يبدو أنّ تفرّد قناة «الجزيرة» بأخبار رموز «القاعدة» وقادتها، لم يعد يروق لأبو محمد الجولاني، زعيم فرع التنظيم في سوريا (جبهة النصرة). هكذا، أطلّ الجولاني قبل يومين على ثلاث محطات مختلفة في توقيت واحد، ضمن ما أسماه «مؤتمراً صحافياً» ردّاً على المؤتمر الذي عُقِد في السعودية لعدد من فصائل المعارضة.

أحيط «مؤتمر الجولاني» بترويج إعلامي كبير، بدءاً من الخميس الماضي، حين نشرت حسابات مؤسسة «المنارة البيضاء» التابعة لـ «جبهة النصرة»، صورة تظهر الجولاني من الخلف، جالساً إلى طاولة حوار قبالة أربعة صحافيين، مع تعليق «قريباً... مؤتمر صحافي لأبي محمد الجولاني على ثلاث محطّات».

انتشرت صورة الجولاني بكثافة عبر حسابات قناتي «أورينت» و «الغد العربي»، في حين لم تولها «الجزيرة» اهتماماً كبيراً. ومساء أمس الأوّل السبت، وبعد تأخير لساعات عدّة عن الموعد المحدّد لعرض «المؤتمر المسجّل»، عُرض اللقاء كاملاً على «أورينت» و «الغد العربي»، واختارت «الجزيرة» مقتطفات منه، عرضتها في نشرة الأخبار، ونشرت محتواه كاملاً على موقعها.

 

أجرى الحوار مع زعيم «النصرة» موسى العمر موفد «الغد العربي»، أدهم أبو الحسام مراسل «الجزيرة»، محمد الفيصل مراسل «أورينت»، وهادي العبد الله الذي حضر المؤتمر بصفة «مستقلّ». تجاوزت مدّة اللقاء الساعة، وظهر وجه الجولاني خلاله، مموّهاً. تمحور معظم الحديث حول مؤتمر الرياض الذي عدّ الجولاني المشاركة فيه «خيانة لدماء الشهداء».

 

هذه الإطلالة التلفزيونيّة الثالثة لزعيم «جبهة النصرة»، بعد لقاءين أجراهما مع «الجزيرة»، الأول مع تيسير علوني العام 2013، والثاني مع أحمد منصور في شهر أيار من العام الحالي. وخلال اللقاءين السابقين لم يظهر وجه الجولاني، بعكس اللقاء الأخير حيث أخفيت معالمه.

 

حرص الجولاني على تقديم نفسه كـ «رجل سياسي»، يحلّل المواقف السياسية الدولية، وأسباب التدخل الروسي، وموقف تركيا، ومواقف السعودية وغيرها، من دون أن يتطرّق إلى قطر بأي شكل من الأشكال. قدّم شرحاً عن نظرة تنظيمه للمجريات الميدانيّة، ما جعل المؤتمر الصحافيّ تسويقاً مباشراً لأفكار التنظيم وأهدافه، مع التقليل من شأن خطورة ارتباطه بـ «القاعدة»، الذي لم ير فيه الجولاني «أيّ مشكلة».

 

حاولت الحلقة إظهار الجولاني كـ «رجل دولة»، وليس كـ «أمير حرب»، إذ رأيناه وهو يصافح ضيوفه، ويحتسي القهوة، ويسمح لمحاوريه بمقاطعته في بعض الأحيان، ويناقش الأمور «في السياسة» من دون الاستشهاد بآيات قرآنيّة، أو أحاديث نبويّة.

 

تجدر الإشارة إلى أنّ المحاورين الأربعة الذين حضروا «المؤتمر الصحافي»، لا يخفون تأييدهم الكبير لـ «جبهة النصرة». فموسى العمر على سبيل المثال، يكتب على «فايسبوك» عبارات تأييد للتنظيم، من مقرّ إقامته في لندن، ولا يخفي علاقة بعض أقاربه به، إذ يقاتل بعضهم داخل صفوفه في قرية تفتناز (ريف حلب). محاورو الجولاني الثلاثة الآخرون، مقيمون في سوريا، ويرافقون مسلحي «النصرة» خلال المعارك، وأجروا لقاءات مع بعض قياديي التنظيم الميدانيين. كذلك الأمر بالنسبة للقنوات التي عرضت اللقاء، إذ إنّها لا تخفي نفسها المؤيّد لـ «المجاهدين»، وتعاطفها معهم.

 

وسط الصراع الإعلامي المبطّن بين القنوات الناطقة باسم السعودية («العربية» مثلاً)، والقنوات الناطقة باسم قطر (في مقدّمتها «الجزيرة»)، برز في لقاء الجولاني انتقاده للرياض، وتجديد عدم اعترافه بـ «الجيش الحر». أثار الموقف الأخير ضجّة بعد عرض اللقاء، ما دفع بـ «مؤسسة المنارة البيضاء» إلى نشر توضيح حوله. تجدر الإشارة إلى أنّ المؤسّسة تولّت عمليّات مونتاج «المؤتمر الصحافي»، وسلّمته للقنوات العارضة التي لم تتدخّل في مضمونه، بل بثّته فوراً. هكذا، حلّت لحية الجولاني وظهره ضيفان بصيغة «رئاسيّة» على الشاشة، من دون أن تظهر هذه المرة لقطة توضح إن كان الضيوف قد خلعوا أحذيتهم كما فعل أحمد منصور، أم لا.

  • فريق ماسة
  • 2015-12-13
  • 7795
  • من الأرشيف

هل خلع محاورو أبي محمد الجولاني أحذيتهم مثل أحمد منصور؟

يبدو أنّ تفرّد قناة «الجزيرة» بأخبار رموز «القاعدة» وقادتها، لم يعد يروق لأبو محمد الجولاني، زعيم فرع التنظيم في سوريا (جبهة النصرة). هكذا، أطلّ الجولاني قبل يومين على ثلاث محطات مختلفة في توقيت واحد، ضمن ما أسماه «مؤتمراً صحافياً» ردّاً على المؤتمر الذي عُقِد في السعودية لعدد من فصائل المعارضة. أحيط «مؤتمر الجولاني» بترويج إعلامي كبير، بدءاً من الخميس الماضي، حين نشرت حسابات مؤسسة «المنارة البيضاء» التابعة لـ «جبهة النصرة»، صورة تظهر الجولاني من الخلف، جالساً إلى طاولة حوار قبالة أربعة صحافيين، مع تعليق «قريباً... مؤتمر صحافي لأبي محمد الجولاني على ثلاث محطّات». انتشرت صورة الجولاني بكثافة عبر حسابات قناتي «أورينت» و «الغد العربي»، في حين لم تولها «الجزيرة» اهتماماً كبيراً. ومساء أمس الأوّل السبت، وبعد تأخير لساعات عدّة عن الموعد المحدّد لعرض «المؤتمر المسجّل»، عُرض اللقاء كاملاً على «أورينت» و «الغد العربي»، واختارت «الجزيرة» مقتطفات منه، عرضتها في نشرة الأخبار، ونشرت محتواه كاملاً على موقعها.   أجرى الحوار مع زعيم «النصرة» موسى العمر موفد «الغد العربي»، أدهم أبو الحسام مراسل «الجزيرة»، محمد الفيصل مراسل «أورينت»، وهادي العبد الله الذي حضر المؤتمر بصفة «مستقلّ». تجاوزت مدّة اللقاء الساعة، وظهر وجه الجولاني خلاله، مموّهاً. تمحور معظم الحديث حول مؤتمر الرياض الذي عدّ الجولاني المشاركة فيه «خيانة لدماء الشهداء».   هذه الإطلالة التلفزيونيّة الثالثة لزعيم «جبهة النصرة»، بعد لقاءين أجراهما مع «الجزيرة»، الأول مع تيسير علوني العام 2013، والثاني مع أحمد منصور في شهر أيار من العام الحالي. وخلال اللقاءين السابقين لم يظهر وجه الجولاني، بعكس اللقاء الأخير حيث أخفيت معالمه.   حرص الجولاني على تقديم نفسه كـ «رجل سياسي»، يحلّل المواقف السياسية الدولية، وأسباب التدخل الروسي، وموقف تركيا، ومواقف السعودية وغيرها، من دون أن يتطرّق إلى قطر بأي شكل من الأشكال. قدّم شرحاً عن نظرة تنظيمه للمجريات الميدانيّة، ما جعل المؤتمر الصحافيّ تسويقاً مباشراً لأفكار التنظيم وأهدافه، مع التقليل من شأن خطورة ارتباطه بـ «القاعدة»، الذي لم ير فيه الجولاني «أيّ مشكلة».   حاولت الحلقة إظهار الجولاني كـ «رجل دولة»، وليس كـ «أمير حرب»، إذ رأيناه وهو يصافح ضيوفه، ويحتسي القهوة، ويسمح لمحاوريه بمقاطعته في بعض الأحيان، ويناقش الأمور «في السياسة» من دون الاستشهاد بآيات قرآنيّة، أو أحاديث نبويّة.   تجدر الإشارة إلى أنّ المحاورين الأربعة الذين حضروا «المؤتمر الصحافي»، لا يخفون تأييدهم الكبير لـ «جبهة النصرة». فموسى العمر على سبيل المثال، يكتب على «فايسبوك» عبارات تأييد للتنظيم، من مقرّ إقامته في لندن، ولا يخفي علاقة بعض أقاربه به، إذ يقاتل بعضهم داخل صفوفه في قرية تفتناز (ريف حلب). محاورو الجولاني الثلاثة الآخرون، مقيمون في سوريا، ويرافقون مسلحي «النصرة» خلال المعارك، وأجروا لقاءات مع بعض قياديي التنظيم الميدانيين. كذلك الأمر بالنسبة للقنوات التي عرضت اللقاء، إذ إنّها لا تخفي نفسها المؤيّد لـ «المجاهدين»، وتعاطفها معهم.   وسط الصراع الإعلامي المبطّن بين القنوات الناطقة باسم السعودية («العربية» مثلاً)، والقنوات الناطقة باسم قطر (في مقدّمتها «الجزيرة»)، برز في لقاء الجولاني انتقاده للرياض، وتجديد عدم اعترافه بـ «الجيش الحر». أثار الموقف الأخير ضجّة بعد عرض اللقاء، ما دفع بـ «مؤسسة المنارة البيضاء» إلى نشر توضيح حوله. تجدر الإشارة إلى أنّ المؤسّسة تولّت عمليّات مونتاج «المؤتمر الصحافي»، وسلّمته للقنوات العارضة التي لم تتدخّل في مضمونه، بل بثّته فوراً. هكذا، حلّت لحية الجولاني وظهره ضيفان بصيغة «رئاسيّة» على الشاشة، من دون أن تظهر هذه المرة لقطة توضح إن كان الضيوف قد خلعوا أحذيتهم كما فعل أحمد منصور، أم لا.

المصدر : علاء حلبي- السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة