ذاع صيت روسيا في مرحلة "غورباتشوف - يلتسين" أنها لا تنتهج سياسة مستقلة، لا بل إنها لا تقدم على أي خطوة من دون أخذ الاذن من واشنطن. روسيا تلك ولّت ولم يبقَ لها ذكر إلا في كوابيس أعدائها.

بوتين غدا كابوساً لمن كان يحلم بعالم أحادي القطب، ولأولئك الذين يسلمون لإرادة من أراد للعالم أن يكون أحادي القطب.

قال بوتين من طهران "لا نخون الحلفاء". كلام مباشر في المكان والزمان المناسبين.

من حيث المكان فهي إيران، الحليف الجنوبي الذي أصبح اعتباراً من الان، أي بعد اللقاء التاريخي بين الرئيس بوتين والمرشد خامنئي، حليفاً استراتيجياً. هنا لا بد من عودة الى الماضي: الولايات المتحدة زمن الشاه كانت تعتبر إيران شرطيّ الخليج وحليفها الثاني بعد إسرائيل في المنطقة. أما دول الخليج العربية فهي مجرد أحجار على رقعتها الشطرنجية، تفعل بها واشنطن ما تشاء.

إيران اليوم غدت قوة مرشحة للزعامة الاقليمية، بموازاة مصر، وليس السعودية التي يعتبرها كثيرون متورطة بالنزاعات في سوريا والعراق واليمن وبدعم الارهاب.

إيران إذاً هي ذلك الحليف الاستراتيجي الذي تريده موسكو إلى جانب مصر. معادلة جديدة في المنطقة: روسيا زائداً إيران زائداً مصر تشطب معادلة زمن ما قبل الثورة الإسلامية، أميركا زائداً إسرائيل زائداً إيران الشاه.

بوتين حزر قواعد اللعبة وفاز على خصمه أوباما وحلفائه الغربيين والإقليميين في تشكيل تحالف أكثر واقعية وانسانية وسلمية، من التحالف الذي قادته أميركا في المنطقة على مدى ثلاثة عقود.

أما من ناحية الزمان فهو ذلك الزمن الذي يمكن أن نعتبره خيالياً إذا استذكرنا "آلة الزمن" التي عرفناها من رواية الكاتب الشهير هربرت ويلز.

نحن لا نعيش في زمن خيالي، لكن واقعنا هو الخيالي، لأنه لا ينسجم مع العقل السليم الذي يسكن في الجسم السليم، كما قال العلامة الروماني القديم جوفيناليس.

الزمن الواقعي، وليس الخيالي يقول إن روسيا وإيران أعلنتا من طهران وبشهادة قادة دول صديقة، أنهما ماضيتان قدماً في كسر معادلة الماضي من أجل معادلة المستقبل في المنطقة، بل في العالم بأسره.

خريطة العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية رسمت في طهران في عام ١٩٤٣... التاريخ يحبّ التكرار.

  • فريق ماسة
  • 2015-11-22
  • 6444
  • من الأرشيف

خريطة العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية رسمت في طهران في عام ١٩٤٣...بوتين: روسيا لا تخون حلفاءها

ذاع صيت روسيا في مرحلة "غورباتشوف - يلتسين" أنها لا تنتهج سياسة مستقلة، لا بل إنها لا تقدم على أي خطوة من دون أخذ الاذن من واشنطن. روسيا تلك ولّت ولم يبقَ لها ذكر إلا في كوابيس أعدائها. بوتين غدا كابوساً لمن كان يحلم بعالم أحادي القطب، ولأولئك الذين يسلمون لإرادة من أراد للعالم أن يكون أحادي القطب. قال بوتين من طهران "لا نخون الحلفاء". كلام مباشر في المكان والزمان المناسبين. من حيث المكان فهي إيران، الحليف الجنوبي الذي أصبح اعتباراً من الان، أي بعد اللقاء التاريخي بين الرئيس بوتين والمرشد خامنئي، حليفاً استراتيجياً. هنا لا بد من عودة الى الماضي: الولايات المتحدة زمن الشاه كانت تعتبر إيران شرطيّ الخليج وحليفها الثاني بعد إسرائيل في المنطقة. أما دول الخليج العربية فهي مجرد أحجار على رقعتها الشطرنجية، تفعل بها واشنطن ما تشاء. إيران اليوم غدت قوة مرشحة للزعامة الاقليمية، بموازاة مصر، وليس السعودية التي يعتبرها كثيرون متورطة بالنزاعات في سوريا والعراق واليمن وبدعم الارهاب. إيران إذاً هي ذلك الحليف الاستراتيجي الذي تريده موسكو إلى جانب مصر. معادلة جديدة في المنطقة: روسيا زائداً إيران زائداً مصر تشطب معادلة زمن ما قبل الثورة الإسلامية، أميركا زائداً إسرائيل زائداً إيران الشاه. بوتين حزر قواعد اللعبة وفاز على خصمه أوباما وحلفائه الغربيين والإقليميين في تشكيل تحالف أكثر واقعية وانسانية وسلمية، من التحالف الذي قادته أميركا في المنطقة على مدى ثلاثة عقود. أما من ناحية الزمان فهو ذلك الزمن الذي يمكن أن نعتبره خيالياً إذا استذكرنا "آلة الزمن" التي عرفناها من رواية الكاتب الشهير هربرت ويلز. نحن لا نعيش في زمن خيالي، لكن واقعنا هو الخيالي، لأنه لا ينسجم مع العقل السليم الذي يسكن في الجسم السليم، كما قال العلامة الروماني القديم جوفيناليس. الزمن الواقعي، وليس الخيالي يقول إن روسيا وإيران أعلنتا من طهران وبشهادة قادة دول صديقة، أنهما ماضيتان قدماً في كسر معادلة الماضي من أجل معادلة المستقبل في المنطقة، بل في العالم بأسره. خريطة العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية رسمت في طهران في عام ١٩٤٣... التاريخ يحبّ التكرار.

المصدر : الميادين / سلام العبيدي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة