"المعارضة ترفض المشاركة في مفاوضات لا تضمن رحيل الأسد .. سياسات الغرب الخاطئة، هي سبب ما حدث في باريس، كيف تجيب على ما قاله الأسد؟ ".

  كان السؤال موجها إلى وزير الخارجية الأميركي «جون كيري»، خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع وزير خارجية روسيا « سيرغي لافروف»، ومندوب الأمم المتحدة « دي مستورا»، بعد نهاية اجتماع «مجموعة دعم سوريا» السبت 14 تشرين الثاني 2015، والذي أكدوا خلاله على بيان فيينا1، وقدموا جدولا زمنيا للعملية السياسية في سوريا، تمّ الإتفاق عليه في اجتماع فيينا2. عن الأطراف التي تريد ضمانات لرحيل الأسد، قال كيري بأن السعودية شريكة في بيان فيينا 1و2, وهي تفهم تفاصيله، وأن أحد أسباب استمرار الحرب في سوريا هو سياسات بعض الدول التي تحدثت عن "رحيل الأسد" أولا, وأنه لا يمكن أن نملي على السوريين هذه الفكرة، فالعملية السياسية توفر مساحة للسوريين " ليوضحوا بأنه لا يمكنه أن يستمر!". أما ما قاله الأسد فقد استفزّ الخارجية الأميركية، "هذا سبب آخر يدعونا للقول بأن الأسد لا يستحق منصبه"، هكذا ردّ كيري، قبل أن يغرق في مستنقع الخداع والتضليل الذي مارسته الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، فيقول بأن داعش موجودة بسبب الأسد، لأنه قمع السوريين والأطفال الذين أرادوا فرص عمل، وأنه "عقد صفقة مع "داعش" وهو يتبادل النفط معهم"، وأن إلقاء اللائمة لما حصل في باريس على الغرب الذي "ينقذ شعبه وبلده و يساعد اللاجئين، هو أمر مهين!".

الفيلسوف الألماني « شوبنهاور» يقول بأنّ: « الحقائق تمرّ بثلاث مراحل: تتعرض أولاً للسخرية، ثمَّ تُقاوم بعنف، قبل أن يتمّ اعتبارها من المسلمات». كان كيري يقاوم بغباء وعنف، الحقيقة التي قالها الأسد، والتي باتت من المسلمات. وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف»، ردّ على حفلة الخداع الأمريكية، مذكرا كيري بأن "داعش" ولدت قبل عشر سنوات وليس خلال الأزمة السورية، وتحديدا أثناء الإحتلال الأمريكي للعراق، وأعاد تذكيره بـ"الإزدهار" الذي رافق تدمير العراق وليبيا. كذلك رفض لافروف ربط محاربة الإرهاب باطلاق العملية السياسية في سوريا، فاعتداءات باريس تثبت أن الإرهاب ليس معنيا بموقفك من الأسد. أما عن شائعات النفط، فقال لافروف، بأننا جميعا نعرف من ينتجه وإلى أين يذهب، مشيرا إلى تواطئ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة مع هذه التجارة وعدم استهدافها لنفط داعش. حديث لافروف عن العراق وليبيا، استدعى ردا من كيري، الذي قال بأن البلدين يعتبران نموذجا "على نحو ما"، بالتأكيد لن يقول "النحو" الذي يقصده، لأنه سيكشف نفاق وخداع وجرائم البيت الأبيض، مكتفيا باعتبارهما الدافع وراء اجتماعات فيينا التي تبحث في "التحول السلمي" مع الحفاظ على بنية الدولة، وأنه سيستخدم القنوات الدبلوماسية للوصول إلى تغيير "يحتاجه".

»»»     عاشت باريس ليلة ما قبل فيينا2، الجمعة ( 13 تشرين الثاني 2015)، ليلة داعشية طويلة. الجماهير الفرنسية المطمئنة لأداء منتخبها الفائز على ألمانيا، لم تكن مطمئنة بالتأكيد، وهي ترى ما يقارب الخمسمائة قتيل وجريح، ممددين في شوارع باريس المذعورة، وتصغي إلى بيان "داعش" عن "غزوة باريس المباركة". بينما كان الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند»، يغادر مسرعا مدرجات ملعب فرنسا الدولي، إلى مبنى وزارة الداخلية ليقود "خلية أزمة"، كانت المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء البريطاني يعبّران عن صدمتهما الشديدة من هجمات باريس، التي وصفها الرئيس الأمريكي بأنها "محاولة فظيعة لترويع المدنيين الأبرياء". وزارة الدفاع الأمريكية بدأت تراقب بحذر الموقف في باريس، بينما كانت فرنسا تتخذ إجراءات أمنية واسعة، لم تتخذها منذ أكثر من ستين عاما. أعلن "هولاند" بأن فرنسا سترد "بلا رحمة"، فحلّقت الطائرات الفرنسية في سماء داعش " بدون رحمة"، بينما كان الرئيس الفرنسي يقرر إلغاء مشاركته في قمة العشرين.

»»»     على طاولة العشرين، في مدينة أنطاليا التركية، كانت «باريس وفيينا» حاضرتين بقوة، خلال اجتماعات القمة يومي (15 و16 تشرين الثاني 2015). وزير الخارجية الفرنسي « لوران فابيوس» وصل أنطاليا مع تصريحاته التي أعلنها في فيينا2 بأنه "من الضروري أكثر من أي وقت مضى في الظروف التي نعيشها تنسيق المكافحة الدولية للإرهاب" وأن : "أحد أهداف اجتماع اليوم في فيينا هو أن نرى تحديداً وبشكل ملموس كيف يُمكننا تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة داعش"، الأمر الذي أكدّه كيري بأن هجمات باريس "سوف تعزز من تصميننا جميعا على مكافحتهم"، في الوقت الذي كان يستدرك فيه وزير الخارجية البريطاني « فيليب هاموند» ما اعتاد فابيوس على تكراره حول تنحي الرئيس الأسد، وأنه " من الممكن في حال وجود مرحلة انتقالية أن يشارك الأسد فيها". بينما كان الرئيس الروسي يؤكد قبيل سفره إلى قمةالعشرين بأن "سورية دولة ذات سيادة، والرئيس الأسد منتخب من الشعب، وأنه ينبغي على السوريين وحدهم تحديد مستقبلهم". بعد دقيقة صمت، بدأت العشرون قمتها، التي تصدر الإرهاب جدول أعمالها. ميركل قالت "بأننا أقوى من أي نوع من الإرهاب". أوباما وبعد "نقاشات مفيدة" مع أردوغان أعلن عن "الإستمرار في دعم تحصين الحدود بين سوريا وتركيا، التي تسمح لداعش بالحركة"!!، وكذلك تحدث عن "مضاعفة الجهود للتوصل إلى انتقال سلمي في سوريا"، لا نعرف عن أي حدود محصنة يتحدث أوباما، في الوقت الذي كانت فيه وما تزال الحدود التركية معبرا رئيسيا لتمويل وتسليح وعبور الإرهابيين. أما في اللقاء الذي جمع الرئيسين الأميركي والروسي في بهو أنطاليا، فتمّ التأكيد فيه على اتفاقهما حول "الاستراتيجية" في مسألة هزيمة "داعش"، مع وجود "تباينات في التكتيك". وهذا يعني أن هزيمة داعش ستبقى حبرا على ورق البيت الأبيض، ما دامت تلك "التباينات في التكتيك" لم يتم حلّها. البيان الختامي لقمة العشرين، وبعد أن أدان بأشدّ العبارات الهجمات الإرهابية التي تعتبر حسب البيان "إهانة غير مقبولة" للبشرية جمعاء، "فالأعمال الإرهابية تقوّض التدابير الرامية إلى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتهدد الجهود الجارية لتعزيز الاقتصاد العالمي وتحقيق التنمية المستدامة".. لذلك أكدّ القادة على العزم في مكافحة الإرهاب ومكافحة تمويله وتشديد السيطرة على الحدود وتعزيز أمن الطيران في أنحاء العالم. الرئيس الروسي أعلن بعد نهاية القمة، بأنه قدم للقادة معلومات عن قنوات تمويل الإرهاب مع صور فضائية تظهر تجارة داعش النفطية حيث "تمتد قوافل السيارات والناقلات لعشرات الكيلومترات على مدّ البصر، تتجه من سوريا إلى العراق، وتشاهد من على ارتفاع 4-5 آلاف متر”!.. وأعلمهم أيضا بأن تمويل الإرهابيين في سوريا يأتي من 40 دولة بما فيها بعض دول العشرين. وقال بأنه يجب توحيد الجهود لمحاربة التهديد المشترك، بعيدا عن الأحاديث غير الفعالة وغير المجدية.

»»»     عبر مقابلتين مع مجلة «فالور اكتويل» الفرنسية و تلفزيون «راي» الإيطالي، ردّ الرئيس الأسد على كثير من  التساؤلات والتصريحات والإشاعات. ففي مقابلته مع مجلة «فالور اكتويل» الفرنسية، وردا على ثرثرة هولاند بأن "الأسد لا يمكن أن يكون هو الحل لأنه جزء من المشكلة"، قال الرئيس الأسد: من كلف هولاند بالحديث نيابة عن الشعب السوري؟، معتبرا أن تصريحاته لا تأثير لها على الواقع. السياسة الفرنسية في هذه الأيام  ليست مستقلة عن السياسة الأمريكية، ولم تعود بأي خير على الشعب الفرنسي، فما حدث في باريس مؤخرا يشكل دليلا على ذلك. التعاون بين باريس ودمشق في محاربة الإرهاب، مرهون بجدية الحكومة الفرنسية في محاربة الإرهاب، وعليها فك ارتباطها مع الدول الداعمة للإرهاب كقطر والسعودية، وأن تتعاون مع القوة التي تحارب الإرهاب على الأرض. لمن يقول "بأن الحل يتمثل برحيل الأسد"، قال الأسد بأنه لن يستجيب سوى لإرادة السوريين وما يعبرون عنه في صناديق الإنتخابات. أما عن الدور التركي في الأزمة السورية فقال بأنه الدور الأخطر، لأن تركيا تقدم كل أنواع الدعم ولكل اطياف الإرهابيين. في لقائه مع تلفزيون «راي» الإيطالي، اعتبر الأسد بأن أحداث باريس الأخيرة جريمة مروعة، ونحن نعاني في سوريا من مثل هذه الأحداث منذ خمس سنوات، ونشعر بشعور الفرنسيين، فهل يشعر العالم والفرنسيون بألم السوريين المستمر منذ خمس سنوات؟. لا توجد حاضنة اجتماعية لداعش داخل سوريا، وهذا أمر جيد ومطمئن، فقوتهم مستمدة من دعم الدول لها. قرار الإنتخابات الرئاسية خاضع للتوافق بين السوريين، وهم وحدهم من يملكون حق اختيار رئيسهم. الجدول الزمني للخروج من الأزمة يبدأ بعد هزيمة الأرهاب. أما ما يعتبره أكثر أهمية؛ مستقبل سوريا أو بقاؤه في السلطة، قال الرئيس الأسد بأنّ الدعاية الغربية تقول أن بقاء الرئيس يعني أن مستقبل سوريا سيكون سيئا، ورحيله يعني مستقبلا جيدا لسوريا، وهذه نظرة منفصلة عن الواقع، أذا أراد الشعب السوري أن أكون رئيسا فسأكون رئيسا، أما إذا لم يرغب السوريون بوجودي، وتمسكت بالسلطة، فسأكون رئيسا سيئا لسورية. الأمر مرتبط بإرادة السوريين فقط.

»»»     في خطاب القسم ( تموز 2014 ) قال الرئيس الأسد بأننا سنرى قريبا أن الدول العربية والإقليمية والغربية التي دعمت الإرهاب ستدفع هي الأخرى ثمنا غاليا، نتيجة قصور الرؤية لدى سياسييهم وجهلهم المطبق بمصالح بلدانهم وسطحية تفكيرهم، وسيتفهم الكثيرون منهم متأخرين، وربما بعد فوات الأوان، أن المعركة التي يخوضها الشعب السوري دفاعا عن وطنه، تتجاوز ساحاتها حدود الوطن، إلى الدفاع عن كثير من الشعوب الأخرى، التي ستتعرض عاجلا أم آجلا لنفس الإرهاب..

»»»     حديث الرئيس الأسد عن قصور رؤية الغرب، ورهانه على الإرهاب في حربه ضد سوريا، وسطحية تفكيرهم التي جعلت بلدانهم ساحات جهاد لكل "المعارضين المعتدلين"، هو ما يعتبره كيري أمرا مهينا، ويجعله يتأكد من عدم ملائمة الأسد لمنصبه. كيري مثال جيد لحكمة المتنبي «وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل». وليتذكر دائما "كيري" السياسة الأمريكية، ما قاله المعلم ذات جنيف : " لا أحد في العالم له الحق في إضفاء الشرعية أو عزلها أو منعها عن رئيس أو حكومة أو دستور، إلا السوريين أنفسهم". فكما قال الكاتب الروسي دوستويفسكي:    « أحياناً  لايريد الناس سماع الحقيقة، لأنهم لايريدون رؤية أوهامهم تتحطم». فالحقيقة السورية حطمت أوهام المعتدين.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2015-11-21
  • 4891
  • من الأرشيف

جون كيري: ما قاله الأسد "أمرٌ مهينٌ".. !

  "المعارضة ترفض المشاركة في مفاوضات لا تضمن رحيل الأسد .. سياسات الغرب الخاطئة، هي سبب ما حدث في باريس، كيف تجيب على ما قاله الأسد؟ ".   كان السؤال موجها إلى وزير الخارجية الأميركي «جون كيري»، خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع وزير خارجية روسيا « سيرغي لافروف»، ومندوب الأمم المتحدة « دي مستورا»، بعد نهاية اجتماع «مجموعة دعم سوريا» السبت 14 تشرين الثاني 2015، والذي أكدوا خلاله على بيان فيينا1، وقدموا جدولا زمنيا للعملية السياسية في سوريا، تمّ الإتفاق عليه في اجتماع فيينا2. عن الأطراف التي تريد ضمانات لرحيل الأسد، قال كيري بأن السعودية شريكة في بيان فيينا 1و2, وهي تفهم تفاصيله، وأن أحد أسباب استمرار الحرب في سوريا هو سياسات بعض الدول التي تحدثت عن "رحيل الأسد" أولا, وأنه لا يمكن أن نملي على السوريين هذه الفكرة، فالعملية السياسية توفر مساحة للسوريين " ليوضحوا بأنه لا يمكنه أن يستمر!". أما ما قاله الأسد فقد استفزّ الخارجية الأميركية، "هذا سبب آخر يدعونا للقول بأن الأسد لا يستحق منصبه"، هكذا ردّ كيري، قبل أن يغرق في مستنقع الخداع والتضليل الذي مارسته الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، فيقول بأن داعش موجودة بسبب الأسد، لأنه قمع السوريين والأطفال الذين أرادوا فرص عمل، وأنه "عقد صفقة مع "داعش" وهو يتبادل النفط معهم"، وأن إلقاء اللائمة لما حصل في باريس على الغرب الذي "ينقذ شعبه وبلده و يساعد اللاجئين، هو أمر مهين!". الفيلسوف الألماني « شوبنهاور» يقول بأنّ: « الحقائق تمرّ بثلاث مراحل: تتعرض أولاً للسخرية، ثمَّ تُقاوم بعنف، قبل أن يتمّ اعتبارها من المسلمات». كان كيري يقاوم بغباء وعنف، الحقيقة التي قالها الأسد، والتي باتت من المسلمات. وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف»، ردّ على حفلة الخداع الأمريكية، مذكرا كيري بأن "داعش" ولدت قبل عشر سنوات وليس خلال الأزمة السورية، وتحديدا أثناء الإحتلال الأمريكي للعراق، وأعاد تذكيره بـ"الإزدهار" الذي رافق تدمير العراق وليبيا. كذلك رفض لافروف ربط محاربة الإرهاب باطلاق العملية السياسية في سوريا، فاعتداءات باريس تثبت أن الإرهاب ليس معنيا بموقفك من الأسد. أما عن شائعات النفط، فقال لافروف، بأننا جميعا نعرف من ينتجه وإلى أين يذهب، مشيرا إلى تواطئ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة مع هذه التجارة وعدم استهدافها لنفط داعش. حديث لافروف عن العراق وليبيا، استدعى ردا من كيري، الذي قال بأن البلدين يعتبران نموذجا "على نحو ما"، بالتأكيد لن يقول "النحو" الذي يقصده، لأنه سيكشف نفاق وخداع وجرائم البيت الأبيض، مكتفيا باعتبارهما الدافع وراء اجتماعات فيينا التي تبحث في "التحول السلمي" مع الحفاظ على بنية الدولة، وأنه سيستخدم القنوات الدبلوماسية للوصول إلى تغيير "يحتاجه". »»»     عاشت باريس ليلة ما قبل فيينا2، الجمعة ( 13 تشرين الثاني 2015)، ليلة داعشية طويلة. الجماهير الفرنسية المطمئنة لأداء منتخبها الفائز على ألمانيا، لم تكن مطمئنة بالتأكيد، وهي ترى ما يقارب الخمسمائة قتيل وجريح، ممددين في شوارع باريس المذعورة، وتصغي إلى بيان "داعش" عن "غزوة باريس المباركة". بينما كان الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند»، يغادر مسرعا مدرجات ملعب فرنسا الدولي، إلى مبنى وزارة الداخلية ليقود "خلية أزمة"، كانت المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء البريطاني يعبّران عن صدمتهما الشديدة من هجمات باريس، التي وصفها الرئيس الأمريكي بأنها "محاولة فظيعة لترويع المدنيين الأبرياء". وزارة الدفاع الأمريكية بدأت تراقب بحذر الموقف في باريس، بينما كانت فرنسا تتخذ إجراءات أمنية واسعة، لم تتخذها منذ أكثر من ستين عاما. أعلن "هولاند" بأن فرنسا سترد "بلا رحمة"، فحلّقت الطائرات الفرنسية في سماء داعش " بدون رحمة"، بينما كان الرئيس الفرنسي يقرر إلغاء مشاركته في قمة العشرين. »»»     على طاولة العشرين، في مدينة أنطاليا التركية، كانت «باريس وفيينا» حاضرتين بقوة، خلال اجتماعات القمة يومي (15 و16 تشرين الثاني 2015). وزير الخارجية الفرنسي « لوران فابيوس» وصل أنطاليا مع تصريحاته التي أعلنها في فيينا2 بأنه "من الضروري أكثر من أي وقت مضى في الظروف التي نعيشها تنسيق المكافحة الدولية للإرهاب" وأن : "أحد أهداف اجتماع اليوم في فيينا هو أن نرى تحديداً وبشكل ملموس كيف يُمكننا تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة داعش"، الأمر الذي أكدّه كيري بأن هجمات باريس "سوف تعزز من تصميننا جميعا على مكافحتهم"، في الوقت الذي كان يستدرك فيه وزير الخارجية البريطاني « فيليب هاموند» ما اعتاد فابيوس على تكراره حول تنحي الرئيس الأسد، وأنه " من الممكن في حال وجود مرحلة انتقالية أن يشارك الأسد فيها". بينما كان الرئيس الروسي يؤكد قبيل سفره إلى قمةالعشرين بأن "سورية دولة ذات سيادة، والرئيس الأسد منتخب من الشعب، وأنه ينبغي على السوريين وحدهم تحديد مستقبلهم". بعد دقيقة صمت، بدأت العشرون قمتها، التي تصدر الإرهاب جدول أعمالها. ميركل قالت "بأننا أقوى من أي نوع من الإرهاب". أوباما وبعد "نقاشات مفيدة" مع أردوغان أعلن عن "الإستمرار في دعم تحصين الحدود بين سوريا وتركيا، التي تسمح لداعش بالحركة"!!، وكذلك تحدث عن "مضاعفة الجهود للتوصل إلى انتقال سلمي في سوريا"، لا نعرف عن أي حدود محصنة يتحدث أوباما، في الوقت الذي كانت فيه وما تزال الحدود التركية معبرا رئيسيا لتمويل وتسليح وعبور الإرهابيين. أما في اللقاء الذي جمع الرئيسين الأميركي والروسي في بهو أنطاليا، فتمّ التأكيد فيه على اتفاقهما حول "الاستراتيجية" في مسألة هزيمة "داعش"، مع وجود "تباينات في التكتيك". وهذا يعني أن هزيمة داعش ستبقى حبرا على ورق البيت الأبيض، ما دامت تلك "التباينات في التكتيك" لم يتم حلّها. البيان الختامي لقمة العشرين، وبعد أن أدان بأشدّ العبارات الهجمات الإرهابية التي تعتبر حسب البيان "إهانة غير مقبولة" للبشرية جمعاء، "فالأعمال الإرهابية تقوّض التدابير الرامية إلى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتهدد الجهود الجارية لتعزيز الاقتصاد العالمي وتحقيق التنمية المستدامة".. لذلك أكدّ القادة على العزم في مكافحة الإرهاب ومكافحة تمويله وتشديد السيطرة على الحدود وتعزيز أمن الطيران في أنحاء العالم. الرئيس الروسي أعلن بعد نهاية القمة، بأنه قدم للقادة معلومات عن قنوات تمويل الإرهاب مع صور فضائية تظهر تجارة داعش النفطية حيث "تمتد قوافل السيارات والناقلات لعشرات الكيلومترات على مدّ البصر، تتجه من سوريا إلى العراق، وتشاهد من على ارتفاع 4-5 آلاف متر”!.. وأعلمهم أيضا بأن تمويل الإرهابيين في سوريا يأتي من 40 دولة بما فيها بعض دول العشرين. وقال بأنه يجب توحيد الجهود لمحاربة التهديد المشترك، بعيدا عن الأحاديث غير الفعالة وغير المجدية. »»»     عبر مقابلتين مع مجلة «فالور اكتويل» الفرنسية و تلفزيون «راي» الإيطالي، ردّ الرئيس الأسد على كثير من  التساؤلات والتصريحات والإشاعات. ففي مقابلته مع مجلة «فالور اكتويل» الفرنسية، وردا على ثرثرة هولاند بأن "الأسد لا يمكن أن يكون هو الحل لأنه جزء من المشكلة"، قال الرئيس الأسد: من كلف هولاند بالحديث نيابة عن الشعب السوري؟، معتبرا أن تصريحاته لا تأثير لها على الواقع. السياسة الفرنسية في هذه الأيام  ليست مستقلة عن السياسة الأمريكية، ولم تعود بأي خير على الشعب الفرنسي، فما حدث في باريس مؤخرا يشكل دليلا على ذلك. التعاون بين باريس ودمشق في محاربة الإرهاب، مرهون بجدية الحكومة الفرنسية في محاربة الإرهاب، وعليها فك ارتباطها مع الدول الداعمة للإرهاب كقطر والسعودية، وأن تتعاون مع القوة التي تحارب الإرهاب على الأرض. لمن يقول "بأن الحل يتمثل برحيل الأسد"، قال الأسد بأنه لن يستجيب سوى لإرادة السوريين وما يعبرون عنه في صناديق الإنتخابات. أما عن الدور التركي في الأزمة السورية فقال بأنه الدور الأخطر، لأن تركيا تقدم كل أنواع الدعم ولكل اطياف الإرهابيين. في لقائه مع تلفزيون «راي» الإيطالي، اعتبر الأسد بأن أحداث باريس الأخيرة جريمة مروعة، ونحن نعاني في سوريا من مثل هذه الأحداث منذ خمس سنوات، ونشعر بشعور الفرنسيين، فهل يشعر العالم والفرنسيون بألم السوريين المستمر منذ خمس سنوات؟. لا توجد حاضنة اجتماعية لداعش داخل سوريا، وهذا أمر جيد ومطمئن، فقوتهم مستمدة من دعم الدول لها. قرار الإنتخابات الرئاسية خاضع للتوافق بين السوريين، وهم وحدهم من يملكون حق اختيار رئيسهم. الجدول الزمني للخروج من الأزمة يبدأ بعد هزيمة الأرهاب. أما ما يعتبره أكثر أهمية؛ مستقبل سوريا أو بقاؤه في السلطة، قال الرئيس الأسد بأنّ الدعاية الغربية تقول أن بقاء الرئيس يعني أن مستقبل سوريا سيكون سيئا، ورحيله يعني مستقبلا جيدا لسوريا، وهذه نظرة منفصلة عن الواقع، أذا أراد الشعب السوري أن أكون رئيسا فسأكون رئيسا، أما إذا لم يرغب السوريون بوجودي، وتمسكت بالسلطة، فسأكون رئيسا سيئا لسورية. الأمر مرتبط بإرادة السوريين فقط. »»»     في خطاب القسم ( تموز 2014 ) قال الرئيس الأسد بأننا سنرى قريبا أن الدول العربية والإقليمية والغربية التي دعمت الإرهاب ستدفع هي الأخرى ثمنا غاليا، نتيجة قصور الرؤية لدى سياسييهم وجهلهم المطبق بمصالح بلدانهم وسطحية تفكيرهم، وسيتفهم الكثيرون منهم متأخرين، وربما بعد فوات الأوان، أن المعركة التي يخوضها الشعب السوري دفاعا عن وطنه، تتجاوز ساحاتها حدود الوطن، إلى الدفاع عن كثير من الشعوب الأخرى، التي ستتعرض عاجلا أم آجلا لنفس الإرهاب.. »»»     حديث الرئيس الأسد عن قصور رؤية الغرب، ورهانه على الإرهاب في حربه ضد سوريا، وسطحية تفكيرهم التي جعلت بلدانهم ساحات جهاد لكل "المعارضين المعتدلين"، هو ما يعتبره كيري أمرا مهينا، ويجعله يتأكد من عدم ملائمة الأسد لمنصبه. كيري مثال جيد لحكمة المتنبي «وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل». وليتذكر دائما "كيري" السياسة الأمريكية، ما قاله المعلم ذات جنيف : " لا أحد في العالم له الحق في إضفاء الشرعية أو عزلها أو منعها عن رئيس أو حكومة أو دستور، إلا السوريين أنفسهم". فكما قال الكاتب الروسي دوستويفسكي:    « أحياناً  لايريد الناس سماع الحقيقة، لأنهم لايريدون رؤية أوهامهم تتحطم». فالحقيقة السورية حطمت أوهام المعتدين.    

المصدر : م. سامر عبد الكريم منصور


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة