص) ويؤمنون بشفاعته.

لا بل أن مشايخ السعودية على شاكلة مفتي البغدادي والجولاني يفتون بهدر دماء المسلمين وأموالهم ممن يعارضهم سواء كانوا من أهل السنّة أو من غيرهم. لقد انتشر فكر الوهابيين الذي يدعو الى قتل الابرياء في بلاد المسلمين بدعم سعودي من خلال بناء المدارس والمعاهد التي تدرس هذه الأفكار، في العديد من الدول المشاركة في هذا التحالف الذي تتزعمه السعودية.

حتى الان إذا، لم تقتنع السعودية بفشل إدعاءاتها حول مكافحة الإرهاب، فهذه المكافحة لا تبدأ أو تستمر إلا من خلال التخلي عن خطاب الوهابية التكفيري ومحاربة أفكار هؤلاء بالشكل المطلوب، فالقضاء على الإرهاب يبدأ بالقضاء على الوهابية أولا.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-12-16
  • 9083
  • من الأرشيف

رسالة الى بن سلمان: الحرب على الارهاب تبدأ باجتثاث الوهابية

 مملكة الجهل ليس من السهل افهامها، فما محارجة الجاهل إلا غلبةً، كيف لا ولما تفهم السعودية أن محاربة الإرهاب لا تكون بقرار أحادي الجانب، لا يأخذ بعين الاعتبار المحيط الذي له اليد الطولى في هذه المنازلة. لم تعِ الرياض منذ سنوات مضت وحتى يومنا هذا أن محاربة الإرهاب لا تكون بالأموال والطائرات التي لا تغني ولا تثمن فقط، إذا لم يتوقف خطابها التحريضي ونشر تعاليمها الوهابية في كل أصقاع العالم والتي تولد جماعات التكفير كداعش وأخواتها. لا عتب، فمن يعيش في قصره العاجي مع ابناء عبد الوهاب، لا يدرك أن محاربة الإرهاب لا تكون عبر تشكيل تحالف بأوامر ملكية، دون دراسة جدوى ووضع استراتيجية للمعايير والاليات والأهداف. كما أنه لا يكون عبر فرض المملكة قرارها وشروطها على الدول المفترضة في تحالفاتها، واختزال دول أساسية في المنطقة يكون التعاون معها أنجع الوسائل لمحاربة الإرهاب. لم نر تحضيرات قبل اعلان تحالف بن سلمان بطريقة بهلوانية على شاكلة التحالف الدولي الذي أنشئ بقرار وتنفيذ أميركي لم يوصل إلى أي نتيجة خلال سنتين باعتراف أهل الإدارة الأميركية نفسها. أما بيانه، الذي يقر بتشكيل التحالف العربي والاسلامي لمحاربة الإرهاب، فقد انطوى على ثغرات عديدة ترجح نسبة فشله أكثر من نجاحه، وحتى قبل بداية عمله، كونه أغفل تحديد اليات مكافحة الإرهاب التي سيعتمدها، وكذا إغفاله تسمية الجماعات الإرهابية التي ستحارب وإن تحدث عن شمولية في محاربة كل التنظيمات الإرهابية مع خلط كبير في مفهوم الإرهاب وعدم توضيحه وعدم وضع معايير تفرق بين من هو إرهابي أو مقاوم، مع عدم وضع رؤية كاملة لمواقف الدول المذكورة في تحالف ولي ولي العهد ومدى مساهمتها. ومن أهم ثغرات هذا التحالف المفاجئ، أنه أغفل دولاً أساسية في محاربة الإرهاب، فلائحة الدول المنضوية به لم تشمل العراق وسوريا، الدولتين الأكثر تعرضاً للإرهاب مع أن وزير الدفاع السعودي سقط في زلة لسان تؤكد شرعية الدولة السورية عندما قال رداً على سؤال عن محاربة "داعش" في سوريا والعراق، "لا نستطيع القيام بعمليات في هاتين الدولتين من دون تنسيق مع السلطات الشرعية فيهما"، كما أن التحالف الورقي استبعد سلطنة عمان وإيران التي تعتبر من أهم الدول العاملة في مكافحة الإرهاب والأكثر مساعدةً للتخلص منه في منطقتنا.   السؤال الأكثر إثارة في هذا البيان، هو عن الادعاءات الكامنة بحق الحياة وكرامة الإنسان وحقوقه التي يتحدث عنها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهل السعودية تلتزم بهذه الحقوق اصلاً وتقيم لها اعتبارا في بلادها أولاً ومع جيرانها ثانياً، هل أعطت مواطنيها حقوقهم هذه، وهل احترمت حق الحياة والكرامة الإنسانية لدى شعب اليمن؟ هل أن السعودية اصلاً تحترم مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان كي تشكل تحالفًا لمحاربة الإرهاب؟ عليه، فإن التحالف سيضم دولاً هي في الأساس تتشابك في صراعات ثنائية واحياناً ثلاثية، لا سيما السعودية وتركيا وقطر ومصر والإمارات فكيف سينجح عمل تحالف يضم دولا متناحرة دون أن يكون لديه استراتجية واضحة عن القيادة والقوات. المستغرب أن من يعلن تحالفًا وهميًا فلكلوريًا لمحاربة الإرهاب هو نفسه من يولّده ويدعمه، فكيف يمكن لدولة الوهابية أن تتحدث عن مكافحة الإرهاب وهي لا تفرق عن "داعش" في شيء، وعقيدتها الوهابية التي تعتبر الركيزة الأساسية لاستمرار سلطة العائلة الحاكمة، تكفر أهل السنّة والجماعة ممن يعتقدون باستحباب زيارة قبر الرسول (ص) ويؤمنون بشفاعته. لا بل أن مشايخ السعودية على شاكلة مفتي البغدادي والجولاني يفتون بهدر دماء المسلمين وأموالهم ممن يعارضهم سواء كانوا من أهل السنّة أو من غيرهم. لقد انتشر فكر الوهابيين الذي يدعو الى قتل الابرياء في بلاد المسلمين بدعم سعودي من خلال بناء المدارس والمعاهد التي تدرس هذه الأفكار، في العديد من الدول المشاركة في هذا التحالف الذي تتزعمه السعودية. حتى الان إذا، لم تقتنع السعودية بفشل إدعاءاتها حول مكافحة الإرهاب، فهذه المكافحة لا تبدأ أو تستمر إلا من خلال التخلي عن خطاب الوهابية التكفيري ومحاربة أفكار هؤلاء بالشكل المطلوب، فالقضاء على الإرهاب يبدأ بالقضاء على الوهابية أولا.  

المصدر : علي إبراهيم مطر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة