تجد الحكومة السورية صعوبة بالغة في وضع رقم تقديري لحجم الدمار الذي حلّ في البلاد، مستندة في كثير من الأحيان لمصادرها الخاصة، ولوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما في المناطق التي لا تطالها أعين خبرائها وموظفيها.

 

ويجد المسؤولون السوريون هذا مبرراً لوضع الأرقام التي تصدر عن مؤسسات دولية، في إطار التخمينات، وأحياناً في سياق «مشروع اقتصادي سياسي لما بعد الحرب». لكن في كلتا الحالتين ليس ثمة توثيق دقيق كامل للصورة والتفاصيل، وإن كان ثمة اتفاق على أن ما جرى ويجري في سوريا هو كارثة إنسانية واقتصادية بكل المقاييس المعتمدة.

 

ومؤخراً، اعترف مدير المكتب المركزي للإحصاء إحسان عامر بصعوبة استقاء معلومات دقيقة لإعداد تقاريره المعتادة، مشيراً إلى أن المكتب «غيّر أساليبه في الحصول على البيانات والمعلومات والأرقام، و(قرّر) اللجوء إلى سحب العينات واستقاء البيانات عن المناطق غير المستقرة من الأشخاص واستخدام الإنترنت والهاتف ..الخ». كما أشار عامر، في لقاء مع صحيفة حكومية منذ أيام، إلى أن النتائج التي يتم تحصيلها «ليست للنشر»، وذلك بناء على تعليمات حكومية، خلافاً لما كان عليه الوضع قبل سنوات.

إلا أن دراسة أعدّها مؤخراً معاون وزير الاقتصاد السوري حيان سليمان، ولكن بصفته البحثية لا الرسمية، تلخص كلفة الدمار الحاصل في الداخل بحدود 250 مليار دولار. وهو رقم كما قال سليمان لـ «السفير» رقم تقديري، اعتمد على «جهود الباحث الخاصة».

ووفقاً للسابق بلغت قيمة الأضرار في القطاعات السورية كالتالي:

- قطاع التجارة: 750 مليار ليرة سورية، وشملت الأضرار منع التحويلات المالية ومنع التعامل مع رجال الأعمال وزيادة تكلفة فتح الاعتماد، وتذبذب سعر الصرف، والاعتداء على المستودعات، وارتفاع الأسعار بما يعادل خمس مرات.

- قطاع الصناعة: 568 مليار ليرة، وشملت الأضرار إغلاق المعامل، وتدمير وتخريب المنشآت، ونزوح الصناعة الوطنية، وهروب وهجرة اليد العاملة الخبيرة، وسرقة معامل ومستودعات.

- قطاع الزراعة: شهد تراجعاً بنسبة 15 في المئة، وشملت الأضرار: تدمير القسم الأكبر من الإنتاج النباتي والحيواني، وسرقة المواسم وتهريبها، وسرقة المعدات والآليات، وتضخم الأسعار.

- قطاع السياحة: 330 مليار ليرة سورية، وشملت الأضرار إغلاق الفنادق، وتراجع عدد السياح، وتدمير المنشآت، وسرقة معدات.. الخ.

- قطاع النقل: تجاوزت قيمة الأضرار 660 مليار ليرة، وشملت الأضرار تراجع نقل البضائع السككي، وانخفاض عدد البواخر الواردة إلى المرافئ السورية، وتراجع وتيرة عمل الطيران السوري ..الخ.

- قطاع الكهرباء: تجاوزت قيمة أضراره المادية ما يزيد عن 1500 مليار ليرة سورية، وشملت الأضرار تدمير مرتكزات البنية التحتية ومحطات الكهرباء وسرقة المعدات.. الخ.

- قطاع النفط والغاز: تجاوزت قيمة الأضرار ما يزيد عن 27 مليار دولار، وشملت الأضرار تراجع إنتاج النفط من 385 ألف برميل إلى أقل من 10 آلاف برميل، والاعتداء على البنية التحتية للنفط والغاز .. الخ.

- القطاع النقدي: تراجعت قيمة الليرة أكثر من 80 في المئة، وشملت الأضرار الاحتياطات النقدية، وزيادة التلاعب بأسعار الصرف، وتراجع القوة الشرائية لليرة السورية، وتهريب العملة الوطنية والأجنبية.

- قطاع التربية والتعليم: بلغت الخسائر 50 مليار ليرة سورية، وشملت الأضرار تدمير البنى التحتية للمدارس والجامعات، وسرقة أصول ثابتة، وتدمير 5500 مدرسة، وسرقة معدات وأصول.

من جهتها، وجدت «لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا» (الاسكوا)، في تقرير صادر منذ عامين، أن ما يقرب من مليون ونصف المليون منزل تعرّضت للدمار الكلي أو الجزئي أو تضررت بسبب الحرب، منها 315 ألف منزل تعرّض للدمار الكامل، و300 ألف منزل تعرض للدمار الجزئي، مع دمار البنية التحتية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي.

ويمكن الافتراض أن هذا الرقم قد ازداد بشكل دراماتيكي، ولا سيما بعد دخول دول عدة ميدان القصف الجوي، واشتداد هذا القصف وتحوله إلى استخدام الأسلحة الاستراتيجية بقدرات تدمير عالية جداً.

وفي بيان لاحق منذ عام، ذكرت «الاسكوا» أن الخسائر المتوقع أن يتكبدها الاقتصاد السوري في حال استمرار النزاع حتى العام 2015 ستصل إلى 237 مليار دولار.

وجاء في تقرير أصدرته المنظمة، بعنوان «تكلفة النزاع في سوريا - الأثر على الاقتصاد الكلي والأهداف الإنمائية للألفية»، أن الناتج المحلي السوري تراجع في العام 2013 إلى 33.4 مليار دولار، مقارنة بالعام 2010 الذي بلغ فيه 60.1 مليار دولار، بنسبة انخفاض 44.4 في المئة، وارتفع معدل التضخم بنسبة 90 في المئة، وتراجعت الصادرات بنسبة 95 في المئة، والواردات بنسبة 93 في المئة مقارنة مع العام نفسه.

وخلص التقرير إلى أن «ما حققته سوريا خلال عقود من التنمية أنفقته في 3 سنوات فقط». وأوضح أن عدد المساكن التي تهدّمت منذ بدء الحرب بلغ 678.97 ألف منزل حتى العام الحالي، فيما بلغ عدد المساكن التي تضرّرت بشكل جزئي نحو 509.1 آلاف منزل، وعدد المساكن التي تضرّرت فيها البنية التحتية نحو 862.21 ألف منزل.

وكشف أن معدل البطالة في صفوف الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، ارتفع إلى 82 في المئة نهاية العام الماضي، مقارنة بنسبة 35 في المئة العام 2011، متوقعة أن تصل إلى 66 في المئة في العام 2015.

وتصدّرت حلب المحافظات التي تعرّضت لدمار المنازل بسبب الأحداث التي تشهدها سوريا، حيث دمّر ما يقرب من نصف منازلها وتقدّر بـ 424 ألف منزل مدمّر كلياً أو جزئياً، يليها ريف دمشق بدمار نصف منازله أيضاً، ومن ثم حمص بحوالي 200 ألف منزل مدمّر، ثم جاءت إدلب في المرتبة الرابعة ومحافظة درعا في المرتبة الخامسة، وفي المرتبة السادسة دير الزور التي دمّر فيها حوالي 82 ألف منزل. وبحسب الدراسة فإنّ مجموع تكاليف إعادة بناء المنازل وحدها تحتاج حتى الآن إلى حوالي 700 مليار ليرة سورية.

من جهته، اعتبر سليمان أن الدمار الذي حصل كان ممنهجاً على حد تعبيره، وبموجب عمليات «مخططة وممنهجة وهادفة إلى تدمير القطاعات الأساسية، وهي القطاعات المحرّضة للتنمية والمولدة لعوامل النمو».

ووفقاً لدراسته، فإن تركيا لعبت الدور الأساسي في هذه العملية، وجنت من خلفها مليارات الدولارات. ويشير في هذا السياق إلى أن قيمة الصادرات التركية لسوريا ارتفع في المناطق التي خرجت منها القوات الحكومية، و «بلغت قيمتها بين العامين 2012 و2014 أكثر من مليار دولار، وأصبحت في العام 2014 في مستوى مقارب لحجم الصادرات التي كانت في ذروة التعامل الاقتصادي بين سوريا وتركيا، أي في العام 2010 والذي بلغ 1.84 مليار دولار.

ولذلك يرى سليمان أن هذا يبرّر تسمية الرئيس التركي رجب طيب «أردوغان بأنه لص سوريا لا لص حلب». والتسمية الأخيرة سبق أن أطلقها رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي أولاً، بعد قيام المسلحين بتفكيك مصانع حلب وبيعها لتجار أتراك.

  • فريق ماسة
  • 2015-12-07
  • 10537
  • من الأرشيف

الاقتصاد في اليوم 1700 من الحرب ....إحصاء الدمار السوري المجهول..

تجد الحكومة السورية صعوبة بالغة في وضع رقم تقديري لحجم الدمار الذي حلّ في البلاد، مستندة في كثير من الأحيان لمصادرها الخاصة، ولوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما في المناطق التي لا تطالها أعين خبرائها وموظفيها.   ويجد المسؤولون السوريون هذا مبرراً لوضع الأرقام التي تصدر عن مؤسسات دولية، في إطار التخمينات، وأحياناً في سياق «مشروع اقتصادي سياسي لما بعد الحرب». لكن في كلتا الحالتين ليس ثمة توثيق دقيق كامل للصورة والتفاصيل، وإن كان ثمة اتفاق على أن ما جرى ويجري في سوريا هو كارثة إنسانية واقتصادية بكل المقاييس المعتمدة.   ومؤخراً، اعترف مدير المكتب المركزي للإحصاء إحسان عامر بصعوبة استقاء معلومات دقيقة لإعداد تقاريره المعتادة، مشيراً إلى أن المكتب «غيّر أساليبه في الحصول على البيانات والمعلومات والأرقام، و(قرّر) اللجوء إلى سحب العينات واستقاء البيانات عن المناطق غير المستقرة من الأشخاص واستخدام الإنترنت والهاتف ..الخ». كما أشار عامر، في لقاء مع صحيفة حكومية منذ أيام، إلى أن النتائج التي يتم تحصيلها «ليست للنشر»، وذلك بناء على تعليمات حكومية، خلافاً لما كان عليه الوضع قبل سنوات. إلا أن دراسة أعدّها مؤخراً معاون وزير الاقتصاد السوري حيان سليمان، ولكن بصفته البحثية لا الرسمية، تلخص كلفة الدمار الحاصل في الداخل بحدود 250 مليار دولار. وهو رقم كما قال سليمان لـ «السفير» رقم تقديري، اعتمد على «جهود الباحث الخاصة». ووفقاً للسابق بلغت قيمة الأضرار في القطاعات السورية كالتالي: - قطاع التجارة: 750 مليار ليرة سورية، وشملت الأضرار منع التحويلات المالية ومنع التعامل مع رجال الأعمال وزيادة تكلفة فتح الاعتماد، وتذبذب سعر الصرف، والاعتداء على المستودعات، وارتفاع الأسعار بما يعادل خمس مرات. - قطاع الصناعة: 568 مليار ليرة، وشملت الأضرار إغلاق المعامل، وتدمير وتخريب المنشآت، ونزوح الصناعة الوطنية، وهروب وهجرة اليد العاملة الخبيرة، وسرقة معامل ومستودعات. - قطاع الزراعة: شهد تراجعاً بنسبة 15 في المئة، وشملت الأضرار: تدمير القسم الأكبر من الإنتاج النباتي والحيواني، وسرقة المواسم وتهريبها، وسرقة المعدات والآليات، وتضخم الأسعار. - قطاع السياحة: 330 مليار ليرة سورية، وشملت الأضرار إغلاق الفنادق، وتراجع عدد السياح، وتدمير المنشآت، وسرقة معدات.. الخ. - قطاع النقل: تجاوزت قيمة الأضرار 660 مليار ليرة، وشملت الأضرار تراجع نقل البضائع السككي، وانخفاض عدد البواخر الواردة إلى المرافئ السورية، وتراجع وتيرة عمل الطيران السوري ..الخ. - قطاع الكهرباء: تجاوزت قيمة أضراره المادية ما يزيد عن 1500 مليار ليرة سورية، وشملت الأضرار تدمير مرتكزات البنية التحتية ومحطات الكهرباء وسرقة المعدات.. الخ. - قطاع النفط والغاز: تجاوزت قيمة الأضرار ما يزيد عن 27 مليار دولار، وشملت الأضرار تراجع إنتاج النفط من 385 ألف برميل إلى أقل من 10 آلاف برميل، والاعتداء على البنية التحتية للنفط والغاز .. الخ. - القطاع النقدي: تراجعت قيمة الليرة أكثر من 80 في المئة، وشملت الأضرار الاحتياطات النقدية، وزيادة التلاعب بأسعار الصرف، وتراجع القوة الشرائية لليرة السورية، وتهريب العملة الوطنية والأجنبية. - قطاع التربية والتعليم: بلغت الخسائر 50 مليار ليرة سورية، وشملت الأضرار تدمير البنى التحتية للمدارس والجامعات، وسرقة أصول ثابتة، وتدمير 5500 مدرسة، وسرقة معدات وأصول. من جهتها، وجدت «لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا» (الاسكوا)، في تقرير صادر منذ عامين، أن ما يقرب من مليون ونصف المليون منزل تعرّضت للدمار الكلي أو الجزئي أو تضررت بسبب الحرب، منها 315 ألف منزل تعرّض للدمار الكامل، و300 ألف منزل تعرض للدمار الجزئي، مع دمار البنية التحتية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي. ويمكن الافتراض أن هذا الرقم قد ازداد بشكل دراماتيكي، ولا سيما بعد دخول دول عدة ميدان القصف الجوي، واشتداد هذا القصف وتحوله إلى استخدام الأسلحة الاستراتيجية بقدرات تدمير عالية جداً. وفي بيان لاحق منذ عام، ذكرت «الاسكوا» أن الخسائر المتوقع أن يتكبدها الاقتصاد السوري في حال استمرار النزاع حتى العام 2015 ستصل إلى 237 مليار دولار. وجاء في تقرير أصدرته المنظمة، بعنوان «تكلفة النزاع في سوريا - الأثر على الاقتصاد الكلي والأهداف الإنمائية للألفية»، أن الناتج المحلي السوري تراجع في العام 2013 إلى 33.4 مليار دولار، مقارنة بالعام 2010 الذي بلغ فيه 60.1 مليار دولار، بنسبة انخفاض 44.4 في المئة، وارتفع معدل التضخم بنسبة 90 في المئة، وتراجعت الصادرات بنسبة 95 في المئة، والواردات بنسبة 93 في المئة مقارنة مع العام نفسه. وخلص التقرير إلى أن «ما حققته سوريا خلال عقود من التنمية أنفقته في 3 سنوات فقط». وأوضح أن عدد المساكن التي تهدّمت منذ بدء الحرب بلغ 678.97 ألف منزل حتى العام الحالي، فيما بلغ عدد المساكن التي تضرّرت بشكل جزئي نحو 509.1 آلاف منزل، وعدد المساكن التي تضرّرت فيها البنية التحتية نحو 862.21 ألف منزل. وكشف أن معدل البطالة في صفوف الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، ارتفع إلى 82 في المئة نهاية العام الماضي، مقارنة بنسبة 35 في المئة العام 2011، متوقعة أن تصل إلى 66 في المئة في العام 2015. وتصدّرت حلب المحافظات التي تعرّضت لدمار المنازل بسبب الأحداث التي تشهدها سوريا، حيث دمّر ما يقرب من نصف منازلها وتقدّر بـ 424 ألف منزل مدمّر كلياً أو جزئياً، يليها ريف دمشق بدمار نصف منازله أيضاً، ومن ثم حمص بحوالي 200 ألف منزل مدمّر، ثم جاءت إدلب في المرتبة الرابعة ومحافظة درعا في المرتبة الخامسة، وفي المرتبة السادسة دير الزور التي دمّر فيها حوالي 82 ألف منزل. وبحسب الدراسة فإنّ مجموع تكاليف إعادة بناء المنازل وحدها تحتاج حتى الآن إلى حوالي 700 مليار ليرة سورية. من جهته، اعتبر سليمان أن الدمار الذي حصل كان ممنهجاً على حد تعبيره، وبموجب عمليات «مخططة وممنهجة وهادفة إلى تدمير القطاعات الأساسية، وهي القطاعات المحرّضة للتنمية والمولدة لعوامل النمو». ووفقاً لدراسته، فإن تركيا لعبت الدور الأساسي في هذه العملية، وجنت من خلفها مليارات الدولارات. ويشير في هذا السياق إلى أن قيمة الصادرات التركية لسوريا ارتفع في المناطق التي خرجت منها القوات الحكومية، و «بلغت قيمتها بين العامين 2012 و2014 أكثر من مليار دولار، وأصبحت في العام 2014 في مستوى مقارب لحجم الصادرات التي كانت في ذروة التعامل الاقتصادي بين سوريا وتركيا، أي في العام 2010 والذي بلغ 1.84 مليار دولار. ولذلك يرى سليمان أن هذا يبرّر تسمية الرئيس التركي رجب طيب «أردوغان بأنه لص سوريا لا لص حلب». والتسمية الأخيرة سبق أن أطلقها رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي أولاً، بعد قيام المسلحين بتفكيك مصانع حلب وبيعها لتجار أتراك.

المصدر : السفير / زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة